الاثنين، 30 ديسمبر 2019

مقال هذا رأيي/ بقلم .. فوزى اسماعيل



المغيبون ثلاثة فى ميت غزال
ثلاثة لا وجود لهم فى قريتنا ميت غزال رغم حضورهم، الأولون هم الصحة أو بالأحرى المركز الصحى الوحدة الصحية سابقا، والثانى مركز الشباب فى القرية، والثالث اصحاب الكرفتات الشيك، الثلاثة مشيعون فى نعش واحد، لا فائدة منهم، فالأولون المطلق عليهم صحة الأسرة، الذين يتكلفون برعاية الأسرة فى القرية صحيا، وهم ليسوا أهلا لها، بل موظفون يتقاضون رواتب أخر كل شهر فقط، لا خدمة لديهم لأى مريض، لأنهم غير مؤهلين لمعالجة المرضى الطارئة ولا لضمادة الجرحى المستعجلة والتى تخضع لمسمى الوحدة الصحية، وهذا ما فشلت فيه هذه الوحدة فشلا ذريعا، فبها عدد من الموظفين تحت مسمى ممرضات ملاك الرحمة، وهم لا يعرفون عن الرحمة شيئا، ولأنى لا أظلم منهم عددا قليلا بهذا اللقب، إلا اننى أقول لهؤلاء انتم لستم فى قائمة المفسدين، فعندما تطئ قدميك فى هذا الخُن الصحى لتطلب الإسعافات الأولية فيقابلونك بموشح ووصلة ردح لا نظير لها، لأنهم مأمورين بعدم تأدية الخدمة بعد الساعة الثانية ظهرا، مدعين أنها تعليمات، فهل هذه حجة ، وكما نعرف إن الوحدة الصحية سيئة الخدمة للغاية لعدم وجود أجهزة طبية كافية، واللوم إما على الإدارة الصحية بالسنطة أو على العقول المغيبة التى لا تريد إلا أن تتقاضى رواتب حرام.
والثانى فى المغيبون، هم مركزنا الموقر الذى يدعى مركز شباب ميت غزال، والذى من المفترض أن يحتوى أكبر فئة من الشباب لممارسة أنشطتهم الرياضية والثقافية، فالعاملين فيه يغطون فى نوم عميق، نوم فى العسل الأسود، لا أحد منهم يحمل عبء هذا المركز الكبير، حتى ولو بإرسال تظلمات للوزارة لكى تنجد هذا المركز من التدهور أكثر ما هو متدهور، وتنقذ ما يمكن إنقاذه، بل أنهم مغيبون تماما عن الوعى، ليسوا فقط كائنون فى هذا المبنى المتهالك، بل أنهم كخشب مسنده يحسبون كل صيحة عليهم، وهؤلاء لا يقدرون المسئولية التى تقع على عاتقهم، ولا يقدرون مكانة هذا المركز وسط أقرانه من المراكز ممن يتخذون مراكزهم كبيوتهم تماما فيطورون منه، كالأنشطة الرياضية والثقافية والفنية، كمركز شباب شبراقاص مثلا أو المراكز الأخرى المجاورة.
فلا بد من الأخذ فى الإعتبار بأن هذا المركز يخدم فئة عريضة من الشباب بعد ما تخطت القرية أكثر من عشرون ألف نسمة، فلما الصمت، هل لأنهم لا حيلة لهم به، أو لأنهم يقولون بالبلدى (اللى يسرى على الآخرين يسرى علينا).
أما الثالث فى المغيبون، هم أصحاب الكرفتات الشيك على رأى معلق الكرة، وأقصد الذين يقولون مالا يفعلون، الذين يقولون نحن كذا ونحن كذا، وتجدهم عند الجد لا يجدون بشئ، إلا اقاويل على موقع التواصل الإجتماعى، حتى كاد الفيس بوء ينفجر من أقاويلهم الرنانة التى لا نفع لها، بل أنهم أيضا خشب مسندة، وأيضا ما هم إلا هياكل تجوب الشوارع والحارات وكأنهم فرسان هذا الزمان، وهم فى الحقيقة من وجهة نظرى ليسوا أهلا للثقة.
ثمة الإعتذار ليست فى شخصى، لكنى أغار على المصلحة العامة، ولا بد من الطرق بيد من حديد على أيد المقصرين، والذين يقولون ما لا يفعلون ما هم إلا زبانية السوء.
رحم الله رجالا فارقوا الحياة كانوا على تُقى من الله يقولون فيفعلون.

*              *

مقال هذا رأيي/ بقلم / فوزى اسماعيل



تحذير إلى نقابة المهن التمثيلية
إن من مساوء الحياة أن تمر علينا ظاهرة حمقاء تعكر علينا صفوها وتجعلها مظلمة كالسواد الحالك، تستمر فى الظهور لكى تنغص علينا الحياة، ولا يستأصل جذورها مبكرا لكى تنتهى وهى فى مهدها، إنما يتم تكرارها لكى تتفشى فى المجتمع، وتدمر عقول شابة ما زالت تتفتح على الحياة، حتى تقودهم إلى الخطأ والرزيلة، فى الوقت الذى نحن جميعا نريد إصلاحا للمجتمع بأسرة، ولكن يزداد سوء بعد سوء.
وكأن السادة فى نقابة المهن التمثيلية يترمخون على هذه الأفعال المشينة، جاعلين أذن من طين وأخرى من عجين، وظاهرة الفنان المزعوم والمفضل لدى أكثر الشباب الضائع والملقب بنمر وان كما يزعم، أو الاسطورة التى تم بنائها وراء هواجس وزعامات قيلت عنه وظهرت على الشاشة لتدمر جيل بأكمله من أطفال كل شغفهم أن يقلدوه، وما يطرح عليهم على شاشات التليفزيون والانترنت، واتباع طريقته التى فسدت عقول الشباب بمقولته نمر وان، حتى استطاع متهور أن يحذوا حذوه ويقتل نفسا بريئة، زعما أنه هو الآخر نمبر وان، لأن هذا الفنان مفتول العضلات كان قدوة له فى الشر يقتل ويحرق ويفرض سيطرته على العاملين معه فى العمل الفنى ظنا منه أنه يقدم عملا هادفا، وأنه الأوحد فى السينما المصرية كلها، بل هو أكذوبة صنعها فاشلون مثله،  وهذا الاجراء الذى من منظورى هو الفساد بعينه وليس الإصلاح، طريقته فى التناول مقذذه للغاية وليس فيها أى شهامة تذكر كما كان عليه فنانوا زمان، مثل العملاقة فريد شوقى وعادل أمام ورشدى أباظة وعمر الشريف وأخرون ممن قدموا فنا أصيلا راقيا حتى فى أفلامهم الأكشن، وهؤلاء الفنانون قد تركوا لنا تراثا عظيما فى السينما المصرية ما زال يذكرها التاريخ حتى الآن، لأن أعمالهم خالده فهذه الافلام هى نموذج يشدوا به كل من شاهدها وهى فخرا للسينما المصرية.
أما الآن من هو هذا الفنان فى ظل العمالقة الكبار، أين عادل أمام نمر وان فى السينما العربية، وأين رشدى أباظة ملك الأكشن وأين أنور وجدى، هل كما يزعم البعض يفوق على كل هؤلاء، لا والله، فتاريخه يعد نقطة فى بحر من اعمال هؤلاء.
على نقابة المهن التمثيلية والسينمائية أيضا أن يعوا لهذه الخطورة، ولا بد من وقف هذه المهازل التى ترتكب تحت ظل نمبر وان، التى تدمر جيل بأكمله شباب وأطفال الذين من المفترض أن يكونوا عصب الحياة ورجال المستقبل، وليس من المعقول أن تكون السينما صناعتها فاشلة كهذا لخاطر فنان مغمور كل ما لدية أن يمسك سلاح ويطلق النار على فتاة فى إعلان مقذذ لقناة معروفة، فنان يستعرض عضلاته فقط يقتل وينهب ويشعل النار بالصواريخ والمعدات الثقيلة، ليس هذا فنا ولكن أسميه لعب بعقول الجماهير، لأن السينما الحقيقية هى التى توجه المجتمع إلى الصواب وتسير به من السلبية إلى الإيجابية وليس العكس.
فأين هذه النقابة من كل ذلك، وأيضا الاتهام موصول إلى نقابة المهن السينمائية المعنية بصناعة الأفلام، فالأفلام الأكشن ليست بهذا المستوى اللائق بها، وأنما الأكشن ألحق بنا إلى حرب شوارع يخرب ويقتل بطرق خاطئة للغاية، وبدت ظاهرة يتبعها الجيل حتى يسقط فى بئر الظلمات، بدلا من أن ينهض بفكر يفيد المجتمع صانعا له التقدم والرقى.
السادة فى النقابتين عليهما بالاسراع لوقف هذه الظاهرة فورا وإلا سنجد أمثال راجح نمبر وان فى شوارعنا ما دام الفن الحقيقى غائبا.

*                  *


الثلاثاء، 3 ديسمبر 2019

بحث عن التكنولوجيا



بحث عن :
التكنولوجيا 
التقانة ويعرف أيضًا بالتقنية أو التكنولوجيا (بالإنجليزية: technology) والتكنولوجيا لغوياً، كلمة أعجمية ذات أصل يوناني، تتكوّن من مقطعين، كلمة تكنو والتي تعني حرفة أو مهارة أو فن، وكلمة لوجي التي تعني علم أو دراسة. ليصاغ الكل في كلمة تكنولوجيا بمعنى علم الأداء أو علم التّطبيق؛ وقد أورد الكثير من العلماء تعريفات أخرى عديدة للكلمة. 
تغير استخدام التكنولوجيا على المدى بشكل كبير خلال السنوات ال 200 الماضية. قبل القرن 20، وكان هذا المصطلح شائع في اللغة الإنجليزية، وعادة ما يشار إلى وصف أو دراسة الفنون المفيدة. وغالباً ما يرتبط مصطلح التعليم الفني، كما في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (مستأجرة في عام 1861). "التكنولوجيا" برز على الساحة في القرن 20 في اتصال مع الثورة الصناعية الثانية. تغيرت معاني التكنولوجيا في أوائل القرن 20th عندما علماء الاجتماع الأمريكيين، بدءا ثورستين فيبلين، ترجمة الأفكار من المفهوم الألماني من تكنيك في "التكنولوجيا". في اللغات الأوروبية الألمانية وغيرها، وجود تمييز بين تكنيك وتكنولوجي التي غائب في اللغة الإنجليزية، وعادة ما يتم تحويل الناحيتين باسم "التكنولوجيا". 
قبل عقد 1930، و"التكنولوجيا" لا تشير إلى دراسة الفنون الصناعية، بل إلى الفنون الصناعية نفسها. وفي عام 1937، عالم الاجتماع الأمريكي مقروءة باين كتب أن "التكنولوجيا تتضمن جميع الأدوات والآلات والأواني، والأسلحة، والأدوات، المسكن، والملبس، والتواصل ونقل الأجهزة والمهارات التي نحن ننتج واستخدامها". يبقى تعريف باين ومشتركة بين العلماء اليوم، وخاصة علماء الاجتماع. ولكن على قدم المساواة بارزة هو تعريف التكنولوجيا والعلوم التطبيقية، وخاصة بين العلماء والمهندسين، بالرغم من أن معظم علماء الاجتماع الذين يدرسون التكنولوجيا نرفض هذا التعريف. 
وفي الآونة الأخيرة، فقد اقترضت من العلماء الفلاسفة الأوروبية ل "تقنية " لتوسيع معنى التكنولوجيا لأشكال مختلفة من سبب فعال، كما هو الحال في عمل فوكو على تقنيات الذات ("تقنيات دي صوا"). مقدمة تعتبر التقنية مهمة لأنها تستخدم في جميع مجالات الحياة العملية. عندما تتأمل روتينك اليومي وتحصي جميع أدوات التقنية التي تستهلكها في يوم واحد فقط ستدرك مدى أهمية التقنية عند استخدامك للجوال أو مشاهدة التلفاز أو قيادة السيارة أو استخدام الحاسب أو أي آلة كهربائية. في الواقع، يوما بعد يوم يزداد اعتمادا على التقنية سواء خلال التواصل أو المواصلات أو البحث عن أي معلومة أو حتى التسلية. في أواسط القرن العشرين حققت التقنية إنتصاراً هاماً بقدرتها على استكشاف الفضاء تعرف التقنية تعرف اصطلاحاً بأنها كل ما قام الإنسان بعمله، وكل التغييرات التي أدخلها على الأشياء الموجودة في الطبيعة، والأدوات التي صنعها لمساعدته في أعماله. 
لكن البعض يحصر نطاق كلمة التقنية بالآلات المعقدة كالحاسوب والساتل والسيارة فقط، بل التقنية تشمل الأدوات البسيطة كالورق والأقلام والخيط والنعل ومفتاح العلب أيضاً. والتقنية ستلت الإنسان منذ وجوده على هذه المعمورة، فهي قديمة بقدمه، فقد اعتمد عليها في صناعة أدوات صيده والدفاع عن نفسه وحراثة الأرض والزراعة وهلم جراً من الأعمال. كما أن التقنية أحاطت بكافة مناحي الحياة المختلفة شاردة وواردة فكانت في الغذاء والطعام والدواء والملبس والسكن والأدوات والمواصلات والاتصالات والترفيه والرياضة والتعلم والعديد غيرها. التعريفُ والاستعمال تعرف التقنية بطريقتين: بأنها "السعي وراء الحياة بطرق مختلفة عن الحياة"، وبأنها "مادة لا عضوية منظمة." التطبيقات العلمية للعلم والمعرفة في جميع المجالات والعمل، أو بعبارة أخرى كل الطرق التي استخدمها - وما زال يستخدمها -الناس في اختراعاتهم واكتشافاتهم لتلبية حاجاتهم وإشباع رغباتهم. 
يشهد هذا العصر تطور هائل وسريع في التكنولوجيا من حيث الجوالات وتتطور أجهزة الحاسب الآلي وشتى الطرق والتقنيات، حيث أنها تقنيات رائعة وممتعة وجميلة لكنها في نفس الوقت مضرة فالتعرض الطويل للإشعاعات الحاسوب أو الجوال يؤدي إلى حدوث الإصابة بأمراض سرطانية بسبب كثرة الاستخدام أو الإفراط في سوء استخدامها استخدام صحيح. كما يمكن تعريف التقنية أو التكنولوجيا بمفهوم أوسع أنها الأشياء الموجودة بنوعيها، المادية واللّامادية، التي تم تخليقها بتطبيق الجهود المادية والفيزيائية للحصول على قيمة ما. في هذا السياق، تشير التقنية إلى المعدات والآلات التي يمكن استعمالها لحل المشاكل الحقيقية في العالم. أصل التسمية تغيّر استعمال الاصطلاح تكنولوجيا بشكل ملحوظ على مدى المئتي سنة الماضية. قبل القرن العشرين، لم يكن المصطلح Technology مشهوراً في الإنكليزية، وغالباً ما كان يشير إلى وصف أو دراسة الفنون المفيدة. كان المصطلح متعلقاً بالتعليم الفني في الغالب، كما في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (تأسس في 1981). 
تصاعدت العبارة "تكنولوجيا"حتى اشتهرت في القرن العشرين مع الثورة الصناعية الثانية. تغيرت استخدام التكنولوجيا على المدى بشكل كبير خلال السنوات ال 200 الماضية. قبل القرن 20، وكان هذا المصطلح شائع في اللغة الإنجليزية، وعادة ما يشار إلى وصف أو دراسة الفنون المفيدة. وغالباً ما يرتبط مصطلح التعليم الفني، كما في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (مستأجرة في عام 1861). "التكنولوجيا" برز على الساحة في القرن 20 في اتصال مع الثورة الصناعية الثانية. 
تغيرت معاني التكنولوجيا في أوائل القرن 20th عندما علماء الاجتماع الأمريكيين، بدءا ثورستين فيبلين، ترجمة الأفكار من المفهوم الألماني من تكنيك في "التكنولوجيا". في اللغات الأوروبية الألمانية وغيرها، وجود تمييز بين تكنيك وتكنولوجي التي غائب في اللغة الإنجليزية، وعادة ما يتم تحويل الناحيتين باسم "التكنولوجيا". من قبل 1930s، و"التكنولوجيا" لا تشير إلى دراسة الفنون الصناعية، بل إلى الفنون الصناعية نفسها. وفي عام 1937، عالم الاجتماع الأمريكي مقروءة باين كتب أن "التكنولوجيا تتضمن جميع الأدوات والآلات والأواني، والأسلحة، والأدوات، المسكن، والملبس، والتواصل ونقل الأجهزة والمهارات التي نحن ننتج واستخدامها". 
يبقى تعريف باين ومشتركة بين العلماء اليوم، وخاصة علماء الاجتماع. ولكن على قدم المساواة بارزة هو تعريف التكنولوجيا والعلوم التطبيقية، وخاصة بين العلماء والمهندسين، بالرغم من أن معظم علماء الاجتماع الذين يدرسون التكنولوجيا نرفض هذا التعريف. وفي الآونة الأخيرة، فقد اقترضت من العلماء الفلاسفة الأوروبية ل "تقنية "لتوسيع معنى التكنولوجيا لأشكال مختلفة من سبب فعال، كما هو الحال في عمل فوكو على تقنيات الذات "تقنيات دي صوا ". 
مجالات الاستعمال في مجال العمليات، أصبح المصطلح مرتبطاً بعالم العلوم والأعمال الكبيرة، والهندسة، مستثنياً العمال، النساء، والأفراد غير الغربيين. 
اختلف معنى التكنولوجيا في أوائل القرن العشرين حينما عمل علماء الاجتماع الأمريكيين بداية مع ثورستن فبلن على ترجمة الأفكار من المفهوم الألماني لـ، Technik إلى "technology"أي "تكنولوجيا"في التعريب العربي (إبقاء على الكلمة اليونانية أو "تكنولوجيا"بالمعنى). في الألمانية واللغات الأوروبية، ظهر تفريق بين Technik وTechnologie والذي لا يوجد في الإنكليزية حيث أن كلا الكلمتين يتم ترجمتهما عادة إلى "technology."في عقد الثلاثينيات من القرن العشرين، لم تشر عبارة تكنولوجيا في الإنكليزية إلى علم الفنون الصناعية، بل إلى الفنون الصناعية بعينها. في 1937، كتب عالم الاجتماع ريد بين أن "التكنولوجيا تتضمن جميع الأدوات، الآلات، الآنية، الأسلحة، الأجهزة، الكسوة، سبل التواصل، وأجهزة النقل، والمهارات التي ننتج بفضلها ونستعملها." 
لا يزال تعريف براين شائعاً بين الدارسين هذه الأيام، خاصة علماء الاجتماع. لكن تعريف التكنولوجيا بأنه العلوم التطبيقية مكافئ بارز بشكل خاص من قبل العلماء والمهندسين، بالرغم من رفض غالبية علماء الاجتماع الذين يدرسون التكنولوجيا لهذا التعريف. حديثا، استعار الدارسون عبارة "technique"من الفلاسفة الأوروبيين لتوسيع المعنى إلى صور أخرى تتعلق بالأجهزة الدقيقة كما في أعمال فوكو على تقنيات الذات ("techniques de soi"). 
تقدمت التراجم والدارسون بتعريفات عديدة. يعرّف قاموس مريام ويبستر المصطلح على أنه "التطبيق العملي للمعرفة خاصة في حقل معين"و"الإمكانية المعطاة من التطبيق العملي للمعرفة" قدمت أورسولا فرانكلن في محاضرتها "العالم الحقيقي للتقنية"عام 1989 تعريفاً آخر للتكنولوجيا بأنها "تطبيق، للطريقة التي نعمل بها الأشياء من حولنا". 
يستعمل المصطلح عادة ضمن مجال معين من التقنية، أو التقنية العليا أو إلكترونيات المستهلك، بدلاً من التعبير عن التقنية كمفهوم عام. بيرنارد ستيغلر، في التقنيات والزمن، 
1. استعمالات التقنية الشائعة التقنية الاتصالات: 
تشمل هذه الفئة التقنية المستخدمة بهدف تسهيل التخاطب الإنساني وزيادة طرق الاتصال الشخصي. ومن الأمثلة على ذلك: الهاتف الخلوي والاتصال المرئي والاتصال الجماعي وأجهزة النداء الآلي. التقنية المنزلية: تتضمن هذه الفئة التقنية التي تؤثر على النشاطات المنزلية للعائلات. 
وهذه التقنية قد لا تستخدم دائما بشكل مباشر من قبل العائلات، بل يمكن استخدامها أيضا بطريقة غير مباشرة بشكل يؤثر على الحياة العائلية. 
ومن الأمثلة على ذلك: فرن المايكروويف والأطعمة المجمدة والأطعمة المجففة بطريقة التجميد. 
 التقنية المعلومات: 
هو مصطلح عام يستخدم للدلالة على مجموعة من التطبيقات المبنية على نظام الحاسوب. ويمكن استخدام هذا النوع من التقنية في الاتصال، وفي استرجاع المعلومات من نشاطات رقمية أخرى. ومن الأمثلة على هذه الفئة: البريد الإلكتروني وغرف الدردشة، والشبكة العنكبوتية، وأجهزة الحاسوب المنزلية، وأجهزة الحاسوب المحمولة، وآلات التصوير، وآلات المسح الرقمية. التقنية الإعلام والترفيه: تساهم التقنية في الترفية العائلي الذي يتواجد بإطارات رقمية متعددة. 
حيث جاء الإعلام الإلكتروني بأشكال متنوعة ليحل محل الإعلام التقليدي.مثال على ذلك أجهزة التلفاز والستالايت وأجهزة الراديو الرقمية والكتب الالكترونية وجميع المنشورات على شبكة الانترنت وأجهزة الستيريو المحمولة والشخصية وألعاب الفيديو. التقنية الطبية: ما زالت الأبحاث العلمية والطبية مستمرة لتطوير تقنيات للتعامل مع مشكلات الجسم البشري الناتجة عن الإصابات أو المرض أو التقدم بالسن، حيث تقدم التقنية الطبية خيارات جديدة للعائلات للتعامل مع القضايا الطبية. 
ومن الأمثلة على ذلك: ضابط النبض والأعضاء الاصطناعية ومضخات الأنسولين واللقاحات الجديدة وغيرها كثير. 
 التقنية التربية: 
وهي تطبيق المبادئ العلمية في تسهيل عملية التعليم والتعلم. وتزيد هذه التقنية من فرص الوصول للمعلومات من قبل المعلم المحترف، كما تعزز مفاهيم التعليم وتجعل عملية التعليم والتعلم أكثر بساطة. 
أنواع التقنية جرت العادة على تقسيم التقنية إلى ثلاثة أنواع رئيسية وهي: التقنية موفرة لرأس المال، وهي من الأفضل استخدامها في الدول النامية التقنية موفرة للعمل، وهي من الأفضل استخدامها في الدول المتقدمة التقنية محايدة، وهي التي تزيد رأس المال والعمل بنسبة واحدة التطور التقني مثال عن التطور التقاني مراحل تطور السيارة: سيارة كونيوت البخارية، عام 1769: 
تعتبر سيارة كونيوت التي اخترعها عام 1769 من أوائل السيارات في التاريخ وكانت تعمل بالبخار. كان كونيوت مهندسا في الجيش الفرنسي وقام باختراعها من أجل جر العتاد الثقيل للجيش وعلى الأخص المدافع.والسيارة ذات ثلاثة عجلات وكان الموتور يعمل باسطوانتين، وكانت مكابس الاسطوانتين موصولتين بالعجلة الأمامية بواسطة أسطوانة دبرياج (ناقل حركة) عاري بدون غطاء. وما يُعرف عن تلك السيارة أن سرعتها وصلت بين 3 و5و4 كيلومتر / ساعة. وكانت صعبة التوجيه بسبب ثقل غلاية الماء وثقل السيارة عموما. وانتهت بحدوث حادث اصطدام مع جدار المعسكر أثناء إحدى استعراضاتها. وتوجد السيارة الأصلية الآن بالمتحف القومي للفنون والصناعة، بباريس. ديملر عام 1886: 
اخترع كارل بنز سيارة تعمل بمحرك جازولين أوتّو في ألمانيا في عام 1885. وسجل بنز براءة اختراع هذه السيارة في 29 يناير 1886 في مدينة مانهايم. رغم أن الفضل يرجع لبنز في اختراع السيارة الحديثة إلا أن عدة مهندسون ألمان آخرون كانوا يعملون على بناء سيارات في نفس ذلك الوقت. في شتوتغارت عام 1886، سجل جوتليب دايملر وويلهلم مايباخ براءة اختراع أول دراجة بخارية والتي بنيت وجربت في عام 1885. 
وفي عام 1886 حول الثنائي عربة تجرها الأحصنة. في عام 1870 جمّع المخترع الألماني النمساوي سيجفريد ماركوس عربة يد بمحرك إلا أن هذه المركبة لم تتعد المرحلة التجريبية. مرسيدس بنز، طراز ب 2007: السيارة هي مركبة آلية تتكون من مجموعة من الأجزاء الميكانيكية تعمل كل هذه الأجزاء بصورة متناسقة بحيث تؤدي إلى تحريك هذه المركبة، وتعتبر السيارة من وسائل النقل الأكثر انتشارا في عصرنا الحالي. السيارات تنقسم إلى عدة أنواع منها السيارات الصغيرة الخاصة، وأكثرها يمتلكه الأشخاص العاديين ويستعملونها للذهاب إلى العمل أو تنقل العائلة من مكان إلى آخر وللقيام بالرحلات. 
ومنها الحافلات الكبيرة التي تستخدم لنقل الركاب وهي من وسائل النقل العام المنتشرة في جميع البلاد. 
ومنها الكبيرة، الشاحنات التي تستعمل لنقل البضائع، وهي بذلك تعتبر العنصر الأساسي في الدول الصناعية في دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام جنبا على جنب إلى السكة الحديد. تعمل السيارة على المحرك، أول انتشار للسيارات كان في أوائل القرن الثامن عشر ولكن الاكتشاف الحقيقي للسيارة يعود إلى أواخر القرن السابع عشر ميلادي حينما صنع جوزيف نيكولاس كونيو أول نموذج لسيارة تعمل بالمحرك سنة 1769 ميلادي. السيارات هي مركبات تتحرك على عجلات حاملة المحرك الخاص بها تستخدم لنقل الركاب أو البضائع، ومنها ما يستخدم في المناجم لنقل المعادن الخام. وجرى العرف على أن السيارات لا يدخل من ضمنها ما يسير على قضبان. معظم التعريفات لهذا المصطلح تحدد أن السيارات مصممة للتحرك على الطرق المجهزة (المسفلتة)، وبها أماكن لجلوس من شخص لسبع أشخاص، وفي العادة تسير على أربع عجلات. ثم تغيرت النظرة إليها وأصبحت السيارة في العرف الحالي هي المبنية لنقل الركاب وليس البضائع. في عام 2002، كان هناك 590 مليون سيارة ركاب في العالم (أي سيارة لكل إحدى عشر شخصاً تقريباً)، منها 140 مليون في الولايات المتحدة (أي سيارة لكل شخصين تقريباً). 
وتنطبق هذه النسبة أيضا على دول أوروبا الغربية. من هذا استنتجنا أن الهدف من التطور التقاني هو: نتيجة الحاجة المستمرة للرفع من إمكانيات المنتوج والاستجابة لرغبات الزبون. خصائص التقنية التقنية علم مستقل له أصوله وأهدافه ونظرياته. التقنية علم تطبيقي يسعى لتطبيق المعرفة. 
 التقنية عملية تمس حياة الناس. التقنية عملية تشتمل مدخلات وعمليات ومخرجات. التقنية عملية شاملة لجميع العمليات الخاصة بالتصميم والتطوير والإدارة. 
 التقنية عملية ديناميكية أي أنها حالة من التفاعل النشط المستمر بين المكونات. التقنية عملية نظامية تعنى بالمنظومات ومخرجاتها نظم كاملة أي أنها نظام من نظام. التقنية هادفة تهدف للوصول إلى حل المشكلات. 
 التقنية متطورة ذاتيًا تستمر دائمًا في عمليات المراجعة والتعديل والتحسين. متطلبات التطور والتقدم التقاني من متطلبات التطور التقاني: تقدم العلوم الفيزيائية وجود علماء بقدر المسؤولية وجود الخيال العلمي. الحاجة الملحة فكما نقول الحاجة أم الاختراع أهداف التقنية وتنمية التفكير تنمية التفكير الابتكاري في دراسة وتحليل المشكلات إضفاء البهجة والمتعة على العملية التعليمية التعلمية لكل من التلميذ والمعلم، حيث يتم العمل في مجموعات عمل صغيرة ملاحقة ومتابعة التغيرات التقنية المتلاحقة، وأثرها على المجتمع سلبًا وإيجابًا، والجهود التي تبذل للتحكم فيه التعامل مع الأجهزة والمعدات التقنية، لتنظيم أدائها مع صيانتها وتطويرها اكتساب بعض المهارات الأساسية في استخدام العدد والأدوات البسيطة، مع تطبيق قواعد الأمن والسلامة في استخدامها زيادة الثقة بالنفس والقدرة عل المشاركة في الإنتاج ترشيد استخدام الموارد المتاحة لحل المشكلات البيئية باستخدام باقي الخامات والفوارغ… الخ تطبيق حل المشكلات للوقاية من الأخطار الطارئة، وتجنب آثارها السلبية تنمية الوعي باستشعار المشكلات قبل ظهورها، واتخاذ الاحتياطات الواقية لتجنب آثارها تعرف مصادر التعلم المختلفة معها، وعدم الاقتصار على الكتاب المدرسي أو المعلم فقط زيادة المشاركة الإيجابية والعمل التعاوني في فريق، والتدريب على أسلوب طرح الآراء، ومناقشة الآخرين واحترام الرأي الآخر، وغرس مبادئ الديمقراطية وممارستها تقدير قيمة العمل اليدوي واحترام العاملين به مسايرة نمو مفهوم محو الأمية من مجرد الإلمام بالقراءة والكتابة، إلى عدم القدرة على التعامل مع الوسائل العلمية الحديثة، إلى حل المشكلات التطبيقية.

