سبهللة التصوير
كان قبل أن
تظهر فتنة الموبايلات المتطورة، والمزودة بعدد من الكاميرات الديجيتال والأتش بى
وغيرها، وأيضا الأنترنت القادر على بث الصور والفيديوهات إلى فئة عريضة من
المشاهدين فى ثوانى معدودة، كان التصوير لأى جريمة كانت بأمر النيابة العامة،
ويستخرج لها تصريح رسمى لكى يتم تصوير الجريمة، ويحظر نشرها إلا بعد النطق بالحكم،
أو فى حدود التحقيق مع الإلتزام بعدم تشويه الحقيق بأى صورة كانت، وكان يتدخل فيها
النائب العام، ومن يخالف ذلك يمنى بعقوبة رادعة.
أما فى زمننا
الآن فققد أستباح موضوع التصوير هذا للجرائم، ونقلها للمشاهدين بث مباشر دون تدخل
السلطات لمنعه، ولم يقتصر التصوير على الجرائم فقط، بل كل ما يخص المواطن فى بيته
وفى عمله أصبح بين يدى العامة على عينك يا تاجر، حتى كادوا يصورون أنفسهم وأهل
بيتهم فى مواضع مختلفة تخجل لها العين أن تنظر إليها، حتى على مخاضعهم فقد أظهروا
ما بداخل سربهم وأصبحت الفضائح كثيرة ومنتشرة، فمن المفترض أن يكون سر بيت رب
الأسرة يكون فى منزله فقط لا يخرج خارج جدران بيته، ولكن يتم التصوير بحجة أنهم
يتلقون أمولا من المواقع المختلفة على حساب أهليهم وزوجاتهم، حتى تشيع الناس بما
يقرأونه ويشاهدونه على صفحات التواصل الإجتماعى، وهذا يعد جريمة من الجرائم الكبرى
التى ترتكب فى حق الأسرة.
فالتشهير بالمواطنين
بسبب ودون سبب، يعد من المحرمات التى نهى عنها صلى الله عليه وسلم، لأن الخبر الذى
يحدث فى ثوانى يعرض على الملأ فى ثوانى، وتنتشر الفضيحة كالنار فى الهشيم، فتبدوا
حديث الألسنة التى لا ترحم.
وعند حدوث
الجريمة فى أى مكان، لا يفكر المواطن الذى يصل لمسرح الجريمة إلا فى التصوير
بالموبايل، وفى كيفية إلتقاط الصور والفيديوهات المختلفة أثناء أرتكابها، ولا يفكر
فى أن يمنع الجانى من ارتكاب جريمته، فالجانى يقتل المجنى عليها وهم يصورونه
بأعداد هائلة، كأنما يصورون فيلما سينمائيا، فلو تخلى أحدهم عن التصوير وتقدم
لإنقاذ الضحية لمنع الجريمة، حتى ولو خفف عنها حدتها، وكأن هؤلاء المصورين الذين
ألتقطوا هذه الصور فى سباق، ليلحق كل منهم لبث الجريمة عبر وسائل التواصل الإجتماعى، كأنهم
سيصبحون الفتى المغوار الذى قدم للرأى العام مالم يلتقطه الأقمار الصناعية، ليزيد
عدد مشاهديه ويحصلون على أموال.
لأنه كان من
الممكن أن يهاجموه بكل قواهم فيتراجع عن إيذائها بكل هذه الطعنات، أو للتَخَم فيهم
فتركها، يقول صلى الله عليه وسلم، من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع
فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وهذا أضعف الإيمان.
لابد وأن يكون
روح التعاون فى كل نفس بشرية، خصوصا فى الشوارع تحسبا لأى مكروه يصيبك، ولكى لا
يتكرر مآساة هذه الفتاة أو غيرها، ولا يكن هوس التصوير يأخذكم إلى طريق الجبن،
لأنه من الممكن أن يحدث هذا لك، ولا تجد ما ينقذك، فينبغى أن تأخذك الشجاعة وأنت
فى هذه الحالة الطارئة، وهذا سهل للغاية، بدلا من المشاهدة الفارغة، والتصوير الذى
لا ينبغى أن يكون بهذه الطريقة فى ظروف تحتاج الضحية للإنقاذ.