الأربعاء، 6 نوفمبر 2019

ثقافة الاختلاف وقبول الاخر


تعريف اللّغة : عرف القدماء اللّغة بأنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم ولم تستطع التعريفات الحديثة للغة أن تتجاوز هذا التعريف الموضوعي‏. غير أن تعريف اللّغة بوظيفتها يختلف عن تعريفها بحقيقتها وعلاقتها بالإنسان، فاللّغة هي الإنسان، ‏ وهي الوطــن والأهل، واللّغة التي هي نتيجة التفكــير، ‏ هي ما يميز الإنسان عن الحـــيوان، وهي ثمرة العقل، والعقل كالكهرباء يعرف بأثره‏، ‏ ولا ترى حقيقته. تنقسم لغات العالم إلى عائلات لغوية، كاللغات الأفريقية الآسيوية واللغات الهندية الأوروبية، حيث تحوي كل منها عددًا من اللغات ذوات الأصول. والخصائص المتشابهة لا يتفق علماء اللغة على عدد محدد للغات التي تتكلمها الشعوب التي تقطن الأرض في الوقت الحاضر، وتقول بعض المراجع إن عدد اللغات هو ما بين أربعة آلاف وخمسة آلاف، ولكن تشير بعض التقديرات إلى أن العدد الحقيقي يتراوح مابين ثلاثة آلاف وعشرة آلاف لغة . من الأسباب التي تحول دون التوصل إلى تحديد عدد لغات العالم، أننا حتى يومنا الحاضر لا نزال نكتشف شعوبا جديدة ولغات جديدة في مناطق مختلفة من العالم، وخاصة في حوض نهر الأمازون ووسط أفريقيا وغينيا الجديدة، ومع ذلك فمن غير المتوقع اكتشاف لغات كثيرة بهذه الطريقة، والعادة هي أننا نعرف الشعوب في مناطق معينة في حين أننا لا نعرف اللغات التي تتكلمها هذه الشعوب، والحقيقة هي أنه في دول كثيرة لم يكتمل المسح اللغوي وفي بعض الدول لم يجر مسح لغوي على الإطلاق، وغالبا ما يفترض أن شعبا من شعوب منطقة من المناطق يتكلم لغة معينة، ولكن عند البحث نجد أن هذا الشعب يتكلم لهجات من لغة واحدة، ولكن هذه اللهجات من الاختلاف بحيث يمكن اعتبار كل واحدة منها لغة بحد ذاتها. في الهند لحالها 70 لغة واندونيسيا كذلك. قد يغزو شعب ما من الشعوب أرضاً يتكلم أهلُها لغة خاصة بهم، فيقوم صراع عنيف بين اللغة الأم؛ واللغة الغازية، بالتالي؛ تكون النتيجة الحتمية إما القضاء على إحدى اللغتين قضاءً قد يكون تاماً، أو إيجاد وإنشاء لغة جديدة مُشتقة تجمع بين اللغتين .. الغازية والمغزوة. مثال الصراع اللغوي؛ حين غَزا العرب جهات كثيرة متعددة اللغات في المنطقة؛ استطاعت اللغة العربية الانتصار على اللغة الأم وحلّت محلها، فقضت اللغة العربية على الآرامية في العراق والشام، وعلى القبطية في مصر، وعلى البربرية في بلاد المغرب، وعلى الفارسية في بعض بقاع مملكة فارس القديمة. وتختلف لهجة اللغة العربية الصريحة في دول سوريا، لبنان، عنها في العراق، عن تلك التي في اليمن، و الخليج العربي، اختلافاً تاماً في المغرب العربي؛ إذن ما السّر في ذلك؟ لماذا لم تنشأ لهجة عربية موحّدة وصريحة شاملة لكل تلك المنطقة العربية. يتبع تعدد الأجناس تعدد اللغات فى الحبشة، بل أكثر من هذا فإن الجنس الواحد قد تتفرع لغته إلى لهجات، وهذه بدورها تتباعد عن الأصل مع مرور الزمن وتغير البيئة حتى تصبح لغة. والحبشة غنية بظواهرها اللغوية فإن وضعها الجغرافى وسط حضارات مختلفة من سامية وكوشية والنيلية، أما اللغات السامية فهى أكثرها انتشارا بين العناصر السامية وغيرها، وقد عددت ثمانى لغات مختلفة أهمها الجعز (أو كما ينطقونها الآن الجيز إذ أن نطق العين والحاء سقط تحت تأثير اختلاط السامين بغيرهم). وهذه اللغة أقدمها تاريخا وهى لغة الكنيسة الآن، وكانت على عصر قريب لغة الأدب الذى لم يصلنا منه إلا الأدب الكنسى ومعظمه إن لم يكن كله مترجم على اللغة العربية. أما اللغة الأمهرية فهى لغة الدولة منذ القرن الثالث عشر الميلادى على الآن. واللغة العربية منتشرة على الشواطئ وفى الداخل خصوصا فى المراكز التجارية، أما اللغة الهررية فهى لغة سامية أيضا تكتب بحروف عربية. أما اللغة الكوشية فقد عددت منها تسع عشرة، أهمها لغات الجالا والصومال، ولغة الجالا موسيقية رقيقة على السمع فيها أدب شعبى كبير لم يدون وقد بدأ المستشرقون فى جمعه ونشره بالحروف اللاتينية. قد يتطبع الإنسان الذى يعمل فى الخليج مثلا وهو مصرى الأصل فيتكلم لغتهم ويقول لهجاتهم حتى أنه يقول مثلا، فى كلمة .. ماذا ؟ المصرى يقولها : - ماذا ؟ الأردنىي يقولها : - شو .. كلمة يا صديقى .. المصرى يقولها : - يا صديقى . الأردنى والعراقى يقولونها : - يا زلمة. يقولون : سَكع.. فلاناً قلماً، بدلاً من صقع، و أيضاً قولهم : مَدْغ بدلاً من مَضْغ. وهناك كلمات إجابة الطلب (حَاضرين) و(من عيني) و(على عيني) و(على خَشْمِي) و(أَبْشِر): إذا طلبت من أحدهم شيئاً، فالجواب يكون في مصر بقولهم : (حاضرين). وفي الشام يقولون : (من عيني). وفي رواية (على عيني). وفي الخليج يقولون : (على خشمي) أو (أَبْشِر). وكل هذه الألفاظ فصيحة وصحيحة، وأفضِّل في هذا المقام اللهجة الشامية (من عيني) على اللهجات الأخرى، لأن العين أكرم الأعضاء، وعبارة (من عيني) ألطف من عبارة (على خشمي)، وعبارة (حاضرين). لقد أتى الإنسان على وجه الأرض بعدة لهجات مختلفة سواء من الموطن الذى يعيش فيه أو يهاجـر ليعمل فيه، وكثيرا ما نسمع عن مصريين يتنازلون عن لهجتهــــم التى تربوا عليها وتطبعوا بلهجــات أوربية وغربية، فمثلا يتحدثون لهجــــة ســــعودية أو إماراتية أو حتى فرنسية حسب البلد التى يقيم فيهـا سنوات، وكأنه صار منهم، وأيضا عادتهم وتقاليدهم قد يكتسبها منهم ناسيا عاداته وتقليده فى الريف أو الحضر. ومن المؤسف أن المصرى هـــو أول ما يتحدث بتلك اللهجـات التى التقطها وهــــو مسرور منها كأنه تعلم إعجاز وأنه فخورا بها لدرجة كبيرة للغاية، فيتباهه بها أمـام أهله وعشيرته. وهناك نماذج كثيرة فى الحيـــاة من هـذا النوع، كما أن هناك تعددات كثيرة فى هــذا المعنى الأصلى للكلمة، والتى يكتسبها الفــــرد فى الدولة الأخـرى، وهـــذا يكـــــون مختلفا عما يتعـــامل معه مع أهله، فيكون الحديث معه ثقيل ليس له معنى، حتى أنهم يقولون فى أول وهلة المثل الشعبى : من خـــرج من داره أتقل مقداره.. ويطلقــــون عليه .. صار خليجى. هــــذه أنماط نراها فى حياتنا وكأننا بالفـــعل نتعـــــامل مع خليجى ، ولم يعــــود إلى طبيعته الأصلية إلا بعد مرور وقت من الزمن حتى يتخلى عن لغته الدخيلة عليه. الهوية : تعدّدت مفاهيم وتعاريف الهويّة كما أنّ البعض قال: إنّ الهويّة هي الإعلاء من شأن الفرد، كما أنّ البعض قال : إن الهويّة ما هي إلا بطاقة تعريف عن الشّخص وإثبات للشخصيّة، كما أن البعض ينظر للهويّة من منظور وجانب آخر، وذلك باعتقاده أنّها الوعي بالذّات الاجتماعيّة بالإضافة إلى الذّات الثقافيّة، كما أنّها تعتبر متحوّلة وذلك حسب الواقع ولا تعتبر ثابتة بمنظورٍ أحاديّ، كما أنّ الهويّة