الخميس، 5 سبتمبر 2019

من الأدب العالمى   سهرة ... كنوز الملك سيلمان      المعالجة والإعداد الدرامي :       فوزى يوسف إسماعيل  


من الأدب العالمى


سهرة ...
كنوز الملك سيلمان
   

               للكاتب :     سير هنرى رايدر هاجارد

المعالجة والإعداد الدرامي :
                                          
فوزى يوسف إسماعيل

م/1
 ألان :  (لنفسه بفرحه) يا لها من ثروة طائلة.. هذا نتاج خمسة عشر شهرا
          فى الحصول عليها.
ديفيد :  ألان.. ألان.
 ألان :  من ينادى ؟
ديفيد :  أنا ديفيد دربال.
 ألان :  أهلا بك يا ديفيد . تفضل.
          (صوت طرق أقدام تتقارب)
ديفيد :  طاب مساؤك يا ألان.
 ألان :  طاب مساؤك.
ديفيد :  أيد أن أحدثك فى أمر هام..
 ألان :  ما هو ؟
ديفيد :  أنا وأهالى مدينة دربان اتفقنا معا على أن تساعدنا بشئ من المال لإصلاح
          ما تلف من خدمات فى المدينة.
 ألان :  لكن .. أنت لا تعرف كيف عانيت فى جمع هذه الثروة.
ديفيد :  أعرف.. أعرف أيضا أنك قضيت خمسة عشر شهرا فى سبيل الحصول
          عليها.. ولكن كما تعرف أن إقليم ناتال يقع جنوب شرق إفريقيا ..
          وهذا يتسم بالفقر وكما تعرف إننا لسنا كأهل أوربا .. فنحن منعزلون عن
          العالم الخارجى.
 ألان :  أعرف أعرف.
ديفيد :  وتعرف أيضا أنهم يسموننا المناطق النائية.
 ألان :  أعرف هذا أيضا يا ديفيد.. ولكن سأبحث الأمر وأقوم بتلبية رغباتكم.
- موسيقى-
م/2
رجل :  ها هو سير هنرى كيريتس يا ألان.
 ألان :  (فى نفسه) يا له من شاب أضخم وأقوى رجل رأيته فى حياتى.
          (يتنبه للرجل) هه شكرا أيها الرجل.
          (ينادى) سير هنرى.
سير :  تنادينى.
ألان :  نعم .. أنا ألان كوترمين.
سير :  أهلا بك .. هل أنت من عمال المناجم..؟
ألان :  نعم .. أنا أعمل فى المناجم.
سير :  هل عملت فى شئ آخر قبل المناجم..؟
ألان :  نعم عملت كمتجول بائع وأنا فى سن مبكرة.. واشتغلت أيضا فى صيد
         الحيونات والأعمال الحربية .. وأنت.
سير :  أنا سير هنرى كيريتس.. فى الثلاثين من عمرى .. جئت من انجلترا إلى
         جنوب إفريقيا فى مهمة خاصة.. أنا وزميلى الكابتن جون جود.
ألان :  أين هو ؟
سير :  أنه يشاهد المناظر على النهر .. هيا بنا نذهب إليه لأعرفك عليه.
ألان :  هيا.
- موسيقى-
م/3
سير :  أعرفكما ببعضكما.. ها هو الكابتن جون جود.
 ألان :  أهلا بك..
 سير :  وهذا ألان كومترين.
جون :  أهلا بك يا ألان.
 ألان :  آهلا بكما فى جنوب إفريقيا.
          (فى نفسه) أنه رجل أنيق ومظهره وشدة نظافته ولطفه يدلان على أنه
           ذو شخصية جذابه بعكس سير هنرى الضخم .. ولكن لماذا يضع على
          عينه اليومنى مُونُوكل.
جون :  أين ذهبت بأفكارك يا ألان.
 ألان :  (يتنبه له) أنا لا لا لا شئ على الإطلاق.. ولكن قل لى يا كابتن جون..
           لماذا تضع على عينك اليمنى مُونُوكل.
جون :  أنها عدسه زجاجية مفرده أضعها أمام عينى لتقوية نظرى .. وأيضا
          أضع طقما من الأسنان الصناعية فى فمى .. أنظر.
 ألان :  نعم نعم رأيتها .. هيا بنا إلى مائدة الطعام فانا عازمكم اليوم على وجبة
          فطائر ساخنة.. هيا إلى المطعم.
- موسيقى-
م/4
ديفيد :  ألان .. ألم تبت فى طلب أهالى مدينة دربان.
 ألان :  قدموا لى لسته بالأعمال التى تريدون عملها حتى أقيمها يا ديفيد.
ديفيد :  أنهم يريدون مبلغا كمساعدة منك.. أما حصر الأعمال التى يتم إصلاحها
         شئ فى غاية الصعوبة يا ألان.
ألان :  إذن فأقدر لكم مبلغا من عندى.
ديفيد :  هذا ما نريده.
ألان :  انتظر قليلا حتى أستطيع تقديره وأسلمكم إياه.
- موسيقى-
م/5
سير :  يا لها من رحلة شاقة بالفعل يا ألان.
ألان :  يا سير هنرى ؟
سير :  أنى جثت إلى جنوب إفريقيا للبحث عن أخى نيفيل.
ألان :  هل هو هنا فى مدينة دربان.. ؟
سير :  أنه هاجر من انجلترا إلى جنوب إفريقيا بحثا عن ثروة.
ألان :  ثروة.
سير :  نعم .. ولكنه أختفى منذ فترة طويلة وانقطعت أخباره.
ألان :  ألم تعثر عليه بعد.
سير :  لا .. ولكنى أعرض عليك مساعدتى فى العثور على أخى المختفى.
ألان :  وما مشكلة جون جود.. لماذا جاء إلى جنوب إفريقيا هو الآخر.
سير :  أنه صديقى تطوع لمصاحبتى فى تلك المهمة.
- موسيقى-
م/6
ألان :  (يحدث نفسه محاولا  تذكره) مستر نيفيل.. مستر نيفيل.. أنى أشك بأنى
         أعرفه من قبل .. ولكن أين ؟  أو قد قابلنى فى مكان ما..
         (بفرحه وكأنه وجد ضالته) الخادم .. نعم خادمه جيم الأسود الذى كان
         يعمل فى خدمته.. لا بد أن أصل إليه فى التو..
- موسيقى-
م/7
          (صوت سيارة تقف)
ألان :  ها هو منزله.
          (صوت طرق أقدام)
          (صوت خبط على باب)
          (ينادى) أيها الخادم جيم.
          (صوت فتح باب)
 جيم :  من .. من ينادى ؟!
ألان :  أنا أنا ألان كوترمين.
 جيم :  أهلا بك.
ألان :  ألم تكن خادما لمستر نيفيل فى يوم من الأيام..
 جيم :  نعم.
ألان :  ألم تعرف عنه شئ.
 جيم :  لقد انقطعت أخباره فى أخر رحلة قام بها .. ولكن علمت أنه يزمع القيام
         برحلة خطره.
ألان :  (مندهشا) رحلة خطرة..!!


 جيم :  نعم.
ألان :  وما هى هذه الرحلة ؟
 جيم :  أنها رحلة للحصول على كنوز الملك سليمان.
ألان :  كنوز الملك سليمان.. هذه معلومة جيدة.. شكرا شكرا لك أيها الخادم
         جيم.
- موسيقى-

م/8
ألان :  (لنفسه) يا لها من معلومات شيقة عن كنوز الملك سليمان .. سأعطى
         خبرا للسير هنرى.. لا لا سأعود فى الصباح على جيم حتى أعرف منه
         ما سر هذه الكنوز قبل أن أعطى السير هنرى أى معلومة عنه.
- موسيقى-
م/9
رجل :  طاب صباحك يا آن ..
 ألان :  طاب صباحك أيها الرجل.
رجل :  إلى أين أنت ذاهب ؟
 ألان :  أنى ذاهب هذه المهمة.
رجل :  صاحبتك السلامة.
- موسقى-
م/10
آلان :  أيها الخادم جيم.. زيدنى معلومات عن كنوز الملك سليمان.
 جيم :  إن قبائل الزولو تعرف هذه الحكايات فهم يتوارثونها عن تلك الكنوز
          المخبأة فى الجبال البعيدة.
ألان :  وأين هذه الجبال ؟
 جيم :  أنها واقعه خلف صحراء شاسعة قاحلة.
ألان :  تعرفها.
 جيم :  أنى ذاهب إليها حتى أصل على هذه الكنوز..
ألان :  أنى أحذرك يا جيم من خوض تلك الرحلة الغامضة حتى لا يكون
         مصيرك مصير مستر نيفيل.
 جيم :  لقد أعدت العدة وسأقوم باكرا للسفر إليها.
ألان :  (فى نفسه) هذه المعلومات لا قيمة لها فأنى أرف أكثر منه..
- موسيقى-
م/11
سير :  (بدهشه) هل ما تقوله هذا صحيحا يا ألان..؟
ألان :  نعم هذا ما علمته من خادمه جيم.
جون :  هذا شئ عجيب حقا.. أهناك بالفعل كنوز باسم الملك سليمان.
ألان :  نعم.
سير :  هل هى موجودة فعلا ؟
ألان :  إن لحسن الحظ اعرف الكثير عن تلك الكنوز ولدى أسرار لا يعرفها أحد.
سير :  ما هى ؟  قل لنا شيئا عنها.
ألان  :  أذكر مثلا أحد النبلاء البرتغاليين وكان أسمه جوزيه سيلفستر.
سير :  جوزيه سيلفستر.
ألان :  نعم.. جاء إلى هذه البلاد ومنذ نحو عشرين عاما.
جون :  لماذا ؟
ألان :  بقصد الوصول إلى تلك الجبال الواقعة خلف الصحراء .. وهى الجبال
         التى يقال أن الملك سليمان قد أخفى فيها كنوزه من الماس.
سير :  الماس..!!
ألان :  نعم الماس.. وقد تصادف لى أن قابلت هذا النبيل البرتغالى قبل قيامه
         بتلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر.
سير :  تقول المحفوفة بالمخاطر.
ألان :  نعم كانت محفوفة بالمخاطر.. ولكنه كان يتمتع بصحة جيدة.
سير :  وماذا بعد ذلك ؟
ألان :  وبينما كنت أقوم برحلة صيد فى الصحراء.. فوجئت بشبح يزحف على
          يديه وركبتيه ولا يقوى على النهوض..
مزج إلى :
           (تذكره للحدث.. الرجوع للخلف)
   ألان :  يا إلهى.. ما هذا الشبح الذى يزحف على يديه وركبتيه.. أنه لا يقوى
            على النهوض.
            (بدهشة) ما هذا ؟  أنه جوزيه سيلفستر بنفسه ..
جوزيه :  (بصوت شاحب) ماء.
   ألان :  لقد صرت عبارة عن عظام مكسوه بالجلد.. ووجهك أصفر من شدة
            المرض.. وأوشكت عيناك أن تخرجا من رأسك.
جوزيه :  (يهمهم فى ضعف) ماء.. شربة ماء بحق الله.
   ألان :  تفضل .. تفضل أشرب الماء.
جوزيه :  (يشرب بصوت كأنه ملهوف عليه)
   ألان :  هل تريد المزيد ؟
جوزيه :  شكرا لك.
   ألان :  إذن فستريح قليلا حتى تستعيد وعيك.
جوزيه :  لقد استرحت الآن .. انظر ..انظر إلى قمم جبال سليمان الواقعة خلف
             الصحراء..
   ألان :  إنى أرى .. ولكن الرؤيا باهته أمام عينى عند خط الأفق.
جوزيه :  (بصوت واهن ضعيف) يبدوا يا صديقى أنى أشعر بإقتراب الموت..
            ولقد كنت طيبا معى وأسديتَ إلىَّ صنعا جميلا.. لذلك فسوف أعطيك
            الوثيقة.
   ألان :  الوثيقة..
جوزيه :  نعم .. ربما تستطيع فى يوم ما أن تقهر هذه الصحراء المترامية وتصل
             إلى تلك الكنوز.
             (الخروج من الماضى.. والرجوع إلى سير وجون)
    سير :  وهل أعطاك الوثيقة ؟
    ألان :  مد يده  إلى داخل قميصه .. واخرج كيسا صغيرا مصنوعا صغيرا
             مصنوعا من جلد الغزال.. وأعطانى إياه وطلب منى أن افتحه..
    سير :  وماذا وجدت بداخله ؟
    ألان :  وجدت بداخله قطعة ممزقه من قماش قديم أصفر اللون.. كتبت عليها
             بضع كلمات بلون أحمر إلى البُنىِّ  .. وبداخل القماش وجدت قطعة
             الورق.
   جون :  وماذا بعد ذلك لقد استقت لنهايتها..
    ألان :  وعندئذ قال لى سيلفستر.
             (الذكر للحدث.. الرجوع للخلف)  
جوزيه :  (بصوت أكثر ضعفا) إن هذه الورقة تتضمن ما كتب على قطعة القماش..       
             وقد قضيت عدة سنوات حتى تمكنت من معرفة ما كان مكتوبا على
             القماش.
    ألان :  وهل عرفت ما هو المكتوب ؟
 جوزيه :  أنى أعترف أولا أنى من أحفاد جوزيه دى سيلفستر وهو أحد نبلاء  
             البرتغال الذى كان يعيش منذ نحو ثلاثمائة عام.. وكان من أوائل
             البرتغاليين الذين وصلوا إلى تلك المناطق بقارة إفريقيا.
    ألان :  حسنا حسنا..
 جوزيه :  وأيضا جدى هو الذى كتب هذه الكلمات بينما كان يحتضر على سفح
             أحد هذه الجبال.
   ألان :  تقو يحتضر.
جوزيه :  نعم.. هذه الجبال التى لم يصل إليها من قبل رجل أبيض.. وبعد موته
            أحضر خادمه هذه الكتابه وسلمها للعائلة.
   ألان :  خادمه جيم الأسود.
جوزيه :  نعم هو .. وبعد ذلك ظلت هذه الوثيقة فى حيازة العائلة دون أن يهتم
            أحد بقراءتها.
            (الخروج من الماضى.. العودة للحاضر والتحدث مع جون وسير)
   سير :  ولم يقرأها أحد حتى الآن.
   ألان :  لا .. فقد قام جوزيه سيلفستر بقراءتها وفك رموزها وطلاسمها.. وقرر
            أن يقوم بنفسه بما فشل فيه جده منذ ثلاثمائة عام.. وهو الحصول على
             كنوز الملك سيلمان ليصبح أغنى رجل فى العالم.
   جون :  ياله من مغامر.. أيغامر بنفسه من أجل الكنز.
    ألان :  نعم..
   جون :  وماذا بعد أن أعطاك الوثيقة ؟
    ألان :  وبعد أن أعطانى جوزيه سيلفستر هذه الوثيقة أخبرنى بقصتها وتلاشت
             أنفاسه ومات فى هدوء.. وبعد ذلك حفرت له قبرا عميقا ودفنته فيه..
    سير :  وهل تعرف ما كان مكتوبا فى الوثيقة.
    ألان :  أنها مكتوبة باللغة البرتغالية.. كنت أعرف رجل مخمور دائما سيساعدنى
              فى ترجمة ما جاء فى تلك الوثيقة على اللغة الإنجليزية.. سأذهب إليه                 
              واعرضها عليه.
- موسيقى-
م/12
 ألان :  بولى .. أين أنت ؟
بولى :  أنا هنا يا ألان..
          (صوت طرق أقدام)
 ألان :  أنت مازلت مخمور كعادتك..
بولى :  لا .. لست مخمور الآن .. الآن قد نفذ منى زجاجات النبيذ.
 ألان :  من حسن حظى أننى جئت فى الوقت المناسب.
بولى :  ماذا تقصد ؟
ألان :  اقصد انك لست مخمورا.. فدائما أتى إليك وأنت فى أقصى درجات الخمر..
           (يضحكان)
بولى :  ماذا تريد ؟
 ألان :  أريد أن تساعدنى فى ترجمة تلك الوثيقة فانا أعرف عنك انك تقوم بالترجمة
          من اللغة البرتغالية على اللغة الإنجليزية .
بولى :  نعم نعم .. أعطنى هذه الوثيقة.
 ألان :  تفضل.
- موسيقى-
م/13
سير :  وما مضمون هذه الرسالة.. ماذا قال لك ؟
ألان :  قال لى عن نص الوثيقة.. أنا جوزية دى سيلفستر.. أموت الآن من
         شدة الجوع بداخل كهف فى الجانب الشمالى من الجبل التى أطلقت
         عليها اسم جَبَلَى صدر شيبا.. ويقع الكهف فى الجبل الجنوبى من هذين
         الجبلين.. وأنا أكتب هذة الوثيقة فى سنة 1590م واستخدم قلما مصنوعا
         من العظام.
جون : (مقاطعا) من العظام.. هل هناك قلم من العظام ؟
ألان :  فى هذا الوقت كان القلم من العظام.
سير :  نعم نعم أكمل مضمون الوثيقة يا ألان.
ألان :  أكتب به على قطعة من القماش التى مزقتها من قميصى.. أما الحبر الذى
         أكتب به فهو قطرا من دمى.
جون:  نعم فهمت الآن.
ألان :  ويقول وعلى من يعثر على هذه الوثيقة فعليه أن يقدمها على ملك البرتغال
         لعله يأمر بإرسال جيش للقيام بالمهمة.
سير :  جيش..
ألان :  نعم.. وإذا استطاع هذا الجيش أن يجتاز فيافى الصحراء ويهزم قبلية
         كوكوانا.. فسوف يصبح ملك البرتغال أغنى ملك على ظهر الأرض ..
         ويجب على الملك أن يرسل مع الجيش بعض رجال الدين.
سير :  ولماذا رجال الدين ؟
ألان :  لأن رجال قبيلة كوكوانا يعرفون السحر وأساليب الشيطان وفنونه.
سير :  يا لها من مغامرة حقا.
ألان :  ويقول أيضا.. ولقد رأيت بعينى ملايين من أحجار الماس الثمينة مخّزنة
          فى غرفة كنوز الملك سيلمان التى تقع خلف الموت الأبيض.
جون :  الموت الابيض !!
سير :  أنتظر يا جون حتى يكمل ألان.
ألان :  يقول.. ولكن الساحرة الصّيادة العجوز جاجول خدعتنى.. ولم استطع   
         الحصول من هذه الكنوز على شئ.. سوى أن أخرج بحياتى سالما.
سير :  إذن فالصول إلى هذا الكنز فيه خطرا كبيرا..
ألان :  هذا صحيح.. ويقول .. وعلى كل من سوف يذهب إلى هذا المكان بناءً
         على نصيحتى وطبقا لخريطتى أن يتسلق القمة الجليدية للجبل الأيسر
         من جَبَلَى  صدر شيبا حتى يصل ذروتها وأعلى مكان فيها.
جون :  وأين هذا الجل ؟
 ألان :  عند الجانب الشمالى.. وهناك سيجد الطريق العظيم الذى مهده سليمان
          بنفسه.. ثم قال أنه على مبعدة مسيرة ثلاثة أيام فى هذا الطريق سيصل
          إلى مقر الملك
سير :  قصر الملك.
ألان :  نعم وعليه حينئذ أن يقتل الساحرة جاجول وأن يصلى من أجلى.. وداعا ..
         جوزيه دى سيلفستر.
سير :  وداعا جوزيه دى سيلفستر.
ألان :  انتهى مضمون الوثيقة.
سير :  ألان.. الآن هيا بنا حتى نأكل ما لذا وطاب من طعام فبطنى خاوية لدرجة
          كبيرة.
جون :  وأنا أيضا.
 سير :  وسنكمل كلامنا هناك.
 ألان :  هيا على المطعم القريب منا.
- موسيقى-
م/14
مارى  :  ماذا تريدون من طعام ؟
  ألان :  من أنتِ ؟
مارى :  أنا مارى صاحبة هذا المطعم.
  ألان :  وأنا ألان كومترين.. وهذا صديقى السير هنرى والكابتن جون جود.
مارى :  أهلا بكم جميعا فى مطعمى المتواضع.. هذه لسته بأنواع الطعام المختلفة ..
           فاختاروا منها كما تشاؤون.
  ألان :  شكرا لك..
- موسيقى-

