الأربعاء، 17 فبراير 2016



                                          
أحفاد الجدة
 قصة قصير
بقلم/ فوزى إسماعيل
وجـدت نفسها تعول أسـرة كبيرة، تعــدادها يصل لخمسة عشــر فــردا
من بين جد جدة وأب وأم، وولـد وبنت وحفيد وحفيدة، وكأن الدار التي 
تقطن فيها تشبه بالسرك، الجد كبير في التسعين من عمره،يجلس دائما
على دكه خشبية تتوسط بهـو الدار،وهى كبيرة أيضا في السن، قد حفر
تجـاعـيد الشيخـوخـة وجههمـا، تجلـس هى الأخـرى على حصـير مـن
البــوص أمام زوجها، تساعـد بالقــليل زوجـة أبنهــا التي وصلـت إلى
الخمسين من عمرها ، هى الأخرى فقـد صار شعـر رأسهـا شيبا، مثـل
زوجها تماما ، وكانت الجـدة تداعب أحفـادهـا الصغـار، منـذ طفولتهـم
والذين وصلوا أعمارهم ما بين العشرين والثـلاثين ، وكأنهــم ما زالوا
أطفالا مدللين بالنسبة لها.
كان اليوم هو الموعد لزفاف أحدى حفيداتها، فجلس أهل الدار يصنعن
الفطائر والحلوى ولوازم الزفاف، كانت الحفيدة الوحيدة في الدار التي
أتاها العـدل، وهى من الجيـل الرابع في ترتيب العائلة ، أى هى حفيـدة
حفيدتها، وكان الحاج الشهاوى الكبير الذي عاش قرن من عمره، يتأمل
مسيرته من لحظة مولـده وشـقائه في الدنيـا،حتى زواجـه ووصوله إلى
هـذه الدرجـة، وعلـم أن الإنسـان له عـدة أطـوار، تبـدأ من صغره حتى
الشيخوخة التي هى أخر التطور الإنسانى .
وكانت الجدة تعمل الزبدة كما تعلمتها من ولدتها منذ العشرينيات، كانت
تصنعها من خلال إربة مصنوعة من معـدة المعز محمولة على أرجـل،
رغـم أن الحيـاة تطورت الآن ، وضعتهـا نسـاء الجيل المتقـدم بواسـطة
ماكينـة كهــربائية لم تتعـدى الثـوانى المعـدودة، وبدا على وجـه الجــدة
الدهشة من استعمال النساء للآلات الحديثة مثل فرم الطماطم في مفرمة    
كهربائية، فكانت تفرم في السابق بأصابع اليد كما هــو معهـود، وزادت
دهشتها أكثر عندما رأت ماكينات صنع البسكويت وأخرى لفرم اللحوم،
وغيرها من الماكينات.
وكأنما انتقلت من عالم إلى عالـم أخـر، فترحمت على ما مضى من أيام
جميلة لا ترى مثلهـا أبد الدهـر، برغـم من ظهـور هـذه التكنولوجيـا في
حياتهم.
كانت الجـــدة تمــر بمراحل تتطــور معهــا عبر الزمن، في البشر وفى
الآلات التي تظهـر يومـا تلــو الأخــر، وكأنما القـرن التي عاصرته هو
لا شئ بالنسبة لها، وكأنها دخلت من باب وخرجت من باب.
هكـذا تمر الحياة عليها برتابتها، وبعـد أيام قلائل زُفت الحفيدة الصغيرة
إلى زوجها، ثم أنجبت بعـد تسـعة أشهر توأما وزادت قـوة العائلة، اثنان
آخران حتى وصلوا إلى سبعة عشر فردا،وبعد مرور قرنا آخر صاروا
مائة وسبعة عشر فردا، ومازالوا يزدادون.

*         *
                   














ليست هناك تعليقات:

مقال بقلم/ فوزى اسماعيل

                                                      تحية لرجال كفر الشيخ مفتاح لسعيهم فى عمل الخير اقر وأعترف بأن رجال كفر الشيخ مفتاح...