الأربعاء، 17 فبراير 2016
الوهن
عند الفجر نهض الشيخ يتكأ على عصاه حتى وصل إلى صنبورالمياه
ليتوضأ،وكانت يداه ترتعشان عندما
فتحه، بعد صعوبة كبيرة استـطاع
أن ينتهى من الوضوء،اتكــأ على عصاه
حتى وصــل إلى مصــلاه في
غرفته، فصلى وهو جالسا على مقعد،
وانتهى منها،وكان يمكـث بعض
الوقت للدعاء،فقد دعا لولده الذي
يعمل في إحدى الشركات في القاهرة
منذ شهور،لم يعد يقدرعلى الحركة، منذ
سنوات قلائل،وبعد أن بلغ سن
الستين من عمره،أصابه المرض الرعاش،
حتى لازمه في حياته، كان
يعيـش وحده في المنزل منذ وفـاة
زوجته التي كانت تشاركه لي الحلوة
والمرة، وكانت تقـوم على خدمته،فبعد
وفاتها أعتمد على نفسه حتى أن
وصل إلى هــذه الدرجة، صعبت عليه
حيــاته وبدت مستحيلة من تقـدم
العمر به، يريد عودة ولده الوحيد
ليساعده على عناء المعيشة، دعــا له
بالعـودة سالما معافى،وكأن القدر يلعب دوره،والسماء
تستجيب لدعائه،
بعـد قليــل سـمع طرق الباب، قـام
متكأً على عصاه التي كانت تساعده
على التنقل،وصـل إلى البـاب وأستطـاع
أن يفتحـه، وجـد أبنـه ضاحكا
في وجهـه ، أحتضنه بحــرارة، بقى
ولــده على صــدر أبيـه، لأنه كان
لا ينوى أن يتركه وحيدا إلا للشديد
القوى ، لاحتياجه للمال، وعده ولده
بتحقيق كل ما حرم منه ، قبل يده
طالبا منه أن يسامحه ربت على كتفه
بلطـف ، ودعـا له بأن يرضيه الله ،
وقـد اسـتطاع أن يزيـل عنـه الهـم
والكرب.
ذهب الشيخ الوقور إلى مضجعه لكى لا
يرهـق ولده قاسا عناء السفر،
وبعـد ما استراح من سـفره ، طلـب منه
سـرعة الزواج كى يحضر له
زوجه تعيل المنزل وتقـوم على خدمته ،
فكـر قليـلا ، وكأن طلـب أبيه
أمـرا لا بد من تنفيذه ، فظل يبحث عن
زوجة له تكـون صالحة ، وقبل
أن يفكر فى إحدى بنات القرية، أمسك
أبيه معصمه وهو يوعظه قائلا:
- يابنى .. إن متاع الدنيا زوجة
صالحة.
- يابنى .. خذ من أحبتك ولا تأخذ من
أحببتها.
كانت فراسة الشيخ فى محلها، لأنه يعلم من
أمور الدنيا أكثر منه ، فهو
يرى ما لا يرى ولـده، وعليه أن يدلـه على
الطريق الصحيح، عليه أن
يوعظـه لكى لا يقـع فى الخطيئة، مهمـا دارت به الدنيـا فيـظل له ولده
الصغـير الذى يريـد الاطمئنان عليه
قبـل أن توافيه المنية، حتـى يضع
قدمه على الطريق الصحيح، وكان الشيخ
يوجهـه إلى الطريـق القويـم
فى اختيار الزوجة الصالحة،لأن البنت
التى تتربى على تقاليد وعادات
حميدة تريحه طول العمر، ومن خلال حياته
التى طالت سبعـون عاما
رأى فيها الصالح من الطالح.
كانت وصية أبيه قاسية عليه، ولكـن أنارت
له طريق اختيـار الزوجة،
فعمل بوصية أبيه، حتى ذهب دون تردد
إلى شـيخ عجوز فى أطراف
البلدة، يعرفـه ويعـرف أبنته البالغـة
من العمر ثمانى عشـر عاما، فهـو
يعرفهم منذ سنوات، كان يتمنى أن
يراها وها قد حانت اللحظة، قدم له
نفسه وحكى له عن حياته التى بدأها
بشقـاء، كان الشـيخ يعرف إجتهاد
الشباب وما يعنـوه مثلما يعـرف
أبيـه، فتفهـم الأمـور حتى وافـق على
زواجه من أبنته، يتقاسمان
الحياة بحلوها ومرها.
أحفاد الجدة
قصة قصير
بقلم/ فوزى إسماعيل
وجـدت نفسها تعول أسـرة كبيرة، تعــدادها يصل
لخمسة عشــر فــردا
من بين جد جدة وأب وأم، وولـد وبنت وحفيد
وحفيدة، وكأن الدار التي
تقطن فيها تشبه بالسرك، الجد كبير في التسعين
من عمره،يجلس دائما
على دكه خشبية تتوسط بهـو الدار،وهى كبيرة أيضا
في السن، قد حفر
تجـاعـيد الشيخـوخـة وجههمـا، تجلـس هى الأخـرى
على حصـير مـن
البــوص أمام زوجها، تساعـد بالقــليل زوجـة
أبنهــا التي وصلـت إلى
الخمسين من عمرها ، هى الأخرى فقـد صار شعـر رأسهـا
شيبا، مثـل
زوجها تماما ، وكانت الجـدة تداعب أحفـادهـا
الصغـار، منـذ طفولتهـم
والذين وصلوا أعمارهم ما بين العشرين والثـلاثين
، وكأنهــم ما زالوا
أطفالا مدللين بالنسبة لها.
كان اليوم هو الموعد لزفاف أحدى حفيداتها،
فجلس أهل الدار يصنعن
الفطائر والحلوى ولوازم الزفاف، كانت الحفيدة
الوحيدة في الدار التي
أتاها العـدل، وهى من الجيـل الرابع في ترتيب
العائلة ، أى هى حفيـدة
حفيدتها، وكان الحاج الشهاوى الكبير الذي عاش
قرن من عمره، يتأمل
مسيرته من لحظة مولـده وشـقائه في الدنيـا،حتى
زواجـه ووصوله إلى
هـذه الدرجـة، وعلـم أن الإنسـان له عـدة أطـوار،
تبـدأ من صغره حتى
الشيخوخة التي هى أخر التطور الإنسانى .
وكانت الجدة تعمل الزبدة كما تعلمتها من
ولدتها منذ العشرينيات، كانت
تصنعها من خلال إربة مصنوعة من معـدة المعز
محمولة على أرجـل،
رغـم أن الحيـاة تطورت الآن ، وضعتهـا نسـاء
الجيل المتقـدم بواسـطة
ماكينـة كهــربائية لم تتعـدى الثـوانى المعـدودة،
وبدا على وجـه الجــدة
الدهشة من استعمال النساء للآلات الحديثة مثل
فرم الطماطم في مفرمة
كهربائية، فكانت تفرم في السابق بأصابع اليد
كما هــو معهـود، وزادت
دهشتها أكثر عندما رأت ماكينات صنع البسكويت
وأخرى لفرم اللحوم،
وغيرها من الماكينات.
وكأنما انتقلت من عالم إلى عالـم أخـر،
فترحمت على ما مضى من أيام
جميلة لا ترى مثلهـا أبد الدهـر، برغـم من ظهـور
هـذه التكنولوجيـا في
حياتهم.
كانت الجـــدة تمــر بمراحل تتطــور معهــا
عبر الزمن، في البشر وفى
الآلات التي تظهـر يومـا تلــو الأخــر،
وكأنما القـرن التي عاصرته هو
لا شئ بالنسبة لها، وكأنها دخلت من باب وخرجت
من باب.
هكـذا تمر الحياة عليها برتابتها، وبعـد أيام
قلائل زُفت الحفيدة الصغيرة
إلى زوجها، ثم أنجبت بعـد تسـعة أشهر توأما
وزادت قـوة العائلة، اثنان
آخران حتى وصلوا إلى سبعة عشر فردا،وبعد مرور
قرنا آخر صاروا
مائة وسبعة عشر فردا، ومازالوا يزدادون.
* *
الأحد، 14 فبراير 2016
رجل بنصف عقل
قصة قصيرة
بقلم.. فوزى اسماعيل
وحــده، أختـار طريـق الزراعـة، وكان أبـوه يزجه
إلى طريـق التعليــم
منذ صغره، لكنه كان رافضا رفضا تاما بعدم
الذهاب إلى المدرسة، أنه
لا يريد طريق التعليم، عمـل أبيـه معه
المستحيل، تركه على هـواه بعـد
عنـاء طويل من المجادلة معه، وجــد فيه
ميوله للزراعـة أكـثر، خلـص
ذمته أمام الله، فكان يريد أن يذهب
ولده على المدرسة مثـل أقرانه التي
في سنه، حتى لا يعيره أحد بجهله عند
كبره.
مات أبيه وتركه في كنف أمه ترعاه ،
وتقوم على تربيته، كما كان يفعل
أبيه، مرت الأيام والسنون وكبر الصبى،
كان يدعى حمدان ، وحيد أبيه
وأمه ، كان عند بزوغ الفجـر يركـب دابته
ويصطحب من خلفـه ماشيته
ذاهبــا إلى أرضه لا يعـود منهـا إلا عنـد الغـروب،
وكأنه أكـتسب منهـا
الخبرة الكافية لزراعة جميع المحاصيل المختلفة.
فـقـد
ترك له أبيه ثلاث أفـدنة من خـيرة القـرية، تحــظى بإهتمـام بالـغ
منه، أعطته محصول وفـــير لما أخـذت منه من جهـد وعرق، ونسـى
حكاية التعليم هـذه نهائيا، ولا يلتفت
نحوها ولــو برُمقة عــين، الأرض
هى الأســـاس وهى أهــم من التعليم، بعــد
نهاية كل عام يحصد الزرع
ويبيعه، ويحصــد المــال ويزيد، كان
محصول الطماطـــم الذي زرعه
يتلهف عليه التجار للحصول عليه،عرف
قيمة الأرض،أعطته الأرض
أكثر من المتوقع، ففرح وأبتهج لما
أنعم الله عليه من نعم .
راح يتأمل صورة أبيه المعلقة على أحــد
الجـدران في غرفة الضيافة،
قال لنفسه :
- لو كنت قد اخترت طريق التعليم لا
كنت في هذه المكانة.
سمعته أمه وهى تضع على المنضدة كوب الشاى، فقالت
له بعقلانية :
- التعليم سلاح لا غنى عنه يا حمدان.
جلــس يحتسى الشـاى وهــو يرمق أمه بطـرف عينيه،
وغلب تفكيره
حديث أمه، فلا يسمعها،ولكنه لا يسمع
إلا وسـاوس نفسه، وكأنه يرى
التعليم شيئا قبيحا، وإضاعة للوقت
الثمين الذي يصنع فيه المعجزات.
قامت أمه من أمامه بعد مدة قضتها معه
في الحديث عن عطاء الخي،
وتركته نائما فقـد غفـت عيناه للنـوم
ليستريح قليلا بعد العصر، أمامه
أعمال كثيرة لابد وأن ينتهى منها
اليوم،خصوصا بعد اتفاقه مع التاجر
الذي يشترى محصول الطماطم.
جــاء التاجر إلى بيته، وهو كان من
أهل القرية، ظل يشترى قراريط
صغيرة حتى كبر ولعبت معه العملية ،
فمنذ سنوات عديدة وهو يحجز
محصول الطماطم من حمدان، وكأنه كان
يحتكره ، يوافق على الثمن
الذي يتفــق عليه، سمع التاجــر بأن
حمدان ينــوى بيع هذه الأرض ،
ويكتفى بفدانين فقــط حتى يقــوم
بإصلاح بيته وبنـاء عــش الزوجية،
كانت هذه النية من حمدان منذ أسابيع،
وبالفعل أتفق معه جاره سعفان
على شرائها،لأن الجار أولى بالشفعة،حرك
هذا الاتفاق نشوة وغريزة
التاجر،لأنه لم يجد استجابة من حمدان
الذي كلمه عدة مرات عن بيعها
له، كان يعرف أن الأرض قوية وعفية ،
تعطى إنتاج وفـير لصاحبها،
وغير ذلك موقعهـا الجغرافى بالنسبة
للقرية عالى المكـانة، المتر بعـد
سنوات سيزيد تمنه الضعف، ومن يدرى
يقترب منه الكردون الذي بدأ
يزحف نحوها.
جلــس التاجر يفكر في محاسن تلك الأرض،
وما تكون عليه بعد ذلك،
أراد أن يعمل كل الحيـل في الاستيلاء
عليها، ففكـرفي حيـلة شيطانية،
عـزم على تنفيذها ، جاءته أم حمدان بالشــاى
فاصطنع حركة أسكبـت
أكواب الشاى على المقعد وهو يوقع على
عقد شراء المحصول، نهض
من مكانه وذهب إلى بيته لإحضار غيره،
كان قد جهزعقد بيع وشراء
أخـر، أراد أن يضع حمدان أمام الأمر
الواقع،لأنه كان يعرف أنه أمى
لا يحظى بقدر من التعليم، فلا يكتشف
ذلك.
جاء ومعه العقدان ووضعهما فوق بعــض،طلــب
من حمدان أن يوقـع
بخاتمه على العقدين ، وكان قـد أصاب
يد حمدان الإرتعاشة ، فتعجب
منها لأنها أول مرة تحدث له،شعربأن في
الأمر شئ، حــس بحشرجة
قـد سدت حلقه.
سمع طرق الباب، دب في نفسـه الحيوية مـرة
أخـرى، وجـد أبن خـاله
عزت داخلا عليهم،جلس على مقعد أمامهم،وكان
عزت قد حصل على
شهادة عُليا من الجامعة في البندر
ورجع إلى القرية،وهاهو يتردد على
حمدان يوما بعــد يوم، كان التاجر
يداعـب مسبحته، وهو يرمق عزت
بطرف عيناه، وكأن لســان حاله يقــول،
لقــد أفســـد عليــك مخططك،
وانصب على وجنتيه العرق بغزارة.
هَّــم حمدان بختم العقد، فكان التاجر
يسرعه، ولكنه توقف بعد ما طلب
عزت منه مراجعة العقد، ويراه من
الناحية القانونية، لأن هــذا مجاله،
فكانت شهادته في المحماة، ويريد أن
يمارس مهنته على حمدان، ظل
يقــرأ العقد والتاجر يرمقه، والعرق
ما زال ينصب على وجهه، حتى
مسبحته سقطت من يده على الأرض من
ارتعاشة يده.