أيضاً اعتبرت بأنّها الخصوصيّة الذّاتيّة، كما أنّها تعتبر ثقافةً للفرد، وللغته وعرقه وعقيدته بالإضافة إلى حضارته وتاريخه، كما أنّ الهويّة هي الّتي يمتلكها الفرد بعد تعدّي سنّ البلوغ المقرّر حسب كلّ دولة؛ فيمكن أن يستحوذ الفرد على هويّة وهي متطلّب إجباري وذلك لإثبات الشخصيّة أيّاً كانت، وبأيّ مكان، كما أنّ الهويّة تحتوي على العديد من النّقاط التعريفيّة في تذكّر الموقع الجغرافي بالإضافة إلى تاريخ الميلاد والدّيانة، كما أنّها تذكر الاسم والرّقم الوطني وهما أساس التّعريف لدى الشّخص. الهوية هى ارتباط الفرد بثقافته ومجتمعه فى الوطن الذى تربى فيه، إنما يقومون بتغيير هويتهم وإتباع هوية أخرى، وتجدر الإشارة هنا الحديث عن الذين يغيرون هويتهم الأصلية، بمعنى أن الذى توطن فى وطنه منذ ولادته، وتحدث بلهجة أجداده لا يصح له بتغيرها أو بالتحدث لغة أخرى، لأن كلما خرج فرد من الأسرة إلى دولة أخرى، فقد قيل أنها الهوية الوطنية التى يكتسبها الفرد فى منشأه فيتربى عليها ويكسب عاداتها وتقليدها. مفهوم الهوية : الهويّة هي الإعلاء من شأن الفرد. الهوية هي الوعي بالذّات الثقافيّة والاجتماعيّة، وهي لا تعتبر ثابتة، وإنّما تتحوّل تبعاً لتحوّل الواقع. . الهويّة عبارة عن سماتٍ تميّز شخصاً عن غيره أو مجموعة عن غيرها . الهويّة هي الخصوصيّة والذّاتيّة وهي ثقافة الفرد ولغته وعقيدته وحضارته وتاريخه الهويّة جزء لا يتجزّأ من منشأ الفرد ومكان ولادته حتّى وإن لم يكن أصله من نفس المنشأ. الهويّة في الّلغة : الهويّة في الّلغة مشتقّة من الضّمير هو، أمّا مصطلح "الهوَ هو" المركّب من تكرار كلمة هو، فقد تمّ وضعه كاسم معرّف بأل ومعناه ( الاتّحاد بالذّات). ويشير مفهوم الهويّة إلى ما يكون به الشيء "هو هو"، أي من حيث تشخّصه وتحقّقه في ذاته، وتمييزه عن غيره؛ فهو وعاء الضّمير الجمعي لأيّ تكتّل بشريّ، ومحتوى لهذا الضمير في الوقت نفسه ، بما يشمله من قيم وعاداتٍ ومقوّمات تكيّف وعي الجماعة وإرادتها في الوجود والحياة داخل نطاق الحفاظ على كيانها. مبادىء الهويّة : أن تكون الهويّة منسجمة مع معطيات الفكر القانوني والسّياسي، الّذي يستند إلى قانون المواطنة بوصفها معياراً جوهريّاً لتحقيق المساواة. أن تعبّر الهويّة عن الواقع، أي أن تكون انعكاسا ًلتصوّر فئة ما دون غيرها. مكوّنات الهويّة : • موقع جغرافي. • ذاكرة تاريخيّة وطنية مشتركة. • ثقافة شعبيّة موحّدة • حقوقٌ وواجباتٌ مشتركة. • اقتصاد مشترك. الهويّة العربيّة : بدأت الهويّة العربية في التشكّل دستوريَاً منذ كتابة صحيفة النّبي (صلّى الله عليه وسلّم) بعد هجرته إلى يثرب، انطلقت من مبدأ التغيّر مع الإبقاء على الثّوابت، ولذلك شاركت الهويّة العربيّة في منظومة الإنتاج الحضاري، وبناء التّراث العالمي، وبقيت الّلغة العربيّة محافظة على ثباتها الإيجابيّ باعتبارها مكوّناً أساسيّاً للهويّة العربيّة. الهويّة الوطنيّة : هي مجموع السّمات والخصائص المشتركة الّتي تميّز أمةً أو مجتمع أو وطن معيّن عن غيره، يعتزّ بها وتشكّل جوهر وجوده وشخصيّته المتميّزة. المفهوم الفلسفي للهويّة : الذّات هي ما يسمّيه الفلاسفة بالهويّة؛ فذات الإنسان هي هويّته، وهــي كلّ ما يشـــكّل شخصيّته من مشاعر و أحاسيس وقيم وآراء و مواقف وسلوك بل وكل ما يميّزه عــن غيره من النّاس. وقـــد