الأربعاء، 6 نوفمبر 2019

كتاب من تأليف / فوزى يوسف إسماعيل
فوائد للقلب والروح (2)
 ثقافة الاختلاف وقبول الاخر تألـيــف فوزى يوسف إسماعيل مقـــدمة لقد وهب الله عز وجل للإنسان العقل المدبر، وأصبح مكرما فى البر والبحر، وقد حمل الأمانة ولكنه لم يستطع الحفاظ عليها، لأنه فى صراع دائم وراء الجشع والطمع وحب الذات، فلا فكر فى الآخرين، ولا صار على النهج القويم، وقد نكر خلق الله فى أرضه بعد أن ساورته الشكوك والعصيان. والإنسان على وجه البسيطة هو خلق من طين مكرما فى ذاته، وله كل مواضع الاحترام من الملائكة التى خلقت من نور وسجدت له عندما أمرها الله عز وجل بالسجود، والشيطان وحده هو الذى أبى السجود لأنه أعترف بأن الإنسان الذى جعله الله خليفة له فى أرضه هو ما يغفر له سرعان ما استغفر خالقه عند اقتراف الذنب. ولكن الإنسان الآن على الأرض لم يعد إنسانا مطيعا ولكنه أتبع نهج النكران بالجميل، الجميل الذى فعله الله من أجله وهو خلقه بصورة حسنه بصورة مكرمة بين سائر مخلوقاته . 
وقد سخر له الله عز وجل سائر مخلوقاته فى السماء والأرض له، سخر له الشمس والقمر والليل والنهار، وجعل له الجنة يتمتع فيها كيفما يشاء. إن صنوف البشر واختلاف ألسنتهم جعلت الأرض تحظى بالكرماء أولهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعين من الصحابة، ومن ساروا على نهجه فكان جزائهم الجنة بلا شك. وجعلت منهم المغضبون عليهم ممن هم فى شك من وجود الله الأعظم سبحانه وتعالى، وجادلوا فى خلق الإنسان والحيوان والجماد فكان جزائهم النار بلا شك. والموحدون هم الفائزون لأن الدين عند الله الإسلام، ولأن أكثر البشر على يقين بأن الله واحد أما الملحدين فهم شر مكانا وأضلوا عن سواء السبيل. والله نعم المولى ونعم النصير.. المؤلـــف . العقل الإنسانى : لقد وهب الله سبحانه وتعالى لكل إنسان ذاكرة، ولا شك أنها نعمة من أفضل النعم، وهذه الذاكرة التى تميز الإنسان عن الحيوان، لأن لولاها ما ميز الإنسان بالإنسان، وقد صار سيد المخلوقات على الأرض، وعرف الجماد والحيوان والخير والشر، ولا بد للإنسان أن يسجد لله حامدا شاكرا على هذه النعمة الكبيرة والعظيمة. وذاكرتى التى استرجع بها ذكرياتى الماضية التى تحدث بحِلوها ومُرها، إذا أردت أن أتذكرها، فهى التى تميز لى الصالح من الطالح، والصادق من الخبيث، والسعادة من التعاسة، وغيرها من الأمور الدنيوية. ولو تخيلت أنك بدون العقل، ماذا ستكون ؟! بلا شك ودون اجتهاد فى التفكير، ستكون مثل حيوان هائج فى فلاَ ، لا تعرف كيف تسير، ولا كيف تفعل، ولا كيف تميز، ولا كيف تهتدى إلى الصواب. مجنون ، كلمة نسمعها كثيرا، فهذه الكلمة تطلق على المختل عقليا، وهى ما تكون كلمة تثير النفس فور نطقها على العاقل الناضج، فقد تحدث فى ثورة وهياج نفسى وعصبى بداخله، وتشعل فيه الغضب، وتنتفخ أوداجه فتصدر منه حالات عصبية من المكن أن تؤدى به إلى تكسير بعض الأشياء. هذه الكلمة يرفضها العاقل المتزن، لأنها تقل من آدميته، وتلغى قدرته عن التفكير لأن التفكير هو أساس المعقل، والعقلاء. ويقول الله تعالى فى كتابه العزيز : 
 وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71) وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72) 
لقد كرم الله تعالى بنى آدم عند خلقه على سائر المخلوقات التى خلقت على الأرض وأصبح كل شئ مسخر له، من حيوان وجماد ونبات، وسجدت له الملائكة عندما أمرها الله تعالى بالسجود لآدم أبى البشر عليه السلام، رغم أن الملائكة مخلوقة من نور والإنسان مخلوق من طين، إلا إبليس قد أبى عن السجود، واستعظم أن يسجد له، وقال أنا خير منه، لأنه خلق من نار، وآدم خلق من طين فكان جزائه الطرد من الجنة، وقد فاز آدم عليه السلام بالتوبة من الله بعد ما أعترف بذنبه. فعندما خلق الله آدم، خلقه من أخمص قدميه وكان أجوفا، مما كان لإبليس قد أخذ يلف من حوله حتى خلق الله عقل آدم ووهبه الله الروح فقام من فوره، ولولا هذا العقل ما قام آدم عليه السلام وعرف الأشياء حوله، وعلمه الله الأشياء دون الملائكة، وحمل الأمانة بعد أن أبت السماء والأرض بحملها عندما عرضها الله تعالى عليهما. قال الله تعالى : ) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) الأحزاب الآية 72 . 
والذاكرة التى تسترجع سعادة الإنسان وآلامه، هى بمثابة القيادة التى تقوده إلى تعمير الدنيا إنسانيا ومعنويا، وانتشار الذرية على وجه الأرض، بما فيها من مختلف الاتجاهات. وعندما نفسر العقل، نجده المدبر الآمر الناهى لحياة الإنسان والبشر أجمعين بمختلف هذه النعمة بالشكر الكثير لله، وأن نوظفها توظفا صحيحا لا عوج فيها، حتى لا يصدر منا شئ يخالف التقاليد ويقال عنك (غير عاقل). والذاكرة التى تحوى أحداث على مر السنوات التى يعيشها الإنسان منذ ولادته سعيدا أو شقيا، يحفر فيها أحداث تبدوا منطقية وغير منطقية ما يذكرها الإنسان حتى ولو مرّ عليها أزمان، ومنها ما ينساها بمجرد عدم ذكراها كثيرا ويمر عليها أزمان فتكون طى النسيان. والمنطقية، كيوم ولادته، لأنها مدونه فى شهادة ميلاده، وكأبيه وأمه اللذان يلازمونه أوقات تربيته، وتعليمه، وتحقيق مسلتزماته اليومية وكذلك رغباته والعيش معه فى بيته، حتى يتشبث بها الطفل الرضيع ولا يمكن البُعد عنهم لحظة واحده، بعد تعوده الرضاعة إلا من ثديها، وأيضا عند كبره لأن الدم يحِن لهما دائما. وبذلك يعرف الحياة من حوله، ويعرف الأب والأم، ويعرف تقاليد عائلته وحيه الذى يعيش فيه، وتربطه صلة مؤكده بمن حوله من أشقاء وأصحاب ومكان وزمان. ويتخذ أيضا معرفته للحياة المحيطة به، وتميزه للأشياء. 
أما الغير منطقية، فلا يخلو أن يمر على الإنسان تهافت من الأحداث على مر السنين فلا يذكرها على الإطلاق كأحداث مضت ليس من المهم تذكرها كلعب الصبية مثلا، وكالطعام الذى تقدمه أمه له كل يوم فيمر عليه الأعوام، ومن المنطقى لا يستطيع أى إنسان أن تذكرها مهما اجتهد فيها بعد مرور شهور وأعوام على حدوثها. لأن العقل لا يستطيع تخزينها مهما يكن. 
فمثلا : لو قدمت لى أمى طبقا من اللحم والأرز وعليهم بعض التوابل وكان ذلك فى 9 من شهر ديسمبر 1922 مثلا فى الساعة الثامنة صباحا، وكان اليوم يوم الخميس، هل ستذكر هذا الحدث بعد مرور سنة على الأقل. لا بالطبع .. فلن تتذكره، ولا يستطيع أى إنسان مهما بلغت قوة ذكائه أن يذكر هذا اليوم والساعة ولا الحدث نفسه، لأن الإنسان بطبيعته يترك الماضى خلف ظهره، لأنه لا يفكر إلا فى الحاضر والمستقبل الذى هو فى علم الغيب. ونعمة النسيان هى بحق نعمه على الإنسان، يراها البعض عيبا فى الإنسان، ويراها البعض أيضا بأنها نعمة وهبها الله على الإنسان، لأنه يستطيع أن ينسى آلامه فمثلا إذا حدث للإنسان حادث أليم فجيع وقد نجى منه ومرّ عليه الزمن ومُحىّ أثره أو خفف عنه وطئت التذكر، فهل هو مستريح أم غير مستريح.. لماذا ؟! فمن رأيى هو مستريح، لأنه إذا نسى الحادث وما حدث له أو لعائلته أو لفرد منها أو لخطيبته مثلا، فقد نسى نزعة الألم الساكنة فى قلبه، وأخمدتها النسيان وأخمد ثورتها فتنطفئ قبل إشعالها، فتسوء حالته، وتظفر دمعته ويبكى كلما ألمته بمصيبته. أما لو كان غير مستريح، ففى هذه الحالة تلازمه النكبة من جراء التفكير فيها، التفكير المتواصل والمستمر، وهنا سيكون دائم الذكر بها غير ناسى ما ألم به من آلام، وتتراقص أمام عينيه مجريات الأحداث، ويرى كآبتها وفظاعتها، وينظر إليها بعدم الرضا. خلاصة القول، أن النسيان من وجهة نظرى هو نعمة وليس نقمة، حتى لا يجتهد العقل فى التفكير بمجريات الأحداث المؤلمة، والتى تمر كجبل يثقل على عاتق الإنسان. أما المستقبل، أولا المستقبل بيد الله تعالى، فلا يستطيع الإنسان أن يتنبأ بما يحدث فيه، لأن الله وحده هو الذى يعلم سره، ونحن لا نسير إليه إلا على الفطرة، لأننا لا نعلم ما هو مكتوب لنا ولا نعلم ما نكسب ولا أين نموت. يقول الله تعالى فى كتابه العزيز : (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). الآية 34..لقمان 
والمستقبل للإنسان قد بينه الله فى أمور عديدة منها على سبيل المثال، يوم القيامة، لا تقوم القيامة إلا يوم جمعة، كما بشرنا الرسول صلى الله عليه وسلم، لا نعرف ما هى الجمعة التى تقوم فيها القيامة، وإذا فعلت الخير تكون لك الجنة أو سيكون جزائك الجنة، وإذا أِزيت أحد أو خاصمت أحد وقتلت أحد سيكون عقابك النار، هذه المستقبليات بينها الحق سبحانه وتعالى لعباده للسعى إليها .. فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يرى. أما المستقبليات التى تتعلق بالقيامة والروح والموت لا يَبهَمهَّا العقل الذهنى أين تقع، أين تكون، أين المكان والزمان. حتى الرسل عليهم السلام جميعا كانوا لا يطلعون على ذلك، لقول الله تعالى : )وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا ( حدثنا يحيي بن إبراهيم المسعوديّ، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: " بينا أنا أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَرَّة بالمدينة، إذ مررنا على يهود، فقال بعضهم: سَلُوه عن الروح، فقالوا: ما أربكم إلى أن تسمعوا ما تكرهون، فقاموا إليه، فسألوه ، فقام فعرفت أنه يوحى إليه، فقمت مكاني، ثم قرأ ) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا(.. فقالوا : ألم ننهكم أن تسألوه. فالروح لا يعطيها الله سرها حتى للرسل أنفسهم، وهنا قدرة العقل لا تستطيع أن تتنبأ ولو بشئ ضئيل فى الاعتقاد بذلك، حتى أن الغرب الذين يتصارعون فى اختراع الأجهزة المتقدمة والمتطورة لا تستطيع الوصول إلى الروح، لأن الروح من ذات العلى الخالق. يقول الله عز وجل: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ( الآية 53 فصلت. هناك العديد والعديد من الأسئلة التى لا يتجرأ الإنسان على سؤالها على ذات العلى الخالق، فالله وحده خالق الكون ومدبر فيه الرزق والموت والبعث، وإننا كبشر نسعى فقط على إرضاء الله وطاعته فيما فرض علينا من عمل كالعبادات الخمس وكما أمرنا عن النهى عن المنكر والفحشاء التى يرتكبها مالا له عقل مدبر يعقل به أين الحسنات وأين السيئات. 
وأن البشر ميسر فى تلك المسألة لأنه لا يملك الروح ولا الموت ولا الرزق ولا البعث، وهذه أمور من الله الخالق لعباده. وخير لأنه يكون العبد مخيرا بين أمرين يتباين فيهما الصالح من الطالح، والخير من الشر، مخيرا عمله وتعليمه وكذلك أمور الدنياويه التى تفعل بيد الإنسان. وهنا يكون تميز العقل هو الأساس فى ذلك، وقد يكون هو المدبر الأول لذلك الأمور التى تخير الإنسان بالدرجة الأولى. ولكن اختلاف العقول تختلف باختلاف الشعوب، واختلاف الألسنة أيضا تختلف باختلاف الشعوب، حيث أن التفكير يختلف من عقل إلى عقل، والألسنة تختلف من لسان إلى لسان. وهناك اللغة التى تميز الشعوب عن الأخرى، فمثلا نزل القرآن الكريم باللغة العربية على سائر الشعوب، يقرأه العربى والأجنبى باللغة التى نزل بها، يقول الله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ۗ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ).