نهــض عزت صارخا يوضح لعبة التــاجر
الشيطانية، لقد كشف عن
ألاعيبه، جاءت أم حمدان على الضجيج
بين عزت والتاجر، وقالت :
- ماذا حدث.. ؟
وضح عزت لهــا بأن حمدان كان ســوف يكون
ضحية التـاجر عديم
الضمير، وما أن سـمع التاجر عزت وهو
يفضح أمره خطف العقدان
وأسرع للخارج دون أن يلحق به أحد.
وعند هذه اللحظة علـم حمدان أنه كان
فريسة لشخص عديم الضمير،
وعــرف أن التعليم نــور، وهو أساس
الإنسان في الحياة الدنيا كالماء
والهواء، وعزم على التعليم مهما كلفه
من مشقة، ولا يتعامل مع مثـل
هـذا التـاجر الجشـــع الــذي كــان
سيستولى على أرضه دون علمــه
مستغلا جهله، حتى قالت أمه له :
- يا ولدى من لم يتعلم فهو رجل بنصف
عقل.
حزا هذا التشبيه في نفسه، حتى صمم
على الالتحاق بالتعليم أولا،وقد
مـر خمس سنوات وهو يعكف على القراءة
والكتابة بعد إن إلتحق في
فصول محـو الأمية وفصول اسم ليلى كما
كان في السـابق، ثم إلتحق
أخـيرا بالتعليم الإبتدائى من
منازلهم، فهــو نابغة في تلقى العــلم حتى
وصل إلى قدر عالى من التعليم يحميه
من غدر الآخرين.
الاثنين، 1 فبراير 2016
مسرح المونودراما ..
مسرحية ..
أوراق تائهة
تأليف
فوزى يوسف إسماعيل
الفصل الأول
يرفع الستار عن..
(بيت قديم جدرانه بها شقوق وإضاءته باهتة وأثاثه
قديم حتى سقفه
به شروخ يبدو للمشاهد أنه قايل للسقوط)..
(عبد المجيد نائما على الأرض
على فراش مهلهــل وغطــاء مقطـوع
ويبدو فى حالة بائسة)..
(يضوى فى المسرح صوت زعابيب ورعـــد .. عبد
المجيد يفزع من
نومه على أصواتها فيقوم من نومه
جالسا وهو مازال ممددا مكانه.
يبدو على وجهه شقاء الســنين
رغم أنه فى الثلاثينات من عمــره)..
عبد المجيد00 (يتلفت حوله بذعـر)
ما
هذا ؟!
(يعود صوت الرعد والزعابيب مرة أخرى)..
هل سيسقط المطر !!
(يرى بنظرات بائسة إلى السقف والجدران من حوله)..
السقف سيقع .. والجدران أيضا..
(يقف من مكانه مسرعا وينظر إلى أعلى)..
لا.. لا أيتها السماء..لا تمطرى..لا تمطرى حتى
لا يسقط السقف علىّ
وعلى أولادى .. لا أرجوكى..
(مازال يضوى البرق والرعد)..
(يقترب من جدار).
أنا لا أملك إلا هذه الجدران
وهذا السقف الهزيل..
(يتوسط المسرح)..
إذا وقع فلم أكون موجودا بالمرة.. ولا أولادى أيضا..
(يمشى يمين ويسار المسرح)..
ولكن .. ولكن أولادى ماذا سيكون مصيرهم ..هل
بعدما يسقط السقف
أحتمى فى مغارة بحضن الجبل..
لا ولكن ليــس معى مال حتى أرمـم
هذا المنزل .. أو أشترى
غيره..
(يقف
متوسط المسرح)..
أنظروا ..
(يقلب باطـــن جيــوب بنطلونه
الخــاوى من المال فيظهــر باطنه)
أنظروا فأنا مازلت على الحديدة كما يقولون.. ليس
معى مال..
(يخفض
صوته وكأنه يخشى أن يسمعه أحد)..
أنا لست موظفا.. (بحسره) نعم لست موظفا..
فأنا أعمل بائع جــوال..
دقيقة واحدة..
(يدخل مســرعا غرفة ويعــود
وهــو حاملا صندوق خشــبى
كبير به
بعض الإكسسوارات).
(يقف متوسط المسرح)
هـا هـــو مصدر رزقى.. (يقترب من
الجمهور) .. أنظروا يحوى الصندوق
فلايات وجوارب وبعـض المساحيــق.. أطـوف
بهــم فى الحـارات والأزقـة
والميادين وأيضا مواقف السيارات..
أبيع فلايات .. أبيع جوارب.. أبيع...
ولاعات.. أبيع ... أبيع...
(يدور فى المسرح وكأنه يبيع فى موقف
سيارات بالفعل.. ثم يقف متوسط
المسرح)
أرأيتم هكـــذا أفعـــل كل يوم.. وبعـد كل ذلك
يكون حصيلة مبيعاتى عشــرة
جنيهات فقط .. هل يسدوا حاجات أولادى
من مأكل ومشرب وملبس.
(يضع الصندوق على الأرض ويجلس أمامه
مربعا)..
هل يكفى لمستواهم المعيشى مثل أقرانهم مثلا..
(يضحك عليا) هاا..هاا..
(يقف مسرعا).. هل يكفى أولادى
الثلاثة وأمهم التى تبشرنى بقدوم المولود
الرابع.
(وهو يشير إلى الصندوق)هل هذا الصندوق يربى
أطفالى ويلبى رغباتهم؟
العشــرة جنيهات التى تأتينى من ريـــع
هــذا الصندوق أعلمهــم وأكسيهـــم
وأأكلهم أيضا..
أم هل يكفى احتياجات مولودى القادم..؟
(بسخرية) بالطبع لا..
من منكـم يعيــش بعشــرة جنيهات.. من منكم يخــرج
كل صباح ويعـود إلى
أولاده بهذا المبلغ التافه هذا..
(وهو يعطى أذنه ناحية الباب)..
أنى أسمع صوت أنين أطفالى.. أعرف لماذا يأنون
هكذا..
أنهم يأنون من شدة البرد.. ومن قلة
الطعام.. ولكن ماذا أفعل ..
ما بيدى شئ.. اليوم خرجـت كالعــادة
وأنا حامــل هــذا الصندوق أنادى فى
الميادين لكى يشترى منى أحد فلم
يشترى أحد.. تساءلت عن سر هذا الأمر.
فوجدت ..
(يتلفت
حوله بصوت خافت)..
وجدت.. وجدت السر الكبير.. (وهو
يتلفت حوله) وجدت غلو الأسعار..
لماذا أخفض صوتى.. هل أنا خائف..
لا.. ولكن كما يقول المثل الشعبى ..
الحيطة لها ودان.. ولكن ماذا فى ذلك ألست
أنا من هذا الوطن .. ولى الحق
فى المطالبة بحقى الشرعى.. أنا أعانى
الفقــر.. هـذا شئ ليس بجديد.. ولكن
الجديد هو أن الحكومة وضعــت قوانين صارمة
وهى لا تستطيع أن يعلــو
صوتا فوق صوتها.. وأنا أخشى أن يعلــو
صوتى فتسمعه الحكومة ويكــون
مصيرى السجن..
(يتوسط
المسرح)..