عرّف أريكسون الهويّة الشخصية، أو الذّات، بأنّهـــا الوعي الذّاتي ذو الأهميّة بالنّسبة للاستمراريّة الأيديولوجيّة الشخصية، وفلسفة الحيــــــاة الّتي يمكـن أن توجّه الفرد، وتساعده في الاختيار بين إمكانيّاتٍ متعدّدة، وكذلك توجّه سلوكه الشّخــــصيّ، أمّا هنري تاشفيل، وجــــون تيرنر (باحثان إنجليزيّان في علـــــم النّفس الاجتماعي) فاستعملا مصطلح الهويّة الشخصية ، مقابل الهويّة الاجتماعيّة، وكان القصد من مصطلحهما الذّاتيّة، الّتي تعرف الفرد بالمقارنة مع الآخرين. على كل من يحاول تغير منهجه فهو خاطئ، لأنه سوف يسطوا على هويته الأصلية بهويه أخرى، لا ينبغى التعامل بها فى أرضه ووطنه، واللهجة المصرية الدارجة هى التى يفهمها المواطن العادى، ولكن لم نرى فى هذا القرن الحادى العشرين أحدا يحافظ على لغته العربية بل هناك الكثيرون من المعلنين بالذات يجمعوا على نشر إعلاناتهم باللغة الإنجليزية التى كادت أن تفنى اللغة العربية نهائى فى مسألة الإعلانات، ونرى لفتات على المحلات بالإنجليزية وأيضا إعلانات الطرق بالإنجليزية حتى كادت اللغة الإنجليزية تسود وتطغوا على العربية، هذه الثقافة آتت بها المجتمعات الغربية إلى مصر حتى تبعد العربية عن بعض المثقفين وتأخذ مكانها وهذا ما حدث بالفعل، فكثيرا ما نجد الإعلانات بحروف لاتينية لا يقرأها إلا المتعلم فقط، ولم يقرأها المواطن العادى لأنه لم يتعلم الإنجليزية، وهذا خطأ بالدرجة الأولى لأسباب : أولهما : المجتمع الذى يعرض فيه إعلانا بالإنجليزية غير مجدى. فإذا تصورنا أن إعلانا فى مجتمع تعداده عشرون ألف نسمه، ونفرض أن النسبة المتعلمة تعليم جامعى خمسة عشر ألف نسمة، فى هذه الحالة خسر المعلن خمسة آلاف نسمه فى مشاهدة الإعلان. ثانيهما : فإذا كان الإعلان فى نطاق الريف مثلا ، فهذا الإعلان خاسر بالدرجة الأولى، لأن هذه المنطقة نسبة التعليم الجامعى ضعيفة جدا، فلا يقرأها سوى الخمسة آلاف نسمة فقط، وبذلك قد خسر الخمسة عشر ألفا الباقين. وفى القرن الواحد والعشرون تطورت أساليب النشر بفضل التكنولوجيا الحديثة، وكان قبل ذلك يكتب الإعلان بخط يد فقط، وبألوان مائية مصنعة وغيرها. لكن اليوم نجد على جابنى الطرق لافتات للإعلانات موجهه إلى المستهلك أو الجمهور بلغة أجنبية، غير لغتنا العربية، حيث يظهر الإعلان كله بالأجنبية ليس به حروفا عربية. والسؤال الذى يطرح نفسه ، هو : هل هذا يجدى بثمار؟ لأنه ليس من السهل أن يقرأ مواطن هذا الإعلان بسهولة إلا من حظى بتعليم عالى أو متوسط يفك طلاسم اللغة الإنجليزية، خصوصا بوضع الإعلان فى مناطق ريفية يكون فيها التعليم المتوسط أكثر شيوعا. وقد أجرى بعض الدراسات والأبحاث فى المناطق التى بها إعلانات باللغة الانجليزية حتى وجدنا كل المستويات تفضل الإعلان باللغة العربية، ويتساءلون، لماذا لا يكون الإعلان باللغة العربية، يكون مفهوم وواضح عند العامة ؟ ولماذا أيضا لا يكون واجهة المحلات التى يكتب عليها أسمها بالعربية دون الإنجليزية ؟ كانت هذه التساؤلات هى السائدة فى المناطق التى بها إعلانات باللغة الإنجليزية، والإجابة التى تلقيناها عن المحلات التى تتصدر وجهاتها بكلمات وحروف لاتينية معقدة يصعب على قليل من الناس أن ينطقها، وكأنهم يحاولون فك رموز حجر رشيد. اللغة هى الأصل فى الوطن الذى يعيش فيه الإنسان، وهى تربط الفرد بوطنه لكى يتفاهم من خلالها بأفراد مجتمعه، لذلك يتكون كل كيانه من أصل وطنه الذى نشأ فيه، فعاداته وتقاليده ولغته ترتبط بالأصل والجذور التى تربى فيها ونشأ فيها. كما أن الدول الغربية قد صدرت لنا كلمات وألفاظ لاتينية دخيلة يرددها البعض فى حياتهم اليومية خصوصا الشباب الذى يتشدق بها طوال الوقت، حتى أننا اعتقدنا أن لغتنا العربية اندثرت وليس لها وجود. وأيضا تدريس اللغات المختلفة بكثرة فى وطننا الناطق بالعربية يؤثر بقوة على اللغة العربية مما يهوى بها إلى حافة الهوية، والخوف كل الخوف عندما تطغى اللغات الأخرى عليها فلا يكون لها مكان بيننا ونفاجأ بأننا نتحدث اللغات الأخرى، علما بأن الدول اللاتينية لا تنطق العربية إلا فى أوقات مطلوبة، فى زيارة دولة ناطقة بالعربية مثلا، كمصر فى موسم السياحة، وقد لا يهتمون بتعليمها بقدر تعليمها للصغار والكبار عندنا، والحرص كل الحرص على تدريسها فى المدارس والجامعات. كما أن تعليم اللغات المختلفة كبير جدا عن تعليم اللغة الغربية، فكثيرا ممن يتقلدون مناسب عُليا خطاؤون فى الإملاء وفى النطق باللغة العربية، وكأنهم يحصلون على شهادة (تأدية واجب). وبالرغم أيضا توجد دراسات عُليا فى اللغة العربية فى الجامعات المصرية لكن القبول عليها ضعيفا. لا بد من التمسك بلغتنا العربية، اللغة التى هى لغة القرآن الكريم الذى نزل على سيدنا محمد صلى الله عيه وسلم. لم تكن هذه الكلمات وافيه لشرح وتحليل الهوية، ولكن هنـــاك الكـــثير من الدراسـات والأبحاث بخصوص هذا المجال، فالهوية واللغة مجلان مهمان يحتــــــاجان لبحــــث مضنى من الجهات المعنية بهذا المجال، كما أنه يوجد عــــــدد هــــائل من اللغـــــات واللهجات على مستوى العالم. دستور الإسلام : لم يكن دستور الإسلام بالغلظة، لكنه أمر باللين والتمسك بقيمه ومعتقداته، وأنه أيضا جاء للعالمين أجمعين، فأعطى لكل ذى حق حقه، حتى الآخر فشرع له ما له وما عليه، فكان دستورا حكيما منفعا للبشرية جمعاء. تحاول دول الاستعمار إبقاء سيطرتها على العالم فى تقلب الأنظمة وتغير الحكام وتثير الحروب، وتحرق الشعوب ليستمر سيل المنافع والأموال متدفقا عليها من بلاد الضعفاء بغيا وعدوانا. وهؤلاء الإسلام برئ منهم. إن الإنسانية لا يمكن أن تتخلص من هذا الوباء إلا إذا أمسك بسلطة العالم رجال حرم عليهم دينهم الابتزاز، وأمرهم أن يبذلوا أموالهم لفقراء الأرض حتى يشبعوا ويطمئنوا. وهل هنا إلا الإسلام..؟ إن الأمة التى تضع القوانين لتحمى أبنائها من السرقة، عليها أن تضع القوانين لمعاقبة العاق لواديه، والكاذب، والزانى، والمرأة العارية، والأب الأنانى، والزوجة العاصية، والجار المؤذى، والشاهد بالزور، والمغتاب، وبائع الهوى ومثير الغرائز فى النفوس، لأن ذلك كله اعتداء على كرامات الناس وحريتهم. المسؤولية الجماعية : إن فى كل جماعة من الجماعات سواء كان فى العمل أو الحى الذى تعيش فيه، تلقى على الأفراد فيها مسئوليات متعددة، ويحرص الفرد على أن يؤدى دوره فيها بدقة وإتقان. ومهما يعمل الإنسان فليس هناك بُد من أن يتضامن مع الآخرين من أبناء المجتمع حتى يعتدل ميزان الحياة فى الجماعة، ويستمر لأفرادها البقاء فى مناءة وسعادة. وإذا أخل بعض أفراد المجتمع بمبدأ العمل من أجل الجماعة كلها، وأخذوا يعملون ما يرونه مفيدا لهم فقط دون أن ينظروا