الدجل أيضا عالميا
مقال
بقلم/ فوزى إسماعيل
أصبح الدجل عالميا، فلم يقتصر فقط على مصر، بل أتتنا رائحة الدجالين
والمشعوذين من المغرب ولبنان، ومن المؤسف تناقلته وسائل الإعلام بصورة مثيرة
وملفته للنظر فى الوقت الذى نحاربه نحن فى مصر، والدجل كما هو معروف هو من أتى
عرافا أو دجالا فقد حُرم عليه رائحة الجنة، وكما تقول المقولة الشهيرة كُذب
المنجمون ولو صدفوا.
فالدجل الآن عندنا مهنة تعتبر على قائمة عموم القوم، لأنهم يؤكدون لمن هم
ضعاف النفوس بأنهم قادرون على معرفة الغائب وإبطال السحر المكتوب والمرشوش، ورجوع
الحبيب والحبيبة ورد المطلقة فى بضع دقائق، وهؤلاء من دولا أخرى مثل لبنان
والمغرب، يعلنون على أنفسهم وكأنهم والعياذ بالله يعرفون الغيب حقا.
ومن المؤكد أن رواد هؤلاء الدجالين من عموم القوم، بمعنى الذين يأتونهم هم
أغنياء يدفعون كما يشاؤون من مال فى خرافات كهذه، فالذين يدعون الدجل والشعوذة
يستفيدون منهم لا محالة، فما بالك من رجل يقول على شاشات التلفاز أنه مستعد أن يرى أى شئ فى العالم ويقوم بتغييره،
أنظر جيدا ودقق فى هذا النصب الشنيع الذى نصدقه بسهولة، أنظر كيف وصل هذا الأفق
والاثم إلى درجة الالوهية والعياذ بالله، لأنه لا يعلم الغيب إلا الله.
والنصب الذى نحن بصدده نصدقه من دجالين ومشعوذين محترفين، كارثة مدوية،
لأننا لا نفهم ما وراء هذا، حتى ولو كان هذا النصاب ذكى وبلغت درجة ذكائه فوق ذكاء
البشر، فهو يرى من فريسته ضعفا وغيابا عن الوعى، لأن ضحيته هنا تدخل عليه وليس فى وعيها
إلا ما تبحث عنه، ووعيه تغيب لا يقدر على التذكر فى قدرة الله تعالى، فيقول ما
يشاء.
وهنا الدجال لا يستطيع بقدرته احتواء فريسته كالشيطان الذى لا يسيطر على العبد الذاكر لله دائما، أو مواظب
على تأدية فرائضهن ففريسته فقط هى لمن ليس له صلة بالله، بعيدا عن الصلاة .
ولا نلوم الدجالين هنا فى مصر، فهم بدائيون فمنهم من يستعمل حيل بدائية،
وهو معرفة ما حدث لمن جاءت له بالشكوى بسهولة، وهى طريقة سهلة للغاية، هذه الطريقة
هى تسخير أحد الرجال أو أحدى النساء الأذكياء لكى يحصل على المعلومات منها ويبلغها
له فيشتغل عليها.
يطلب منه أشياء غير موجودة أو صعب عليه الحصول عليها، مثل ورك نملة عذبه،
وجنح صقر، وريش من غراب وأشياء غريبة وخيالية، كل هذه اختراعات كاذبة منه حتى يوهم
ضحيته بأن معمول لها عمل فى المكان الفلانى، ولا ينفك هذا السحر إلا بهذه الأشياء.
أما فى لبنان والمغرب، تلك الدولتان اللتان هما فى صدارة الدجل والشعوذة، وتلك
المغربية والمغربى، والرجل الوحيد الصادق فى العالم بشهادة كذا وكذا، وكأن الإعلان
الذى نسمعه سيحل مشاكل العالم، نحن فى كارثة كبيرة، كارثة تزلزل لها القلوب، حتى كثير
من الناس صدقوا هذه الأكاذيب، وصدقنا شيطاننا، وهنا السؤال: هل تصدق بأن الإنسان
فى زمن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، كان فى قلبه نقطة سوداء، إلا الكفار،
هذه النقطة قد أزالها سيدنا جبريل عليه السلام من قلب الرسول صلى الله عليه وسلم
من صدره، واليوم فى زمننا هذا النقطة هذه قد عظمت وكبرت حتى تحجرت قلوب البشر،
وجعلت قلبه لا مكان فيه لنقطة بيضاء.
فقد تبدل الحال إلى حال، لا أحد من البشر اليوم يسعى فى الخير، ولا يفرج
كربة أخيه، لا أحد يطيق الأخر، حتى كدنا أن ننحدر إلى الهوية، فلا نفيق إلا بعد أن
نجد أنفسنا فى قاعها.
فاللهم أزل الغشاوة من على قلوبنا وأعيننا ونير لنا الطريق..
وأصلح ذات بيننا بالخير واليمن والبركات يا رب العالمين..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق