مهزلة ماسبيرو
ما كنا نتوقع أن يحدث كل هذه الضجة فى
أروقة مبنى ماسبيرو، وما كان يصح أن يكون الإعلام المصرى يصل إلى هذه الدرجة
المدنية، لأن الإعلام المصرى هو من أهم الإعلام على المستوى العالمى فى المنطقة
العربية، وله كيان كبير يشهده العالم العربى كله على مرور العصور، وما حدث من تجمع
داخل ماسبيرو للمطالبة بالحقوق المالية، هو ماتسبب فيه القائمين على إدارة الإعلام
من داخله، حيث إن هذه المطالب حق مشروع للعاملين به، ولكن كان ينبغى ألا يكون بهذه
الطريقة، فكان من الأحرى أن يستجيبوا للمطالب فور المطالبة بها منذ سنوات، وما كان
من القائمين على إدارة ماسبيرو التقاعس فى هذه الحقوق، وكانت تضع حد لحقوق
العاملين الضائعة منذ 2014 حتى الآن، وهو المتأخرات من علاوات وترقيات وتسويات
وحقوق المعاشات إلى أخره.
وكل ذلك الحقوق الضائعة الخاصة بالموظف
وأصحاب المعاشات التى لا تتقاضى حقوقها من مكافأت رغم حصيلة صندوق التكافل الذى
يخصم من أول التعين من كل موظف، غير الخصومات الأخرى، لا نريد توضيحها بالتفصيل،
فأين كل هذه المبالغ الماضية حتى الأن، علما بأن عدد موظفى ماسبيرو قد وصل إلى 22
ألف موظف، بعد أن كانوا 42 ألف موظف يتقاضون رواتبهم، أين حقوقهم المشروعة كأى
وزارة فى الدولة، وكانت عجلة الإنتاج تدور والمبنى رائج على الإعلام الخاص الذى
أصبح الأن هو سيد الموقف وماسبيرو يجر أزياله،
فبعد توقف قطاع الإنتاج وصوت القاهرة عن الإنتاج الدرامى صارت الفاجعة،
وتحطم منظومة الإعلام الذى هو لسان الدولة، وبدأ التقشف فى كل قطاعاته، وأنه صار
على نهج تسريح العاملين من المبنى هربا إلى القنوات المحلية، وفتح التنقلات
للوزارات الأخرى، حتى كاد أن يكون هذا المبنى الذى هو الصرح الكبير أن يفقد أسمه
وريادته، وأيضا صار إلى استئصال أجزاء منه بدايتا من الجراج لصالح مثلث ماسبيرو.
وما إن كان من مسئولى ماسبيرو أن يقوم
بحق موظفيه بحقن مسكنة ووعودهم فى إعادة المنظومة مرة أخرى إلى سابق عهده، ورجوع
حقوقهم، ولكن لم يحدث ذلك، حتى ماليات المعاشات وضبط رواتب الموظفين لم يفعلوا ذلك
أيضا، وهذا من أغضب الكثيرين من العاملين به، وتمت الوقفة الإحتجاجية فى أروقة
ماسبيرو، لكى يرى كل منهم أين هو فى الإعلام المصرى هذا.
وهذا من حقهم لأنهم يطالبون بضبط
الرواتب فى ظل أرتفاع الأسعار الجنونى، كما إن التقصير لم يكن بسبب الموظف،
فالموظف فى المبنى يقوم بواجبه كما ينبغى دليل على نجاح الإنتاج الإعلامى بداخل
ماسبيرو، فهو كان ينافس القنوات الخاصة بوجه عام، وكانت الريادة له سواء فى قطاع
الإنتاج أو صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، والجميع يعرف ذلك، سواء أيضا القنوات
الخاصة أو إعلام دول الجوار، خصوصا الأفارقة التى لا تتوانا عن تلقى التدريبات فى
التليفزيون المصرى تحت يد خبراء الإعلام المصرى، ومنطقة الإعلام فى مصر تتمثل فى
ماسبيرو ذلك الصرح العملاق والقنوات المحلية والمتخصصة وخبراء الهندسة الإذاعية
الذين أحدثوا أكبر طفرة فى هندسة البث المباشر، حتى أصبح الإعلام المصرى يملك قوة
فى المنطقة العربية وسط جحافل القنوات الخاصة والفضائية التى أصبح الأن العدد فى
الليمون، فهل هذا لا يعود الإعلام إلى الإزدهار مرة أخرى وتعود له الريادة فى
المنطقة.
ربما إذا صلح حال مسؤليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق