الأحد، 12 ديسمبر 2021

مقال بقلم / فوزى اسماعيل

 

أسطورة الشيخ مصطف إسماعيل.. باقية

سيظل الشيخ مصطفى إسماعيل أسطورة التلاوة فى مصر والعالم العربى والإسلامى متربعا على عرش التلاوة، وسيظل صوته خالدا يشدوا فى سماء التلاوة، فرغم مرور أعوام كثيرة على وفاته إلا أن مستمعيه مازالوا حتى الآن يتابعون تسجيلاته النادرة، ولقد كان القارئ المحب لكل من سمعه علامة بارزة فى مصر والعالم الإسلامى، لأنه صاحب حنجرة ذهبية فاق بها كل التخيلات، ولأنها موهبة من الله منذ نشأته، فقد ولد فى السابع عشر من يونيو عام 1905، وتربى بين أحضان عائلته التى أبعدته عن فلاحة الأرض ليتفرغ لحفظ القرآن الكريم فى القرية، وقد حفظ القرآن الكريم كاملا وهو لا يتجاوز العاشرة من عمره، مما دفعه جده المرسى إسماعيل رحمه الله بأن يداوم على الحفظ، فذهب إلى أكثر من كتاب فى القرية والتى كانت تشتهر بالكتاتيب، وراجعه له الشيخ أدريس فاخر الذى كان حينئذ مفتشا للكتاتيب فى القرية، وأجاد الشيخ مصطفى القراءة وحفظ القرآن الكريم، وكانت الفرحة عارمة للأسرة، وكانت الصدفة قد قادته إلى أول تعارف عليه فى عالم القراءة، حيث كان جده فى زيارة لأحد أقاربه فى طنطا، وكان الشيخ مصطفى مع جده وقتها، حتى ذهبا إلى مسجد عُطيفة ليصلوا صلاة العصر، هذا المسجد كائن فى ميدان الساعة حتى الأن، ثم أذن الشيخ مصطفى للصلاة والذى جاء صوته يفوق ما تصوره الحاضرون، وبعد أن قضيت الصلاة طلب منه الحاضرون أن يتلو القرآن، وجاءت التلاوة مبهرة، حتى دنا إلى جده شيخ من علماء الأزهر أنذاك، نصحه بأن يكمل مصطفى تعليمة فى المعهد الأحمدى بطنطا، وبالفعل إلتحق بالمعهد الأحمدى، وصار أيضا قارئا للسور فى المسجد البدوى، ثم سافر إلى القاهرة، وكان القدر يسوقه إلى عالم الشهرة، فإذا به كان يفصل ملابسه عند ترزى عربى فى خان الخليلى، وبعدها كان يسير فى شارع خان الخليلى إذ رأى يافطة مكتوب عليها أسم رابطة القراء، فدخلها وسأل عليها ثم أستقبله الشيخ محمد الصيفى وطلب منه الشيخ مصطفى الإنضمام إلى الرابطة، فرحب به الشيخ الصيفى، وسمع بعضا من تلاوته لكى يعرف أنه قارئ فى مديرية الغربية، وبعد ماتعرف عليه رحب به عضوا فى الرابطة.

ثم طلب منه الشيخ الصيفى أن يحيى ليلة الإحتفال بالمولد النبوى الشريف بدلا من الشيخ الشعشاعى الذى مرض، وكانت التلاوة تذاع عبر أثير الإذاعة المصرية، وسمعها الملك فاروق الذى أسرع فى طلبه.

كان من قبل أن تنقل الإذاعة صوته، دُعىّ الشيخ مصطفى إلى عزاء أحد أعيان طنطا من خلال الشيخ القصبى، وهذه الليلة كان الشيخ محمد رفعت يقرأ فيها، فلما ذهب الشيخ رفعت للإستراحة، صعد الشيخ مصطفى على الدكة ليقرأ، حتى نهره أحد الحاضرين، قال له الشيخ القصبى بأنه مدعو للتلاوة، وقد أعجب به الشيخ رفعت فى هذه الليلة وأثن عليه وشجعه على مواصلة التلاوة.

أما الملك فاروق فقد طلب منه أن يكون قارئا للقصر الملكى، وأن يحيي حفلات رمضان التى كانت تقام فى قصر رأس التين بالأسكندرية طوال شهر رمضان المبارك، وبعد أن ذهبت الملكية وجات الجمهورية، لم يتركه الرئيس جمال عبد الناصر فقد أحى الشيخ مصطفى جميع حفلاته، وكرمه الرئيس جمال عبد الناصر فى عيد العلم ومنحه وسام الإستحقاق من الطبقة الأولى مع كوكبة من العلماء، وأيضا الرئيس السادات الذى أصطحبه معه فى زيارته للقدس وقرأ فيها الشيخ مصطفى قرأته المشهورة، وقد منحه الرئيس السادات وسام الإستحقاق من الطبقة الأولى، كما كان صديق شخصى للرئيس السادات، كما كرمة أيضا الرئيس حسنى مبارك بعد وفاته، وقد زار الشيخ مصطفى إسماعيل الدول العربية والإسلامية ونال منها جوائز، وكان صوته يعلو فى الأفق، ولقد كانت حياته حافلة بالتشريفات فى مصر والدول العربية التى أحسنت أستقباله أينما ذهب، ولقد جاء بمدرسة أتبعها كثيرا من محبيه وصاروا على نهجه، حتى أنها باقية حتى يومنا هذا، كما قال عنه الكثير من المحللين بأنه يصور القرآن تصويرا فيجعلك فى أعلى علين فى آية الجنة، ويجعلك أسفل السافلين فى آية النار، وما زالوا مستمعيه يتجرعون من كأس التلاوة البارعة التى وهبها الله له، حتى وإن شربوا من تلاوته كماء البحر لا تشبع ساقيها.

رحم الله القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل فى ذكراه الذى وافته المنية فى عصر يوم السادس والعشرون من ديسمبر عام ألف وتسعمائة وثمانى وسبعون من الميلاد، ودفن فى منزله بميت غزال.

 

 

ليست هناك تعليقات:

مقال بقلم/ فوزى اسماعيل

                                                      تحية لرجال كفر الشيخ مفتاح لسعيهم فى عمل الخير اقر وأعترف بأن رجال كفر الشيخ مفتاح...