مصر ومن يعشقها
مقال/ هذا رأيي
بقلم/ فوزى إسماعيل
مصر هى كنانة الله فى أرضه، وهى موطنا الذى نعيش فيه، فمنذ نعومة أظافرنا
ونحن يترسخ فيها حبها وعشقها، وهى الدفء الذى نحس به وبالأمن والأمان، كلانا فينا
شئ للرغبة النابعة من القلب لمصر، فكما يقولون من يشرب من نيلها لا بد من الرجوع
إليها، فالمرء الحقيقى الذى يبوح بما يجود فى قلبه هائما عشقا لها، يغار على
مقدراتها، فيفرح لفرحها ويحزن لحزنها، هذا هو المصرى الحقيقى، فمصر ومن يعشقها إلا
الذى نبتته أرضها، فترعرع على خصبها وعلى خيراتها، لا يهابه الموت فى سبيل الدفاع
عنها، لأنها الأم الحنون التى تحتضن أولادها فى السراء والضراء.
مصر التى فى خاطرى، فالمصرى الأصيل الذى يعلم جيدا قدرها بأنها العشق،
العشق لترابها الغالى، فمن منا يجد موطنا أخر كموطنه مصر، فمهما تغرب الإنسان فمن
المستحيل نسيانها، ولا بد يوما العودة إليها، حتى فى توصيتة قبل مماته، المصرى
يريد أن يوارى الثرى فى موطنه الأصلى، موطنه الذى ولد فيه، كالطفل الملهوف على
أمه، تماما مثل الطفل، متشبثا بأرضة وبأهله مهما يكن فى عزه خارجها فالأصل مصر.
ومن يكره مصر فللمصلحة حتى ولو كانت على حسابها، هم العدو فاحذرهم كأنهم خُشب
مُسنده، هؤلاء الذين يسعون لأغراضهم، فكأنما غشيت قلوبهم الضغينة، لا يرون الدمار
الشامل للبنية التحتية لهذه البلاد التى تجاورها، ولا يرون الصراع الدائر بين
مجموعات المصالح للحصول على البترول.
حتى جيش مصر الذى يقوم بحماية الوطن حدوديا، له نفس الاحترام من رجال
يعرفون قدره، يعرفون بأن مصر جعلها الله أمنة أولا بفضل الله عز وجل، وثانيا من
الجيش المصرى الباسل الذى كرمه الله فى أرضه، وجعله من أفضل الجيوش فى العالم، إذ
هم خير أجناد الارض، وكذلك الشرطة أيضا حماة الوطن داخليا من عبث المفسدين، ومن
مخربى الديار الأمنة، هؤلاء الذين عاهدوا أنفسهم بالقضاء على الخارجين عن القانون.
ألا يرون أن هؤلاء يقدمون أنفسهم فداءا لوطنهم، يلقون بأنفسهم فى النار
طالبين الشهادة، عازمين على النصر أو الشهادة، لأن الشهداء مع الرسل والصديقين
والصالحين وحُسنّ أولئك رفيقا، وأنهم أيضا مؤمنون بأنهم يقدمون رسالة سامية فى
الدفاع عن أموالهم وأعراضهم وأرضهم الطاهرة، هؤلاء الجنود البواسل فى الحرب والسلم
شجعان ذو قلوب وجله، يؤمنون بالله عز وجل وبالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ولا
يخافون لومة لائم.
مصر كانت ملاذا للطامعين، منهم نابليون الفرنسى حتى جاء إليها غازيا،
والإنجليز والفرنج وكثيرا ممن سطره
التاريخ فى صفحاته، وكل ذلك كانوا من الذين يعشقونها، لذلك سعوا للإستلاء عليها،
ولكن هيهات منهم فقد طردوا منها شر طرده، حتى إلى اليوم هؤلاء الإرهاب يصارعون
عليها لكن لم يفلحوا، فمصر دائما لأبنائها لا يشاركهم فيها أحد، فنحن من أهلها
وأحق بها ينبغى على كل مواطن مصرى أن يدافع عنها بكل جراءة حتى أخر قطرة فى جسده.
مصر جنة الله فى أرضه، جعلها الله عز وجل من أفضل البلاد فى الدنيا، ومن
أجلها شق فيها شريان الحياة، النيل العظيم الذى هو هبة مصر، وليست مصر هى هبة
النيل كما قال هيرودوت الانجليزى، لأن مصر لها مكانتها وريادتها منذ أن خلق الله
الخليقة، فشق الله تعالى فى أرضها النيل وجعله شريانا يمدها بالحياة والنماء، جعله
الله مقدسا ينبض دائما بالحياة.
فمصر أعزها الله وكرما، فكن أمينا عليها، حتى تنعم بخيراتها المستمدة من ذو
العرش والجلال.