المصباح
السحرى ..والاشرار الثلاثة
تأليف
فوزى يوسف اسماعيل
كانوا الثلاثة
الاصدقاء ( ماهر ) و( مهران ) و( هارون ) يسيرون ذات ليلة على شاطئ البحر ؛ وكان
الوقت مقمرا ؛ المياه تلمع بضوء القمر. والنسيم يهب على الشاطئ فيجعل الجو ربيعا ؛
وكانوا الثلاثة يتمنون ان يقفزوا الى حياة الرفاهية بقفزة سريعة ؛ وان يحصل كل
منهم على مبلغا من المال دون عناء او تعب ..
حلموا الثلاثة هذا
الحلم ؛ ولكنهم كانوا لا يتوقعون ان احلامهم ستتحقق ؛ ويتحقق امالهم فى لحظة واحدة
..
فعندما كانوا يسيرون
على الشاطئ اذ ان ضوء القمر يتوجه بنوره الى شئ يلمع ؛ ويظهر لمعانه من بعيد ؛
يلمحه مهران فينبه اصدقائه اليه .. ويسيرون اليه فى حذر حتى وصلوا اليه ؛ فوجدوا
مصباح يشبه مصباح علاء الدين المسحور الذى قرؤا عنه فى كتاب المدرسة ؛ ويسمعون عنه
فى بعض الحواديت ..
قال ماهر :
- انه مصباح مسحور ..
اخذوه وفرحوا به كثيرا
ورجعوا الى بيتهم ؛ لكى يجدوا ما فيه ؛ وامسك ماهر المصباح ثم فركه بيديه قليلا ؛
وتصاعد منه دخان كثيف ثم ظهر منه جنى ضخما ؛ خافوا منه وذعروا ؛ لكنهم هدؤا بعد
روعهم . نظر كل منهم فى وجه الآخر وهم يبتسمون ؛ لانهم وجدوا كنزا ينهالوا منه من
اموال واشياء ثمينة ..
وقال الجنى :
- شبيك لبيك عبدك وملك بين اديك ..
نظروا لبعضهم ولم يصدقوا
انفسهم ؛ وهم مهران ان يطلب ما يريد ..
قال هارون :
- انا الذى اطلب من
الجنى ما اريده قبلكم ..
وقال ماهر :
- لا انا الذى ساطلب
منه فانا اكبركم ..
وقال مهران :
- لا لا .. انا الذى ساطلب منه ما اريد .. انا الذى
دلتكم عليه ..حين كان يلمع بضوء القمر بجانب الشاطئ ..
وظلوا فى هذا الحال
عدة دقائق ..
وكأن الجنى قد انتهز
لحظة فك اسره من المصباح المسحور فوقف يشاهد ما يدور بين الاصدقاء الثلاثة .. حتى
أنه أراد ان يفك الاشتباك الذى بينهم .. فقال :
-
لا تتشابكوا ولا تتعاركوا ، عندى حل يرضيكم أنتم الثلاثة ..
انتبة الجميع بعدكلام الجنى .. وقال أحدهم :
-
الحقنا به ..
قال الجنى :
-
لكل واحد منكم مطلب واحداً فقط ..
لكن كل واحداً منهم أراد ان يكون هو صاحب المطالب الثلاثة ، وعادوا الى
العراك مرة ثانية ، حتى أن الجنى قد فك الاشتباك وحكم بينهم ، لكن الطمع والجشع
ملاء قلوبهم ، فلم يسمعوا حكم الجنى ..
وزاد العراك بينهم إلا أن الجنى عاد اليهم بحكمه ..
-
لا أحد منكم يطلب منى مطلبين ولا أنفذ ذلك منكم ..
اهتدوا الثلاثة الاصدقاء الى كلام الجنى ..