 وعند التحدث بالعربية يفهمها ناطق العربية، وكذلك الإنجليزية يفهمها ناطق الإنجليزية والفرنسية والألمانية وهكذا. وهناك الكثير والكثير من اللغات المختلفة فى العالم، على كل الأجناس لا تختلف عند البشر البيض والسود، لأن الجنس هو الوحيد الذى يتعرف على لغته أىٍ كانت اللغة. والجنس البشرى يختلف عن بعضه فى كل دولة عن حدا، فمصر مثلا على سبيل المثال، معظمها جنس بشرى لا يختلف عن بعضه إلا فئة قليلة، يتقارب فى الشكل والنوع، ولا يختلف عن نطقه بالعربية، إلا بالقليل أيضا، كمثلا الإنسان الذى يعيش فى الوجه البحرى يتحدث العامية الدارجة كما ينبغى، يتشابه الإنسان بأخيه الإنسان فى هذه المنطقة، أما الوجه القبلى فتختلف نطق اللغة لا بالكثير فى هذه المنطقة، لأن لغة الصعيد، فمثلا (تعطش الجيم) عن منطقة الوجه البحرى، على سبيل المثال عند نطق كلمة (بقى) يقولها الوجه البحرى (بأه) ويقولها الوجه القبلى (بجى) وإن كانت تنطق هكذا فى منطقة دمنهور. أما فى منطقة القناة يتحدثون لهجة تختلف عن هذه المنطقتين والأسكندرية أيضا. وبذلك تكون اللغة السائدة التى يتحدثها البشر فى المناطق التى ذكرت تختلف من حيث الموطن الذى يعيش فيه الإنسان ويتحضر فيه، ويتعلم التقاليد من الأجداد والأباء. وعند مولد الإنسان فى أيامه الأولى، 
ويشب الطفل على بيئته فيعرف أبيه وأمه ويتحدث مثلهما بعد أن تتردد الكلمات فتمر على أذنه فيستوعبها، مثلا إذا شب الطفل بين أبوين عربيين فيتحدث العربية بطلاقة، وإذا شب بين أبويين يتحدثان الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية أو الهندية، مهما اختلفت لغتهم فيتحدث لغتهم مثلما يتحدثون. وبالحوار والتواصل دائماً وأبداً هو الطريق الصحيح لحل كافة القضايا العالقة، وهو البديل الصحيح عن فرض الرأي بالقوة، وبالحوار نحافظ على التواصل والمحبة والسلام، ونعمق معاني الديمقراطية والتعاون، ولا يكفي لنجاح الحوار مجرد الدعوة إليه دون اتخاذ خطوات عملية تترجم ما اتفق عليه من قبل الأطراف المتحاورة على أرض الواقع، وتنمي الثقة بين المتحاورين، فإذا لم يطمئن المتحاورين إلى المصداقية في إجراء الحوار، وإذا لم تستبعد العوائق والموانع فيصبح الحوار بدون غاية أو هدف، أو مجرد حوار من أجل الحوار والحوار بين الدول وبعضها هو التقدم الفعلى فى التجانس والترابط فى شتى المجالات، كالتى تتضمن بعض القضايا الهامة والمشتركة على الساحتين الدولية والإقليمية. وحوار الحضارات مهم للغاية لأنه يجعل من التفاهم صفة تحسب عليها الدولة خصوصا الحوار البناء والفعال. فبالحوار تعرف ثقافات الدول وحضارتها، إذ أن المحاورة بين الثقافات العربية والغربية تجعل من شأن الدول وبعضها تجانس وتعامل فى صنع التنمية المستدامة على طول الأمد. كذلك الديانة‘ فإذا كانوا مسلمين فينشأ الطفل مسلما وإن كان مسيحيا فينشأ مسيحيا وإن كان يهوديا فيكون يهوديا، فإن الطفل يولد على الفطرة. ولذلك فى الغرب يتحدثون لغتهم المختلفة فيفهمون بعضهم البعض، مثلما فى العربية، ويصعب على متحدث العربية أن يتعلم الأجنبية بسهولة، ولكن بعد تدريب مستمر يبدأ فى استيعابها والتحدث بها وكذلك فى اللغات المختلفة أيضا. والقدرة الإلَهِيه أعطت للبشرية معجزة جبارة فى تلك الاختلافات على وجه الأرض، لأن كل إنسان يختلف عن الآخر فى العقل واللسان وبصمة الأصابع، وليس لأى إنسان أن يتشابه للآخر حتى ولو كانوا توائم، فالتوأم لا بد من وجود اختلاف، فى الأفكار وفى بصمة الأصابع التى ثبت علميا أن هذه البصمة لا تتشابه مهما كان مولد الإنسان. وهذه القدرة التى وهبها الله للإنسان مهما كثر العدد والأوجه، سواء فى الجنسين الذكر والأنثى، وقد عرف العلماء أن الجينات الوراثية للإنسان تختلف عند إنسان لإنسان آخر. فمثلا إذا ولد طفل من أب عربى وأم أجنبية، فتميل لغته إلى العربية تقصيرا، والأجنبية تقصيرا أيضا، فإذا تحدث الأبوين العربية باسمرار تحدث الطفل بهذه اللغة، أما إذا تحدث الأب والأم بالأجنبية فيميل إلى الأجنبية. وأيضا يكتسب الطفل الملامح السائدة فى الأبوين كالوجه والعينين مهما اختلفت جنسيتهم، أبيض بأبيض وأسود بأسود. وكل شعب يرضى عن لغته التى يتحدث بها، وتكتسبه وطنية لبلده وبيئته، حتى أن الغرب كالصين والولايات المتحدة وروسيا يتحدثون كل منهم بلغة مختلفة يتعارفون من خلالها، ولكن بينهم تصارع فى السباق بالتكنولوجيا الحديثة التى يتسابقون بها عبر الزمن، فتم اختراع المعدات الحربية المتطورة، وتكنولوجيا الحاسوب والأقمار الصناعية التى غزت الفضاء، وقامت الأبحاث فى مختلف العلوم المختلفة. كل هذا تقوم به معظم الدول ليثبتوا دورهم لخدمة البشر ويعظموا من شأنهم بين الدول المختلفة، حتى يظهروا براعتهم فى الابتكارات والاختراعات، وكذلك الأبحاث العلمية، حتى وصلوا إلى نسخ الحيوانات من بعضها، وهذا ما توصل به علماء العالم وكاد أن يكون من أفضل الأبحاث فى وجهة نظرهم، وأيضا الصعود إلى القمر والبحث فى عالم الفضاء. 
والقرآن الكريم هو الذى تنبأ بذلك من قبل، وتحدث عن كل ما توصل به البشر قبل الخوض فى هذه الأبحاث، ولا يعلم الغرب ذلك، لأنهم اتهموا العرب بالتخلف، والتخلف ليس آتى من تخلف العقل فحسب، ولكن التخلف هو تخلف التقدم فى الصناعات والتطورات التكنولوجية، لذلك قالوا عنا الدول النامية، وهم الدول المتقدمة، الدول النامية التى لا تملك تصنيع التكنولوجيا كالأقمار الصناعية والطائرات النفاثة، رغم أن العرب يملكون الفكر والذكاء، بل لا يعلمون أن العرب هم أصحاب حضارة منذ آلاف السنين وعلى مر العصور والأزمان، ولا سيما فى مصر فقط، ولكن هناك حضارة الأندلس وبغداد والحضارات الفارسية والفرعونية والإسلامية والقبطية واليهودية وغيرها من الحضارات. ويميز العقل البشرى هذه الحضارات على اختلاف أنواعها، فتحتفظ للعالم حضارتها، وأيضا تحتفظ للعالم مكانتها المرموقة بين الدول المختلفة. 
وكما هم يتميزون بالتقدم التكنولوجى واكتشاف المزيد من خبايا الكون الفضائى فإن القرآن الكريم هو الذى أعطاهم هذا، وساعدهم على الوصول إليه حتى تتحقق الآية الكريمة : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. ( نحن نتميز عليهم بإتباع القرآن الكريم ومتمسكون به رغم أنهم يعرفون أنه الحق، ورغم أن القرآن نزل للعالمين أجمعين، ولكن نختلف عنهم بمعرفة أسراره ومعجزاته التى أظهرها لنا عبر العصور. وإننا أعظم أمة : لقد كرم الله أمة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بتعظيمها على سائر الأمم السابقة، وجعلها أمة أعظم شأنا، فعند يوم الحشر، تقول الرسل عليهم صلوات الله نفسى نفسى ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم أمتى أمتى. وكما بشرنا الإسلام أن أمة محمد صلى الله عليه سلم أمة المسلمين مبشرين بالجنة إذا اتبعوا نهجه وصاروا على الطريق المستقيم، والكفار لهم النار. لذلك فإن الإسلام أعطى للبشرية حرية الاختيار، إما الجنة وإما النار. وهذا العقل المفكر الذى يبحث عن تصديق العقل لهذه الرسالة بعد البحث المضنى فى هذه القضايا وإن كان على ملة الإسلام، ليصل إلى حقائق من أجلها يتبع الصواب وتظهر أمامه الجانب الحقيقى لتلك المبشرات، ويعرف أن هذه المبشرات حق، فيتبعها على اقتناع، دون الحاجة إلى اجتهادات تأخذه إلى اللحود. وقد تجلت القدرات الآلهية التى حدثت منذ ظهور الإسلام وفى الأديان السابقة أيضا والتى تمثلت فى معجزات الرسل وعلى رأسها نزول القرآن الكريم. هذا يجعل الإنسان يقتنع عن ظهر قلب أن الله حق والإسلام حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق، والبعث والحساب حق، فيؤمن بالله وبالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وبالإسلام دينا. والمسلم يؤمن بجميع الديانات السابقة ليكتمل دينه وينال رضا الله سبحانه وتعالى. والغرب يتربصون بالمرصاد للعرب، ويشنعون عليهم ويلقون عليهم بالاتهامات وما هو أخطر من ذلك، فقد اتهموهم بالإرهاب وقاموا بترويع أطفالهم ونسائهم وحطت عليهم اللعنات حتى فهموا ما بينهم أن العرب أعداء البشرية. وكل ذلك نعلمه جيدا ما هو إلا افتراءات كاذبة على الإسلام لأن ما جاء إلا بالسماحة والإخاء لأهل الكتاب، وما هو بعدو ولا مخرب ولا مدمر. وقد جاء بالحق كما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم ونهى عن التعصب والقتل والسرقة.. إلخ. وليس للعقل البشرى أن يتجه اتجاها إيجابيا نحو تفسير الإسلام بأنه الحق، ولكن العقل البشرى يتجه اتجاهات اختلافيه خصوصا الذى يعيش فى أمريكا وإيطاليا وفرنسا والدول المتقدمة، باعتبارهم يملكون ترسانة تكنولوجية جبارة، تجعل الإنسان دائم التفكير فى الاختراعات والاكتشافات الدائمة، وهم يقنعون البشر على الصعيد العالمى أنهم القادرون على خلق التكنولوجيا الحديثة، وهم أفضل البشرية على الإطلاق. فالدنيا لا تساوى عند الله جناح بعوضة. 
فكيف يكون للبشر السلطة والهيمنة على وجه الأرض، وكيف لا يعترفون أن الله حق وهو الذى أمدهم بتلك الأفكار التى قادتهم إلى اختراع الصاروخ والطائرة. ألا يعلمون أن الله يسلط أبدان على أبدان فهناك دول كثيرة تفنن فى اختراع الأسلحة، وأنواع الأسلحة كثيرة ومتنوعة، خصوصا القنبلة النووية التى تمتلكها دول كثيرة مثل أمريكا وروسيا والدول الكبرى. واعترفوا أن هذه القنبلة هى أخطر وأفتك سلاح ظهر على وجه الأرض، وأثار تدميره بفظاعة، كما حدث فى هيروشيما، وقد قامت هذه الدول بصنعها لتهديد العالم بالدفاع عن نفسها. وغزت هذه الدول باختراعها الفتاكة الجو والبحر والبر، فكان من ترويع الآمنين لا محالة، وهددتهم بالتدمير والوعيد، وهذا ينطبق عليه الآية الكريمة : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). وجاء التنبؤ لهذه الآية بعد ما ظهر الفساد فى البر من اكتساح عارم للأدخنة التى تبعث من مصانع الكيماويات والسحابة السوداء الناجمة من حرق قش الأرز والقمامة والتى غيرت من تلوث الجو، وأيضا الفساد العارم من عدم الحفاظ على البيئة بشكلها الأول، غير فساد البشر من حروب وفظائع وورع للآمنين وهناك أمثله كثيرة وكثيرة تضر بالبشر وبالحيوان والزرع على السواء. وأيضا الفساد فى البحر بتلوث المياه بالمجارى الصلبة، والقمامة التى تلقى فيه، والرصاص والمنجنيز والفسفور، ويزيد على ذلك ملوثات البترول وما شابه ذلك. ولكن الإنسان يذوق ما خرب يده، فلا يستطيع أن تتذوق المياه كما كانت على سابقها، فلا طعم للمياه ولا طعم للثمار التى هُرمُنَت وهى على شجرها بمواد كيماوية مضرة للإنسان. 