نعم.. إذا علا صوتى فيقبضون علىّ وبذلك سأترك
أولادى يعانون مصيرا
مؤلما.. لا .. لا .. لا بد وأن أكون
مسالما حتى ولو عنيت الظلم والقحط..
وأعمل كما يقول المثل الشعبى أمشى
جنب الحيط..(وكأنه يقوله بسخرية)
(يجلس القرفصاء وسط المسرح.. يرفع يده إلى
السماء)..
يا ألهى لماذا خلقتنى فقيرا ولم
تخلقنى غنيا.. كنت تجنبت هذا العذاب الذى
أنا فيه الآن.
(يقف يبرر موقفه).. ولكن الفقير له ميزة .. نعم ميزة كبيرة عن
الغنى..
(يضحك)
هاا..هاا..
تقول الأساطير أن الفقير يدخل الجنة قبل الغنى
بأربعين سنه.. نعم وأنا ..
وأنا أود أن أدخل الجنة .. قبــل
جارى عبد العظيم أفندى الغنى.. ولو كـنت
غنيا ف...ف.. فمن الممكن أن يسلط
علىّ المال..
(يمشى يمين ويسار المسرح)..
أقـول
لكــم كــيف يسلط المـال على صاحبه .. إذا كــنت أملك مثلا مليونان
من الجنيهــات.. أو زالعة من
الذهـــب.. كما وجــدها على بابا
فى مغــارة
الأربعون حرامى .. يا ليت لدى
مليونان..
(تتوسع عيناه)..
(لنفسه
بصوت خافت).. مليونان.. كيف وأنا أحلم بعشرة جنيهات..
ألم يكن تبذيرا وهراءا أيضا..
(يعود لمواصلة كلامه).. مليونان مثلا..
وجــاءنى عابر سبيـــل أو مســكين
وقال لى أعطنى مما أعطاك الله .. هل ترون أنى
سأعطيه ما يطلب..
لا طبعا...لماذا..؟ لأن الغنى
لا يحس بالفقير.. أو بمعنى أصح يطغى أمواله
على كيانه فيرفض أن يبدد ماله كلما
طلب منه أحد معونة.. ولو أعطاه ..
فيعطيه جنيها أو جنيهان.. لذلك
فأقول لكم كلمة صادقة..
(يتلفت حوله ويمد وجهه ناحية الجمهور
ويقولها بصوت خافت)
الفقير فى نعمة..هااا هااا ولكن ليس
بفقرى هذا.. نعم .. فقرى هذا إذا وجد
وجد عند أحدكم لا أدرى ماذا تفعلون
فى أنفسكم..
أقول لكم من تجربة عانيتهــا.. جــاء علىّ
أيام بأن أترك زوجــتى وأولادى
وأرحل إلى مكان لا أعرفه .. ويوم
ثانى فكرت أن انتحر من فوق جبــل..
ويوم ثالث قررت فيه أن اسرق شيئا من
الغنى .. ولكن سرعان ماتراجعت
أقول
لكم لماذا تراجعت ..
(يتلفت حوله) أولا عندما فكرت فى أن أترك
أولادى وأرحل .. سيموتون
جوعا .. وثانيا عندما فكرت فى الانتحار
من فوق الجبل.. سيكون مصيرى
فى النار خالدا مخلدا.. وثالثا عندما
فكرت فى السرقة ستقبض علىّ الشرطة
ويدعونى فى السجن .. وكل ذلك المتضرر هم أولادى
لا محالة..
تراجعت وها ترونى أعانى الفقر وبؤسه
.. لا سبيل لى إلا أن أجتهد فى بيع
تلك الإكسسوارات لأطعم من ريعها
أولادى.. عشرة جنيهات..
(يتوجه بأذنه ناحية باب غرفة أولاده)..
ماذا أسمع أن زوجتى تلد .. أتسمعون
معى صراخها.. نعم .. نعم..
ولكن فهى تحتاج الآن إلى طبيب.. والطبيب
من أين آتى به .. وإذا آتيت به
فمن أى مكان أن آتى له بمبلغ الفزيتة..
ألا تعرفونما هى الفزيتة..
(يمد
وجهه للجمهور).. الفزيتة تعنى تذكرته.. وتذكرته هــذه
وصلت الآن
خمسون جنيها كاملة .. من أين آتى
بالخمسين جنيهــا.. هل يصبر علىّ حتى
أسرح له خمسة أيام .. اليــوم فيه عشــرة
جنيهات.. ويوم بعــد يوم أجمع له
الخمسون جنيها.
(يقترب نحو باب زوجته ثم يرجع متوسطا المسرح)..
(بحسرة) يا لها من ورطة.. أين لى بأجرة
الطبيب الآن.. إنها تتوجع وعلىّ
الآن أن أحضر الطبيب .. أقول لكم أنا
لم أدخل إليهــا.. ربما لا تجدنى فتلـد
بدون استدعاء الطبيب.. ولا أحتاج إلى
إحضار الخمسون جنيها..
(يمد أذنه ناحية باب غرفة زوجته).. لقد سكتت عن الصراخ
.. نعم سكتت
سكتت.. سأنظر إليها من ثقب الباب..
(يقترب من الباب وينظر من ثقبه).. نعم هى لا تتحرك..
(يتوسط المسرح).. ولكن لم أجد بجوارها طفلا..
ماذا حدث لهما ..؟
سأدخل إليها لأستعلم الأمر..
(يمشى بخطوات بطيئة حتى يدخل غرفتها)..
(يخرج بعد لحظة باكيا).. يا ألهى لقد ماتت .. لقد ماتت زوجتى ..
هذا من اهمالى..
(يتوسط المسرح)..
وماذا عساى أن أفعل.. لقد جنيت
عليها.. نعم أنا المسئول عن ذلك..
لأنى لم آتى إليها بالطبيب.. فأنا
الجانى.. فأنا الجانى.
(تتوسع عيناه) الآن زاد علىّ حمل آخــر .. من أين لى بالمال حتى أقــوم
بدفنها.. سيحتاج دفنها مالا ولم يكن
معى المال المطلوب.. فماذا أفعل..؟
(بانكسار)..
الآن
لى أن أفعل شئ.. ها قد جاءتنى فكرة عظيمة .. لا أقــول
هذا الخبر لأحد إلا بعد أن أذهب إلى
الميادين أبيع اكسسواراتي
(يسرع إلى الصندوق ويحمله بين يديه)..
اليوم عيد والميادين مكتظة بالناس ..
سأبيع ما أشاء..
(يتجه نحو الباب يفتحه.. يقف مذعورا)
الشرطة.. (يتراجع للخلف)..
أنا لم أفعل شيئا.. أنا لم أفعل
شيئا.. اتركانى .. اتركانى..
(يتوسط المسرح ويجلس القرفصاء منكسا
رأسه) ..
اتركاااااانى..
يسدل الستار...
الفصل الثانى
يرفع الستار عن..
نفس الديكور السابق.. ويزيد
فقط وضع قله من الفخار بجانب
الجدار ..
عبد المجيد00 (يدخل وعليه آثار التعب والإرهاق.. فيتوسط
المسرح ويجلس
على الأرض منهكا وهو شاب
اللون)..
أنا لا أصدق ما حدث.. لا أصدق.. لقد حدث لى ما لم
يحدث لأحد..
