السبت، 20 يونيو 2020

قصة أطفال



السلطان الحائر
تأليف
فوزى يوسف اسماعيل

كان للمدينه سلطانا أسمه " نجم الدين " يحكم أهلها بغلظة وشدة ، وكان غنيا عندة مالا ضخما وأطيانا كثيرة فى كل نواحيها ، وهذة الارض تزرع محاصيل مختلفه بأيد أهلها الفقراء ..
والسلطان نجم الدين متزوجا من زوجه حسناء ذو مال وجمال .. لكنهما لم ينجبا أطفالا منذ زواجهما من عشرة أعوام ، يسكنان فى قصر فخم ذو واجهه تبهر العين من الثراء الفاحش الذى يظهر به .
ونور زوجه السلطان نجم الدين كانت طيبه القلب حنونه فى معاملتها مع الاخرين من أهل المدينه
وقد رأى السلطان فى وجه زوجته نور الاشتياق لانجاب الاطفال ، لكنه قد يأس من البحث عن علاج عند الاطباء ، فمنهم من قدم لهم وصفات من الاعشاب ، ومنهم من استحضر له دواءا كميائيا قام بتركيبه .. حتى أنه ظل على ذلك سنوات عدة .
وهذا السبب جعل السلطان يحكم أهل المدينه بشدة ، فكان فى مرات عديدة يفكر كيف تذهب هذة الثراوات بعد موته وهو ليس له وريث .
أمر كل الناس كبيرا وصغيرا أن يخرجوا باكرا من كل يوم الى أرضه للعمل فيها يزرعون ويعملون, لأن هذه المدينه تغذى المدينه بالزاد والماء..
وكانت معاملة السلطان نجم الدين لهم قاسيه لا تحتمل , بإجبارهم بالقوه على العمل المتواصل تحت أشعة الشمس دون راحه .
وبعد إنتهاء اليوم يجمع المحاصيل التى قاموا بجمعها من الأرض وتحويلها مخازنه التى بجوار القصر ..
وأهل المدينه كبيراً وصغيراً لا مصدر لهم فى الرزق إلا أجرهم الذين يتقادوه من السلطان , ثمن تعبهم وكدهم فى الأرض , لكن السلطان كان يرفض أن يعطيهم أجورهم , وأمر الحراس بعدم وصول أى رجل إلى القصر لمطالبة السلطان ,ومن يجد أحداً فيقبض عليهم وإيداعه فى السجن .
غضبت أهل المدينه من أمر السلطان الذى عاملهم معاملة سيئه لا يرضون عنها..
ولم يجدوا أمامهم إلا أن يشتكوا لزوجته نور حتى تقف بجانبهم لانها عرفت بحب الآخرين بعكس السلطان ..
وذهبوا إليها يشكوا فقرهم ومعاملة السلطان لهم ..
ولما إستمعت لهم رق قلبها لحالهم , فذهبت إلى السلطان لكى تكلمه فى أمرهم , لكنه لم يستجيب لها ورفض مطلبها , وعادة الزوجه إليهم منكسره بعد ما رفض السلطان طلبها ..
ثم كان يوما خرج فيه السلطان للصيد هو ووزيره , فانتهزت نور خروجه من القصر , وأعطت لكل واحداً منهم عدت دنانير لتعينهم على معيشتهم , وكان هذا المال من حسابها الخاص .
شكروها وجعلوا يدعون لها بالشفاء .
رق قلبها لهم وكادت عينها تدمع , لكن لا حيله لها من أمرهم , لأن السلطان أمرها بأن لا تتدخل فى شئون المدينه , أو أهل المدينه . وعاد السلطان من رحلة الصيد , وعرف ما فعلته زوجته نور تجاه أهل المدينه الفقراء .. فأخذها وحبسها فى غرفة الخدم , وأمر حراسه بأن لا تخرج من هذه الغرفه مهما يكن , وشدد عليها الحراسه .
رضيت نور حكم السلطان نجم الدين عليها , لأنها مغلوبه على أمرها , لا تتكلم بأى كلمه لأنها لا تجد أى إستجابه منه .
