وماذا بعد إخلاء مبنى س وص بماسبيرو
تاريخ مبنى التليفزيون المصرى عريق منذ
نشأته حتى الآن، ولم يتغير فيه إلا مسئولى القطاعات فقط، والفكر الذى يديره، فكان
فى السابق منذ عهد الوزارة كان رائجا فى الإنتاج الفنى والدرامى على المستويين المحلى والعالمى، وكان
رائجا بالفكر الذى صعد به إلى العالمية وأطاح برؤوس كثيرة كانت تناطحه، حتى علا
فوق رؤوس القنوات الخاصة، مما كان له الريادة الأولى فى المنطقة العربية، وكانوا
مشاهديه ينتظرون أعماله الرائعة، ومما كان أيضا أهل ماسبيرو داخله يحصلون على
إمتيازات لم يحصل عليها أى من الإعلام المحلى أو الخارجى، ولكن الآن تبدل الحال تماما
عندما أعلن أسم الهيئة الوطنية للإعلام وتنحى عنها وزارة الإعلام المصرى، فباء بفشل
ذريع، فشل أدى به إلى هبوط تام فى الوضع الذى كان يحسد عليه، فشل أدى إلى بيع ممتلكاته
من جراج ومبنى س وص، واللذن كانوا يمثلان صرحا عظيما للتليفزيون المصرى، الذى كان
لسان حال مصر والعرب فى وقت قريب قبل أن يطغى عليه القنوات الخاصة.
ولم أفهم أنا وغيرى من المهتمين بهذا
الموضوع لماذا الهدم لهذا المبنى وإبقاء مبنى ماسبيرو القديم، ولماذا الإخفاء
بالإعلام المصرى إلى هذه الدرجة المتدنية من أساسة، فلقد كان التليفزيون المصرى
أيام عزه يقوم على خدمة المواطنين فى كل أرجاء مصر، ولقد كان لسان حال المواطن
العربى من خلال الإذاعات الموجهة، أما الآن بعد ما نبشت فيه غنم القوم يشعر الجميع
من ناحيته بخيبة أمل لما يروه على المبنى العريق وهو يتهاوى داخليا وخارجيا.
فماذا بعد إخلاء مبنى س وص، فهل بالفعل
سيتخلصون منه، ويقومون على هدمه، هذا المبنيان يضمان استديوهات الفضائية
والمتخصصات والرعاية الطبية وهندسة إذاعية وغيرها، فهما لا يمر على إنشائهما إلا
بضعة سنين فى عهد الوزارة السابقة، ولقد كان متنفسا عظيما لمبنى ماسبيرو القديم الذى
أنشئ فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على كورنيش النيل، ليظل رمزا إعلاميا
لمصر وللوطن العربى أجمع، كما إن المبنى إنشئ بقرار جمهورى، وليس بفكر أشخاص
بعينهم، فله كل الإحترام والتبجيل، وكان لازاما من الدولة أن تحافظ عليه من
الإندثار، فبدلا من أن يقف له هادم اللذات ومفرق الجماعات بالمرصاد ويجهضه لتنال
منه الأيد العابسة، لكى يتلاشى الإعلام المصرى من جذورة، وإعطاء القنوات الخاصة
الفرصة فى التشفى فيه لأن تتكلم عن مصر بما
يروق لها، وهى لا تعرف شيئا عن مصر مثله.
والإعلام الوطنى المتمثل فى الهيئة
الوطنية للإعلام، لا بد وأن يراعى فيه الله لأنه لسان حال الدولة، ليس لصرح على
النيل فحسب، بل أنه بيت العرب شرقها وغربها، فهو يعتبر ملكا لكل مواطن يسعى إلى
الإستقرار والتنمية، بدلا من القنوات الخاصة التى وصل عددها إلى أكثر من قناة فى
مصر، والتى لا تعرض إلا أفلام كلها من مقتنيات التليفزيون المصرى، كما تعرض
الهواجس المبتذلة والتحكمات التى تجئ عنوة على المشاهد ولا يحاسبها أحد، إلا
التليفزيون المصرى الذى يحترم أولا وأخيرا كل بيت، لأنه ما يريد إلا الإصلاح، فيبث
السلوك القويم للمواطن ويقدم رسالة سامية أخذت على عاتقه لينير الطريق.
فرجاء من السادة المسئولين أن يعيدوا
النظر فى القرارات الحاسمة التى ستؤدى إلى هلاك تاريخ ماسبيرو قبل فوات الأوان،
لأنه تراث إعلامى يفتخر به المصريين، والذى جاء تحت أسم الهيئة الوطنية للإعلام
المصرى.
أعزكم
الله.