م/15
سير :  قل لى يا ألان .. هل تعرف الطريق إلى تلك الجبال التى ذهب إليها أخى..
ألان :  نعم أعرفها..
سير :  إذن فأطلب منك أن تكون دليلى فى رحلتى للبحث عن أخى فى تلك الجبال..
         وأقولها لك بصراحة.. أننى لا أطمع فى تلك الكنوز.. وغذا عثرنا عليها
          فسوف تكون مناصفة بينك وبين الكابتن جود.
ألان :  وأنت..
سير :  أنا سأتكفل بجميع مصاريف ونفقات الرحلة .. هل توافق ؟
ألان :  ولكن..
سير :  لكن ماذا ؟
ألان :  لكن أحذرك يا سير هنرى أنت وصديقك من الخوض لتلك الرحلة فإنها
         محفوفة بالمخاطر وقد لا تعود منها أبدا وأنا معكم .. وإننا قد نلقى نفس
         المصير البائس الذى وقع فيه سيلفستر منذ ثلاثمائة عام.. وحفيده أيضا
         جوزيه سيلفستر منذ نحو عشرين عاما .. كما وقع فيه مستر نيفيل الذى
         انقطعت أخباره
سير :  (بهدوء) علينا أن نجرب حظنا.
ألان :  إذن فأنا موافق.. وعلينا الاستعداد للقيام بتلك المهمة الخطرة.
- موسيقى-
م/16
جون :  يا لها من عربه متينة بالفعل.
 ألان :  نعم يا جون لقد اشتريناها بهذه المتانة حتى تتحمل الصحراء الواعره.
جون :  نعم نعم.
 سير :  جون..
جون :  ماذا تريد يا سير هنرى..؟
 سير :  أضع هذه المعدات فى العربة .. وخذ هذا يا ألان..
ألان :  ما هذا ؟
سير :  بنادق ومسدسات وذخيرة .. سنصتحبهم معنا.
ألان :  يكفى عشرة بنادق وثلاثة مسدسات وكمية مناسبة من الذخيرة.
سير :  كما تريد .. من الذى سيقود السيارة.
ألان :  لقد اتفقت مع سائق ودليل من قبائل الزولو.
سير :  ما أسمهما ؟
ألان :  جوزا وتوم..
سير :  حسنا حسنا..
ألان :  وكنت أريد الإستعانة بثلاثة من الخدم الأقوياء الشجعان.. ولكن عثرت
         على أثنين فقط تتوافر فيهما الشروط.
سير :  من هما ؟
ألان :  هما خيفا وفنتفوجل..
سير :  حسنا .. هيا ننطلق إلى مهمتنا.
ألان :  تمهل يا سير هنرى فسوف ننطلق إذا.
سير :  لماذا ؟
ألان :  لأننا لم ننتهى من استكمال من معداتنا بعد.
سير :  لك ما تريد سنبقى هنا لغدا.
- موسيقى-
م/17
أمبوبا :  أنا أمبوبا من قبائل الزولو.. أشتركت معك فى معركة قادها شملز فورد..
          وكنت أعمل كدليل يصاحب تلك الحملة.
 ألان :  نعم نعم تذكرتك الآن.. قل لى يا أمبوبا ما عمرك..
أمبوبا :  عمرى ثلاثون عاما..
ألان :  هذا العمر ما زال صغير على هذه القامة الطويلة وقواك الجسمانية.
أمبوبا :  نعم .. ولكنى أحافظ على جسمى وقامتى..
  ألان :  حسنا حسنا..
أمبوبا :  أنى سمعت أنكم تنون القيام برحلة عظيمة نحو الشمال وأريد أن أصاحبكم
           فى تلك الرحلة ولو بدون أجر.
  ألان :  لماذا ؟
أمبوبا :  لأننى شجاع وأحب مواجهة الصعاب والمخاطر..
  ألان :  أنك فى مثل جسم سير هنرى .. وسأعرضك عليه حتى يوافق عليك.
- موسيقى-
م/18
  ألان :  ما رأيك يا سير هنرى فى أمبوبا.
  سير :  أنى معجب به وقد قررت أن أتخذه خادم خاص لى أثناء الرحلة.
أمبوبا :  ولقد قابلت ذلك..
  سير :  إذن فهيا لننطلق إلى بداية الرحلة.
 - موسيقى-
م/19
               (صوت سيارة تسير)
السائق :  يا لها من رحلة شاقة ومجهدة أيضا.
  جون :  نعم .. لقد قطعنا حتى الآن نحو ثلاثة ألاف ميل منذ أن بدأناها من
            مدينة دربان.
   ألان :  نعم ونحن فى الأسبوع الثانى منها.
السائق :  أنظروا نحن على مشارف قرية سيتاندا..
   سير :  سننزل فيها حتى تهدأ السيارة.. هيا هيا..
            (صوت لمحرك سيارة يقف)
  جون :  أنزلوا أنزلوا..
            (صوت لفيل هائج)
  ألان :  (بخوف .. بصوت عالى) أحترس أحترس يا جون جود.. الفيل قادم إليك ..
            سيدوسك الفيل الهائج بقدميه.
  خيفا :  (بصرخه) هذا رمحى لقد غرسته فى خرطوم الفيل..
           (صوت الفيل يعلو)
  سير :  ما هذا أنه يدوس خيفا ..
  ألان :  أطلقوا عليه  الرصاص..
           (صوت إطلاق رصاص كثيف)
 جون :  لقد مات الفيل.
أمبوبا :  لقد مات خيفا ميتة الرجال الشجعان..
  ألان :  ها قد تعرض نفسك للخطر يا أمبوبا عندما أردت إنقاذ جون..
  سير :  يا لها من ميتة مروعة.. لقد مات خيفا.
- موسيقى-
م/20
سير :  هل تعرف هذه القرية يا ألان.
ألان :  نعم أعرفها .. أنها تقع على حافة الصحراء الشاسعة التى تمتد بلا نهاية.
سير :  هل هى كبيرة ؟
ألان :  لا .. بل هى قرية صغيرة تتناثر منها أكواخ الآهالى مع بعض حظائر
         الماشية وبعض الحقول المزروعة بالحبوب.
         (فترة صمت قليلة)
سير :  لماذا سكت عن الكلام يا ألان ؟
ألان :  أننى تذكرت الآن منذ عشرين عاما.
سير :  بماذا تذكرت ؟
ألان :  تذكرت حين شاهدت المسكين سيلفستر وهو يزحف على يديه وقدميه
         وقد ساءت حاله بعد محاولته الفاشلة فى الوصول إلى كنوز الملك سليمان.
سير :  لقد قلت لى عنه قبل ذلك..                                        
ألان :  كان الجو صافيا ولذلك فقد استطعت أن أرى التكوينات الزرقاء الباهته لقمم
         جبال سليمان عند الأفق البعيد.. أنظر أنظر يا سير هنرى .. ها هى الجبال
         عند الأفق.
سير :  نعم أراها.
ألان :  أنها تبدو كجدار عالِ يحيط بكنوز الملك سليمان.
سير :  لكنها عالية وشاهقة.
ألان :  نعم .. وليعلم الله إذا كنا سنستطيع ان نتسلق هذا الجدار أم سنرجع خائبين.
سير :  إن أخى هناك ولا بد أن أعثر عليه ..
أمبوبا :  إن الصحراء واسعة جدا وليست فيها قطرة ماء.. وإن الجبال عالية جدا
            ومغطاة بالثلوج.. سيدى سير هنرى.. إذا كنت يا سيدى تنوى إجتياز تلك
           الصحراء وتصعد فوق قمم تلك الجبال لتبحث عن أخيك ..
  سير :  نعم سأفعل.
أمبوبا :  ربما سأبحث أنا أيضا عن أخ لى وراء تلك الجبال البعيدة ؟
  ألان :  لم أفهم كلامك .. هل تعرف شيئا عن تلك الجبال البعيدة ؟
أمبوبا :  أعرف عنها القليل.
  ألان :  مثل ماذا ؟
أمبوبا :  هناك ارض غريبة تعيش فيها الساحرات والأشياء الجميلة .. وفيها رجال
            شجعان وأشجار وجداول مياه وثلوج.. وهناك أيضا طريق عظيم أبيض
            اللون.
  سير :  هيا يا رفاق سنعد عدتنا ونجهز أنفسنا للرحيل غدا.
- موسيقى-
م/21
السائق :  (يتثائب للنوم) أنى أريد أن أنام..
   ألان :  أيها الرفاق نحن سنواصل السير أثناء طراوة الليل وان نستريح أو ننام
             خلال قيظ النهار..
   سير :  (يصيح فيهم بصوت عالى) أيها الرجال .. نحن مقدمون على رحلة
             من أغرب رحلات الإنسان على وجه الأرض .. وعلينا أن نصلى لله
             الذى بيده مقادير البشر.. لى يرشدنا ويبارك خطانا.
             هيا لنتحرك.
             (صوت تشغيل محرك سيارة مع سير السيارة)
    ألان :  أيها الرفاق .. لقد مات دليلنا .. ولم يكن معنا ما يرشدنا إلا قمم تلك
             الجبال البعيدة.
   جون :  ألم يكن معك الخريطة يا ألان.
    ألان :  نعم معى.. معى الخريطة التى رسمها جوزيه دى سيلفستر منذ ثلاثمائة
             عام.
    سير :  نعم كما يقول ألان .. وإذا قدر لنا الآن نعثر على البئر ذى المياه الفاسدة
             الذى يتوسط الصحراء طبقا لما هو مرسوم بالخريطة فسوف يكون هذا
             معناه أننا سنموت عطشا.
    ألان :  وأنا شخصيا اعتقد أن العثور على مثل هذا البئر وسط البحر من الرمال
            الممتد بلا أول ولا أخر أمرا بعيد الاحتمال.
           (صوت سيارة تسير )
- موسيقى-
م/22  
            (صوت سيارة تسير)
            (فترة صمت)
   ألان :  لماذا أنتم صامتون هكذا ..؟
   سير :  ضوء القمر يغمرنا بإحساس كثيف بالوحدة فجعلنا نتأمل فيه.
  جون :  نعم.. وكأننا منعزلون عن العالم.
 أمبوبا :  يا له من صمت رهيب.. أنا لم أرى أحياء غيرنا فى كل هذا الإتساع
            الشاسع.
   ألان :  نعم.. لا نرى حيوانا ولا طيرا.. سوى أسراب الذباب التى كانت تهاجمنا
            كالجيوش الجرارة.
السائق :  لقد وصلنا.
            (صوت فتح باب سيارة)
  جون :  بالها من حرارة الشمس الحارقة..
أمبوبا :  أريد ماء..
 ألان :  لقد نفذ الماء
   أمبوبا :  أنا أعانى من عطش شديد.
    جون :  هل سنبقى فى حرارة الشمس هذه.. إنها حرارة تكاد تشوى لحم أجسادنا.
     سير :  يا رفاق أبحثوا عن بئر للمياه.. عسى أن نجد بئرا.
     ألان :  عن مصيرنا بين الحياة والموت.
     سير :  أين فنتفوجل وتوم ؟
     ألان :  أنهما مرتميان على الرمال من شدة العطش والتعب.
فنتفوجل :  (يشتم الهواء بأنفه عدة مرات) أنى أشم رائحة الماء.. هناك ماء
               فى مكان قريب من هنا.
     ألان :  أين يا فنتفوجل.. أين ؟ لم نرى سوى جَبَلَى صدر شيبا.. فهما يبعدان
              عنا بنحو خمسين ميلا.. ويبعد كل جبل منهما عن الجبل الآخر مئات ا
              الأميال.. ويحصران بينهما سلسة جبال سليمان.
     سير :  ربما يوجد الماء على هذا التل القريب.
فنتفوجل :  لنصعد التل ونستطلع.
    جون :  نعم انا من رأي فنتفوجل.
     ألان :  إذن هيا نصعد أعلى التل.
             (صوت أقدام تسعى)
     سير :  لقد صعدنا التل..
    جون :  أنظروا أنظروا جميعا هناك .. هناك ماء فى هذه الفجوة.. هيا إليها.
              (صوت أقدام تسعى)
     ألان :  (يصيح) أنها لمفاجأة .. هنا ماء فى هذه الفجوة بالفعل..
     سير :  لكن الفجوة عميقة فى شقوق التل.
   أمبوبا :  سآتى لكم بالماء منها.
     سير :  أحذر يا أمبوبا أنها عميقة جدا.
   أمبوبا :  لا تخافوا.. سأملئ هذا الإناء منها عندما أتدلى بها فى هذه الفجوة.
              (صوت وكأنه يملئ شئ من الماء)
     ألان :  ها هو الماء..
    جون :  أريد الماء .. (صوت تجرع ماء) لقد شربنا وأرتوينا.
     ألان :  نعم وقد استعدنا قدرتنا على مواصلة الرحيل عند شروق الفجر..
              (ينادى) يا فنتفوجل .. يا توم أملئوا إناءكم من هذا البئر حتى تعيننا
              على الطريق.
      توم :  أمرك يا سيدى ألان.
- موسيقى-
م/23
  سير :  اليوم هو الثالث والعشرون من شهر مايو..
  ألان :  نعم .. وقد وصلنا إلى سطح الجبل الذى تشير إليه الخريطة.
 جون :  أنظروا هناك.. هناك يوجد أشجار الفواكه البرية..
  ألان :  أنه من حسن حظنا.
  سير :  هيا لنصعد إلى قمة الجبل.