لقد وضعونى فى زنزانة لا تتصورون كيف كانت.. فقـد
أتهمونى
فى موت زوجتى .يقولون إن
موتها جــاء بسبب إهمالي..رغــم أن
المتهم بريئ حتى تثبت
إدانته..
(يضحك).. هاا.. هاا..
(يقف قافزا).. ولكن هل الظروف
كانت مهيأة لى وبخلــت عليهــا
بالمال.. أنتم تعلمون كيف
كانت حالتى..
(يشير إلى وسط المسرح).. هنــا أنتم رأيتم
كيف كانت جيــوبى
خاوية من المال.. (ويشير
إلى مكان آخر بجواره) .. وهنــا كان
معى عشرة جنيهات من ريع
الإكسسوارات التى أبيعها..
(يضحك).. هاا ..هاا..
هل هناك مكان آخر كنت فيه أملك
مليونان من الجنيهات.. لا أكثر
ما كان معى هو العشرة
جنيهات.. ولكن أخذها ولدى الأكبر لأنه
سيسافر إلى كليته.. فيشترى
منها كتبه وحاجاته الدراسية.
أقول
لكم هو يعرف حالتى المالية فلا يطلب إلا خمسة جنيهات
فقط من العشرة جنيهات التى
أكتسبها يوميا من تجارتى فى
الإكسسوارات.. كنت كنت أود
أن أعطيه أكثر من ذلك ..
ولكن كما يقولون فى المثل
الشعبى.. اليد قصيرة والعين بصيرة...
هه .. ربما ينزل علىّ كنزا
من السماء.. وولدى الثانى الذى يريد
أن يلتحق بالمدرسة.. أقول
لكم ما أنوى عمله.. سرا بينى وبينكم
سأقنعه بعدم الالتحاق
بالمدرسة..
(يتلفت يمينا ويسارا)
.. لأنى أريده أن يساعدنى فى بيع هذه
الإكسسوارات..
(يذهب إلى الصندوق الموضوع
بجانب الجدار ويحمله ويدور
به فى وسط المسرح)..
(يتوقف عن الدوران
فاجأة).. وآخر النهار يكون فى يدى حصيلة
مبيعاتى (باستخفاف).. عشرة
جنيهات..
الأيام تمر والشهور تمر
والسنين أيضا تمر.. ومازلت أكسب عشرة
جنيهات.. ومن الممكن أن تزيد
العشرة جنيهات فى حالة واحدة..
عندما يصدر قرار بغلو
الأسعار..
(يذهب إلى الجدار ويضع الصندوق
فى مكانه ثم يتوسط المسرح)..
هل رأيتم أشد بؤسا من ذلك
..أننى أدور فى ساقية دواره..
(يضحك).. هاا .. هاا.. ألا
تعرفون أنى الآن مهدد.. نعم مهدد ومن
الممكن أن يحكم علىّ
بالإعدام.. أسمع أدكم يقول لماذا...؟ أقول لكم
لماذا.. يتهمونى بقتل زوجتى وولدها الرضيع..
والحكم فى ذ لك
هو الإعدام لا محالة.. إذا....
إذا ثبتت علىّ الجريمة.. لكن هناك
متنفس واحد يجعلنى أعيش الأيام
التعسة.. إذا خرج تقرير الطبيب
الشرعى فى صالحى.. بمعنى يقول الطبيب الشرعى كلمته التى
تعفينى من حبل المشنقة.
(يقترب من القلة الفخار الموضوعة بجانب الجدار
ويشرب منها
ثم يضعها مكانها مرة أخرى..
يتوســط المسرح وهـــو يبلع ريقه
ويمسح بكف يده شدقيه )..
(يمسك عنقه كأنما يلتف حولها
بل المشنقة)..
ربما بعد يومان أو ثلاثة أو
أكثر يلتف حول رقبتى هذه حبل المشنقة
وتكون نهايتى..
(يترك عنقه ويسير نحو اليسار قليلا)..
ومن الممكن أيضا يطلق سراحى..
قلت لكم إذا وجد الطبيب الشرعى
أن سبب الوفاة كان نتيجة الموت
الطبيعى.. على يدكم.. هــل طعنتهــا
بسكين..؟ أو هل وضعت لها السُم
فى الطعام ..؟ بالطبع لا..
(يتوسط
المسرح)..
الظروف لا تساعدنى..نعم..ماتت زوجتى
وتركتنى أقاسى أنا وأولادى
قسوة الحياة.. وأنا ربما أُعدم
.. وأترك أنا أيضا أولادى يعانون مرارة
الحياة قسوتها ..أرأيتم كم هى
مأساتي.
(يرى بطرف عينه ظرف أبيض ملقى على الأرض تحت عقب
الباب
الرئيسى..
يسرع إليه) .. ما هذا..؟!
(يأخذه ويقلب فيه).. أنه خطاب.. نعم
خطاب..
(بفرحه).. لابد وأنه يحوى مالا أو نبأ سار.. (يتوقف عن
فتحه)..
أخمن ما فيه .. يبدو أن ما فيه.......
عشرة جنيهات..
(يفتحه
ويقرأه).. ها... (بفرحه غامرة) .. أنها فرحه .. أنها فرحه
لا تسعنى الدنيا كلها..
(يحضنه بين
صدره ويدور به يسار ويمين المسرح وكأنه لا يصدق
نفسه)..
يا لها من فرحه
(يقف فاجأه متنبها لشئ).. ولكن كيف أكون فى
هذه الفرحة وأنا
مازلت أتلقى العزاء فى زوجتى.. أليس هذا هراءً..!!
(يتوسط المسرح).. أقول لكم ماذا فى
هذا الخطاب.. اليوم صدر قرار
الطبيب الشرعى.. قال فيه إن سبب
الوفاة هو الولادة المتعثرة.. اليوم
حصلت على حريتى.. شكرا يا ألهى..منذ
قليل قلت لكم إن القدر إذا
شاء ان أعدم وإن شاء نجوت وبقيت على قيد
الحياة.. وها أنا ذا على
قيد الحياة..
(يتثائب فيضع يده على فمه).. أريد أن أنام..
(يجلس
على الأرض ويمدد عى ظهره).. أريد أن أرتااااااااح..
(لحظة ويستيقظ مسرعا ويجلس فى موضعه)..
ما هذا..؟
(يقف مكانه فازغا).. تذكرت شيئا لابد وأن
أنجزه فى التو.. أريد أن
أقف فى طابور الخبز لأحضر طعام
الغداء.. وأيضا أقف فى طابور
البطاقات ..وأخيرا طابور الانتخابات..
(يضحك).. هاا.. هاا.. نحن فى دنيا
الطوابير..
(يتذكر).. لا لا.. أن لا أقف فى طابور
منهم..
(يذهب
إلى الصندوق ويحمله).. أنا سأستغل هذه الطوابير الثلاثة
وأبيع لهم اكسسواراتى.. نعم..
سأبيع لهم فلايات..
(يدور فى المسرح من اليمين إلى اليسار وهو
ينادى)..
أبيع فلايات.. أبيع جوارب.. أبيع
ولاعات..
(يتراجع)..
كيف..
وأنا لم أقف فى طابور الخبز.. من الطبيعى إذ لم
أقف فيه فلم آتى لأولادى بخبز
الغذاء.. وإن لم أقف فى طابور البطاقات
ستقبض علىّ الشرطة بتهمة أننى لم
أحمل إثبات الشخصية..وإن لم أقف
فى طابور الانتخابات سيقولون عنى
أنى عديم الوطنية..