 (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) .. سورة الملك، الآية: 2 فالدنيا لم تخلق للعبث وللقتل والنهب وما شابه ذلك، وإنما خلقت لبقاء النوع إلى يوم القيامة، فالله تعالى جعل خليفته على الأرض الإنسان ليعمر فيها حتى يكون الذرية والذرية تعمر وتسلم ما بعدها من أحفاد حتى تنتهى إلى ما شاء الله. وهى دار ابتلاء وامتحان للعبد، ودار متاع إلى يوم الآخرة، فهى زائلة غير الآخرة التى هى باقية. صفات الحياة الدنيا ما ذكرت صفة للحياة الدنيا فى القرآن الكريم، إلا وكانت فى سياق التحقير لقدرها ومكانها بإزاء الحياة الآخرة، لذلك كانت كل صفتها عيوبا وهى خمس عيوب : متاع، ومتاع الغرور،اللعب واللهو، والزينة، والتفاخر والتكاثر فى الأموال والأولاد. هناك فى كل مكان على الأرض ما هو عديم الضمير، الذى يسلك طريق الفساد فى كل المجالات، ليست من ناحية الغذاء والمياه فحسب، ولكن فى مجالات شتى، فى التجارة والصناعة، فلم يبقى فى الأرض شئ إلا وكان للفساد فيه دورا أساسيا. ففى الغرب ما يصنعونه بأيديهم يحاربون أنفسهم بها، فتشترى دولا صناعتها بأبهظ الأموال، لتتسلح بها وتنشأ لها ترسانة قوية للردع إذا حاولت أى دولة للاعتداء علها، فإذا تربصت لها مثلا الدولة التى باعت لها تلك الأسلحة فيوجهونها لردها عن الاعتداء، وربما تنشب المعارك وتحمى ساحة المعركة، فيقومون بضربها بنفس أسلحتهم التى فتنوا فى تصنيعها. تمتلئ معظم الدول بحرب العصابات، لا سيما القتل وغيره فحسب، ولكن إذا أرادت قوة أن تظهر على الساحة بلا منافس ويكون لها الرياده، فمن الطبيعى أن تتخلص من التى تنافسها. وأيضا التى تعلن عن ابتكار جديد ليس كنظيره عند بداية تصنيعه يكن نهايته وهو فى المهد، وما أكثرها أيضا عقول شريرة تخطط وتدبر وتنفذ. والعقل فى حرب العصابات، أساسه نوازع الشيطان التى تسيطر على عقول الفرد والجماعة، تتجمع على الشر لترويع البشر من خلال الأوامر الصادرة من رئيسهم المدبر الذى يأمر وينهى، والرأس المدبرة ساكنها الشيطان، فلا تعرف الرحمة ولا الإنسانية، إنما تعرف التخريب والتدمير فقط حتى ترضى غرورها. وعند الفحص فى العقل من هذه الجهة فنجد صاحبها ليست عنده نزعة إيمانية ترق قلبه فتمنعه عن ارتكاب المعاصى، وقتل الأبرياء والأطفال الصغار والنساء الذين ليس لهم ذنب والشيوخ أيضا، وقد سيطرت على ذهنه فكرة السيطرة بأنه القوى الآمر الناهى، فمن الطبيعى أن يأمر أتباعه بالسرقة والقتل المتواصل، فتقبح وجهه لصورة شيطان لا تطاق النظر إليها، لأنها تكسوها الغشاوة وقبح الشيطان. والفعل .. لا بد ومن المؤكد أن فعل هذا الإنسان الذى يحركه الشيطان هو إذلال النفس، وخسائر الكرامة والعزة، ولا بد ومن المؤكد أن جزاءه شر الجزاء، لأنه لا يصدر منه إلا أقبح الأفعال. أما النزعة الإيمانية : يمتلكها الإنسان المؤمن العاقل المتزن الذى يزن الأمور، ويعلم أن المؤمن هو الفائز فى هذه الحياة، وأن الحياة الدنيا غروره لا تنفع ولا تضر لأنها زائلة، كما قال عنها سيدنا نوح عليه السلام عندما سئل عن حياته التى عاشها، فقال : كأنما دخلت من باب وخرجت من الآخر. وكان سيدنا نوح عليه السلام هو الذى عاش ألف سنة إلا خمسين عاما، فمهما طال عمر الإنسان لابد من يوما سينتهى أمره، ويدفن تحت التراب، لأن كل البشر واحد، ليس للغنى سلطة على الفقير ولا للفقير أن يكون له سلطة على الغنى، والفقير له احتياج والغنى له احتياج، ووسيلة المال بينهما، فيملكه من يتمتع بذكاء، ولكن هذه المقولة خطأ بالفعل لأن الله هو المقدر للرزق، فهو يرزق من يشاء، وهو المذل، فهو يذل من يشاء، وبيده الخير، وهو على كل شئ قدير. وقضية الرزق هذه ليس ليد الإنسان أن يتحكم فيها لأن الله وحده هو المتصرف الوحيد فيها. فاختلاف الناس عن بعضهم البعض فى مسألة الرزق لها حكمة بالغة لا يعلمها إلا القادر، ولقد جعل الله الفقير والغنى حتى يكونوا دائما فى احتياج لبعضهم البعض، ولا يكونون فقراء فقط فتزول الدنيا ولا يكونوا أغنياء فقط فتتفاقم جحدا وغيره. ولا بد من العقل البشرى أن يعترف اعترافا مطلقا بأن حياة البشر حلوها ومرها ما هو إلا مكتوب عند الله منذ ولادتهم، فالرزق وساعة الممات وإن كان سعيدا أو شقيا كتب للإنسان عند نفخ الله تعالى فى الجنين وهو فى بطن أمه بالروح. يوجد فى العالم آلاف النوع من البشر، مثل الذى فى مصر غير الذى فى المغرب رغم أنهما يتكلمان العربية، ولكن هناك الاختلاف فى بعض النطق مثلما وضعنا فى مصر العليا ومصر الوسطى، ليست لهجة البحاوره مثل لهجة الصعيد. كما أن اللغات فى البشر فى جنوب إفريقيا، وأسيا وأوربا وأمريكا مثل البشر الذين يعيشون فى الغابات والوديان، لا بد وأن لهم حضارة مختلفة غير الذين يعيشون فى الحضر، المتحضر بأحدث التكنولوجيا. البشر الذى يعيش على صيد الحيوانات والأسماك من البحار غير الذين يعيشون على الراحة والرفاهية. وهناك أشكالا وأجناسا كثيرة تراها تتخذ طقوسا غريبة، نراها مثلا فى جنوب إفريقيا، ويقال أنها أكلة البشر، وحدثت فى تلك المسالة حوادث كثيرة تدل على ذلك. أما العربى وخصوصا المسلمة والمسيحية يحرمون أكل البشر، هنا تختلف عقول البشر باختلاف مواقعها، فتفكر تفكيرا يرتبط بالبيئة التى تعيش فيها. فإذا عاش إنسان فى بيئة صالحه، تطبعت نفسه بالرأفة والإنسانية، وقادته إلى فعل الخير ومساعدة المحتاجين، ويخيم عليه فعل ذلك لأنه على يقين من محاسبته فى الآخرة. وكذلك إذا عاش فى بيئة فيها صراعات عرقية، لا بد وأن تقوده نفسه إلى حمل السلاح والدفاع عن نفسه وعن وطنه. وليس الاختلاف فى البيئات فقط، إنما يحظى العالم باختلافات شتى فى جميع الأفعال والأجناس والتفكير، لأن كل إنسان له تركيبه الطبيعى الذى يختلف عن أخيه. * * 
بصمة الأصابع : 
والبصمة التى جعلها الله مختلفة عن الآخر، حتى لا يستطيع الإنسان ان يختلط مع الآخر، كما يحدث الآن فى اكتشاف بصمة على سكين قتل بها شخص ما. تتحقق الأدلة الجنائية من وجود البصمة فتصل إليها وتتوصل إلى صاحبها حتى ولو كان مجهولا، لأن البصمة تختلف من إنسان لآخر، وهذه حكمة الله تعالى وقدرته، ولا يختلط الفاعل عن البريئ، ويكتشف الفاعل حتى ولو بعد حين. حتى فصائل الدم فيوجد فصائل متشابهه فى كثير من الناس إنما تكون متنوعة مثل : O و A وB AB وغيرها، وأنواع متعددة من الفصائل. والفصيلة التى يتمتع بها الإنسان أى إن كانت نوعها، فهذه نعمه جعلها الله للإنسان حتى تكون مضخة الحياة للقلب. فإذا احتاج إنسان دم من نفس الفصيلة، سيلقيها حتما فى إنسان آخر تكون فصيلته مثل فصيلة المريض، فيحيا الإنسان المريض وتضخ دمائه من جديد. كانت من عظيم النعمة على الإنسان، لذلك لا تغلب الأطباء فى وجود الدماء من الفصائل المختلفة، لأن لكل إنسان له المقدرة على التبرع بالدم، وبذلك يحيا أخيه الإنسان مثله ويتمتع بالحياة. الأبيض والأسود : الدين الإسلامى الوحيد الذى أنصف الأبيض والأسود على السواء. لا يوجد فى الدين الإسلامى التفرقة بين لون البشر، إن كان أبيض أو أسود لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال فى حديث شريف : قالَ رسولُ اللهِ "صـلى اللهُ عليهِ و سلـم " : ( لا فرق بين عربي و لا أعجمي و لا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى ( صدقَ رسول الله صلى الله عليه و سلم . والله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى المرء من وجوههم وملابسهم ولكن ينظر إلى قلوبهم، لأن التقوى فى القلوب، والتقوى فى العمل الصالح. (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثً) واللون لا يهم فى الإسلام، فكم من أسود قلبه ملئ بالتقوى والعمل الصالح، مثل مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم، بلال أبن رباح. كان بلال أسود اللون لكن الرسول عليه الصلاة والسلام يحبه حبا شديدا حتى لقب بمؤذن الرسول. وكانت تقواه تفوق كثيرا من البشر البيض، لذلك كانت مسألة اللون عند الإسلام قد حددها بحد قاطع، ليس من المعقول للبشر البيض أن ينبذوا تلك البشرة السوداء ولا يحرمون حقوقهم عليهم، لأن البشر سواء كأسنان المشط، كما قال صلى الله عليه وسلم : الناس سواسية كأسنان المشط .. وقال عمر: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً). وقال الله عز وجل : 
(يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُم). والأرض واحده خلقها الله تعالى لجميع البشر الذين يعيشون عليها فى أرجاء الأرض من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، تشرق عليهم شمس واحده وقمر واحد. وهناك فى بعض الدول انقسامات وحروب بسبب هذا الاختلاف فى اللون، بذات الأسود، وهناك أيضا البشر الأبيض يحاربون السود كمقاطع فى أمريكا وشيكاغو وغيرها. أما فى مصر عندنا لا فرق بين هذا وذاك، لأن الدين الإسلامى أمرنا بذلك، والقرآن الكريم والأحاديث النبوية تشهد بذلك.فالبشر الأبيض يعيشون بين السود، والسود يعيشون بين البيض فى بيئة واحده على السواء، لا فرق بينهما إلا بالتقوى والعمل الصالح. 
وفى المقاطع الأوربية تبدو مسالة الإنسان الأسود مشكلة كبرى، فتقوم من أجلها الحروب والقتل المتواصل بينها لأن كل منهم يريد أن يأخذ مكانة عن الآخر وأن يكون متميزا عليه. وكان السياسيون فى أمريكا يرفضون أن يحكمها أسود، وظلوا على ذلك عدة قرون متشددين، ومختلفين على هذا الموضوع، ومن قريب كانت تلك القضية مثارة بين العرقين فى ولايات عده من ولايات أمريكان حتى وصل إلى كرسى الرئاسة الرئيس الأمريكى أوباما. وأوباما هو من أصل أفريقى، وبشرته تميل إلى اللون الأسمر، وقابلوه الشعب الأمريكى ببشرته، وبكل ما جاء به من وعود. والعقل هنا يبدو متفتحا فى اختيار الرئيس الأمريكى رغم أنه يميل إلى السمار. والسياسة التى عرضها الرئيس أوباما جعلت الأمريكين لا ينظرون إلى اللون فقط، وإنما إلى من يخلصهم من ويلات الحروب العراقية وأفغانستان، ولا بد من الرئيس أن يحافظ على شعبه ويخرج بهم من هوية الدمار، والحروب التى انغمسوا فيها منذ تولى الرئيس السابق. وخلاصة القول فى هذا الموضوع . أن الأبيض والأسود هما بشر واحد، لا فرق بينهما، ولا إنصاف لون على لون، لأنهما فى مركب واحد، عبادا أتقياء لله وحده، خاضعين لا يسألون الناس إلحافا. ولأن الذرية تتواصل حتى يوم القيامة، فإن ناموس الأرض الذى شرعه الله عز وجل هو الزواج وإنجاب الخِلفه لتكون أجيالا متعاقبة على مر العصور والأزمان .. إن الذرية التى تعمل على إبقاء الإنسان حياة طويلة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. والذرية التى ترث الأرض أعوام وراء أعوام، فكم من قرون مضت وفَنت أصحابها وكم من قرون مضت ومضى ذكراها. والزواج هو الوسيلة الشرعية التى تنشأ بين نوعين الرجل والأنثى، أو الرجل والمرأة، منذ آدم وحواء عليهما السلام، والزواج شرعه الله تعالى فى كتبه السماوية، وجعله أعظم درجات الحياة على وجه الأرض وامتلاءها بالبنين والحفدة. كما قال الحق سبحانه وتعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). 
وقد كرم الله الإنسان فى البر والبحر وجعله مميزا على سائر المخلوقات إذ سخر كل شئ فى الحياة للإنسان وكان الإنسان جحودا. فعلينا أن نشكر الله تعالى على نعمه التى أنعمها علينا جميعا وسخر لنا الدواب والجماد ومهد لنا الأرض بكل ما فيها وجعل لنا السماء سقفا محفوظا. والرزق الذى يتصارع عليه الإنسان، ليس بيد البشر أن يرزق أخيه ولو كان على جبل من ذهب، لأن الله تعالى هو الذى يوزع الأرزاق على سائر البشر فيجعل من يشاء غنيا ويجعل من يشاء فقيرا، لأنه إذا كانت البشر جميعا صاروا أغنياء فتتولد الحقد والكراهية، والحـــقد والسخـط يتفشىى بين قلوب البشر جميعا.. إنما وزنت الأمور بموازين معتدلة فوجد الغنى والفقير حتى يحتاج الغنى للفقير والفقير للغنى.. كما يحتاج الصانع للتاجر والتاجر للصانع، الكل يخدم الأخر، وجعلت الحياة مختلفة بين سائر البشر فكل إنسان أعطاه الله شئ مختلف عن الآخر. 