أمبوبا :  حقا يا امبوبا .. إننا نعانى شدة البرد القارس.
  ألان :  أنها منطقة الجليد..
 جون :  (بصوت واهن) اعتقد إننا الآن بالقرب من الكهف الذى كتب فيه جوزيه
            دى سيلفستر رسالة ورسم خريطته.
  ألان :  كان من الواضح غننا إذا لم نعثر على هذا الكهف قبل حلول الظلام..
           فسوف نموت متجمدين فى تلك الثلوج.
أمبوبا :  (بفرحه) ها هو الكهف .. ها هو مدخله هناك .
  ألان :  هيا إلى الكهف.
            (صوت سير لأقدام)
  سير :  لقد غربت الشمس.. وها قد حل الظلام الدامس .
  ألان :  لقد وصلنا إلى الكهف.. هيا تسللا إلى الداخل واحدا بعد الآخر.
 جون :  يا لها من رحلة شنعاء.. الآن إسترحت وإلتقط أنفاسى.
أمبوبا :  هيا ناموا وحتى شعرون بالدفئ غلتصقوا جميعا أجسادكم ببعضها
           وتهيأوا للنوم.
- موسيقى-
م/24
   ألان :  لقد أشرقت الشمس .. هيا أستيقظوا.
   سير :  نعم.. كانت ليلة شديدة البرودة..
   ألان :  أستيقظوا جميعا.
  جون :  استيقظ يا فنتفوجل.. استيقظ.. سير هنرى.
   سير :  ماذا بك يا جون ؟
  جون :  فنتفوجل لم يرد.
   ألان :  يبدو أنه مات من شدة البرد.
   سير :  ماذا تقول ؟
   ألان :  لقد مات وهو راقدا.
   سير :  أتركوه مكانه.
السائق :  أنظروا.. أنظروا هناك .. يوجد رجل متوفى..
   ألان :  أنها جثة جوزيه دى سيلفستر  الذى مات منذ ثلاثمائة عام.
   سير :  ما هذا أنه جالسا مستندا إلى جدار الكهف.. رأسه مائل على صدره..
            وذراعاه الطويلتان مسترختان إلى جانبيه.
  ألان :  وبشرته الصفراء قد إلتصقت بعظامه.. وجسده كله مجمدا وجافا.
  سير :  أتركوهم فى مكانهما فى الكهف.. وهيا لنخرج من الكهف إلى ضوء
           الشمس الساطع.
  ألان :  لا بد وأن نسأل أنفسنا سؤلا .. بعد كم من الساعات سنلقى نحن مثل
          هذا المصير التعس ؟!
أمبوبا :  أنظروا لقد بدأت الشبورة تنقشع وتتلاشى رويدا رويدا.. وها قد بدأت
           الأشياء تبدو بوضوح.
 جون :  أنظروا إلى أسفل الجبل .. هذا مجرى صغير من الماء الرائق.. وأيضا
           يوجد مساحة مغطاه بالعشب الأخضر..
  ألان :  نعم هذا بالفعل.. ويوجد مجموعة من الغزلان الجبلية الكبيرة تشرب
           من مجرى الماء.
  سير :  لنصتاد منها واحده.
أمبوبا :  أنا عليا إصتياد إحداها بحربتى هذه.
- موسيقى-
م/25
  سير :  يا له من لحم غزلان شهى.
  ألان :  نعم .. كدنا نموت جوعا لولا صيدنا للغزلان.. وها قد شربنا وأرتوينا
           وعادت إلينا قوتنا وحيويتنا وبدت معالم المكان تتضح أمامنا أكثر وأكثر.
 جون :  نعم يا ألان .. هذا المكان به أيضا الوادى الأخضر الواسع وغابة كثيفة..
            ونهر كبير ينساب فى مجراه الفضى.
أمبوبا :  وأنا أيضا رأيت مراع خضراء شاسعة ترعى فيها مواش وأبقار لا حصر
            لها.. وحقول مزروعة بالحبوب.
  ألان :  المنظر هنا جميلا لم أرى مثله فى حياتى.
            (صوت طرق أقدام)
أمبوبا :  أنظروا أنظروا هناك.. أنه طريق فى صخر الجبل.
 ألان  :  نعم أنها مفاجأة بالنسبة لنا..
  سير :  أنه لا رائع.. كم يبلغ أتساعه.
  ألان :  يلغ إتساعه نحو خمسين أو ستين قدما..
           (بفرحة) أخيرا عثرنا على طريق سليمان..
  سير :  هيا بنا نجوبه حتى نبلغ مداه.
  ألان :  هيا..
           (صوت طرق أقدام)
 جون :  يا له من طريق رائع بالفعل.
  ألان :  أنظر أنظر يا سير هنرى.. عن بعض أجزاء الطريق منحوته فى صخر
           الجبل.. ونحتت على الجدران من الناحيتين مناظر غربة..
  سير :  يبدو لرجال مسلحين يقودون مركبات حربية.. ها هى مناظر معركة..     
           وأخرى لمناظر لجماعات من الأسرى.
أمبوبا :  استكملوا السير فى طريق سليمان.
           (صوت طرق قدام)
أمبوبا :  لقد وصلنا إلى غابة .. أنظروا أنها غدير من الماء الرائق.
  سير :  سنبقى هنا قليلا حتى نستريح ونتناول طعامنا.. وإذا كان منكم أحد يدخن
           الغلايين  فاليدخن.
           (صوت هدير ماء)
 جون :  سأذهب إلى الماء..
           (صوت طرق أقدام)
  ألان :  لقد ذهب جون إلى الماء.. انظر يا سير هنرى .. الكابتن جون جود يأخذ
           حماما فى الماء..
   توم :  (للجميع) الطعام .. لقد أعددت الطعام
  سير :  أستدع الكابتن جون ليتناول الطعام معنا.
   توم :  أنه يجفف جسمه بعد الحمام.
           (صوت إنطلاق سهم يلصق بالحائط)
 جون :  (يصرخ) أاه..يا إلهى..
           (صوت سير أقدام سريعة)
  ألان :  ماذا بك يا جون ؟
 جون :  أنظروا هذا السهم انطلق من خط الضوء بجانب رأسى وكاد يصيبها.
  ألان :  من أين جاء..؟
  سير :  يبدو من هذا الاتجاه..
أمبوبا :  من هؤلاء ؟!
  ألان :  أنهم رجال .. ياله من عجب.. أنهم طوال القامة بشكل أكثر من المعتاد..
           وبشرتهم السوداء تلمع كالذهب .. ومن هذا الفتى الصغير الذى يقف أمامهم.
  سير :  أنه لا يتجاوز سبعة عشر عاما.. أترى يا ألان .. هو الذى أطلق السهم ..
           أنه ممسك بالقوس الذى رمى به سهمه الطائش.. كابتن جون إلتقط بندقيتك.
  ألان :  ماذا تفعلون ؟
  سير :  سنصوبها إلى صدور تلك الآهالى.
أمبوبا :  لكنهم شعب لا يعرفون ما هى البنادق.. أنهم يتقدمون..
 جون :  ألا يخافون من إطلاق النار.
  ألان :  (بصوت عالى) اخفضوا بنادقكم أيها الرفاق ودعونى أتصرف معهم.
           أيها الرجال.. إننا غرباء وقد جئنا إلى هنا نريد السلام.
إنفادوس :  (رجل عجوز) هذا كذب .. فالغرباء لا يستطيعون إجتياز الجبال  
         وعبورها.. والغرباء غير مسموح لهم بأن يعيشوا على أرض كوكوانا.
ألان :  لماذا ؟
إنفادوس :  هذا هو قانون الملك.. وعليكم أن تستعدوا للموت..
              (لرجاله) أيها الرجال أشهروا سكاكينكم.
  الرجال :  (صاحوا صيحة رعب) هاااه..
     ألان :  لماذا صاحوا هكذا وتراجعوا للخلف.. ماذا حدث ؟
    جون :  أننى أخرجت طاقم أسنانى العلوى من فمى وأدخلته مرة أخرى ..
              فصاحوا هكذا..
     ألان :  إذن فقد خافوا من هذه الحركة .. أخرجها وأعيدها مرة أخرى.
 الرجال :  (يصيحون بأعلى أصواتهم) هاااه .. هاااه .. هاااه..
     سير :  أنهم ينتفضون خوفا وهلعا من ذلك.
     ألان :  أيها الفتى الصغير ماذا حدث لهم..؟
    الفتى :  لقد صرخوا عندما رأوا شيئا غريبا.
إنفادوس :  أيها الرجل.. أنكم لستم من البشر .. هل يمكن أن تلد النساء رجلا له
              عين مستديرة وأسنان تخرج من فمه وتدخل.
     سير :  (بصوت خافت) أنه يقصد الموُنوكل الذى يلبسه جود جود على عينيه
              اليمنى..
     ألان :  نعم.. سأنتهز الفرصة فى هذا الموقف.. أنتظر قليلا..
              (للرجال) لقد جئنا من عالم آخر.. جئنا من النجم الكبير الذى يلمع
              فى السماء ليلا وسوف نقيم عندكم لفترة قصيرة ونمنحكم البركة أيضا..
              والآن .. دعونا نعاقب اليد التى رمت السهم على هذا الرجل الذى
               تخرج  أسنانه من فمه وتدخل.
إنفادوس :  نرجوكم أن تعفوا عن هذا الصبى أنه أبن الملك.
     ألان :  (فى نفسه) سأنتهز الفرصة هذه المرة أيضا.
              (لأمبوبا) أمبوبا أعطنى الماسورة المسحورة التى تتكلم.
   أمبوبا :  تفضل يا سيدى البندقية.
     ألان :  أنظروا على هذا الحيوان الواقف بعيد على نو سبعين مترا..
              هل يستطيع رجل ولدته امرأة أن يقتل هذا الحيوان البعيد بمجرد الصوت.
إنفادوس :  لا يمكن.. هذا مستحيل يا سيدى.
     ألان :  انظروا .. (صوت طلق نارى)
 إنفادوس:  لقد خر الحيوان صريعا.
 الرجال :  (صوت خوف وذعر) هااه هااه..
     ألان :  أرأيت..
إنفادوس :  لقد إقتنعنا بكم .. إن جميع الساحرات فى قبيلتنا لا يستطعن أن يفعلن
              شيئا كهذا.. والآن اسمعوا يا أبناء النجم الساطع.. يا أبناء العيون التى
              تلمع فى ضوء الشمس والأسنان التى تخرج من الفم وتدخل.. يا من
              تستطيعون القتل بهذا الصوت المرتفع كالرعد.. أنا أسمى إنفادوس..
              وأنا أبن كافا الذى كان ملكا على شعب كوكوانا .. أما هذا الشاب فإسمه
              سكراجا وهو أبن توالا الملك العظيم سيد كوكوانا وحارس الطريق
              العظيم وباعث فى قلوب أعدائه الرعب.. وقاد مائة ألف من الجنود
              الشجعان.. تولا المرعب.. وصاحب الأعين الواحدة.
     ألان :  إننا نريد أن نقابل الملك توالا..
إنفادوس :  لك ما تريد.. أيها الرجال احملوا أمتعتهم وحاجاتهم ما عدا بنادقهم
              لا تحملوها ولا تلمسوها .. هيا..
              (صوت حمل الأمتعة)
    جون :  (بصوت عالى) أتركوا ملابسى .. أتركوا ملابسى كى أرتديها..
إنفادوس :  لا يا سيدى .. هل يريد سيدى أن يغطى ساقيه البيضاوين ؟
              هل فعلنا شيئا شريرا حتى يقوم سيدى بتغطية ساقيه ؟
              (صوت طرق أقدام)
     سير :  (بصوت خافض) جون جود.. لقد ظهرت فى هذه البلاد بشخصية
               خاصة متميزة.. ويجب عليك أن تستمر فى تمثيل هذه الشخصية..
               ومن الآن فصاعدا يجب أن تبقى هكذا.
     جون :  هكذا دون أن أرتدى ملابسى.
      سير :  نعم لا تلبس سوى القميص والحذاء وأيضا تظل محتفظا بالموُنوكل
               فوق عينيك.
      ألان :  (بصوت خافض) نعم ما يقوله سير هنرى صحيحا يا كابتن جون
               لأنك إذا غيرت أى شئ  من مظهرك ها فسوف يتوقفون عن تصديقنا
               وسيقتلونا جميعا فى لحظة واحدة.
      جون : أمركما . أمركما لن أرتدى ملابسى.
- موسيقى-
م/26       
              (صوت طرق أقدام عالية)
     ألان :  إنفادوس.. من ذا الذى بنى هذا الطريق ؟
إنفادوس :  لقد بُنى فى عصور قديمة يا سيدى.. ولا أحد يعرف كبف ولا متى
              بُنى.. حتى الساحرة العجوز جاجول التى عاشت مئات السنين وظلت
              تعيش حتى الآن لا تعرف ذلك..
     ألان :  قل لى يا إنفادوس.. كيف حال الملك توالا..
إنفادوس :  إن جنود الملك توالا يعدون بالآلاف .. وأن حربا أهلية قد دارت
              رحاها بين العائلة المالكة فى قبيلة كوكوانا.
     ألان :  لما هذا هل كان هناك نزاع ؟
إنفادوس :  نعم كان سبب هذا النزاع هو عادات تقاليد القبيلة التى تقضى بأن
