عرش الدراما المصرية فى خطر
بعد ظهور الدراما التركية بقوة للمشاهد
العربى، لم يعد للدراما المصرية مكان، فهناك الآن فرق شاسع بينهما من حيث الإنتاج
والسيناريو والتمثيل على وجه الخصوص، فالدراما المصرية تبدو الأن هابطة فى الأحداث
وتراها كأنها ارتجالية، يتخللها العنف السائد فى كل الأعمال الدرامية، كما أنها
تفتقر إلى الإنتاج وإتقان الفنانين للدور، لذا هبط أسهم الدراما المصرية فنصرفوا
مشاهديها إلى متابعة الدراما التركية، فصُناع الدراما المصرية لا ينظرون لها إلا للربح
فقط، والتربح من ورائها من خلال التسويق خارج مصر، وهناك سبب يشير إلى ذلك، ألا
وهو إنتاج الأفلام المصرية وإذاعتها فى وقت قليل، على الشاشة الصغيرة، بدل من أن
توفى حقها على الشاشة الكبيرة لإنصراف المشاهدين عنها، لأنهم يشاهدوها على
الإنترنت فور الإعلان عنها، وهذا يدل على إفتقار شديد فى إذاعتها على الشاشة
الكبيرة لتحقق الربح المطلوب، لكن القنوات الخاصة التى أصبحت بعدد مهول تقوم ببثها
على شاشتها من أول أسبوع من إنتاجها، وهذا خطر كبير للدراما المصرية سواء فى الأفلام
أو فى المسلسلات، كما أنها تفتقر إلى الجذب مثلما نشاهدها فى الدراما التركية.
أما الدراما التركية فازداد مشاهديها فى
الأونة الأخيرة بقوة، رغم أمتداد المحتوى فى المسلسلات إلى ما يزيد عن مائة حلقة،
لكنها تحوى بداخلها مادة درامية جاذبة للمشاهد العربى طول الوقت، ورغم طول حلقاتها
إلا أن المشاهد يستمتع بالحلقات متمنيا ألا تنتهى أحداثها وتمتد حتى الألف حلقة،
ومن ناحية أخرى فإن الدراما التركية تمتاز بجذب غير عادى للمشاهد مما تجعله
يتابعها دون إنقطاع، وأيضا تمتاز بالحبكة الدرامية فى جميع أحداث المسلسل، والسبب
فى ذلك أيضا هو قلة بث الإعلانات على شاشات القنوات التركية، فمدة الإعلانات عليها
لا تتعدى الخمس دقائق فقط، بعكس القنوات المصرية، فمدة الدراما عليها خمس دقائق
ونصف ساعة فى بث الإعلانات، وهذا ما يصرف المشاهد عن متابعة المسلسلات والأفلام،
فمالك القناة لا يريد إلا ربح الأموال من الإعلانات وهذا حقه، ولكن ليس من حقه أن
تذاع حلقة من الساعة العاشرة صباحا حتى بعد الخامسة مساءا، كما إن تعدد القنوات
جعلت المشاهد يبحث عن القناة التى لا يتخللها إعلانات تسبب للمشاهد ضغط وسكر
وأحيانا أنتحار.
تتميز الدراما التركية بأنها دقيقة فى
الأحداث، والتى تعالج قضايا إجتماعية بطريقة سلسة تتميز بالمصداقية، وأيضا بجدية
دون تجريح للمشاهد، وشفافية تامة تجعل المشاهد أى كان جنسيته لا يترك منها دقيقة
لم يشاهدها، بل أنه يتابع الحلقات حتى نهايتها، وهو مازال يريد منها المزيد.
أما الدراما المصرية فقد أنتابها الأن
بعض الهواجس فى الشخصيات التى تقدم المحتوى بطريقة هيسترية مفتعلة، وكأنهم يريدون
تقديم دراما كوميدية هادفة، لكنها تخرج بكوميديا هايفة مليئة بالسخرية غير مقتنعه.
لا بد من صُناع الدراما فى مصر أن
يحذوا حذو الدراما التركية فى تركيبة الأحداث، والحبكة الدرامية المقنعة للمشاهد،
كالتى نراها ونتابعها على الشاشات التركية بكثافة.
الدراما المصرية لها تاريخ أصيل بين
الدراما العربية ككل، إلا أن القطاع الذى كان يتميز بفخامة الإبداع الدرامى ولاَّ
وذهب زمنه، ألا وهو قطاع الإنتاج المصرى، وصوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، هذان
قد شُيعَ جنازتهما وسط زخم القنوات الخاصة التى شاركت فى قتلهما.
جزاكم الله خيراً ولا أراكم مكروهاً في
عزيزٍ لديكم.