إلى صالح الجماعة التى ينتمون إليها، وما قد يلق بهم من أذى وضرر، فما يكون واجب المسئولين الذين يوجهون الأفراد فى المجتمعات التوجيه السليم، إذاء هذا السلوك الفردى المعيب، فى هذا المجال من المجلات السلوكية. ويرى النعمان بن بشير رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قوله : مثل القائم على حدود الله والواقع فيها مثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا : لو خرقنا فى نصيبنا خرقا ولم نوذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا. هذا درس نبوى عظيم يعلمنا فيه صلى الله عليه وسلم كيف يكون السلوك الفردى متفقا مع الصالح العام للجماعة. هذه المسئولية حق للجماعة كلها، لأن الحديث الشريف الذى أتى يوضح إذا ترك المجتمع عابث بالقيم الاجتماعية يهلك المجتمع كله، لكنه أكد على التمسك بالمسئولية الجماعية التى تقود المجتمع كله إلى النجاة. واجبنا اليوم : نحن اليوم لا بد أن نجتمع على يد واحده، وأن نعتصم بحبل الله جميعا ولا نتفرق.. على الدين، لمحاربة الفاسدين من أعداء الدين. ولا بد من تمثيل واضح لأصول ثقافتنا ورؤية صحيحة لصورتها، ومعرفة شاملة بجوانبها، لا بد لنا من أن نشارك فى حمل لوائها، واستئناف رسالتها. لنفتح من أمامها النوافذ كلها لنستقبل النور والهواء من حيث جاء. أن نرى النور بأعيننا لا بأعين غيرنا، وأن نتنفس الهواء برئتنا لا برئات التى توضع لنا. أن يكون اختيارنا سرا نأخذ ما نريد لا ما لا يراد لنا وعلى الصورة التى نختارها لا على الصورة التى لا تفرض علينا. وأن يحصل كل إنسان على حقوقه كاملة دون افتراء من أحد، لأن كل إنسان خلقه الله عز وجل حرا دون قيود، وقد جعل له السموات والأرض ومن فيهن مسخرات له. فهل هناك أعظم من تكريم الإنسان مهما كان موطنة على وجه الأرض. ويقول الله تعالى فى كتابه العزيز : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71) وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72). ويتساءل الأصفهاني، فى مقال الإنسان والعالم، يقول : ما الإنسان ؟ ولماذا وجد على ظهر الأرض؟ وما الغاية من حياة الإنسان ؟ وما مصير العالم ؟ وما صلة الفرد بالمجتمع؟ هذه كلها أسئلة تطوف بذهن كل شخص اليوم، وطافت بأذهان الناس من عرفوا التفكير، وسوف يعرضها الإنسان لنفسه فى المستقبل ما دامت الحياة موجودة. وإذا كان العلم الحديث قد سجل تقدما عظيما منذ القرن الماضى، إذ أصبحت علوم الأقدمين مما لا يؤبه لها ولا يعتد بها، فإن الأخلاق أو العلم بما يجب أن يكون عليه سلوك الإنسان، والفلسفة وهى العلم بالأسباب الأولى والغايات الأخيرة من الحياة، لم يتقدما كثيرا عما وصل إليه العلماء. ونقصد بالعلم الحديث علوم الطبيعة والحياة، وهى التى تعتمد على مشاهدة الظواهر الكونية وتسجيلها واستنباط القوانين التى تحكمها ثم تسخيرها لمصلحة الإنسان. وقال الراغب فى خطبة الكتاب : كن أيها الأخ عالما، وبعلمك عاملا، تكن من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وقال : وأعلم أنه قبيح بذى العقل أيكون بهيمة وقد أمكنه أن يكون إنسانا. قال : وأن أردت أن تعرف بقاء العلماء الأتقياء فاعتبر ما قال أمير المؤمنين على كرم الله وجهه : مات خزّان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقى الدهر. ومن الأسباب الدالة على إمكان تغير