والرزق الذى قدره الله عز وجل لعباده هو من عنده، لان الله تعالى قال : وفي السماء رزقكم .. أي المطر المسبب عنه النبات الذي هو رزق «وما توعدون» من المآب والثواب والعقاب أي مكتوب ذلك في السماء. تفسير الميسر وفي السماء رزقكم وما توعدون من الخير والشر والثواب والعقاب، وغير ذلك كله مكتوب مقدَّر. * * يقول الدكتور محمد سيد طنطاوى.. فى الوضوح من مميزات شريعة الإسلام. أوجد الله تعالى.. الناس فى هذه الحياة، وسخر بعضهم لخدمة بعض، بحيث لا يستطيع أحدهم أن يعيش فى عزلة عن غيره، بل لا بد من وجود التعامل بينهم فى شتى مطالب الحياة وهذه معنى قولهم: الإنسان مدنى بطبعه. أى أن الإنسان محتاج إلى غيره فى غذائه، وشرابه، وكسائه، ودوائه، وغير ذلك من شئون حياته، ورحم الله القائل : الناس للناس من بدو وحاضرة بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم وقد أشار القرآن الكريم فى آيات متعدد إلى هذا المعنى، ومن ذلك قوله تعالى : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ). سورة الزخرف : الآية 32 أى : نحن بقدرتنا ورحمتنا وحكمتنا، قد قسمنا بين الناس أرزاقهم فى الدنيا، ولم نترك تقسيمها لأحد. ونحن الذين تولينا تدبير هذه الأرزاق، وتوفير أسبابها، ولك ندركها لأهواء الناس، ولعلمنا بعجزهم وقصورهم واختلافهم فى تفكيرهم وفى تصرفاتهم. ونحن الذين رفعنا بعضهم فوق بعض درجات فى الدنيا، فهذا غنى وذاك فقير، وهذا خادم وذاك مخدوم، وهذا قوى وذاك ضعيف. وقال : قد نظمت شريعة الإسلام التعامل بين الناس تنظيما حكيما، يقوم على الصدق، وعلى العدل، وعلى السماحة، وعلى التراضى في بيعهم وفى شرائهم، وفى أخذهم وعطائهم. ومن مظاهر ذلك : أنها أباحت لهم تبادل المنافع فيما بينهم، وعن طريق البيع أو الشراء، أو الإجارة أو الرهن أو الوكالة أو الصلح، أو غير ذلك. أباحت شريعة الإسلام للناس : أن يتبادلوا المنافع فيما بينهم عن طريق البيع أو الشراء لتحقيق مصالحهم وتلبية حاجاتهم، كما قال سبحانه وتعالى : (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا). المائدة الآية 2 وأباحت لهم أن يتبدلوا المنافع عن طريق الوكالة، تيسيرا على الناس فى قضاء مصالحهم، إذ ليس كل إنسان عنده القدرة على مباشرة جميع شئونه بنفسه، فكانت الوكالة نوعا من التعاون الذى أمر الله تعالى به فى قوله : (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) . المائدة الآية 2 كذلك أباحت شريعة الإسلام لأتباعها أن يتبادلوا المنافع فيما بينهم عن طريق الصلح ففى الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما، والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما. وإذا كانت شريعة الإسلام قد يسرت على الناس معاملاتهم، فإنها فى الوقت ذاته قد حرمت عليهم كل معاملة يخالطها الظلم أو الغش أو الخديعة أو الابتزاز أو غير ذلك مما نهى الله عنه. لقد حرمت، الاحتكار، ومعناه : شراء الشئ وإخفاؤه ليقل بين الناس، فيزيد سعره عن حدود الاعتدال، فتضطرب أحوال الناس، وقد حرمت شريعة الإسلام ذلك تحريما قاطعا، ففى الحديث الشريف، قال صلى الله عليه وسلم : من احتكر فهو خاطئ، أى : بعيد عن الحق. حرمت شريعة الإسلام التعامل الذى يشوبه الغش أو الظلم أو الخداع أو الحلف الكاذب ففى الحديث الشريف : من غشنا فليس منا. وفى حديث آخر : إياكم وكثرة الحلف فى البيع، فإنه ينفق ثم يمحق، أى : فغن كثرة الحلف فى البيع قد يؤدى إلى رواج السلعة، إلا أنه بعد ذلك يزيل بركتها. وكثيرا ما نرى فى هذا الزمان صراع شديد على من يكسب أكثر ومن يفوز بنصيب الأسد فى الغنيمة بالغش والخداع والقتل، ولقد انعدم الضمير فى قلوب البشر بعدما اتجهوا إلى الكسب الغير مشروع، والكسب السريع، والنصب على البشر هو الوسيلة التى يتبعوها عادمى الضمير، كما نرى فى موضوع المسابقات المزيفة التى تهاجمنا كل دقيقة عبر الفضائيات. والخوض فى موضوع المسابقات له باع طويل يعانى منه ذو العقل المميز الخطأ والصواب، لأن هناك من هو ضعيف النفوس والإرادة، يترقب شئ كهذا المثيل معتقدا أنه سيكسب مبلغا من المال أو سيارة فى اتصال ببضعة قروش، وهذا فى حد ذاته افتراء وليس لمكسبه حلال، إنما هو حرام حتى ولو كانت حصيلة هذه المسابقات الملايين. وتأكيدا بأنه حرام شرعا لأن الدين حرم خداع الإنسان بكل صوره وأشكاله. وهناك العديد من الأمثلة التى على الإنسان أن يتنبه لها عند الخوض فى أى مسابقة. أولا، أن يحكم الإنسان عقله، لأن لكل إنسان عقل لا بد وأن يميز به كل شئ بحكمة واقتدار، ولا بد وأن يعرف به الصالح ومنى الطالح والمصلح من المفسد، ولا يلقى بنفسه إلى التهلكة. ثانيا، عليه أن يعرف جيدا أن هذه المسابقات وهمية لجذب أكبر عدد ممكن من عديمى العقل للحصول على المال منه بسهولة. ثالثا : عليه أيضا أن يعرف أن الذين يظهرون على شاشات التلفزيون مدعين أنه فاز بمبلغ كذا وكذا ما هو إلا ترتيب مع صاحب المصلحة، بظهور أحد الأقارب أو أحد المشتغلين فى هذا المجال ليصدق الجميع أنه فاز بالفعل. ولقد راوضتنى حكاية حدثت بالفعل، سأعرضها لأنى أرى فيها خداع الآخر للسذج. فى بعض المسابقات التى أجريت على شاشة التلفاز، اتصل شخص عبر الهاتف بالمسابقة، ومن إغراء المسابقة ظل متواصلا معهم فى الاتصال حتى ظل مدة طويلة سحب من خلالها الرصيد، وظلوا يقولون له لقد اقتربت من الحل، فما كان قد توصل للحل وفاز بالجائزة وهى سيارة، وأبلغوه بذلك وما كان منه قد ملأ الدنيا فرحا وابتهاجا، وقامت أسرته بالفرح والزغاريد حتى ميعاد تسليم الجائزة. وفى يوم تسليم الجائزة، كانت المفاجأة، سلموه سيارة لعبة لا تتعدى عشرون جنيها، فما كان من الرجل أن أغمى عليه وفارق الحياة فى لحظات. هنا عنصران أساسيان، أساسهما العقل. الأول وهو المعلن الذى عرف كيف يدخل على الضحية، وينصب حولها شباكه والتى تحققت أغراضه وفاز بمبلغ كبير منه بعد المكالمة الطويلة. والثانى هو المتصل أو الضحية الذى صدق كذبه بأنه سيفوز بسيارة بالفعل، سيارة يصل ثمنها ستون ألف جنيه كما جاء فى الإعلان، وهذا الإغراء قاده للتواصل فى المسابقة حتى ولو كلفه شحنة أو شحنتان. 
وراح ضحيتها فى لحظة، وهذا يدل على أن تحكم العقل فى اختيار أو تبيان بعض الأمور يؤدى لا محالة على الهلاك كما حدث له. تلك هى المعوقات التى تخوض الإنسان إلى حفر الهوية، بعد ما قلدنا الغرب فى معظم أفعالهم وكان من السهل أن يقع الإنسان فريسة حتى ولو تذاكي واعتقد أنه الفارس الذى يأتى بقطعة اللحم من حنك السبع. كما أنى قد خضت تجربة نصب، ولو لم أحكمت عقلى لكنت قد وقعت فريسة لهم، وهى : عندما كنت فى مشوار ما فى القاهرة، أوقفنى شخص ممن يتفنون فى النصب قال لى هذه الورقة إذا أزلت منها الورقة الصغيرة لكسبت جائزة قيمة، وكانت الورقة عليها سبع ورقات ملصوقة عليها، فقمت وأزلت أحداها وكان نصيبى رحلة أنا وزوجتى إلى بلد ما ففرحت، واصطحبني إلى الداخل حتى قبلت مديره فهنأني بشده، ثم أجلسنى أمامه وقال لى لقد فزت بالرحلة، ولكن قبل أن تحصل عليها عليك ان تعطينا أربعون جنيها وستأتى أنت وزوجتك يوم ما حتى تسعد بالرحلة، قلت له سأعطيك المبلغ عندما آتى يوم الرحلة، فرفض وظل يلح علىّ بشده حتى أعطيه المبلغ.. لكنى بفطنتى قلت له أنى أعمل فى الصحافة وهذا كارنية الصحافة، فتراجع على الفور ثم تأسف لى وخرجت على الفور. هذا النصب كثيرا ما نلاقيه فى أماكن عديدة، ويكون ضحاياه المندفع لهذه المسابقات الوهمية، تقوده شهواته وإغراءاته على شئ يجهله فلا يرى نصب عينية إلا المال الذى سيحصل عليه بعد قليل لا ينظر إلى خداع من أمامه. والنصب من الآخر له أوجه متعددة حتى ينال أو يحقق رغبته الدنيئة، فالنصاب له أساليبه الخاصة للسطو على من ينصب عليه، لأنه مجرد أولا من الإنسانية، فلا يهمة أكل ربا ولا أكل حرام ولا أكل سحت، بل أنه يتشدق لوقوع الضحايا أمامه، وهو غافل عن مراقبة الله عز وجل له، لأنه إذا استيقظ ضميره سيبتعد عن هذه الرذيلة، لأن العبادات تحرم المنكرات، وهذا ما نراه على أرض الواقع اليوم، ففى خديعة لإحدى الفتيات التى كانت عند عودتها من العمل، تسمع نداءات تاجر لتمر أعجبها السعر حتى اشترت ثلاثة كيلو منه ودفعت ثمنه، كان يبهر العين لونه أحمر أخاذ، وعندما وصلت لمنزلها أفرغته فى الماء لتنظيفه فإذا بها وجدت المفاجأة، أزيل اللون وصار التمر أخضرا. هذا جانب من النصب على الآخرين. فهل هذا الآخر لا يعلم مطلقا تعاليم الدين الإسلامى، أم أنه أحلا حراما ليأكل من حرام فيكون ملبسه حرام وأكله حرام ومشربه حرام، ومن هذا كثير وكثير ممن ينصبون على ضحاياهم بلا رحمة ولا شفقة، وإذا كان الإنسان يُقاد إلى التهلكة الذى لا يعلم عنها شيئا، فليس كل الناس متعلمون، فهل جزاءه جهنم ، كما قال صلى الله عليه وسلم فى القتل، القاتل والمقتول فى النار.. فقال أحد الصحابة هذا القاتل يا رسول الله فلما المقتول، فقال لأنه كان حريصا على قتل صاحبة. والمنصوب عليه، أو المجنى عليه كما يقولون رجال قانون، ليس حريصا على النصب على التاجر، فقد زين له التاجر بضاعته فى ذهنه حتى أغراه على شرائها كما يغرى الشيطان فريسته الإنسان لارتكاب رذائله. ونحن جميعا بنى البشر علينا أن نجعل العقل الذى وهبه الله عز وجل لنا أن يسير أمورنا بجدية وعدم اختيار الأشياء دون تفكير مره ومرات حتى نعود على بر الآمان. وليس لنا أن نتبع كل ما يفعله الغرب، لأننا نختلف عنهم فى كثير من التقاليد وكثير من الأفعال والحضارات، وان نسير دائما على منهج الإسلام القويم الذى علمنا أن نتبع الطريق المستقيم، وأن نتحلى بتعاليم الإسلام السمحة.ويبدو أن العالم الآخر لا يعرف شيئا عن أوامر الإسلام التى تجعل المسلم فى مأمن مستمر، وأن الإسلام هو الدين الدستورى للحياة لأنه جاء شاملا لكل الديانات السابقة، وأن القرآن الكريم لا يترك شئ إلا وأحصاها، ففيه حلا لكل القضايا الدنيوية من شرقها إلى غربها، وهذا الدين سيستمر فى الكتاب المحفوظ إلى يوم القيامة، وأن الله عز وجل يحفظه من جميع الخلائق. ويبدو أيضا أن القوى العظمى فى العالم قد سيطرت عليهم هيمنة الشيطان فى ضرورة امتلاك المال والبترول والتكنولوجيا فقام الصراع على الاستحواذ على تلك الثروات الكبرى التى من أجلها تفنى أمم وشعوب. ولقد ظلوا فى هذا الصراع من بداية الخليقة حتى الآن وإلى أن تقوم الساعة، فأول هذا الصراع من أجل امرأة، لما تصرعا قابيل وهابيل على زواج الفتاة الجميلة وقتل أحدهم، ثم أن الذين يقتلون البشر بالآلاف من أجل تعصبهم الأعمى والغاشم، سيظلون فى هذا الإثم الكبير ما داموا بعيدين عن الله عز وجل. والمنظور الحقيقى لهذه القضية تكمن فى اختلافات التفكير للخروج من هذه الدائرة المظلمة. 