(بحسرة).. كنت أريد أن أكسب من
هــذا مبلغا لا بأس به.. أو كــنت
كسرت عقدة العشرة جنيها التى تلازمنى.
(يضع
الصندوق مكانه).. يبدو أننى سيئ الحظ .. كنت أود استثمار
هذا الموقف..
(يتوسط
المسرح).. أنتم تعرفون بأن حياتنا كلها طوابير..
وهذه سراحه
يعرفها الجميع ولا ينكرها أحد.. لذلك
يضيع نصف وقتنا فى الانتظار
فى تلك الطوابير اللعينة التى لا
تنتــهى.. وإذا وقفـت فى طــابور ما من
هذه الطوابير فسوف أكون أنا
الجانى على نفسى..
(وهو يجلس على الأرض باستسلام)..
وكما
يقول المثل الشعبى .. لو جالك الريح سد الباب واستريح.
(يمد أذنه ناحية غرفة أولاده).. ماذا أسمع..؟
هل
تسمعون معى..؟ ولدى الصغير يتألم..
(يقف مسرعا).. سأرى ماذا حدث له..!!
(يتجه نحو الغرفة ويدخلها.. بعد لحظات يخرج
ووجهه يكسوه الحزن)
يا حسرتاه.. ولدى آتته الحصبة.. ماذا أفعل ..؟
هل أحضر
له الطبيب ..؟
(بيأس)..
ولكن الطبيب تصل فيزته إلى خمسون جنيها..
(يتذكر).. هذا منذ خمسة أعوام.. ولكن
اليوم زادت عما كانت .. ألم تعرفوا
ماذا وصلت الآن.. يتلفت حوله بحذر..كنت مع جارى
منذ أيام عند الطبيب
ففوجئت
بليستة مكتوبة عنده فى العيادة.. أقول لكم ماذا كان فيها..
(يذهب
على الباب ليتأكد من أنه محكم الغلق.. ثم يتوسط المسرح ويتكلم
وكأنه
لا يريد أحد أن يسمعه) وجدت فيزتة الكشف العادى تبدأ من ثمانون
جنيها.. والكشف المستعجل إلى مئة وواحد جنيها..
(يلتفت
مرة أخرى حوله).. والكشف الفورى مائة وعشرون جنيها..
(يضحك).. هاا.. هاا......
وأنا أبيع اكسسواراتى طــول النهــار
حتى تتورم قدمــاى ولــم أحصل فى
النهاية إلا على عشــرة جنيهات فقط ..
أدور فى الحــارات والأزقــة حتى
تنتحل نعالى.. هه.. ولم أحصل إلا
على عشرة جنيهات..
(بيأس).. هه يبدو أننى سأظل على العشرة
جنيهات هذه حتى أفارق الحياة
ولكن الذى ينغظ علىّ حياتى هو جارى
عبد العظيم أفندى..
يخـــرج من كل صفقة وصفقة.. يكســب
ملايـين الجنيهات وهـــو لا يبيــع
إكسسوارات مثلى هكــذا كـان يتحصل على هــذا
المبلغ .. لا بل سيتحصل
على عشرة جنيهات..
(يدور فى المسرح يمينا ويسارا)..
وهل يسكن فى منزل ملئ بالشقوق والعناكب هكذا ..
لا طبعا..
(يضع كف يده على جبينه متذكرا) .. يااه تذكـــرت ولــدى
الــذى أصبته
الحصبة .. علىّ الآن أن أذهــب إلى
الطبيب .. نعم الطبيب .. ما قلــت لكم
قد عّلت فيزته إلى الثمانين جنيها ..
وأنا من أى مصدر آتى بهذا المبلغ..
(تذكر).. آه لقد جاءتنى
فكرة..
(يذهب
إلى الجدار ويخرج من جانبه جهازا ملفوفا بقطعة قماش يشبه
الموبايل..
ثم يتوسط المسرح)..
ها هو المنقذ.. ها هو بديل الطبيب..
لقد حدث طفرة كبيرة فى التكنولوجيا
وهذا الجهاز سيدلنى على ما ينبغى أن
أفعله مع ولدى..
(يضغط على زر فيه).. (بفرحة).. ها لقد أعطانى
الوصفة التى سأصنعها
لولدى حتى يشفى من الحصبة..
(يتراجع متذكرا ما حدث لزوجته) ..ولكن.. ولكن أخشى
أن يكون مصيره
مثل مصيرها.. هاا.. هاا.. لا لا ..
لن أفعل ذلك .. لا بد وأن أبحث عن شئ
أبيعه.
(يسير إلى يمين المسرح ويساره).. لا أجد شيئا.. ماذا
أفعل..؟
(ينظر إلى صندوق الإكسسوارات)..
هاهو .. ليس أمامى إلا هذه
الإكسسوارات.. أبيع فلايات .. أبيع....
(يصمت عندما يشعر باهتزاز البيت)..
ما هذا..؟
(خائفا) .. ما هذا.. ؟ أنه زلزال.. نعم أنه زلزال..
(يهتز وكأن البيت هو الذى يهتز)..
زلزال..
(ينظر من النافذة إلى الخارج).. لا .. لا..
(بصوت عال صارخا).. أنهم يزالون منزلى..
أنهم يزالون منزلى..
لا .. لا..
(ينكب بوجهه على الأرض وهو على
ركبتيه)..
يسدل الستار...
الفصل الثالث
يرفع الستار عن..
(نفس الديكور يزيد فقط وضع صندوق خشبى صغير به
مطرقــة
خفيفة بجانب الجدار من ناحية
اليسار)..
عبد المجيد00 (يدخل حاملا على
يده مجموعة من الورق المتراصى فوق بعضة
يبدو لفواتير)..
(يتوسط المسرح).. هذا الكم الكبير من
الفواتير مطلوب دفعها..
(يضع
الأوراق على الأرض أمامه وهو مازال واقفا فى موضعه)..
قبل أن أفحص هذه الفواتير لا بد وأن أنجز شيئا
أولا.. دقيقة واحدة.
(يذهب
إلى غرفة ويدخلها ثم يخرج بعد لحظة ومعه مجموعة من
الصحف .. ثم يتوسط المسرح وهو يجلس مكانه)..
يقولون
أن الوزارة قد أعلنت عن وظائف شاغرة.. هاه ربمــا يكـون
هذا النبأ صحيحا.. ولكن أشك
فى ذلك ..لأن من المستحيل أن تعلــن
الوزارة عن عمل ويصدقون فيه
مرة واحدة..
(يتلفت حوله يمينا ويسارا .. ثم يقول بصوت
خافت)..
هذه محسوبية.. نعم.. العمل فى
أى مكان بالوساطة والمحسوبية.. وما
ينشر فى هذه الصحف ما هو إلا
لتثبيت العمالة المؤقتة من أجل تجنب
مُساءلة الجهاز المركزى
للمحاسبات.. ومن يعرف ربما يكون كلامى
هذا مخطئا ويصدقون فيما
ينشروه.
(يفتح الصحـف جميعهــا ويرصهــم بجــانب بعضهــم
بطـول عـرض
المسرح ويبدأ فى قراءة صفحة
صفحة من الأول للأخير)..
هذه الإعلانات المبوبة تطالعنا بهــا كل هــذه
الصحف يوميا .. شركة
كبرى تطلب مندوب مبيعات..
(ينتقل للجريدة الثانية).. مطلوب بائع متجول..
أشك فى ذلك ..
يبدو أنهم يطلبون بائع إكسسوارات.. (ينظر فى
الصحيفة) والأدهى
من ذلك يطلبون سنوات خبرة لا
تقل عن خمس سنوات.. هذه الوظيفة
أجتاز فيهــا النجاح بجــدارة
لأنى أملك خــبرة فى هــذا المجال خمسة
عشرة أعوام ..(ينظر فى
الجريدة مرة أخرى)..
(يضحك عاليا).. هاا.. هاا.. أنهم يطلبون
شهادة مختومة بخـاتم الدولة
هل تصدقون أن بائع متجـول مثلى
يمــلك شــهادة خــبرة مختومة من
أنه هراء واستهزاء بنا..
(ينتقل إلى الجريدة الثالثة) .. مطلوب بائع خردوات..
(ينتقل إلى الجريدة الرابعة)
.. مطلوب
بائع إكسسوارات.. خــردوات
وإكسسوارات وخردوات .. كما
تقول المقولة الشعبية .. يا قلبى لا
تحزن.
(يصل إلى آخر الصحف المتراصيه ويقرأ الإعلان
منها وهو جالس
أمامها) .. مطلـوب على وجــه
الســرعة مندوبين ومندوبات حســن
المظهر.. (يضحك باستهزاء)..
هاا.. هاا.. أرأيتم حسن المظهر..
منذ عام وأنا بهذا الملبس..
(ينهض واقفا ويجمع الصحف المتراصيه ويضعهم
جميعا بجـانب
الجدار ثم يعود ويتوسط
المسرح)..
هذا ما رأيتم.. جاء لكم
كلامى.. جميعها لا تشفع ولا تغنى من جوع..
أنهم يطلبون مهنتى .. لأن معظم الشباب يدورون
فى الحارات..
والأزقة والميادين والمواقف أيضا ويقول..
(يذهــب إلى صنـدوق الإكسسوارات ويحمـله
ثم يدور فى المسرح
يمينا ويسار)..
أبيع فلايات .. أبيع جوارب.. أبيع خردوات..
أبيع......
(يصمت.. ثم يضحك بعد لحظة).. هاا.. هاا.. والأدهى
من ذلك نكون
نحن بائعى الإكسسوارات نكون قطاع عام..
(يصمت متذكرا).. ما هذا الهراء الذى أنا فيه..
هل يوجد بائع متجول
قطاع
عام.. (باستهزاء).. لا بد وأنه تفعل من قبل الحكومة مؤخرا
فى القرارات الجديدة..
(يذهب
إلى الجدار ويضع بجواره صندوق الإكسسوارات ثم يتوسط
المسرح
وقف أمام الفواتير الموضوعة على الأرض)..
لا يبقى إلا كشف ما فى هـذه
الفواتير التى أمامى.. فهــى تحــوى مالا
يصدقه عقل.. ربما بعد اطلاعى عليهــا أن يدعونى
فى السجـن سبعة
أعوام.
(ينظر إليها بحسرة) .. كــم أنا أذوق
مرارتها.. فهــى تحـــوى ديونا
متراكمة
لا حصر لهــا.. وأنا كما تعلمون .. (يقلب جيوبه من الباطن
حتى
تظهر خاوية من المال).. كما ترون.. على الحديدة..
(باستخفاف).. وإن كان هذا
التعبير يبرهن على ما أنا فيه.. نهايته ..
(يجلس
أم الأوراق مربعا).. سأفحص هذه الأوراق واحدة واحدة..
(يمسك
أول ورقة منهم ويقرأها).. (تتوسع عيناه متعجبا)..
ما هذا..؟ لا اصدق ما تراه عينى.. مائتان وعشرون جنيها..
(يقف مكانه ووجهه يكسوه الذعر)..
لماذا..؟
(يشير إلى لمبة الكهرباء
المعلقة فى السقف).. لهذه اللمبة اليتيمة..
أنظروا أنها خافته الأنوار..
(يذهب إلى يسار المسرح)..
ليس عندى ثلاجة .. (يذهب إلى اليمين).. ولا
غسالة..
(ثم يتوسط المسرح).. أو.. أو حتى تليفــزيون..
فلمــا هـذا المبلغ الذى
فى فاتورة الكهــرباء .. (يضحك).. هاا..
هاا ... أنا لا أستعمــل أيضــا
سخانا ولا مكواة.. فلمـاذا هــذه القيمة
الكبيرة .. أليست هــذه نكته.. فى
الشتاء يبدو الصقيع ينخر جسدى
وجسد أولادى .. لأننى ليــس عنــدى
سخان للماء.. ولا أعرف أخبار
العالم من حـولى لأننى لا أملك جهــاز
تليفزيون.. (يشير إلى
ملابسة التى عليه).. وها ملابسى التى
أرتديها
منذ عام كامل ولا أغيرها لأنى
ليس عندى غيرها .. فلــم يكــن عنـدى
مكواة لذلك.. هل هذا المبلغ
لهذه الإضاءة الخافتة..؟
كيف لى أن أسدد هذا المبلغ
وأنا لا أملك فى اليوم إلا عشرة جنيهــات
من ريع هذه الإكسسوارات ..(يضحك)..
هاا.. هاا.. يبدو أنهم يعتقدون
أنى أكسب ملا كثيرا من تجارتى
هذه.. (يضحك).. هاا.. هاا...
(يقترب من الأوراق)..
هذه أول ورقة..(يمسك بالورقة الثانية)..علىّ
أن أخمن ما فى الفاتورة
الثانية.. أنها فاتورة الهاتف..
(يقرأ الفاتورة) .. نعم هى بالفعل.. (تتوسع عيناه).. ما هذا..
؟
خمسمائة وثلاثون جنيها.. أنا
لم استعمل الهاتف مطلقا..
(يدخل غرفة ويخرج بعد لحظة
ومعه تليفون أرضى أسود)..
ها هو الهاتف .. أنه لا يعمل
منذ أن ركب عندى .. (بتأثر)..ما أسكت
الله له حسا.. لماذا كل هذا
المبلغ..؟ يا لها من مصيبة..لا بد وأن أكثف
مبيعاتى فى الأعيــاد والمناسـبات
وأيضـا الزحـام حتى أجمـع كل تلك
الأموال .. (يذهب إلى الجـدار
ويضع الهــــاتف .. ثم يحمــل صنـدوق
الإكسسوارات ويدور فى المسرح
منـــاديا) .. أبيــع فلايات .. أبيــع
جوارب.. أبيع..... (يصمت
لحظى) .. سـوف أنادى هــذه المرة بالدُبل
حتى أكسب مالا أكثر وأكثر.. (يضحك)..
هاا.. هاا.. هــل أكسـب هـذه
المرة عشرة جنيهات فــوق العشــرة
التى أكتسبهـا كل يوم .. هه على
رأيى المثل الشعبى .. المنحوس
منحوس ولو علقوا على أذنه فانوس.