الخلق أنه لو لم يكن كذلك لبطلت فائدة المواعظ والوصايا، والوعد والوعيد، والأمر والنهى، ولما جوز العقل أن يقال للعبد لمَ فعلت ولمَ تركت. ثم إننا قد وجدنا فى بعض البهائم هذا ممكنا، فالوحشى قد ينتقل بالعادة إلى الناس، والجامح إلى السلاسة، غير أنه إذا كان فى الإمكان تغير الخلق، فالوراثة أثر فى الطباع تجعل تغييرها صعبا. وفى ذلك يقول إن (الأخلاق نتاج الأمزجة، ومزاج الأب كثيرا ما يتأدى إلى الأبن كالألوان والخلق والصور، ومن أجل تأديها إليه قال صلى الله عليه وسلم : تخيَّرُوا لِنُطفِكم الأكفَاء). والخير ثلاثة : نافع ، وجميل، ولذيذ. وسبيل الوصول إلى السعادة هو الجمع بين مختلف الفضائل، خصوصا الفضائل النفسية، والمال والأهل، والعز، وكرم العشيرة هى الأشياء النافعة فى بلوغ الفضيلة الحقيقية، والسعادة الأخروية. أما فى حال المرآة المسلمة، فيقول سعيد الأفغانى : فإذا هى حال خير من حال المرأة فى كثير من الحضارات القديمة والحديثة، وإذا هى حال ملائمة لما يطمح أليه الإنسان الكريم من استكمال الشخصية والكرامة فى هذا العصر الحديث، فالمرأة شخصيتها الكاملة، ولها حقوقها المدنية والاجتماعية والاقتصادية كأحسن ما تطمع المرأة الحديثة فى الحقوق، فإذا كانت هناك خصائص قد يزَوَرُّ عنها التفكير الحديث فإنما هى أمور قضت بها ضرورة التطور، وهى فى نفسها خليفة أن تلائم حاجة الناس إذا فكروا فأحسنوا فى التفكير. وأما الذى لا يعين ولا يستعين، فهو إنسان متروك قد منع خيره وقمع شره، فهو لا صديق يرجى، ولا عدو يخشى، فلا هو مزمزم لقمع شره، ولا هو مشكور لمنع خيره، وإن كان باللوم أجدر. فأما الذى يستعين ولا يعين، أى : الذى يطلب العون من غيره، ولكنه لا يقدم عونا لغيره.. فهو إنسان لئيم.. ليس لمثله فى الإخاء حظ، ولا فى الوداد نصيب. وأما الذى يعين ولا يستعين.. أى : الذى يعطى أكثر مما يأخذ.. فهو إنسان كريم الطبع، مشكور الصنع، لأنه قد حاز فضيلتى الابتداء والاكتفاء ، فهو أشرف الإخوان نفسا، وأكرمهم طبعا. * * والإنسان به نزعات داخلية تقودة إلى تحقيق رغباته ونزواته حتى تشبع نفسه، فإما كان رضيا أو سويا ، وإن كان ميسر أو مخير، فما يفعله مقدر ومكتوب بإرادة الله تعالى، فمن أصلح فلنفسه ومن أساء فعليها، وهذه الدفاعات التى بداخله مثل، الرغبة، والغرور، والطمع، والقناعة، والجشع، وغيرها. الطمع : هناك أنواع عديدة للنفس البشرية، فمنها الطماعة ومنها القنوعة ومنها الغرورة ومنها الطيبة ومنها الشريرة، والمتشبعه والجحودة وغيرها وغيرها من الصفات الحميدة والخبيثة. وإذا بحثنا فى كل منها أو عرفنا خصائص كل نوع من هذا لنجد الكثير من الأسرار والعجائب التى تبهر العين وتحير العقول. والنفس البشرية متقلبة بطبيعتها تكره وتحب، وتنسى وتتذكر وهناك من تراها غاضبة ومن تراها فارحه ومستبشره، والطماعة وهو حديثنا عنها، هى من لا تمتلئ قناعة الإنسان بما يقسمه الله له، فهى ميوله للطمع والجشع دائما، فى حب السيطرة على مجريات الأمور، ومحاولة فرض الذات، فالطمع من أسوء رذائل الإنسان فتلصق به عند نظراته لما فى أيد غيره، لأن الطمع يجعل غرائز الإنسان تتجه إلى غرورة فى جمع المال مثلا، فلو كان للإنسان جبل من ذهب لتمنى الثانى، وأيضا هناك مقولة يعلمها الكثير، وهى الطمع يقل ما جمع، فطمع الإنسان للأشياء تجعل النظرة إليه شهوة