وفى اليوم التالى جمع حراس قصر السلطان كل أهل المدينه حتى يقوموا بجمع المحاصيل من حديقة الفاكهه كالمعتاد , وكما فعل السلطان فى الأيام الماضيه معهم فعل اليوم .
وازداد غضب الناس أكثر وأكثر , ولم يصبروا على أفعال السلطان معهم حتى فاض بهم الكيل ..
وكانوا الجميع لا يقدرون على التكلم بما يعانون منه , لكن ظهرا من بينهم شابا يانعاً إسمه " بدرالدين " , وقام فاجأه يثور فيهم , يطالب معارضة السلطان الظالم , وظل يوجههم ويرشدهم إلى مقاطعة قصر السلطان وعدم العمل فى أرضه وحدائقه ..
لكن أهل المدينه خافوا على أنفسهم وخشوا أن يعاقبهم السلطان إذا سمع هذا الأمر.
وظل بدر الين يرشدهم إلى الطريق الذى سيجعل السلطان فى إحتياج إليهم , ولم يتحقق ذلك إلا إذا وقفوا يداً واحداً فى مواجهته .
قاموا جميعاً من أمامه وتركوه وحيداً ..
وصل الخبر إلى قصر السلطان فأمر حراسه بسرعة البحث عن بدر الين وإحضاره إليه لينال جزائه .
وبسرعه قاموا الحراس بسرعة البحث عنه فى شوارع المدينه , فلم يجدوه , لأنه هرب منها بعد ما شعر بما سيحدث له من السلطان حتى ولو كان على صواب .
واختبئ بدر الدين حتى جاء الليل , ثم ذهب إلى ثلاثه من أصحابه الذين يثق فيهم منذ صغره , وأخذهم إلى مغاره فى حضن الجبل .
وكانت هذه المغاره يتجولون فيها وهم لا يصدقون أنفسهم فيها , لأنهم لم يروا هذه المغاره من قبل .
ولم يعلموا ما يفكر فيه بدرالدين حتى سأله أحدهم .
قائلاً :
-         كيف سنصنع فى هذه المغاره ؟
قال بدر الدين :
-         سأستعمل هذه المغاره فى محاربة السلطان
تعجب أصدقائه من كلامه , يفكرون فى احيله التى ينوى بدرالدين تخطيطها لمحاربة السلطان نجم الدين .
وفى الليله التاليه وبعد أن دمس الظلام المكان , تسللوا إلى مخازن القصر وأخذوا منه ما طاقوا حمله  من خضروات وفاكهه ومحاصيل أخرى .
وكذلك نزلوا إلى الأرض المنزرعه وجمعوا منه محاصيل متنوعه , ثم ذهبوا بها إلى المغاره حتى ملئوها بأشياء كثيره وتكدست بأنواع مختلفه تشبه مغارة على بابا والأربعين حرامى التى كانت مليئه بالذهب والياقوت والمرجان .
والسلطان لا يعرف شيئاً عن ما يفعلوه , ولا حتى حراس القصر أنفسهم لأنهم لا يعرفون طريق المغاره من قبل .
ثم بدأوا فى المرحله التاليه وهى إجبار أهل المدينه للذهاب إلى المغاره .
وجلس بدر الدين مع الناس مجموعات مجموعات يدلهم عن الكنز الذى فى المغاره , وهذا الكنز سيجعله مأغنياء مثل السلطان نجم الدين .
وفعل أصحابه الثلاثه مثله , حتى أثروا على عقولهم بأن المغاره هى حلهم الوحيد فى هزيمة السلطان .
وتثبتت الفكره فى عقولهم , وجعلوا يقولون لأنفسهم :
-         سنذهب إلى المغاره ونطل على ما فيها .. إن كان خيراً فيكون لنا
وإن لم نجد شيئاً فلا نخسر شيئاً .
وخرج الجميع فى ظلام الليل دون أن يشعر أحد من حراس القصر بهم .
وتجمعوا فى هذه المغاره "" حينئذ فرح بدر الدين وأصحابه بما فعلوه .
