خصخصة الوحدات
الصحية
أنه لزمن عجيب، فلم يعد هناك أصول مصرية من
الذى بناها المصريين باقية على حالها، حتى طالت الخصخصة المستشفيات الصحية، فهل
هناك شئ بعد خصخصتها للقطاع الخاص، سواء فى القرى أو المدن ؟
وهل يتبقى لأحد من محدودى الدخل مثلا أن يعالج
بالقيمة المنخفضة مثل أيام زمان، عندما كانت التذكرة بقرش صاغ فقط، وتقديم له أفضل
أنواع الخدمات فى الوحدات الصحية خاصتا، والمستشفيات الحكومية عامتا، كان المواطن
الغلبان يتلقى العلاج الازم فى أحسن صورة، لما كل هذا فقد انقرضت وفنيت الضمائر،
وتبدلت بالتجارة المحرمة عند أصحاب المستشفيات، ولماذا خسفت وزارة الصحة بالوحدات
الصحية بالقرى، فلم نجد فيها العلاج الذى يليق بآداميتنا، وكأنها خاوية، حتى كادت
ألا يطلق عليها وحدة صحية، لأن العاملون بها ليسوا على قدر المسؤلية، ولماذا ؟
ولماذا ؟
تساؤلات عديدة يجب على وزارة الصحة المنوطة
بالوحدات الصحية أن تجيب عليها بدقة وأمانة، لأنها ستحدد مصير مواطن غلبان يريد
الخدمة الصحية بأفضل رعاية وبأقل التكاليف.
فبعد قرار الوزارة بالخصخصة ستصبح الوحدات
الصحية بالقرى فى أيدى مالا يرحم، وستصير على نهج المستشفيات الخاصة التى لسيت إلا
لغير القادرين، أما المواطن الغلبان الذى يحصل على قوت عيشه يوم بيوم فليس له
مكانا فى هذه المنظومة الصحية، عندما تنقل ملكيتها من يد الحكومة ليد القطاع الخاص، لأنه سيصبح المتحكم الأول فيها، كما هو
الحال فى المستشفيات الخاصة، وما أدراك ما المستشفيات الخاصة.
والوحدات فى القرى الآن لم تقدم الخدمات
المتكاملة كما ينبغى للمريض، فلا يوجد بها أطباء أكفاء، ولا ممرضون مهرة على قدر
المسؤلية، فهم يمتنعون عن تقديم الخدمة للمريض بحسب التعليمات الصادرة لهم من
الإدارة كما يزعمون، وأيضا ليس بها أجهزة طبية كافية لعلاج مريض قلب وباطنة
وخلافه، ولا أماكن للكشف معقمة كما نراها فى مستشفيات أخرى، اللهم إلا بعضا من
الغرف العادية الملوثة، معدومة من الخدمات مبرئة الذمة من وزارة الصحة، حيث أننا
كمواطنين لا نعتبرها وحدة صحية، إلا أنها أسم فقط.
هذه الخصخصة التى تستعد لها وزارة الصحة، لا
تسمن ولا تغنى من جوع، لأنها فى تلك الحالتين لا تقدم خدمة صحيحة للمواطن بالمعنى
الصحيح، فماذا تقدم الخدمة وهى من الأساس فاشلة، لأن من فيها جاهلون بمهنة لها
احترامها.
لابد من اصلاحها أولا، بأن تتطور الخدمة
الصحية للمواطن، وهذا لا يتحقق إلا أن وزارة الصحة تقوم بتفوير المنظومة بأكملها
من الأساس، وأن تطور مبانيها وألاتها الطبية فينبغى أن تكون حديثة، ليست هالكة من
مخلفات مستشفيات أخرى، وأن تتدرب العاملين بها سواء الاطباء أو فريق التمريض، لكى
يعرف كل منهم مسؤليته، حتى تكون اسم على مسمى، اسم يليق بمكانتها الصحيحة.
أما قرار الخصخصة هذا لابد من التراجع فيه،
فلا يملكها إلا الوزارة المتخصصة فى ادارتها، لأن الخصخصة ليست الحل، ولكن ستزيد
عبئا على المواطن عندما يتحقق هذا، ولا يتوفر تقدم الوحدات الصحية إلا بثلاث عناصر
رئيسية، لابد وأن يطالهم التطوير، أولا المبنى وثانيا العنصر البشرى الطبى، وثالثا
العنصر التكنولوجى المتمثل فى الآلات الطبية الحديثة، على أن تكتمل المنظومة الصحية
ويصبحوا ملائكة الرحمة بالفعل بدلا من الشياطين العذاب.