ثم بدأ مهران بمطلبة الاول قائلا :
-
أريد ان يكون عندى مال كثير .. مال تجمعه من كل تجار وأغنياء المدينه ، حتى
يكونوا فى فقر قحط ، وأكون انا الغنى على الارض ..
-
قال الجنى :
-
لك ما تريد ..
-
وحقق الجنى طلب مهران وأعطاه مال لا تحصى ولا تعد ، حتى كان اغنى أغنياء
المدينه ، عندة قصر مشيد وخدم وحشم ، وظهر عليه الغنى الفاحش الذى تكلم عنه الناس
، وصارت التجار والغناه فى المدينه فقراء ، لا يملكون قوت عيشهم ،ولا يجدون أى شىء
من أملاكهم ..
واشتكوا من الفقر والضنك الذى أصابهم ، ولا يعرفون له سبباً ..
وقال ماهر :
-
وأنا أطلب أن تكون محلات الذهب عندى ، ولا قطعه ذهبية واحدة تكون عند أحد
من تجار المدينه ..
-
فقال الجنى :
-
لك ما تريد
..
وفى الحال تجمعت قطع الذهب عند ماهر ، وأصبح التجار كلهم لا يملكون قطعة
واحدة من الذهب ، وكانهم ولدوا فقراء .. أنتابهم الذهول والدهشة .
وقال هارون :
-
أريد أن يكون عندى كل القمح فى المدينة ..ولا يبقى عندى أى تاجر من التجار حباية
واحدة من القمح أو الذرة ..
-
قال الجنى :
-
لك ما تريد ..
وفى لحظة واحدة كلمح
البصر صار عند هارون مخازن كثيرة العدد مليئة بالقمح والذرة وصار التجار وجميع أهل
المدينه لا يملكون ذرة واحدة من الحبوب ..
حدثت ثورة بين أهل
المدينه ، يتعجبون لما حدث لهم فى لحظة واحدة .. وكيف صاروا فقراء بعدما كانوا
أغنياء يملكون الكثير والكثير من أموال وذهب وحبوب ..
انهم عاشوا فى فقر
شديد ..
ثم ظهر الغنى على
الثلاثة الذين كانوا فقراؤ فى المدينة ، ومعروفين بأنهم من افقر فقراء المدينه
كلها ، واليوم صاروا كالسلاطين والأمراء يملكون أموال لا تحصى ولا تعد ..
وكثر التساؤل ..
كيف صاروا على هذا
الغنى الفاحش ، وهم كانوا لا يملكون شيئاً ..
واتفق الثلاثة على منع
المال والزاد عن أهل المدينة ..
وبالفعل منعوا عنهم
المال والزاد .. لا يبيعون لهم أى ذرة قمح أو قطعه ذهب ، حتى كادت الناس لا يطيعون
هذة المعاملة ، لانها معاملة عصيبه عليهم فهم لا يملكون مالا ولا طعاما ً .
وتحكموا الثلاثة فى
أفضل المدينه جميعا ، وقد استعملوا على الناس وذادوا من ثمن الحبوب والذهب ، وباع
لهم ذلك بأكثر من ثمنها الاصلى مرتين ..
اجتمعوا جميعا وذهبوا
الى حاكم المدينه ليشكوا له ما يحدث من الثلاثة هارون ومهران وماهر ، الذين ظهروا
فى المدينه بالجشع والظلم والاستبداد ..
فوجدوا حاكم المدينه
مثلهم ، ضاع منه كل شىء فى لحظة واحدة ، ولم يعرف أين ذهبت املاكة..
لم يجدوا حلا لهذة
المشكله ..
والثلاثة يضحكون
ويتسامرون بالمال والجوارى وما ملكوه من متع الدنيا ..
ثم جاء هارون اليهم
ذات ليله بعد سمرهم واحتفالهم ببعض الحفلات التى يقيمونها لهم كل ليله ، واجتمع
بماهر ومهران ليتحدث معهم فى أمر الجنى والذى يحقق لهم مطالبهم ..