ولما دخلوا الناس المغاره وجدوا أطعمه وخضروات وفاكهه كثير بما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين , أكلوا فيها وأخذوا لأنفسهم ما يشتهونه .
لكن بدر الدين وأصحابه وجدوا أن حيلتهم هذه ستنكشف إذا رجعت أهل المدينه إلى ديارهم يحملون كل هذه الأطعمه .
فكروا فى شئيمنع كشف سرهم , وكان وكان بدرالدين يعرف سر غلق باب المغاره , كما كانت مغارة على بابا التى تفتح بكلمة " إفتح يا سمسم " وهذا الباب يغلق بسر لا يعرفه إلا بدر الدين , ونجح فى أغلاقها وحبسهم فيها لا يستطيعون الخروج منها مهما فعلوا من حيل .
ولم يجد أهل المغاره المحبوسين من مخرج , فاتفقوا على المحافظه على باقى الأطعمه المتبقيه عندهم , وأن يأخذوا منها قدر المستطاع حتى تفتح المغاره بابها ويخرجون منها .
واستمروا فيها عدة أيام .
والسلطان قد أصبح الصباح فى أول يوم من إغلاق المغاره بابها على أهل المدينه, فلم يجد أحداً من الناس , وكأنهم ينام لا يعرفون الليل من النهار , أو سختطهم الأرض فى بطنها ولم يبقى على ظهرها إلا السلطان وحراسه .
كلف السلطان نجم الدين بالبحث المتواصل عن أحدهم لكى يدلهم على ماحدث لأهل المدينه .. فلا يجدوا رجلاً واحداً يسير فى شوارع المدينه , وقد قاموا بتفتيش المدينه هى الأخرى .
وقف السلطان حائراً يفكر فى ما حدث لأهل المدينه قائلاً لمن حوله :
-         كيف حدث هذا ؟
-         لم يبقى رجلاً ولا إمرأه فى المدينه ..
-         أين ذهبوا وتركوها ؟
   واستمر على هذا الحال شهريين متتاليين , والسلطان مازال على حيرته , وأهل المدينه مازالوا فى المغاره يعيشون على أكل الخضروات والفاكهه التى كادت أن تنفذ وقد قربت على الإنتهاء .
رأى بدر الدين وأصحابه السلطان الذى كان قويا بظلمه وجشعه , قد صار هادئاً لا يهمه إلا معرفة السبب الذى جعل الناس غير موجودين بالمدينه فى وقت واحد .
وعرف فى ذلك الوقت أن أهل المدينه هم ثرواتها وبدونه فلا تثمر الأشجار ولا تعمر الديار ولا تروى الترع والأنهار .
وكلف السلطان كبير الحراس عن البحث عن الحقيقه حتى يهتدى قلبه ..
وقام كبير الحراس بالسعى فى المدينه عسى أن يجد أحداً يدله عن السبب , وهو فى طريقه ظهر بدر الدين وأصحابه فى شوارع المدينه وكانوا قريبين من القصر ليشاهدوا السلطان من بعيد ,حتى لمحهم كبير الحراس وانقض عليهم وقبض عليهم جميعاً ثم أخذهم إلى السلطان نجم الدين .
فلما وقف بين يديه سألهم عن سر ماحدث لأهل المدينه .
-         أين ذهبوا سكان المدينه ؟
-         أين إختفوا جميعاً بين عشيه وضحاها ..؟
سكت بدر الدين وأصحابه الثلاثه ولم يتكلموا بأى كلمه للسلطان , حتى كان السلطان يكشف على أنيابه والغضب ملئ وجهه وثار فيهم بأنهم سيلاقون العقاب الشديد إذا لم يتكلموا ..
وظلوا على صمتهم , ولم يتكلموا بأى كلمه للسلطان , حتى حتى أنه أمر بإعدامهم وحبسهم فى سجن القصر , يفكرون كيف يفعلون فى هذا المأذق الذى سيئوى بحياتهم وحياة أهل المدينه الضعفاء الذين هم فى المغاره .