فهناك من يعلم جيدا بواطن الأمور قبل أن يخوض فى اتخاذ قرار مفاجئ يؤدى به إلى الهلاك ، فمثلا : ما حدث فى حرب 1973 بعد الهزيمة فى 1967 كان الناس على أرض المعمورة مصر تطالب برد الحقوق من العدو الغاشم، وكانوا يطالبون القيادة العليا باتخاذ قرار الحرب، والقيادة العليا هو رئيس الجمهورية ومعاونيه من وزير الدفاع فى المرتبة الأولى. وقرار الحرب ليس هينا على رئيس الجمهورية الذى لا يعرف إن كان بالنصر أو الهزيمة، وقبل أن يتخذ قرار كهذا يقوم أولا بإعداد الجيش والسلاح وإلا سيمنى بالهزيمة، وكان من حكمة رئيس الجمهورية أن يدرس كل ما يدور فى المعركة بحكمة أولا حتى يصل إلى القرار الصحيح قبل أن تكون الكارثة المدوية التى تزيد على عاتق الشعب أكثر لا قدر الله، وإنما ظل يدرس كيف يخوض معركة كهذه لأنه يريد أن ينجح ويسترد هيبة الشعب المصرى وتعود سيناء لمصر. كانوا قد ألهوا الشعب المصرى فى عدة أمور حتى تصل المعلومات الصادرة من القيادة إلى إسرائيل، وأفهموهم أنهم لا يقدرون على الحرب فى هذه الأيام، وبالفعل وصلت المعلومة إلى إسرائيل فاطمئنوا جميعا أن مصر لم تدخل حرب أخرى. والشعب المصرى ساخط على كل شئ مما أعطى الاطمئنان الكامل لإسرائيل، ولكن القيادة المصرية أغلقت عليها الباب لتتواصل فى التفكير العميق لرسم خطة العبور. وفى الوقت المحدد وفى لحظة الصفر، أشعلت القوات المصرية النار على طول خط بارليف وقامت الحرب الشرسة على العدو بكل قوة. وكانت ملحمة لم يصدقها العالم أجمع حتى إسرائيل نفسها ذُهلت من المفاجأة، وانتصر الشعب المصرى ورجعت سيناء إلى مصر الحبيبة وقامت الأفراح. كل هذه الملحمة التى دارت على طول المواجهة فى حرب 73 أساسها التفكير بكل دقة، وحساب كل خطوة تدب على أرض سيناء فى مختلف الأسلحة، وتدمير خط بارليف الحصين فى دقائق معدودة، لقد قاموا باتخاذ القرار الحكيم فى الوقت المناسب ومنية مصر بالنصر. وأساس التفكير هو أن يوظف التفكير السليم فى المكان الصائب الذى لا يضر الفرد ولا المجتمع، ولا بد من التريث فى اتخاذ القرارات، وأن يدرس كيفية نجاحه وكيفية خسارته ليتجنب خسارته بقدر الإمكان، حتى لا يتخذ قرارا سيئا يندم عليه بعد ذلك. وهذا ينبع من عقل سليم يتمتع بالحكمة والرزانة، لأنه إذا أخذ المرء قرارا عشوائيا لا يعلم مداه سيكون نقمة عليه وعلى مجتمعه، لأن من حكمة القائد أن ينتشل شعبه من بؤرة الرذيلة وأن يخرج بهم إلى التنمية والإصلاح. كانت إسرائيل تعتقد أن عقل الشعب المصرى محدود فى تفكيره، حيث أنهم من غرورهم اعتقدوا بتراجع المصريين عن فكرة الحرب، لأنهم لاقوا هزيمة جبارة فى 67 ولم يفكروا فى خوض حرب أخرى، تلك كانت اعتقادهم من وجهة نظرهم، لأنهم لا يدرسوا العقل المصرى نهائيا إلا أنهم يرسلون الجواسيس لكى يجمعوا آراء الشعب المصرى فى مسألة الحرب، ومحاولة استرداد سيناء مرة أخرى، وسرعان ما تسقط هذه الجواسيس لأن الجهاز المخابراتي يقظ بما يجرى على أرض مصر، فهو على دراية كاملة بما تفعله إسرائيل تجاه تجنيد الجواسيس التى تتلطف وتأخذ الحذر لكن رجالنا البواسل يكونون لهم الغلبة فى إسقاط الشبكات التى تضر بمصر. والطُعم الذى أحدثوه رجالنا البواسل للعقل المحدود عقل العدو، وهو محاولة تمويه قرار الحرب الذى اتخذته القيادة العليا للقوات المسلحة المصرية بان تقوم مجموعة من الجيش لأداء العمرة، وغير ذلك الأجازات لهم وعدم الاهتمام بالحرب، كل ذلك بين تجاهل القيادة لفكرة الحرب بأن مصر ترضى عن هذا الواقع، قبلوا الطُُعم بسهولة حتى تراجعوا عن مراقبة المصريين من على الحدود، هذا عقل وثقافة الآخر الذى قادهم إلى هذه الدرجة الهزيلة من التفكير، حتى كانت الريادة العليا لمصر التى أبهرت العالم حتى يومنا هذا. المراوغة فى الإعداد للحرب مطلوبة خصوصا إذا كانت هذه الحرب بين دولة يعتدى عليها، فإن الإنسان هنا أو القائد مطالب فى دهاء أعدائه الذين يتربصون بهم، ويريدون الانقضاض عليهم فى أية لحظة. وما حدث فى حرب أكتوبر المجيد هو تجديد مصير، لأن اليهود قد أغاروا على أرض ليست من حقهم، هى سيناء المصرية، واحتلوها وتمركزوا فيها، فما كان من القيادة المصرية التى تعرف تعاليم الدين وهو السن بالسن والإذن بالإذن والجروح قصاص، ذلك عدل الله تعالى فى سماءه وأرضه، كان هذا نصرا من الله تعالى لمصر بتحقيق أكبر ملحمة عرفها التاريخ على يد جنودنا البواسل الذين هم جُند مصر، الجُند الذى وصى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان هنا الاختلاف مع الآخر، إذ أنه ليس من حقه أن يستولى على غير حقه، ولم يدع فى أى حال من الأحوال أن يظل الطاغى فى معاصيه، ولكن كان النصر حليف الحق، والحق مستمد من الإسلام فأمرنا أن نستردها بعون الله وتوفيقه، مما كان ذهولا للعالم أجمع، ذهولا للعجم لأنهم اعتقدوا بأن هذا الخط لا يقهر، يقصدون خط بارليف الذى بنوه الصهاينة، لا يعرفون عقل البشر، ولا يعرفون إرادة الله التى أمدته بحُسن التخطيط والانقضاض. هذا العقل المحدود فى التفكير يعتقدون أنهم فى أعلى علين ونحن أسفل سافلين، بل بالعكس هم أسفل سافلين ونحن أعلى عليين بالإسلام وبالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. الشورى أمر هام فى مواجهة ثقافة الآخر. الشورى فى الإسلام حق للناس، لأن فيه الصلاح والفلاح فى أمر الدنيا. إن ما عند الله من أجر ونصر هو خير متاع الدنيا، المؤمنين الذين يعتمدون على تأييد الله ورعايته والذين يجتنبون كبائر ما حرمه الله عليهم من الفواحش والآثام، ويغفرون لمن أغضبهم، ويستجيبون لربهم ولدينهم أن طلب منهم أمرا، ويقيمون الصلاة ويبنون دولتهم على أساس الشورى، وينفقون مما رزقهم الله فى سبيل الله، وإذا أصابهم ظلم لا يسكتون ولا يذعنون، بل يثورون حتى ينتصروا ويزون ما أصابهم بالسيئة سيئة مثلها إلا إذا رأوا أن العفو أفضل فيعفون ويصلحون ما بينهم من علاقات أساءت السيئة إليها. الذين يظلمون ويبغون بين الناس دون حق. أصبحت الشورى قاعدة شرعية، ولذلك قال الحسن وسيفان بن عيينه : إنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. ليقتدى به غيره. مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم أكمل الناس عقلا ومعلما للبشرية، إلا أن علوم الخلق لا متناهية، وكل زمن يظهر فيه العجائب، فلا يبعد أن يخطر ببال إنسان ما لا يخطر على باله من وجوه المصالح، ولا سيما فيما يفعل من أمور الدنيا. ليس من الصعب أن تتراجع فى قرار قد أخذته واكتشفت أنه لا يصلح، وقد يؤدى إلى الهلاك. فالآخر لا يعرف الشورى وإن كان الغرب يتطلع إلى حكمة فى التصرفات التى تصدر من أجل القرارات التى تتخذ فى مواضيع حساسة، لأن هذه المواضيع تكون بمثابة أمن قومى للدولة، هذا لدول تهتم بمشاركة آخرين من القيادات فى قرار هام. ودول أخرى هم لا يعنون بقرار الحرب لأنه يأخذ عشوائيا وأيضا يتخذ بموافقة أعضاء بالأغلبية، لا يدرسون هذا القرار ولا وقت لدراسته، لأنهم يتشدقون لمواجهة الآخرين مهما كانت قوتهم، وهذا يختلف عن الشورى فى الإسلام، فالإسلام شرع الشورى حتى لا يتخذ قرار عشوائى دون دراية أو دراسة مسبقة، حتى لا يقود الدولة إلى ويلات الحرب هى فى غنى عنها. فالشورى هنا مطلوبة لأن الله سبحانه وتعالى أمر عباده بذلك ، فقال عز وجل : 
(وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ). وقال : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ). وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه رضى الله عنهم فى أمور الحرب. ومن الطبيعى أن المشورة تنجى بالمجتمع إلى الطريق السليم والصحيح لكى لا يقع فى الرذيلة. التعاون : والتعاون أيضا هو من أساس التفكير السليم، لأن التعاون يُنمى المجتمع فى شتى المجالات المختلفة بين الفرد والجماعة، فعندما تجتمع السواعد فى بناء البيت ينتهى على أكمل وجه. ولا بد من تعاون المجتمع بعضهم البعض فى القرية فى المدينة فى الدولة، وقد بين القرآن الكريم ذلك إذ قال الله عز وجل : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ). 
التعاون 
يكون فقط على البر والتقوى، ولا يكون على الإثم والعدوان لأن البر والتقوى من سيمات المؤمنين، والإثم والعدوان من سيمات الشياطين الذين يخربون المجتمع. والعقل السليم والحكيم هو أساس ذلك، فهو يستطيع أن يفرق بين الحق والباطل. وقد سمى القرآن الكريم (بالفرقان) لأنه فرق بين الحق والباطل وبينه للمؤمن الذى يتبع نهجه فى تدبير أموره، وليس هناك من يجعل حياته بؤسا إلا من ليس له عقل ونسميه فى هذه الحالة بالهمجى. ولكن عندما نشرح الهمجى ونعرف من أين جاءت هذه الكلمة فنجدها كلمة مأخوذة من الثور، فالثور هو حيوان برى يعيش بعيدا عن البشر. وهمجية الثور تأتى من لا عقل له، فهو يهيج إذا أعطى الحرية وسط البشر كما يحدث فى حلبات الثيران، وقد أخذ البشر تلك الصفة المسيئة، وقد ظهرت الهمجية فى العصابات والمجرمين الذين يروعون أمن البشر، وأحدثوا فى الأرض فسادا. وهذا ما أخذ العالم إلى مستنقع خطير، فقد كثر الفساد فى البر والبحر والجو أيضا. وقد نبأنا بذلك القرآن الكريم . وتطورت الأسلحة والتكنولوجيا لفتك الأعداء الداخلين على دولتهم. وكذلك تفننت الدول فى كيفية قتل الأبرياء دون أن يقترفوا ذنبا. فهناك دولة احتلت أخرى لتستولى على أرضها وطرد أبناءها دون وجه حق، وهناك دول تمنع المياه عن الأخرى لأنها تعرف أن المياه هو مصدر الحياة. ودول تسقط قنابل ذرية على أخرى، ودول تريد إبادة البشر بكل الطرق. والكثير والكثير ممن نشاهدها ونسمعها عبر وسائل الإعلام، وقد رأينا غطرسة القادة والزعماء بفناء البشر لأنهم لا يملكون العقل الحكيم، بل يملكون الغطرسة التى تؤدى بهم إلى الهمجية ومن الممكن أن يؤدى بلاده إلى الهلاك كما حدث فى الماضى. وإذا كان أهل الباطل يتعاونون فيما بينهم على تقوية باطلهم، فأولى بأهل الحق أن يتعاونوا من أجل إعلاء كلمة حقهم، ومن أجل انتصاره على كل ما هو شر وظلم وإثم وعدوان. لقد أوجدنا الله تعالى فى هذه الحياة لكى نعمرها بكل ألوان الخير والحق والفضائل.. نعمرها بالمحافظة على التكاليف التى جاءنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند ربه، فإننا متى فعلنا ذلك فتح الله علينا بركات من السماء والأرض. نعمرها بالعلم النافع الذى يزيد المؤمنين ثباتا على ثباتهم، وقوة على قوتهم، وعزة على عزتهم، وغنى على غناهم، فالله تعالى قد أمر نبيه أن يسأله المزيد من العلم فقال : (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا). 
الحكمة : 
من الصفات الكريمة، والمناقب الحميدة، التى أمرتنا شريعة الإسلام بالتحلى بها، وبالحرص عليها صفة الحكمة، التى معناها : أن يفعل الإنسان ما ينبغى على الوجه الذى يليق بهذا الفعل المناسب له وأن ينطق بالكلمة الطيبة. فالإنسان الحكيم، هو الإنسان الذى يضع الأمور فى مواضعها الصحيحة، فهو يقدم إذا كان الأقدام عزما، ويحجم إذا كان الإحجام حزما، ولا يقول قولا ويندم عليه فى الغد، ولا يفعل فى حاضره فعلا، لا يرضى عنه فى مستقبل حياته. وهدوا إلى الطيب من القول .. وأن يمتنع عن الحماقة والجهالة وسوء التصرف فى القول أو العمل. عليك أيها العاقل أن تدعوا الناس إلى دين ربك وإلى إتباع شريعته بالقول المحكم الصحيح الموضح للحقن المزيل للباطل، الواقع فى النفس أجمل موقع. وعليك أن تسلك مع بعضهم وهم الذين ينالون القسط الأوفر من العلم، أن تسلك دعوتك لهم، الموعظة الحسنة، عن طريق الأقوال المشتملة على العظات والعبر التى ترقق القلوب، وتهذب النفوس، وترغبهم فى الطاعة، وترهبهم من المعصية، بأسلوب يقنع العواطف والعقول. وعليك أن تجادل المعاندين من الناس بالطريقة التى هى أحسن الطرق وأجملها، بأن تكون مجادلتك لهم مبينة على البراهين الساطعة، وعلى الأدلة التى تحق الحق وتبطل الباطل. وبين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم .. إن الذين يستحقون أن يتمنى العاقل أن يكون منهم صنفان من الناس: أولهما : الذين يبذلون أموالهم لإعلاء كلمة الحق، وثانيهما : اللذين أعطاهم الله الحكمة، فقال صلى الله عليه وسلم : لا حسد إلا فى اثنتين : رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته فى الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها. لقد ذكر بعض المفسرين أن (أكثم بن صيفى) أحد حكماء العرب.. عندما بلغه مبعث رسول الله صلى الله ليه وسلم.. أراد أن يأتى إليه ليسمع منه، فقال له قومه : هو يأتى إليك فأنت كبيرنا وما كان لك أن تسير إليه ؟ فقال لهم : فليأت إليه من يبلغه عنى ويبلغنى عنه. ثم اختار رجالا من قومه وقال لهم : أذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم.. وقولوا له نحن رسل أكثم بن صيفى، وهو يسألك : من أنت وما أنت ؟ فلما وصلوا إلى النبى صلى الله عليه وسلم وسألوه ذلك قال لهم : أما أنا فمحمد بن عبد الله ، وأما ما أنا فأنا عبد الله ورسوله، ثم تلا عليهم هذه الآية : (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). الآية 90 سورة النحل فقالوا له : ردد علينا هذا القول حتى نحفظه، فردد عليهم. فلما عادوا إلى أكثم بن صيفى وقصوا عليه ما دار بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، قال لهم : إنى أرى محمدا يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها، فكونوا فى هذا الأمر رءوسا، ولا تكونوا فيه أذنابا. الغضب : من الطبيعى أن الغضب هو التعبير السيكلوجى عند الإنسان بعدما يُضر بفعل أو بقول من الآخر، فعندما يتعرض إنسان لشئ يغضبه تظهر علامات الغضب على وجهه فيتحول ابتساماته إلى الجهوم، ومن الممكن أن يفعل الإنسان المغضب أفعلا لا إرادية، لأن الغصب فى هذه الحالة يهيج ويميج انتقاما من الذى أغضبه، وهو مندفع بفطرته إلى الانتقام السريع، وهذه الظاهرة كان فيها رؤى من كثير من الناس لأن حالة الغضب تختلف من إنسان لإنسان حتى نهانا صلى الله عليه وسلم من الغضب. وهذه ظاهرة تؤدى إلى عدم تقبل الآخر بأى حال من الأحوال إلا إذا أصلح الآخر خطأه وتغاضى المغضب عن حقه الذى أودى به إلى هذا الحالة من الغضب. 