              أية امرأة إذا ولدت طفلين توأمين فيجب أن يقتل الطفل الأضعف.
     ألان :  (بدهشة) هل هذا معقول .. لماذا ؟ لماذا يقتل الضعيف..؟
إنفادوس :  سأقول لك .. كان للملك السابق كافا أخ توأم ولد معه.. ولكن أم
              الملك أخفت وليدها الآخر حتى لا يتعرض للقتل.. وعندما مات الملك
               كافا تولى العرش أخوه إيموتو.. ولكن جاجول الساحرة العجوز المرعبة
               أيدت توالا الأخ التوأم للجل الميت.. وقام توالا بقتل الملك إيموتو وتولى
               العرش بدلا منه.
     ألان :  وأرملة إيموتو..
إنفادوس :  هربت.. أرملة إيموتو هربت وحملت معها طفلها الرضيع إجنوسى.
     ألان :  أجنوسى ؟!
إنفادوس :  نعم .. ومنذ ذلك الحين لم يرها أحد..
               فسألته :
مزج إلى :
              (فلاش باك.. الرجوع إلى الماضى)
     مون :  (أرملة إيموتو) معنى ذلك إذا كان أجنوسى لم يزل حيا.. فسوف يكون
               هو الملك الحقيقى لشعب كوكوانا..
كريستى :  (مقرب لمون) هذا صحيح .. وهناك عامة الوحش الزاحف التى نوشم
               بها الأبن الأكبر للملك حين يولد.. فإذا كان أجنوسى حيا فسوف يصبح
               الملك صاحب الحق الشرعى على شعب كوكوانا .. ولكن..
     مون :  ولكن ماذا ؟
كريستى :  ولكن من المؤكد أن أجناسى قد مات..
مزج إلى :
               (الرجوع للواقع .. إستكمالا لحديث إنفادوس)
               (صوت طرق أقدام عاليه)
     ألان :  أمبوبا .. أأنت سمعت حديثنا .. وأنت تمشى خلفنا يا أمبوبا..
   أمبوبا :  نعم وإنى مهتم بسماع هذا الحديث كلمة كلمة.
     ألان :  ما هذا الكم الكبير من الجنود الذى يتجمع على جانبى الطريق كلما إقتربنا
              ناحية القرية.
إنفادوس :  أنى قد أرسلت بعض الرسل للإعلان عن قدومنا..
     ألان :  لكنهم يحملون فى أيديهم حرابا ذات سنونا لامعه ودروعا رمادية اللون
              من هذا يا إنفادوس..
إنفادوس :  إن هؤلاء الجنود اسمهم الرماديون.
     ألان :  الراماديون ؟
إنفادوس :  نعم .. هم من خبرة الجنود فى شعب كوكوانا.. وأنا القائد الآن لهؤلاء
              الرماديون..
     سير :  ألان.. لقد اجتزنا القرية حتى أصبحنا على مشارف مدينة لوو عاصمة
              أرض كوكوانا..
    جون :  هل تعرفها. ؟
   أمبوبا :  أنها قرية صغيرة تقع بالقرب من تل له شكل غريب..
    جون :  ماذا تقصد بالشكل الغريب يا أمبوبا..
   أمبوبا :  أنه يشبه حدوة الحصان او شكل هلال القمر .. وخلف المدينة هناك ثلاثة
              من الجبال لها شكل وتكوين غريب..  تتوج قمتها الثلوج..
إنفادوس :  أنكم تركزون أنظاركم على تلك الجبال..
     ألان :  نعم..
إنفادوس :  أنها جبال مملوءة بالكهوف.. وعندها ينتهى الطريق وجميع ملوكنا الذين
               ماتوا مدفونون هناك فى أرض الموت..
      ألان :  (بصوت خافت لرفاقه) عن كنوز الملك سليمان مخبأة فى تلك الجبال.
     جون :  لماذا أنت مسهم هكذا يا أمبوبا..؟
    أمبوبا :  نعم .. الكنوز موجودة هناك.. وما دمتم تحبون هذه الأشياء فسوف
               تحصلون عليها..
      جون :  هل سمعت ما قاله يا سير هنرى.
       سير :  نعم سمعت.. ولكن يدهشنى إننا نسير وسط صفوف لا حصر لها من
                الأكواخ.
                (صوت أقدام وهى تقف)
   إنفادوس :  لقد وصلنا على مجموعة الأكواخ.
        ألان :  ما هذه الأكواخ.. أنها على شكل دائرة تتوسطها ساق واسعة.
   إنفادوس :  نعم.. (ينادى بصوت عالى) أعدوا لنا كوخا مستقلا لكل واحد منا..
                 وزودونا بالطعام وبالماء.
        ألان :  لا سنكون جميعا فى كوخ واحد.. هل أنتم موافقون..
     الجميع :  نعم موافقون.
         ألان :  حتى نكون مجتمعين سويا عند حدوث أى خطر..
    إنفادوس :  إذن فادخلوا هذا الكوخ واستريحوا فيه حتى اليوم التالى.
- موسيقى-
م/27
إنفادوس :  اليوم ستذهبون لمقابلة الملك توالا..
     ألان :  هل هو بعيد من هنا ؟
إنفادوس :  لا .. على بعد خطوات فقط..
     ألان :  هل هو يسكن فى قصر كبير..
إنفادوس :  لا أنه يعيش فى كوخ كبير شديد الضخامة.. أمامه ساحة واسعة..
              هيا بنا.. هيا..
- موسيقى-
م/28
    جون :  لقد وصلنا..
إنفادوس :  نعم وصلنا بالفعل..
     ألان :  لماذا أصطف الجنود هكذا مدججين بالرماح والدروع..
     سير :  ياله من شئ مخيفا.. أنظر يا ألان.. لقد وقفوا جامدين كما لو كانوا قد
               نحتوا من صخور صلبة.
إنفادوس :  أنتظروا هنا.. أقعدوا على هذه المقاعد أمام بوابة الكوخ..
     ألان :  لماذا ؟
إنفادوس :  لننتظر ظهور الملك وحاشيته..
               (صوت فتح باب)
     ألان :  ما هذا الجل العملاق..؟
     سير :  أنه ضخم الجثة.. أنظر وراءه صبى صغير..
إنفادوس :  هذا الصبى هو سكراجا..
     ألان :  سكراجا..
إنفادوس :  نعم.. هو مخلوق آخر غريب.
     ألان :  يبدو كما لو كان قردا مجففا يرتدى ملابس فراء الحيوانات..
  صوت :  الملك توالا..
إنفادوس :  يخرج الملك الآن..
              (صوت أقدام تتقارب)
     ألان :  (بدهشة) ما هذا الملك.. أنه ذا وجه مخيف يثير الرعب.. له شفتان
              غليظتان وأنف ضخم مفلطح وعين واحده يطل منها الشر.
    جون :  أنظر يا ألان.. رأس الملك تتزين بعديد من الريش الأبيض..
     ألان :  نعم ..وانظر أيضا إلى جسمه.. جسمه كله مغطى بدرع لامع.. يمسك
               فى يده اليمنى رومحا ضخما وحول رقبته حلقة سميكة من الذهب..
    جون :  وفى منتصف جبهته ماسه تتلألأ ضخمه لم نرَ من قبلها مثلها.
    الملك :  (ينادى فيهم بصوت عالى) أيها الناس إن لى قوة وجبروت.. وها هى
               قوتى.. أعدموا هذا الجندى الذى لا يحمل درعا..
  الجندى :  (يصرخ) آاااه.
      ألان :  أنظروا لقد غرس أبنه سكراجا رمحه فى قلب الجندى المسكين الذى
               لا ذنب له.
إنفادوس :  أخفض صوتك حتى لا يسمعك أحد..
 سكراجا :  (بصوت عالى) خذوا هذا القتيل بعيدا.. وغطوا أثار الدماء..
    الملك :  أسمعوا ما قاله سكراجا..
   جندى :  سنطيع أوامرك يا سيدى.
     سير :  (محتجا) لا .. أنى لا أرضى عن ه1ه القسوة..
     ألان :  سير هنرى.. إلزم الصمت حتى لا نتعرض للمشاكل..
    الملك :  أيها الناس..
انفادوس :  أنتبهوا الملك يتكلم..
    الملك :  هل جئتم حقا من النجوم البعيدة ؟ هل تعرفون أنى قادر على جعل
               مصيركم مثل هذا الجندى الذى مات فى لحظة خاطفة..؟
     ألان :  (يضحك ساخرا) ها ها ألم يخبروك بأننا قادرون على القتل ونحن نقف
              فى مكان بعيد.
    الملك :  أخبرونى بذلك ولكنى لا أصدقه.. أرونى كيف تقتلون رجلا من هؤلاء
               الجنود الواقفين هناك..
      ألان :  نحن لا نقتل الرجال إلا إذا كان ذلك من أجل عقاب عادل.. أحضر لنا
               فيلا أو أى حيوان أخر ودعه يقف عند تلك البوابة البعيدة.. وسترى
               بنفسك.. أنى سأسقطه ميتا وأنا أقف فى مكانى هنا.
    الملك :  أحضروا فيلا الآن..
     ألان :  (بهمس) سير هنرى .. عليك أن تطلق النار على الفيل فور ظهوره
                عند البوابة حتى لايعرف الجميع أننى لست الساحر الوحيد فى جماعتنا.
        سير :  نعم..
      أمبوبا :  لقد ظهر الفيل..
        ألان :  سير هنرى أطلق النار..
                 (صوت لطلق نارى)
                 (أصوات لهمهات وتعجب)
صوت(1) :  هذا عجيب..
صوت(2) :  هذا عجيب..
صوت(3) :  هذا عجيب..
       الملك :  (بخوف) ما هذا ؟
        ألان :  أنظر يا سير هنرى.. أنظر على وجه الملك لقد ظهر على وجهه               
                  الخوف.. سأنتهز الفرصة.. (للملك) أنظر الآن .. أنى أستطيع أن
                  أكسر رمحك وأنا واقف فى مكانى.
       الملك :  حقا ..
        ألان :  (صوت طلق نارى) لقد تناثرت سن الرمح إلى قطع صغيرة..
                 (صوت همهمات تعجب)
 صوت(1) :  شئ عجيب..
 صوت(2) :  شئ عجيب..
 صوت(3) :  شئ عجيب.
        جون :  إن المخلوق الغريب يزحف على قدميه ويديه متجها إلى الملك..
                  سكراجا..
         سير :  أنه أزاح الغطاء عن وجهه.
         ألان :  (بدهشه) هو لوجه امرأة عجوز معمره.. أنظر يا سير هنرى.. كله
                   تجاعيد وتغضنه.. وليس فى رأسها شعرة واحدة.
         سير :  هذه المرأة هى جاجول الساحرة الشهيرة الشريرة التى لا يعرف
                  عمرها أحد..
        أمبوبا :  أنا خائف من منظر هذه المرأة المرعب.
         جون :  أنظروا لقد مدت جاجول عظام يدها فظهر أصابعها ذات الأظافر
                   الطويلة ووضعتها على كتف الملك توالا..
      الساحرة:  (بصوت عجوز وكأنها من كوكب أخر) أسمع أيها الملك.. أسمعوا
                   يا كل الموجودين هنا.. إنى أرى انهارا من الدم ستسيل فى كل
                   مكان.. وأنتم أيها الرجال البيض القادمون من النجوم البعيدة.. هل
                   تبحثون عن شخص مفقود كما تقولون ؟
                   لن تجدوه هنا.. فمنذ ألاف السنين لم تطأ هذه الأرض قدم بيضاء..
             وإذا كنتم قد جئتم من أجل الأحجار البيضاء فسوف تعثرون على
             تلك الأحجار بعد أن يجف الدم.
              (لأمبوبا)  تقدم أيها الرجل الأسود.
     ألان :  أنها تقصدك يا أمبوبا..
   أمبوبا :  أنا..
الساحرة :  أنت يا صاحب الوجه الأسمر الفخور.. من أنت ؟
   أمبوبا :  أنا..
الساحرة :  أنى أعرفك وأستطيع أن أشم رائحة الدماء التى تجرى فى قلبك
              وعروقك.. أخلع ملابسك لأرى..
  أمبوبا :  اخلع ملابسى..
   جون :  (صوت ارتطام) أاه..
    ألان :  لقد سقطت الساحرة العجوز مغشيا عليها..
   الملك :  أيها الجنود أنصرفوا..
             (صوت طرق أقدام الجنود تتباعد)
   الملك :  (بصوت خافض) أذهبوا فى سلام.. الليلة ستقام حفلة رقص أدعوكم
              لمشاهدتها.. وغدا سوف أفكر.. يا إنفادوس.. اصطحبهم إلى حيث
               يذهبون..
     ألان :  إلى أين ؟
إنفادوس :  إلى كوخكم.. هيا بنا جميعا..
                 