(يذهب إلى الجدار ويضع الصندوق.. ثم يتوسط
المسرح ويقف أمام
الأوراق ويأخذ منهـا الورقة
الثالثة) .. (مندهشا) .. أنهــا بخصوص
منزلى هذا.. يبدو أنهـم يريدون
مبلغا عليه.. يا لهـا من مصيبة .. يا لها
من مصيبة.. أنهم يريدون مبلغا
أيضا .. كيف وهــم قــد اعطونى مهلة
شهرين حتى أبحث عن سكن آخر .. لأنه
صدر بحقه قرارا بالإزالة.
(بحيرة).. ماذا أفعل..؟ هل
أنادى على اكسسواراتى هذه.. وحصيلتهم
أخر النهار تكون عشـرة جنيهات
أيضا..!! لا .. لابد وأن يكون هنـاك
حلا.. نعم.. (وكأن جاءته
فكرة ).. عندما يحاكمــونى سأترافع أنا عن
نفـسى .. لأننى لا أملك أتعـاب
المحامى .. وليـس عنــدى وقـت لأبيـع
اكسسواراتى .. فلـو قمـت بذلك سأكون
أنا الجانى على نفـسى.. لأنكـم
لا تعرفون إلى أين وصل أتعابه..
لذلك سأترافع أنا عن نفسى.
(يذهب إلى غرفة ويدخلها ويخرج
بعد لحظة ومعه قضبان من حديد
وكأنه يشبه قضبان الحجــز التى
تكون فى قاعة المحكمة.. يضعهـم
بجانب الجدار ثم يقف بينهما وكأنه فى محكمة)..
سيدى القاضى .. لماذا تحاكمونى ..؟
حاكموا الزمن .. فأنا لم أحظى
بوظيفة حكومية أو خاصة محترمة .. أنا منذ نشأت
وأنا أعمل بائع
إكسسوارات وفلايات وجوارب بصندوقى
هذا .. فمنهم من يشترى
بأبخس الأسعار ومنهم من يشترى
على النوتة .. أقف ساعات النهار
حتى أحصل آخر النهار على عشرة
جنيهات فقط .. العشرة جنيهات
هل تشبع أولادى من مأكل ومشرب
وملبس.. لا بالطبع.. وكذلك علىّ
أن أدفع فاتورة المياه والكهرباء
والهاتف.. وأيضا أجرة سكنى هذا الذى
يملئه الشقوق والعناكب.. نهيك عن
طلبات أولادى وزوجتى التى توفت
أئناء ولادتها .. لأننى لا أملك
المال الذى أستطيع به دفع فيزية الطبيب
التى صارت بمبلغ خيالى.. هل أنا مذنب
فيما قصرت بحقهم..؟!
هل أنا مذنب فى عدم دفع هذه
الفواتير المتراكمة علىّ وصارت ديونا
علىّ دفعها وإلا حاكمونى بتهمة
التقصير.. أنا يا سيدى القاضى بريئ
براءة الذئب من دم أبن يعقوب.. والذى
تحاكموه هو الزمن..
(بمرارة متأثرا).. الزمن الذى كسى
بظلاله القاسية علىّ......
قل لى حكمك العادل يا سيدى القاضى..قل لى حكمكم
العادل كى أستريح
من عذاب الدنيا.. ولكن يا سيدى
القاضى يراودني سؤال.. هل ينصفنى
الزمن ..
أم أظل فى بيع تلك الإكسسوارات اللعينة التى لا أحصل منها
إلا عشرة جنيهات..
(يمسك القضبان وكانه يتحدث مع
القاضى)..
قل لى يا سيدى القاضى ..(يصمت لحظة)......أّجلت....
(بيأس) .. يا له من عذاب .. ألم تحكم علىّ
حتى أستريح ويستريح
ضميرى..
(يطبق
القضبان ويدخلهم فى الغرفة.. ثم يعود ويتوسط المسرح أمام
الأوراق.. وهو يفتح الورقة
التالية التى التقطها من الفواتير)..
يا ترى ماذا تحوى من مصائب أيتها الورقة .. هل
أنظر فيها أم تكون
غما علىّ مثل التى قبلها وقبلها..
(ينظر
فيها بفتور).. من المؤكد تكون لفاتورة غاز أو خبز.. وهل للخبز
فاتورة..؟ لا بالطبع .. ولكن (بسخرية)..
من الممكن أن تديننى .. مثل
الكمبيولات.. نراها وأمرنا لله..
(ينظر فيها وتتوسع عيناه.. كأن
أصعقته صاعقة)..
ما هذا.. ؟
ما هذا.. ؟ (يحدث له زهول).. هذه الورقة تقول أن فى بيتى
هذا كنزا.. هل معقول ما أراه..
(يرى بنظراته فى الورقة تارة
وناحية الجدار تارة أخرى)..
(يشير إلى الجدار من ناحية اليسار)..
أنه
هو.. (يتذكر).. ولكن.. ولكن هذا البيت عمره أكثر من مائة عام..
نعم كانوا يقولون أنه أثرى.(بلا موبالاة) هل
معقول فى بيتى أنا كنزا؟
لا أصدق.. ولكن كيف من الممكن أن يكون صحيحا..
نحن فى عصر
المعجزات..
(يرى فى الورقة ثانيا).. نجرب ونسير على الخريطة
هذه التى
توضح مكان الكنز.. كما يقول المثل الشعبى.. خليك وراء الكذاب
حتى باب الدار.. (ينظر
حوله)..
نبدأ من هنا من موقعى هذا..
(يخطوا ست خطوات)..
من هنا ست خطوات.. هكذا فعلت
.. وها هو الجدار..
(يضع كف يده على الجدار)..
هنا فى هذا المكان.. (يتوجه
بوجهه نحو الجمهور).. هنا فى هذا
المكان سيكون سعدى.. أو
تعاستى..
(يفتح الصندوق الصغير ويخرج
منه مطرقة خفيفة)..
ربما تبتسم لى الدنيا هذه
المرة..
(يحاول الطرق عليها) .. أنها تفتح.. ما
هذا.. ؟
(ينفتح باب صغير).. (يضحك
عاليا).. هاا.. هاا..
(تتساقط منه أوراق نقدي فئة
العشرة جنيهات)..
(يضحك بهستريا).. هاا.. هاا.. أنه
مال.. أنه مال.. هاا .. هاا..
وداعا للفلايات.. وداعا
للجوارب .. وداعا.. وداعا..
(يتراجع ويعـــود لرشــده) .. لا لا بل أنشأ
بهــم مــولا ملئ كلــه
بالإكسسوارات.. نعم
الإكسسوارات التى لازمتنى طول الحياة..
(يضحك).. هاا.. هاا..
(يجلس
مكانه معطيا ظهره للجدار والأوراق مازالت تتساقط عليه)..
(يمسك أوراق النقدية ورقة ورقــة..
فيجدهــم فئة العشرة جنيهاــت
فقط).. عشرة جنيهات.. عشرة
جنيهات.. عشرة جنيهات..
(يضحك بهستريا عاليا).. هاا.. هاا.. جميعهم
عشرة جنيهات..
هاا.. هاا..(يرفع يداه الى السماء).. لقد
أبتسم لك الحظ يا عبد المجيد
أنت اليوم فى عيد ..هاا هاا..(يعلوا بضحكاته)
هاا هاا.
وهو مازال يضحك يظلم المسرح ويسدل الستار...
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
مقال بقلم/ فوزى اسماعيل
تحية لرجال كفر الشيخ مفتاح لسعيهم فى عمل الخير اقر وأعترف بأن رجال كفر الشيخ مفتاح...