وجاء وقت نوم السلطان , فدخل إلى مخدعه لينام , وإذا به يأتيه فى المنام رجلاً صالحاً  ذو هيبة قويه ونور يملئ وجهه , ثيابه أبيض ناصع البياض , يأمر بفك أسر بدر الدين وأصحابه , لكى يخلصوا أهل المدينه من محنتهم .
واستيقظ السلطان من نومه بعد هذا الحلم , ينادى حراسه ليحضروا بدرالدين وأصحابه من سجنهم وجاءوا بهم إلى السلطان فسألهم :
-         جاءنى شيخ وقور فى منامى يقول لى فك أسر بدر الدين وأصحابه لكى يخلصوا أهل المدينه من محنتهم .
-         من منكم إسمه بدرالدين ؟؟
قال بدر الدين :
-         أنا بدر الدين ..
إقترب منه السلطان وربت على كتفيه ثم قال له :
-         إذا أظهرت  لى أهل المدينه من مخبئهم , سوف أجعلك وزيرى .
-         رفض بدر الدين عرض السلطان نجم الدين له , لكنه طلب منه أن يكون لكل فرض فى المدينه مبلغاً من المال مخصصاً له أجر  ما يعمل  به فى الأرض ليعينه على معيشته .
وافق السلطان على طلبه .
ثم أخذ بدر الدين أصحابه ومعهم الحراس وذهبوا إلى المغاره , وفتحها فوجد الناس ينام لا يدرون بمن حولهم .
تعجب بدرالدين لماحدث لهم ,  وذهب إلى المكان الموضوع فيه المأكولات فوجده خالياً ليس فيه خردله .
أمر بدر الدين حراس القصر بأن يذهبوا إلى المخازن ويأتون له بكميات من المحاصيل لكى يأكلون منها فتشتد أجسامهم ويعودون إلى قواهم التى كانوا عليها .
ونفذ الحراس ما طلب منهم , وجاؤا بكميات كبيره من الخضروات والفاكهه إلى المغاره , ثم أخذ كل واحداً من أهل المدينه ما إشتهاه ,وحمله إلى داره لأبناهء وأهله .
وكان السلطان نجم الدين ينوى معاقبة بدر الدين بعد ما تظهر أهل المدينه ويطمئن بعودتهم إلى ديارهم وإلى العمل فى أرضه مره أخرى .
وبالفعل بعد ما علم السلطان رجوع الناس جميعاً إلى ديارهم , أمر بحبس بدر الدين وإعدامه , لأنه كان السبب بإختفاء أهل مدينه بأكملها .
ثم عاد السلطان يفط فى نومه مره ثانيه فى الليله التاليه , فجاءه نفس الرجل فى منامه يقول له
-         فك أسر بدر الدين , ودع الظلم حتى يرزقق الله بنعمه , ويرزقق بوريث أت ترجوه .
-         إستيقظ السلطان من نومه لكنه فى هذه المره فرحاً ومسروراً , لأنه رأى رؤية الرجل الصالح الذى أتاه أول مره , ثم أمر حراسه بأن يحضروا إليه بدرالدين من سجنه.
   ولما جاء إليه كلمه على أن يكون وزيراً مسئولاً عن شئون المدينه , لكن بدر الدين فضل أن يكون رجلاً بسيطاً مثل أى فرض فى المدينه , أكل من ما يأكلون ويشرب من ما يشربون .
وقد سمع السلطان نجم الدين أصواتاً هائله تضج خارج القصر , فلما خرج هو وبدر الدين وزوجته نور التى نهى إحتجازها من غرفة الخدم , رأى أهل المدينه جميعاً مجتمعون عند باب القصر , ينادون بخروج بدرالدين من السجن , لأنه كان له الفضل فى تحريرهم .
حتى أنهم وجدوا بدر الدين بين السلطان وزوجتهم , ففرحوا جميعاً .
وأمرهم السلطان بسرعة التوجه إلى أرضه ليعيدوا زراعتها مره أخرى , مقابل مرتبات تدفع لهم على أتعابهم ..
وعمل الجميع فى الأرض بهمه ونشاط , يرون ويزرعون ويحصدون المحاصيل .
ومرت الشهور والأيام , وعادت المدينه فى خير ورخاء يوزع منها على جميع الناس بالتساوى , وأنجب السلطان طفلاً جميلاً سماه " بدرالدين " , وعرف أن الظلم طريقه مسدود ....

قصة أطفال

المصباح السحرى ..والاشرار الثلاثة
تأليف
فوزى يوسف اسماعيل
كانوا الثلاثة الاصدقاء ( ماهر ) و( مهران ) و( هارون ) يسيرون ذات ليلة على شاطئ البحر ؛ وكان الوقت مقمرا ؛ المياه تلمع بضوء القمر. والنسيم يهب على الشاطئ فيجعل الجو ربيعا ؛ وكانوا الثلاثة يتمنون ان يقفزوا الى حياة الرفاهية بقفزة سريعة ؛ وان يحصل كل منهم على مبلغا من المال دون عناء او تعب ..
حلموا الثلاثة هذا الحلم ؛ ولكنهم كانوا لا يتوقعون ان احلامهم ستتحقق ؛ ويتحقق امالهم فى لحظة واحدة ..
فعندما كانوا يسيرون على الشاطئ اذ ان ضوء القمر يتوجه بنوره الى شئ يلمع ؛ ويظهر لمعانه من بعيد ؛ يلمحه مهران فينبه اصدقائه اليه .. ويسيرون اليه فى حذر حتى وصلوا اليه ؛ فوجدوا مصباح يشبه مصباح علاء الدين المسحور الذى قرؤا عنه فى كتاب المدرسة ؛ ويسمعون عنه فى بعض الحواديت ..
قال ماهر :
- انه مصباح مسحور ..
اخذوه وفرحوا به كثيرا ورجعوا الى بيتهم ؛ لكى يجدوا ما فيه ؛ وامسك ماهر المصباح ثم فركه بيديه قليلا ؛ وتصاعد منه دخان كثيف ثم ظهر منه جنى ضخما ؛ خافوا منه وذعروا ؛ لكنهم هدؤا بعد روعهم . نظر كل منهم فى وجه الآخر وهم يبتسمون ؛ لانهم وجدوا كنزا ينهالوا منه من اموال واشياء ثمينة ..
وقال الجنى :
- شبيك لبيك عبدك وملك  بين اديك ..
نظروا لبعضهم ولم يصدقوا انفسهم ؛ وهم مهران ان يطلب ما يريد ..
قال هارون :
- انا الذى اطلب من الجنى ما اريده قبلكم ..
وقال ماهر :
- لا انا الذى ساطلب منه فانا اكبركم ..
وقال مهران :
- لا  لا .. انا الذى ساطلب منه ما اريد .. انا الذى دلتكم عليه ..حين كان يلمع بضوء القمر بجانب الشاطئ ..
وظلوا فى هذا الحال عدة دقائق ..
وكأن الجنى قد انتهز لحظة فك اسره من المصباح المسحور فوقف يشاهد ما يدور بين الاصدقاء الثلاثة .. حتى أنه أراد ان يفك الاشتباك الذى بينهم .. فقال :
-         لا تتشابكوا ولا تتعاركوا ، عندى حل يرضيكم أنتم الثلاثة ..
انتبة الجميع بعدكلام الجنى .. وقال أحدهم :
-         الحقنا به ..
قال الجنى :
-         لكل واحد منكم مطلب واحداً فقط ..
لكن كل واحداً منهم أراد ان يكون هو صاحب المطالب الثلاثة ، وعادوا الى العراك مرة ثانية ، حتى أن الجنى قد فك الاشتباك وحكم بينهم ، لكن الطمع والجشع ملاء قلوبهم ، فلم يسمعوا حكم الجنى ..
وزاد العراك بينهم إلا أن الجنى عاد اليهم بحكمه ..
-         لا أحد منكم يطلب منى مطلبين ولا أنفذ ذلك منكم ..
اهتدوا الثلاثة الاصدقاء الى كلام الجنى ..
ثم بدأ مهران بمطلبة الاول قائلا :
-         أريد ان يكون عندى مال كثير .. مال تجمعه من كل تجار وأغنياء المدينه ، حتى يكونوا فى فقر قحط ، وأكون انا الغنى على الارض ..
-         قال الجنى :
-         لك ما تريد ..
-         وحقق الجنى طلب مهران وأعطاه مال لا تحصى ولا تعد ، حتى كان اغنى أغنياء المدينه ، عندة قصر مشيد وخدم وحشم ، وظهر عليه الغنى الفاحش الذى تكلم عنه الناس ، وصارت التجار والغناه فى المدينه فقراء ، لا يملكون قوت عيشهم ،ولا يجدون أى شىء من أملاكهم ..
واشتكوا من الفقر والضنك الذى أصابهم ، ولا يعرفون له سبباً ..
وقال ماهر :
-         وأنا أطلب أن تكون محلات الذهب عندى ، ولا قطعه ذهبية واحدة تكون عند أحد من تجار المدينه ..
-         فقال الجنى :
-          لك ما تريد ..
وفى الحال تجمعت قطع الذهب عند ماهر ، وأصبح التجار كلهم لا يملكون قطعة واحدة من الذهب ، وكانهم ولدوا فقراء .. أنتابهم  الذهول والدهشة .
وقال هارون : 
-         أريد أن يكون عندى كل القمح فى المدينة ..ولا يبقى عندى أى تاجر من التجار حباية واحدة من القمح أو الذرة ..
-         قال الجنى :
-         لك ما تريد ..
وفى لحظة واحدة كلمح البصر صار عند هارون مخازن كثيرة العدد مليئة بالقمح والذرة وصار التجار وجميع أهل المدينه لا يملكون ذرة واحدة من الحبوب ..
حدثت ثورة بين أهل المدينه ، يتعجبون لما حدث لهم فى لحظة واحدة .. وكيف صاروا فقراء بعدما كانوا أغنياء يملكون الكثير والكثير من أموال وذهب وحبوب ..
انهم عاشوا فى فقر شديد ..
ثم ظهر الغنى على الثلاثة الذين كانوا فقراؤ فى المدينة ، ومعروفين بأنهم من افقر فقراء المدينه كلها ، واليوم صاروا كالسلاطين والأمراء يملكون أموال لا تحصى ولا تعد ..
وكثر التساؤل ..
كيف صاروا على هذا الغنى الفاحش ، وهم كانوا لا يملكون شيئاً ..
واتفق الثلاثة على منع المال والزاد عن أهل المدينة ..
وبالفعل منعوا عنهم المال والزاد .. لا يبيعون لهم أى ذرة قمح أو قطعه ذهب ، حتى كادت الناس لا يطيعون هذة المعاملة ، لانها معاملة عصيبه عليهم فهم لا يملكون مالا ولا طعاما ً .
وتحكموا الثلاثة فى أفضل المدينه جميعا ، وقد استعملوا على الناس وذادوا من ثمن الحبوب والذهب ، وباع لهم ذلك بأكثر من ثمنها الاصلى مرتين ..
اجتمعوا جميعا وذهبوا الى حاكم المدينه ليشكوا له ما يحدث من الثلاثة هارون ومهران وماهر ، الذين ظهروا فى المدينه بالجشع والظلم والاستبداد ..
فوجدوا حاكم المدينه مثلهم ، ضاع منه كل شىء فى لحظة واحدة ، ولم يعرف أين ذهبت املاكة..
لم يجدوا حلا لهذة المشكله ..
والثلاثة يضحكون ويتسامرون بالمال والجوارى وما ملكوه من متع الدنيا ..
ثم جاء هارون اليهم ذات ليله بعد سمرهم واحتفالهم ببعض الحفلات التى يقيمونها لهم كل ليله ، واجتمع بماهر ومهران ليتحدث معهم فى أمر الجنى والذى يحقق لهم مطالبهم ..