- موسيقى-


(نهـــــاية)

الأربعاء، 4 سبتمبر 2019

ملخص لقصة :

           مــــوج وعــــواصف
تأليف :
فوزى يوسف اسماعيل

الموضوع :
ـــــــــــــــــــ
تدور الاحداث حول :
الريس شندويلى الذى يملك مركب، وهو شريك لجاد الذى تعزر فى مشاركته عندما ضاقت به المعيشه، على ان يعمـل عليها كل منهم فى يوم مستقل بنفسه، وكان ابنــــــــة شندويلى التى تدعى (الهـــام) خطيبــة ابن جاد الـــــذى يدعى (ابراهيم) وعلى اتمام الزواج.
ولكن شندويلى لعبت بعقله فكــــرة الخواجه الذى عـــرض عليه مبلغا كبيرا مقابل ان ينقل حموله له الى الشاطئ الاخر، دون ان يسأل ماهى .
وحجب المركب عن جاد لمدة اسبــــوع كما طلب منه الخواجه، ورفض مشاركته فى نقل الحموله.
ولم يبق لجاد الا الانتظار ،والتساؤل من آن لاخر عن سـر منعه المركب، حتى علم بحكاية الخواجه مع شندويلى.
وعندما اخذ شندويلى نصف المبلغ المتفق عليه ،ذهب الى منزله لكى يطلب من ابنته ان تتخلى عن ابن جاد، وتنفض هذه الزواجه، لكنها بكت عندما كلمها بهذا.
وزاد التساؤلات عندها كذلك،وقد علم نعمان الذى كان سببــا فى مشاركتهم البعض ،وحاول ان يصلح بينهم لكن دون جـدوى من جهة شندويلى.
وابراهيم الذى احتار من اجل الريس شندويلى ،كيف يتصرف ،
وماذا يفعل لاصلاح الخلاف الذى حــــدث بينهم، فلا يهمــــه الا سيران العمل فى المقام الاول، والفوز بقلب الهام خطيبتـــه دون اية خلاف او مشاكل.
وبعد ما احتار جاد فى اصلاح مافسده شندويلى، لجـأ الى ضابط المباحث الذى على الفور وعده بسرهة حل هذا الخلاف.
وجاء وقت اتمام العمليه ،التى كان ميعـــادها عند اتمام القمر فى كبد السماء، تلك الاشاره المتفق عليها.
نزل الريس شندويلى هو والخواجــه فى عرض البحــــر، وكان هناك من يقوم بتسليمهم الحموله التى يذهبــــون بها الى الشاطئ الاخر.
فلم يستغرقا وقتا طويلا ، فقـــــد اتتهم النوه التى قلـــبت الامواج وجاءت العواصف العاتيه، وكانت الفاجعه عندما وجدت شرطة السواحل تدميرالمركب التى لا تصمد اما الامـــواج والعواصف الجارفه.
وبكت الهام على ما اصاب والـــــدها فى تلك العمليه ،ولكن هدأ ابراهيم من روعها حتى هدأت ،وصبرت على ابتلاءها .
وجاء جاد بالمركب الحديث ليقوم بتشغيله ،وبعـد ذلك تم الزواج
بين ابراهيم والهام ليبدؤا حياة جديده..

                            (انتهت)


حياتنا فى سلة مهملات بقـــــلم / فوزى يوسف إسماعيل

       حياتنا فى سلة مهملات



                                  بقـــــلم
                     فوزى يوسف إسماعيل                 
حكاية رغيف العيش

كل يوم بناخد صابونة شكل.. فى المايه والأكل.. شكل رغيف العيش.. لو أضرابنا عن أكله مش هانعيش ولا نمشيش.. ولما تدخل الطابونة تلاقيها معجونة.. الدقيق مسوس.. والعامل فيها مبوز.. وصاحبها متيس.. وشكلها مقزز.. والدقيق مش أد كدا.. مشمت فينا العدا.. ودايما ناقص فى مقاديره.. وغرقان فى مساميره.. لحد ما بقت قضية علينا مستعصية.. هاتتحل أمته فى الألفية.. والرغيف العيش أمته هينصلح حاله.. ونعرف أمته ونوعاله.. وأصحاب الطباينة يخافوا ضمايرهم.. وسرهم يبقى فى بيرهم.. ومايهاجمش عليهم مفتش التموين فاجأة.. مايخافوا من العين وينزنقوا الزنقة.. ويتعملهم محضر وأساميهم فى الدفتر تتسطر.
يا أهل الضمير.. إحنا برضه عايشين كلنا فى أرض الله.. واللى يخالف كده منه لله.
بترموا ليه القضية ع الوزير.. الوزير مشاكله كتير.. وبتقولوا أنه هو المسئول.. لأنه عنده كل الحلول.. وأدى الوزير لما أتولى شئون الوزارة.. رغيف العيش ياعينى عليه ويا ألف خسارة.. الظبط والربط راح وكل شئ فى العيش إستباح.
فيه عدة فوائد ماتخلىّ منه الموائد.