بالنسبة لظاهرة الغضب ينقسمون إلى أقسام، فمنهم الذين يغضبون لأتفه الأسباب، ويحملهم غضبهم على النطق بغير الحق، وعلى الإساءة إلى غيرهم بمختلف وسائل الإساءة. ومنهم لا يغضبون حتى إذا ما انتهكت حرمات الله تعالى وحتى إذا ما كان العدوان على دينهم وعلى أعراضهم وعلى أموالهم وعلى كل ما يجب الدفاع عنه. وهذان الصنفان من الناس لا ترضى عن سلوكهم شريعة الإسلام التى كرمت الإنسان. وهناك قسم ثالث من الناس وهو المعتدل فى رضاه وفى غضبه، فهو يغضب لدينه وعرضه وماله وكرامته ولمكارم الأخلاق، ولحرمات الله تعالى. وعالج الإسلام ظاهرة الغضب علاجا حكيما، عالجه بأن أمر المسلم بالصبر والحلم وبالأناة، وبعدم التسرع فى الأقوال والأفعال، ففى الحديث الشريف : قال صلى الله عليه وسلم : ليس الشديد بالصُّرعة.. أى : الذى يصرع غيره ويتغلب عليه إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب، وعالجه بأن أمر المسلم أن يلجأ إلى الوضوء وإلى أن يغير من هيئته فإن كان واقفا جلس، ففى الحديث الشريف : إذا غضب أحدكم فليتوضأ. وهذه الميزة لم تكن فى غير المسلم، لأن غير المسلم إذا غضب فلن تطفأ ناره، لأنه من أعوان الشيطان فيحركه الشيطان إلى غريزة الانتقام، وأما المسلم فيهدأ بمجرد أن يتوضأ للصلاة فيعدل عن الانتقام أو عن فعل الشر. الصُحبة : الإنسان منا لا يستطيع أن يعيش فى عزلة عن غيره، إذ هو فى حاجة لمن يتعامل معه فى شئون طعامه وشرابه ودوائه ومختلف مظاهر حياته. ومن شروط اختيار الصحبة الكريمة، الصدق والأمانة فى اختيار الصاحب.. 
والصداقات الصالحة، أن تقوم على الإخلاص وعلى الصدق، وعلى العفاف وعلى التعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان. ولقد ساق القرآن الكريم فى كثير من آياته نماذج متعددة للصداقات الكريمة وللأخوة السامية، التى تقوم على المحبة الصادقة، وعلى الإيثار الرائع. ومن أمثلة ذلك ما قام به الأنصار من أهل المدينة المنورة، مع المهاجرين من أهل مكة المكرمة، لقد قدم الأنصار للمهاجرين كل عون وكل إكرام، وقدم المهاجرين للأنصار كل عفاف وكل تجرد عن شهوات الدنيا، فما كانت النتيجة لهذا الكرم ولذلك العفاف ؟ النتيجة أن مدح الله تعالى الأنصار لسخائهم، وأن مدح الهاجرين لعفافهم. 
(وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الحشر الآية 9. 
وبين صلى الله عليه وسلم .. أن من علامات صدق الإيمان، والإحساس بحلاوته، أن يحب الإنسان غيره محبة خالصة لوجه الله. وإذا كانت الأخيار ترفع صاحبها إلى أعلى عليين، فإن صحبة الأشرار ترتد بصاحبها إلى أسفل سافلين. 
* * 
يقول أبن حزم الأندلسى ورسالته المناضلة بين الصحابة : للأستاذ سعيد الأفغانى.. نشر فى مجلة الكاتب المصرى (المجلد الأول) فى التعاون الثقافى بيننا وبين أقطار الشرق العربى نقص خطير ما زلت أدعو إلى تلافيه من أعوام طوال دون أن أجد من يصغى لهذا الدعاء فضلا عما يستجيب له. فليس بين مصر والأقطار العربية تبادل صحيح للثقافة، وغنما ترسل كتبنا وصحفنا ومجلاتنا إلى هذه الأقطار، ولا تكاد الكتب والصحف والمجلات التى تصدر فيها تصل إلينا إلا إذا تفضل أصحابها فأرسلوها إلى فلان أو فلان أو إلى هذه الصحيفة أو تلك. ولست ألاحظ أن هذا التقصير ظلما للأقطار العربية وحدها، فمن حقها أن نقرأها كما تقرؤنا، وإنما ألاحظ أن فيه ظلما لمصر نفسها، فإن هذا التقصير يفوت عليها نفعا كثيرا. ففى أقطار الشرق العربى كما فى أقطار الغرب الأوربى رؤوس تفكر تفكيرا خصبا وأقلام تنتج أدبا قيما. ومن الحق علينا لأنفسنا أن نقرأ هذه اللآثار القيمة التى ينتجها إخواننا من أدباء العرب. فإن الذين يريدون التعاون الثقافى الصحيح يجب أن يتعارفوا قبل أن يتعاونوا، ولا سبيل إلى التعارف إلا بأن يقرأ بعضنا بعضا، ويفهم بعضنا بعضا ليحب بعضنا بعضا، ثم لنتعاون بعد ذلك عن ثقة وبصيرة لا عن قرارات تلقيها إلينا الحكومات. يقول : الأستاذ على أدهم.. فى الثقافة والمجتمع.. نشر فى مجلة الكاتب المصرى (المجلد الأول) العلاقة بين المجتمع والجانب الآخر من جوانب الثقافة الذى أسميته العلم، أبسط من ذلك بكثير، فالعلم كما قدمت كشف لا خلق، وموضوعى لا ذاتى، فهو من ثم مجهود تعاونى يتطلب المشاركة والتساند، وهو أكثر نفعية من الفن لا لأن كل ضروب العلم تدر النفع المباشر وتجئ بالفائدة العاجلة. ويقول : أن وحى الفنان أو بداهة العالم اللماحة الكاشفة، من مسائل العبقرية الفردية، ولكن خلق الفنان واكتشافات العالم واختراعات المختراعات المخترع من المسائل الاجتماعية التعاونية مع اختلاف النسب وتفاوتها، وهذا التعاون يربط بين الفرد بالمجتمع التعاونية فكلما كانت الروابط الاجتماعية من المرونة واللين بحيث تسمح بظهور التبرعات الفردية وتحتملها وتوسع صدرها، تقدم الفن وارتقى العلم. كلما كان المجتمع شريكا فى العلم وشريكا فى الفن وشريكا فى كل فضيلة وكل امتياز، تقدم العلم وترقى الفن وسما المجتمع. والنظام الذى يقاوم نزاهة العلم وإخلاص الفنان يهبط بالعلم وبالفن وبالمجتمع. والقرن العشرين شهد مآسى شتى جراء غطرسة قادة الدول الكبرى، والتى قادتها إلى الهوية، مثل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية (بوش) الذى ورط دولته فى خوض الحروب فى أفغانستان والعراق ومازالت تداعياتها حتى الآن. ففى حرب الخليج خاض معركة شرسة ضد الشعب العراقى بسبب إشاعة تفيد أن العراق بها أسلحة دمار شامل، وهذا الخطأ جعل الدولة تتفكك وجعل القتل وإبشاعه تنصب على رؤوس الجنود الأبرياء، وهذه الكذبة أدت إلى خوض حرب يذكرها التاريح بالمآسى والويلات. 
وفى أفغانستان مازالت الحرب دائرة للتخلص من طالبان والبحث عن بن لادن الذى أسقط برجى التجارة العالمى بخطة جهنمية لم يستطيع العقل الأوربى مهما ارتفعت درجة ذكائه أن يفكر فيها. وما زالت أحداث الحادى عشر من سبتمبر محفورة فى ذاكرة المواطن الأمريكى إلى الأزل . ولم تهدأ القيادة الأمريكية فى التخلص من بن لادن حتى تشفى غليلها، وقد كان فقد كثفوا البحث عنه حتى تم اغتياله. بهذا الاغتيال قد انطفأت شعلة نارهم وأدى بهم إلى سد الفجوة التى أحدثتها الحادى عشر من سبتمبر بإهداء ثورة الغضب لدى الشعب الأمريكى. نهيك عن الفيضانات والزلازل والبراكين، وهذا ما أقترفه يد الإنسان. والله سبحانه وتعالى لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. ولا يظلم ربك أحدا. وإننا من هذا المنطلق نعترف أن كل ما هو حادث عاجلا أو أجلا، ما هو إلا من صنع البشر. والله سبحانه وتعالى ميسر لعباده أعماله لذلك أمره بأن يختار الأبيض من الأسود. ومازال الإنسان على الأرض يصف بالطمع والجشع، إلا فئة قليلة تعرف الفرق بين الطريق المستقيم من الطريق المعوج، ويعرف الخير من الشر، لأنهم العقلاء الذين يتريثون فى اتخاذ القرار السليم دون تعصب أعمى وكما تقول حكاية السفينة. لكن كانت تحمل أُناس فوقها وتحتها، فإذا أرادوا من فى أسفلها أن يأتوا بالماء، يمرون على من أعلاها، فقال أحدهم لو خرقنا خرقا فى أسفلها لأخذنا الماء، فإذا تركوهم يفعلون ذلك لغرقت السفينة وإذا منعوهم نجت السفينة ووصلوا بأمان. 
* * 
لذلك فكل البشر والأجناس مختلفون فى تفكيرهم وأفعالهم، ولكن لا فرق بين أسود وأبيض إلا بالتقوى والعمل الصالح، ولا بد وأن كل إنسان أن يحكم عقله فى حُسن التفكير حتى يرتقى شأننا ولا يخوض معارك لا حصر لها وتذوق ويلات على مر العصور. وما زال الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى تقوم القيامة. فقد أمرنا بيسر الدين والحرية فى التعبير والرآى وأيضا التسامح مع الآخرين. وأن نصبر على بلائهم وأن نجادلهم بالتى هى أحسن، فهم لا يعلمون، وأن الآخر لا بد وأن يعامل كما يعامل المسلم، وكما قال القرآن الكريم الذى أعطى للذمى حقه، فى الجوار وفى المعاملات، وفى الحقوق التى شرعها الإسلام. لا بد وأن نتقبل الآخر فى حدود الأدب وحدود الثقافة والمعرفة العامة، التى ليس فيها أذى ولا تنافى للآداب والأذواق العامة. الدين يسر : تكاليف الدين الإسلامى خالية من العسر الذى هو غاية الشدة والمشقة، ومن مظاهر ذلك صلاة المريض قاعدا الإفطار فى رمضان إن كان العبد مريضا أو مسافرا وأن المضر إلى الميتة يأكل منها دفاعا لغائلة الخطر عن نفسه.. وفرائض الدين ووجباته وفضائله كثيرة جدا، للمؤمنين والتعامل مع الآخرين وتقبلهم فلهم ما يسلمون وعليهم ما يكفرون. فقد أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم أمته إلى التسديد وهو طلب الثواب. والمقارنة وهى ما يقرب من الكمال، حتى نجى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى طريق الصواب. وأن الدين الإسلامى قد يسر العبادات للمؤمنين دون أى مشقة ومجهودات، وكفل له الحرية والحقوق التى يتمتع بها. وجعل أمر المؤمن كله خير، وهذا الخير للمؤمن فقط فأصبح مميزا عن سائر الديانات، لأن الدين الإسلامى يهدم ما قبله. فبالدين الإسلامى يعلو شأن المؤمن ويكون عد ربه مرضيا إذ ينال الجزاء يوم القيامة، ومن خالفه وأعرض عنه فجزاؤه النار خالدا مخلدا. التوسط : فى مجال مدح الرأى الصائب والعقل الراجح، مدح الله تعالى من هذه صفات بقوله : (قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ).القلم الآية 28 قال أعدل الأخوة الذين فقدوا حديقتهم بسبب تركهم لوصية أبيهم : ألم أقل أحذروا معصية أبيكم، وأعطوا الفقراء والمساكين حقوقهم. ولقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أتباعه أن يتوسطوا فى أمورهـــم، وأن يتركــوا التشدد فى غير موضع التشدد، فقد جاء فى الصحيحين عن عبد الله بن عمر.. رضى الله عنهما، قال : أخبرنى النبى صلى الله عليه وسلم أنى أقول : والله لأصوُمنَ من النهار، ولأقـــوُمنَ الليل ما عشت، فقـــال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت الذى تقول ؟ فقلت له : قــد قلتــه بأبى وأمى يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم : فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، ونم وقـم، وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر، قلت : فإنى أطيق أفضل من ذلك. فقال صلى الله عليه وسلم : فصم يوما وأفطر يومين، فقلت : فإنى أطيق أفضل من ذلك. فقال صلى الله عليه وسلم: فصم يوما وأفطر يوما فذلك صيام داود عليه السلام، وهــو أعـــدل الصيام. فقلـت : فإنى أطيق أفضل من ذلك. فقال صلى الله عليه وسلم : لا أفضل من ذلك. فكان عبد الله بن عمرو يقول بعدما تقدمت به السن : ياليتنى قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن التوسط فى الأمور سواء أكان هذا التوسط يتعلق بالعبادات أم بغيرها، يساعد على المداومة على العمل الصالح، لأن التشدد فى غير موضع التشدد كثيرا ما يؤدى إلى عدم المداومة على العمل الصالح، ففى الحديث الشريف : إن المُنبتً.. أى : الذى يتعب دابته فى السير .. لا أرضا قطعن ولا ظهرا أبقى.. 
ولقد كانت أحب الأعمال الصالحة إلى قلب الرسول صلى الله عليه وسلم.. تلك الأعمال التى يواظب عليها صاحبها. تتجلى صفات المؤمن فى ترك التنازع والتخاصم والجدال والاختلاف المُفضى إلى الفشل والضعف فمن ترك المسلمون هذه الرذائل، وكانوا كالبنيان المرصوص الذى يشد بعضه بعضا، وتنَاصحوُا فيما بينهم بالكلمة الطيبة، وبالموعظة الحسنة، من أجل الوصول إلى الحق، منى فعلوا ذلك كانوا ممن رضى الله عنهم ورضوا عنه. من صفات الأخيار الذين رضى الله عنهم ورضوا عنه، أنهم يوفقهم الله تعالى إلى القول الطيب، وإلى المنطق الحكيم، وإلى العمل الصالح الذى من ثماره التعاون على البر والتقوى ولا على الإثم والعدوان، ومن الشواهد على ذلك، ما جاء فى الصحيحين من أن الرسول صلى الله عليه وسلم.. حين فاجأه جبريل عليه السلام.. وهو بغار حِراء.. وقال له اقرأ ؟ فقال له صلى الله عليه وسلم : ما أنا بقارئ، فضمه ضمه شديدة ثم قال له فى المرة الثالثة : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ). تفسير الميسر اقرأ - أيها النبي- ما أُنزل إليك من القرآن مُفْتَتِحًا باسم ربك المتفرد بالخلق، الذي خلق كل إنسان من قطعة دم غليظ أحمر. اقرأ - أيها النبي- ما أُنزل إليك، وإن ربك لكثير الإحسان واسع الجود، الذي علَّم خلقه الكتابة بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يكن يعلم، ونقله من ظلمة الجهل إلى نور العلم. 
* *

مقال بقلم/ فوزى اسماعيل

                                                      تحية لرجال كفر الشيخ مفتاح لسعيهم فى عمل الخير اقر وأعترف بأن رجال كفر الشيخ مفتاح...