قائلا :
-         لماذا لا نطلب من الجنى أن يزيد لنا من تلك الاموال ..
ثم قال هران :
-         نعم فهو يحقق كل مطالبنا ، ونحن أحق بها ..
وقال مهران :
-         هيا نقوم ونأتى بالجنى .. ثم نطلب منه ما نشاء ..
وافق الثلاثة على رأى واحد ، ثم طلب منهم ينظروا حتى يجن عليهم الليل لكى لا يراهم أحد
وانتظروا الى أن ياتى الليل ..
وقد كان الجنى غاضبا منهم لأنة رأى ظلم وجشع الثلاثة فيما يفعلوه مع أهل المدينه ، ولكنه لا يملك شيئا يفعله ، ودخل المصباح ولم يخرج وعاهد نفسة على فعل الخير ، لانه ليس له الا مطلب واحد ولا ينقذه الا فى الخير ..
وكان الجنى ينتظر فى المصباح حتى يأخذة رجل تقى فيطلب منه أن يأتى له بشىء فية خير ، غير الثلاثة الأشرار الذين استعملوه فى الشر ..
بعدما أتى الليل ذهب الثلاثة ماهر ومهران وهارون الى المكان الموضوع فية المصباح ، وكان هذا السرداب هو المكان المخبىء فيه المصباح حتى لا يعرفه أحد ويحصل عليه ..
أغلقوا الباب وأتوا به .. ثم أمسكة هارون يفركه بكلتا يدية حتى يخرج الجنى ..
لم يخرج الجنى لانه عرف أصرات الثلاثة ، وهم هارون يتحدثون .. فتذكر وعدة مع نفسه .. طلبوا منه يخرج من الصباح لكى يحقق لهم طلبهم فى زيارة الاموال .. وهو لا يخرج لأنه غاضبا ..
غضبوا الثلاثة من الجنى والمصباح ، واعتقدوا ان فائدته قد انتهت ..
فأمسكوا به وذهبوا الثلاثة والقوه فى البحر ثم عادوا الى بيوتهم ..
وبعد مرور ثلاثة أيام ، أخرجته المياه على الشاطىء ..
وكان رجلا طيب القلب يحب الخير لأهله ، يسير على الشاطىء فوجد المصباح وأخذة ثم فرك فيه بيديه ، خرج له الجنى قائلا ..
-         عبدك وملك ايديك ..
-         قال الرجل :
-         أنت لست عبدى .. فنحن عباد الله ..
حينئذ عرف الجنى أن هذا الرجل طيب يحب الخير ، وليس كالثلاثة الاشرار ، فحكى الجنى له عما فعلوه معه .. وطلب منه
أن يطلب الطلب الاخير شرطا أن يكون فى الخير ، لأنه سئم من حاله الفقراء الذين طفوا عليهم الثلاثة ماهر ومهران وهارون ..
عرف الرجل الطيب ما يحدث لأهل المدينه ، وكان يعرف بحكايه الثلاثة جيداً ..
فطلب من الجنى أن يعيد المدينه على حالتها الأولى لأن الناس كانوا يعيشون بين بعضهم بالمودة والحب ..
فعاد الجنى المدينه الى حالتها الولى ...
ثم قال له الجنى :
-         اطلب لنفسك شيئا أعطيه لك فى الحال ..
قال الرجل :
-         أريد دارا بسيطة أعيش فيها ، وأبنى لى أسرة صغيرة ، ومصدر رزق أعيش به وأساعد الفقراء ..
قال الجنى :
-         لك ما تريد ..
وأصبح للرجل الطيب ما تريد ..
وأصبح الثلاثة فقراء كما كانوا ، لأنهم لا يستعملوا المصباح فى الخير ، وعادت الموال والذهب والقمح الى أصحابها ، وعادت أهل المدينه يعيشون كما كانوا فى أول مرة .

مقال بقلم/ فوزى اسماعيل

                                                      تحية لرجال كفر الشيخ مفتاح لسعيهم فى عمل الخير اقر وأعترف بأن رجال كفر الشيخ مفتاح...