معجن وملدن.. وأسمر ومقمر.. وأسود ومتلخبط كيانه.. وكل يوم مخالفه علشانه.. يوم ماتلاقهوش ويوم ماتاكلوش.. عايزين ننهض برغيف العيش.. علشان نقدر نعيش.. ونبتكر يوم عالمى للرغيف نقضى فيه يوم لطيف.. إشمعنا كل شئ فى البلد بقى له عيد نطفى فيه الشموع.. فى اليوم ده نحط الأيد فى الأيد ونحاول التجديد أحسن ما نموت م الجوع.

الأعمدة الصحفية..     قهوة العصارى     بقلم فوزى يوسف إسماعيل

الأعمدة الصحفية..


قهوة العصارى


بقلم
فوزى يوسف إسماعيل


رحلة إلى النفس البشرية (1)
الطمع

هناك أنواع عديدة للنفس البشرية، فمنها الطماعة ومنها القنوعة ومنها الغرورة ومنها الطيبة ومنها الشريرة، والمتشبعه والجحودة وغيرها وغيرها من الصفات الحميدة والخبيثة.
وإذا بحثنا فى كل منها أو عرفنا خصائص كل نوع من هذا لنجد الكثير من الأسرار والعجائب التى تبهر العين وتحير العقول.
والنفس البشرية متقلبة بطبيعتها تكره وتحب، وتنسى وتتذكر وهناك من تراها غاضبة ومن تراها فارحه ومستبشره، والطماعة وهو حديثنا اليوم عنها، هى من لا تمتلئ قناعة الإنسان بما يقسمه الله له، فهى ميوله للطمع والجشع دائما، فى حب السيطرة على مجريات الأمور، ومحاولة فرض الذات، فالطمع من أسوء رذائل الإنسان فتلصق به عند نظراته لما فى أيد غيره، لأن الطمع يجعل غرائز الإنسان تتجه إلى غرورة فى جمع المال مثلا، فلو كان للإنسان جبل من ذهب لتمنى الثانى، وأيضا هناك مقولة يعلمها الكثير، وهى الطمع يقل ما جمع، فطمع الإنسان للأشياء تجعل النظرة إليه شهوة وبعدها حقد وبعدها كراهية ونبذ الذات، ولم تهدأ غريزته إلا تملك هذا الشئ.
وهناك مقولة أخرى وهى : لا يملئ عين أبن آدم إلا التراب.
والطمع ليست صفة، ولكنه رزيلة سيئة عند الإنسان، فلا يخلوا لإنسان على وجه الأرض إلا وفيه غريزة الطمع،، ولم تزول هذه الرزيلة إلا بالقناعة، والطمع يطمث القلوب، وهو من بُعدّ عن الله عز وجل، فالطمع يكتسح قلب الإنسان لأن لا مكانة للضمير، فالضمير الحى يمنع غزيزة الطمع وأن تطغوا على أفعاله، لكن الطمع يطرد الرحمة من القلب، لأن الطمع والرحمة لا يجتمعان فى قلب البشر، فإذا وجدت الرحمة أو الضمير، لا تجد للطمع مكانا، وكأن الحسنات تطارد السيئات، فكم من طامع جمع مالا وعدده لكنه لم يفلح، وكم من مُطمع ذهبت ثرواته سُدى، مثلما حدث لقارون، جمع ثرواته ولما طلبوا منه الأنفاق قال أنه هو الذى جمع هذا المال، فقد نسى قدرة الله عليه، لذلك خسف به الله وبداره الأرض.
فالطمع عادة سيئة إذا أصيب بها الإنسان كان له وباءا فى حياته وفى معاملاته مع الآخرين، وكان منبوذا من رحمة الله.
فالنفس البشرية لا تخلوا من هذه الرزيلة السيئة، وكثيرا ما نراها الآن فى واقعنا الحاضر، نراها فى الأخ الأكبر الذى يريد السيطرة، نراها فى عائلات ترفض أن ترث الأنثى حتى ولو ملكوا مال قارون.
وعادة الطمع والجشع نراها أيضا فى كثير من الحياة المختلفة، نهيك عن تعامل السائقين بين بعضهم البعض، والصراع اليومى الدائر بين السائق والراكب، فى رفع الأجرة إجبارى، فى ركوب الزبائن دون العدد المحدد للسيارة، السطو على دور غيره، تحصيل الأموال عنوة من السيارات تحت التهديد، الإتاوات فى المواقف وخروج ودخول السيارات من المدينة، والكثير والكثير.
فكلما طمثت قلوبهم بالطمع والجهالة ازدادوا أكثر فى تفشيها بين الناس، بجهالة مفرطة، وملفته للنظر، إن الطمع داء هذا العصر، وداء خبيث يصعب التخلص منه، علينا وعلى كل البشر مهما اختلفت أجناسهم، وعلينا أن نتخلص منه بالطرق العلمية، والطرق الشرعية، بالرجوع إلى الله وإلى الصلاة وامتلاء المساجد بعمارها، والإسراع إلى نهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، واتجاه نيتنا إلى الله عز وجل فيزيل الطمع من قلوبنا.
فإذا ظهر الطمع بين الناس زالت رائحتهم، وإذا زال الطمع بين الناس كانت رائحتهم كرائحة المسك، فصفوا قلوبكم أولا من الضغينة تتخلصون من الطمع، ومن تخلص منه تعيشون بسلام، ومن لا يرضى بقضاء الله وقدره فيعيش عمره تعيسا إلى يوم الدين.
وإذا كان الطمع قد بدل الإنسان الذى بفطرته يسير على نهج الإسلام وتعاليمة إلى الطمع فى الأخرين، فلا يمكن أن يصف هذا الإنسان بالفضيلة، بل يصف بالرزيلة التى تؤهلة لمقعد فى النار، والطمع ليس من سمات المسلم الحق، فالمسلم الحق هو الذى يتخلص من هذا الداء كما يتخلص الثوب الأبيض من الدنس بالماء والبرد، فالقلب محله التقوى، ولا بد للإنسان أن يحب لأخيه كما يحب لنفسه.
فاللهم أزل من قلوبنا الطمع والغل والضغينة وأحسن خاتمتنا، وتوفنا مع الأبرار والشهداء.. يا رب العالمين.


رحلة إلى النفس البشرية (2)
القناعة
القناعة كنز لا يفنى.
نعم هذه المقولة فى محلها، ونادرا ما نراها فى زمننا الحالى، فزمننا الحالى انعدم فيه صفة القناعة، لشتياه الإنسان للثروة والسيارة والعروسة، الثلاثية الملتصقة بالإنسان منذ ولادته.
والقناعة تنبع من إشباع الإنسان بما قدر الله فى رزقه، فالقانعة والطمع لا يجتمعان فى إنسان واحد، بل إن القناعة تطرد الطمع إذا وجدت، والقناعة تطرد الطمع إذا وجدت، ونرى القناعة فى مظهره، وفى نظرته للواقع والمحيطين به، لأنه إذا كان الإنسان ينظر لأعلى منه فإننا نقول بلا تردد هو طماع، وإذا قُنعّ بما قدر الله له فى رزقه نقول عنه قنوع.
وغريزة القناعة تبدو عند الإنسان ضعيفة، لأن الإنسان تطغوا غريزة الطمع على غريزة القناعة بمقدار أعلى، فالقناعة كنز لا يفنى كما تقول الحكمة، وهى أيضا إشباع رغباته بعدم التطلع إلى من هو أعلى منه  فى الغنى، ولقد كان الإنسان قنوعا عندما يرضى بحياته الوقعية حتى ولو كان فقرا، لأن القناعة هى من سمة الإنسان الطيب الذى يعلم بأن الرزق من الله عز وجل، ولأن الإنسان مهما ضرب الأرض ضربا وفجر الينابيع أو وصل إلى عنان السماء فلا ينال إلا ما قد قتبه الله له، فإن كان يتميز بالقناعة أعطاه الله من حيث لا يدرى، وإن كانت خصلة الطمع فيه فتطمث أعينه حتى لا ينال رضا الله.
وعندما نبحث ونغول فى قلب الإنسان، نجده بعيدا بعيدا عن القناعة إلا فى فيئة قليلة ممن ترضى بقاء الله وقدره، وفى عالمنا هذا كثيرا ما نجد الصراع على امتلاك المال بأى طريقة، أو أى حيلة كانت، حتى ولو راح من أجلها ضحايا بالآلاف، لأنهم يملكون السلاح، وهنا السلاح آله من الشيطان، مسخرة لسطو الإنسان على ما لا حق فيه بالقوة، وقد نهى عن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، ونهى عن مجرد التوجيه بالآلة أو السلاح فى وجه المسلم أو غير المسلم.
وطمث العين لا تجعل للإنسان مجالا فى التحلى بالقناعة، إلا الذين عرفوا وعلموا أن الله وحده هو المتحكم فى مصير الإنسان، فيترك رزقه لله ولقدره.
والغرب معدومى منهم هذه الصفة، لأن هناك صراعات خطيرة تواجه الإنسان، وحب السيطرة تطغوا على الجماعات هناك.
لذلك كانت هناك آراء فى مسألة القناعة، مما أكد كثيرا من الناس بأن هذه الصفة تجدها فى الشعب المصرى بنسبة 40% وفى دول الوطن العربى 30% وفى الغرب شرقة وغربه من 10 – 20% ، وهذه نسبة تقديرية غير وافية الدراسة، ولكن الشكل العام يدل على ذلك، وما نجده حولنا الآن، النتيجة صفرا، لأن قلب الإنسان تطبع على حب الطمع، أو بالأحرى ميوله دائما للطمع، وحب البقاء، فالصراع الدائم إلى يوم القيامة هو الصراع من أجل البقاء، أنا وولدى والطوفان.
والناظر للقناعة يجد منبعها الأول من القلب الصافى الذى يتحلى بروح الفضيلة، والقنوع هو الإنسان الخلوق الذى لا ينظر لما عند غيره، فالإنسان الذى ينظر بعين الرضا، يقول الحمد لله، هو إنسان غير انتهازى، آبى ورافض الحرام بكل أنواعة، يتنصل إلى الحلال آتى أو لم يأتى، لم يطمع بذرة من حرام على الإنفاق على أولاده، لا يطعمهم من سُحت حتى لا يكون جزاءهم النار.
نعم ففى عالمنا هذا نجد أوناس تنبت أحسادهم من سُحت، كفرض الأتاوات على الطرق مثلا، وهم ليس لهم حق فى ذلك.
فالمسلم الحق عليه أن يتحلى بصفة القناعة، لأن القناعة فعلا كنز لا يفنى، فى باقية عند الله، باقية فى ميزانه إلى يوم الدين.