قائلا :
-
لماذا لا نطلب من الجنى أن يزيد لنا من تلك الاموال ..
ثم قال هران :
-
نعم فهو يحقق كل مطالبنا ، ونحن أحق بها ..
وقال مهران :
-
هيا نقوم ونأتى بالجنى .. ثم نطلب منه ما نشاء ..
وافق الثلاثة على رأى واحد ، ثم طلب منهم ينظروا حتى يجن عليهم الليل لكى
لا يراهم أحد
وانتظروا الى أن ياتى الليل ..
وقد كان الجنى غاضبا منهم لأنة رأى ظلم وجشع الثلاثة فيما يفعلوه مع أهل
المدينه ، ولكنه لا يملك شيئا يفعله ، ودخل المصباح ولم يخرج وعاهد نفسة على فعل الخير
، لانه ليس له الا مطلب واحد ولا ينقذه الا فى الخير ..
وكان الجنى ينتظر فى المصباح حتى يأخذة رجل تقى فيطلب منه أن يأتى له بشىء فية
خير ، غير الثلاثة الأشرار الذين استعملوه فى الشر ..
بعدما أتى الليل ذهب الثلاثة ماهر ومهران وهارون الى المكان الموضوع فية
المصباح ، وكان هذا السرداب هو المكان المخبىء فيه المصباح حتى لا يعرفه أحد ويحصل
عليه ..
أغلقوا الباب وأتوا به .. ثم أمسكة هارون يفركه بكلتا يدية حتى يخرج الجنى
..
لم يخرج الجنى لانه عرف أصرات الثلاثة ، وهم هارون يتحدثون .. فتذكر وعدة
مع نفسه .. طلبوا منه يخرج من الصباح لكى يحقق لهم طلبهم فى زيارة الاموال .. وهو
لا يخرج لأنه غاضبا ..
غضبوا الثلاثة من الجنى والمصباح ، واعتقدوا ان فائدته قد انتهت ..
فأمسكوا به وذهبوا الثلاثة والقوه فى البحر ثم عادوا الى بيوتهم ..
وبعد مرور ثلاثة أيام ، أخرجته المياه على الشاطىء ..
وكان رجلا طيب القلب يحب الخير لأهله ، يسير على الشاطىء فوجد المصباح
وأخذة ثم فرك فيه بيديه ، خرج له الجنى قائلا ..
-
عبدك وملك ايديك ..
-
قال الرجل :
-
أنت لست عبدى .. فنحن عباد الله ..
حينئذ عرف الجنى أن هذا الرجل طيب يحب الخير ، وليس كالثلاثة الاشرار ،
فحكى الجنى له عما فعلوه معه .. وطلب منه
أن يطلب الطلب الاخير شرطا أن يكون فى الخير ، لأنه سئم من حاله الفقراء
الذين طفوا عليهم الثلاثة ماهر ومهران وهارون ..
عرف الرجل الطيب ما يحدث لأهل المدينه ، وكان يعرف بحكايه الثلاثة جيداً ..
فطلب من الجنى أن يعيد المدينه على حالتها الأولى لأن الناس كانوا يعيشون
بين بعضهم بالمودة والحب ..
فعاد الجنى المدينه الى حالتها الولى ...
ثم قال له الجنى :
-
اطلب لنفسك شيئا أعطيه لك فى الحال ..
قال الرجل :
-
أريد دارا بسيطة أعيش فيها ، وأبنى لى أسرة صغيرة ، ومصدر رزق أعيش به
وأساعد الفقراء ..
قال الجنى :
-
لك ما تريد ..
وأصبح للرجل الطيب ما تريد ..
وأصبح الثلاثة فقراء كما كانوا ، لأنهم لا يستعملوا المصباح فى الخير ،
وعادت الموال والذهب والقمح الى أصحابها ، وعادت أهل المدينه يعيشون كما كانوا فى
أول مرة .