*             *

                          رحلة إلى النفس البشرية (3)
                                الرغبة
الرغبة هى الشعور الداخلى للإنسان بإمتلاك الأشياء النفيسة عنده على اختلاف أنواعها، ولم يخلو إنسان على وجه الأرض إلا وبداخله صفة الرغبة، والرغبة جاءت من الراغب، والراغب هو ما يتمنى الإنسان لنفسه، فالرغبة تقال عند أشياء كثيرة، مثل الرغبة فى النجاح، الرغبة فى تحقيق الذات ومراتب عُليا، الرغبة فى التقدم إلى الأفضل دائما، فالرغبة لدى الانسان هى من محاسن الصفات التى تجعل الإنسان يتجه إلى التطلع دائما إلى عالم أفضل فى الوصول لذاته، حتى اشباع نفسه مما يشتهيه، فالإنسان الذى يقبل على التعليم مثلا تحقيق لرغبته فى الحصول على أعلى مراتب العلم، فرغبته فى حصوله على مؤهل عال، ورغبته فى حصوله على الماجستير ومن بعدها رغبته على الدكتوراه وهكذا.
والإنسان لديه رغبة كائنة فى ذاته، عندما يجد مايسره تخرج الرغبة المكبوته بداخله إلى التفكير فى كيف يصل إليها، لتحقيقها مشبعا نفسه الداخلية فيتولد عنده إشباع ذاتى مواتى لرغبته التى يرغب أن تحقق
فالإنسان بذاته يتطلع إلى ما هو أفضل فى حياته وإلى الأمل، وهنا تتحقق الرغبة فى الوصول إليها، فمن يشتهى الزوجة الصالحة، والفتاة الجميلة ذو الحسب والنسب، فيرغب أن تتحقق رغبه لها، وهكذ فى تطلع الإنسان إلى الأشياء الأخرى.
والمضاد لها،المعاكس له فى الاتجاة، هو عدم الرغبة فى تحقيق التفاهات، أى أن عدم الرغبة عند إنسان تختلف عن إنسان أخر، وبشكل مختلف بمعنى أن الإنسان السوى لديه رغبة فى فعل الفواحش، وهذا ما نجده فى إنسان يتميز بغلاظة القلب، فلديه المحرمات كالحلال لا فرق بينهما، لأنه لم يتعود على النهى عن المنكر واتجاهه هو ارتكاب المعاصى، أما الإنسان الذى يفرق بين الحق والباطل لديه عدم رغبة فى غضب الله عز وجل أولا، وهو يضع هذا نصب عيناه كل ثانية تمر عليه، فلا يقبل المال الحرام، ولم قبل على الزنى، لأن هاتين الخصلاتين هما أشد شهوة عن الإنسان، فإذا توافرت عنده هذا الإنسان أصبح إنسانا سوى، فسرعان ما يقبل عليهما دون التنبه بأن الله تعالى يراه.
وإذا توافرت الرغبة فى العلم والعمل مثلا، فلا يتردد الإنسان فى الرغبة فى تحقيقهمت، وهنا الرغبة تبدو حميدة وحسنة لا شبهة فيها، والسعى إليهما من المبوحات.
فالله تعالى يقول ك أسعى يا عبد وأنا أسعى معاك.
ويقول : رب زدنى علما، وهذه الآية الكريمة موجهه للإنسان الذى يرغب ويشتهى إزدياد تعليمة، لأن العلم لا حدود له ولا قيود، فهو متاح ومباح للجميع حتى ولو فى الصين، كما قال صلى الله عليه وسلم : أطلبوا العلم ولو فى الصين.. وجاءت كلمة الصين مجازية لأن الصين أبعد بلاد الدنيا.
الرغبة فى الرزق، الرغبة فى الأولاد، الرغبة فى العلم، كل هذا وأكثر هى من محاسن الرغبة عند الإنسان، والرغبة فى إزاء الناس، أو قذف المحصنات بغير علم ليس من شيم المسلم.
فالحرام بين والحرام بين، وبينهما أمور متشابهات، والإنسان الذى يفرق بين الحق والباطل هو الذى يعرف كيف يرغب الأشياء الثمينة متمنيا من الله تحقيقها، لأن الرغبة مرتبطة بصلة وثيقة بالتمنى، والتمنى ما يتمناه الإنسان من ربه، فإذا تمنى العبد شيئا صعب المنال، لا يتردد لحظة واحده فى اللجوء إلى الله لأن الله وحده هو المطلع على سر القلوب، لأن النية محلها القلب، والنية ما نوى الفرد أن ينوعى فعله، فمنها نيه صافية ومنها نية خبيثة، وكل ذلك يعلمها الله لأن الله يعلم السر وأخفى.
فالإنسان أولا واخيرا عليه أن يفكر والله عليه التدبير، والله الذى يبعث للإنسان عمله، إن كان خيرا فسيرى خيرا، وإن كان شرا فسيرى شرا، فو كان هذا الإنسان ضرب بمعاوله أينما كان فلا ينال إلا ما يسره له ربه..
والله المستعان على ما تصفون.

*                  *

رحلة إلى النفس البشرية (4)
الغرور

الغرور فجور.
هذه مقولة حقيقية قيلت فى محلها، لأنها آفة من آفات الزمن قد أصابت أوناس كثيرة، وهى أيضا من آفات الخبث والرزيلة للإنسان، والإنسان المغرور قد يؤدى به إلى عالم التفاخر والتباهى بنفسه، فإذا أصابته هذه الآفة المنبوذة من المجتمع جعلته إنسان سوى مُضار لأهله وبيئته.
والغرور كلمة جاءت من غر غرا بالإنسان، فالغر هو المكيدة، فالغرور هو الذى يبدى بزينته لمن حوله، ويبدى بمحاسن نفسه متعاظما بها، سواء بماله أو بعمله أو بعلمة، أو جماله، ففى المال إذا أغتر الإنسان بماله هلكه الله، وجعل ماله حسرة عليه، وأبدله الله فقرا بعد غنى وذلا بعد عزا، فمن افتخر بنفسه فهو إنسان يتطلع بأن يفرض نفسه على الآخرين بالقيل والقال، ومن الممكن أن يساعده أخرون ممن يأكلون منه مالا أو يطعموا من طعامة، يريد بذلك أن يمدحه الآخرين بما صنع.
فكما يقولون أطعم الفم تستحى العين، وبذا يكون بذلك قد سخر له أشخاصا يحركهم على هواه، فيقولون ما يقول.
وعندما نفتش فى النفس البشرية، نجد آفة الغرور هذه تسيطر على كيانه، إذ أن الإنسان المغرور هو من يعتلى بنفسه على أخوانه كأنما يعتلى عرش حكم، ويقول أنا كذا وكذا وفعلت كذا وكذا، وإن كان قد صنع حقا، فيريد أن يجمع من حوله رفاقه الذين يسيرون على دربه.
والغرور آفة سيئة لا تنبغى أن تكون فى إنسان ذو قيمة يعرف حق المجتمع عليه، إنسان له ثقله فى المجتمع، لأنه فاجأة يرتد إلى الحضيض، فالله عز وجل يعز من يشاء ويذل من يشاء، كما أغتر موسى عليه السلام بعلمه، رغم أنه عليه السلام أنه نبى، لكن الله تعالى دله على من هو أعلم به، ومن عند علم أكثر منه، وهو سيدنا الخضر عليه السلام، رغم أن موسى نبى والخضر ولى فالولى يعلم النبى، وهذه حكمة من الله عز وجل، فالله أعطى للولى علما أكثر من النبى، وهذا ما جاءت به الآيات الكريمات فى صورة الكهف، فى قصة سيدنا موسى عليه السلام مع الخضر.
وأيضا كما قلنا فى خصلة الطمع عن قارون عندما أغتر بنفسه فلبس احسن ما عنده من ثياب وتزين وخرج على الناس من أهله متفاخرا بثروته، فالذين تمنوا مكانته قد رجعوا إلى صوابهم عندما خسف الله به وبداره الأرض، والذين يعرفون أن الأخرة حق وجدوا أن الدنيا فانية.
فالعز والذل بيد الله، والله يقول فى كتابه العزيز: لا تمش فى الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا.
هذه الآية الكريمة قد قالت خلاصة الغرور بالنفس، ومهما كان الإنسان بقدرته وجبروته سيعود إلى ما كان إن شاء الله أن يذله ويبدله فقرا بعد عزا، فالغرور كائن شيطانى فى قلب الإنسان الذى تسيطر عليه هذه الغريزة الشيطانية، فمن يغتر بنفسه مهما كان، فى ماله، فى ملبسه، فى عمله، فى أى شئ عليه أن يتذكر قدرة الله عليه.
وكلما كان الإنسان مغترا بنفسه، فهو منبوذا من الطبيعة التى تحاطه، أيضا من المحيطين به أهله وعشيرته، لأن الغرور تؤدى به إلى الفجور، والفجور يؤدى إلى الجبروت، وإن كانت خصلة الجبروت فى الإنسان، كان غضب الله عليه أشد، وغضب الله لا يستهان به فكم من مغرور حطت به الدنيا على قاع المجتمع، كما كان فرعون وهامان اللذان أغتروا بأنفسهم، وقال فرعون لمن حوله أنا ربكم الأعلى، فأغرقه الله فى اليم هو وجنوده، ولم يستطع فرعون أن ينجوا بنفسه، حتى كاد أن يغرق، لكن الله نجاة ببدنه لكى يكون لمن حوله آية، فعرور فرعون ليس غرورا عاديا، لكن كان غرورا وجحودا شرسا عندما ادعى الآلوهية، فقتل واعتصب وقتل الأطفال وسرق ونهب وكذب موسى عليه السلام، فأعطاه الله تسع آيات قبل أن يغرقه فى اليم، وهم الضفادع والقُمل والبرص وما إلى ذلك حتى التسع آيات.
أيضا النمرود الذى أغتر بنفسه هو أيضا، حتى أصيب بزبابة قد سكنت رأسه ولا تهدأ إلا بضرب القبقاب على رأسه.
وكان النمرود هو من قال للأرض يا أرض أتهدى ما عليك أدى.
هذا الصعلوك الذى لا يعلم عظمة الله تعالى، أن الله قادر على هلاكه فى لحظة، وأن الله له بالمرصاد، له ولمن كذب على الله.
فكان جزاء المغتر جهنم، يصلاهاه مزموما مدحورا، فآفة الغرور هى آفة تبخس بالإنسان على الذل والهوان، فعلينا جميعا بنى البشر أن ندرك هذه الخطورة الجمة، وأن نسرع لنتجنبها لأن الغرور من الشيطان، والشيطان يريد أن ننغمس فيها لأن هذه الآفة من الكبائر، فالله يريد لنا أن نتجنبها ويريد لنا خيرا، منتهى عن الغرور، تنعم بما أنعم الله عليك بفرح وسرور.
فنعم المولى ونعم النصير.
*                   *




قناة السيناريست فوزى إسماعيل ..سورة التوبة والرحمن وقصار السور تلاوة الش...

مقال بقلم/ فوزى اسماعيل

                                                      تحية لرجال كفر الشيخ مفتاح لسعيهم فى عمل الخير اقر وأعترف بأن رجال كفر الشيخ مفتاح...