وبعدها حقد وبعدها كراهية ونبذ الذات، ولم تهدأ غريزته إلا تملك هذا الشئ. وهناك مقولة أخرى وهى : لا يملئ عين أبن آدم إلا التراب. والطمع ليست صفة، ولكنه رذيلة سيئة عند الإنسان، فلا يخلوا لإنسان على وجه الأرض إلا وفيه غريزة الطمع،، ولم تزول هذه الرذيلة إلا بالقناعة، والطمع يطمث القلوب، وهو من بُعدّ عن الله عز وجل، فالطمع يكتسح قلب الإنسان لأن لا مكانة للضمير، فالضمير الحى يمنع غزيزة الطمع وأن تطغوا على أفعاله، لكن الطمع يطرد الرحمة من القلب، لأن الطمع والرحمة لا يجتمعان فى قلب البشر، فإذا وجدت الرحمة أو الضمير، لا تجد للطمع مكانا، وكأن الحسنات تطارد السيئات، فكم من طامع جمع مالا وعدده لكنه لم يفلح، وكم من مُطمع ذهبت ثرواته سُدى، مثلما حدث لقارون، جمع ثرواته ولما طلبوا منه الأنفاق قال أنه هو الذى جمع هذا المال، فقد نسى قدرة الله عليه، لذلك خسف به الله وبداره الأرض. فالطمع عادة سيئة إذا أصيب بها الإنسان كان له وباءا فى حياته وفى معاملاته مع الآخرين، وكان منبوذا من رحمة الله. فالنفس البشرية لا تخلوا من هذه الرذيلة السيئة، وكثيرا ما نراها الآن فى واقعنا الحاضر، نراها فى الأخ الأكبر الذى يريد السيطرة، نراها فى عائلات ترفض أن ترث الأنثى حتى ولو ملكوا مال قارون. وعادة الطمع والجشع نراها أيضا فى كثير من الحياة المختلفة، نهيك عن تعامل السائقين بين بعضهم البعض، والصراع اليومى الدائر بين السائق والراكب، فى رفع الأجرة إجبارى، فى ركوب الزبائن دون العدد المحدد للسيارة، السطو على دور غيره، تحصيل الأموال عنوة من السيارات تحت التهديد، الإتاوات فى المواقف وخروج ودخول السيارات من المدينة، والكثير والكثير. فكلما طمثت قلوبهم بالطمع والجهالة ازدادوا أكثر فى تفشيها بين الناس، بجهالة مفرطة، وملفته للنظر، إن الطمع داء هذا العصر، وداء خبيث يصعب التخلص منه، علينا وعلى كل البشر مهما اختلفت أجناسهم، وعلينا أن نتخلص منه بالطرق العلمية، والطرق الشرعية، بالرجوع إلى الله وإلى الصلاة وامتلاء المساجد بعمارها، والإسراع إلى اتباع نهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، واتجاه نيتنا إلى الله عز وجل فيزيل الطمع من قلوبنا. فإذا ظهر الطمع بين الناس زالت رائحتهم، وإذا زال الطمع بين الناس كانت رائحتهم كرائحة المسك، فصفوا قلوبكم أولا من الضغينة تتخلصون من الطمع، ومن تخلص منه تعيشون بسلام، ومن لا يرضى بقضاء الله وقدره فيعيش عمره تعيسا إلى يوم الدين. وإذا كان الطمع قد بدل الإنسان الذى بفطرته يسير على نهج الإسلام وتعاليمة إلى الطمع فى الأخرين، فلا يمكن أن يصف هذا الإنسان بالفضيلة، بل يصف بالرذيلة التى تؤهلة لمقعد فى النار، والطمع ليس من سمات المسلم الحق، فالمسلم الحق هو الذى يتخلص من هذا الداء كما يتخلص الثوب الأبيض من الدنس بالماء والبرد، فالقلب محله التقوى، ولا بد للإنسان أن يحب لأخيه كما يحب لنفسه. وما أكثر الطماعون فى هذه الأيام ،فلو ملك أحدا جبل من ذهب لتمنى الثانى، وهذه الغريزة لا ينبغى لها أن تكون فى مسلم، لآن المسلم يعلم جيدا بأن القناعة كنزا لا يفنى كما أوضحنا سلفا، وأن الطمع يقل ما جمع، فلو كان الإنسان قنوع بما قدره الله له يكون من السعداء، لآن ماله وتجارته تنمى من حلال، فالله تعالى حثنا على السعى إلى الرزق الذى هو من حلال، حتى تعمر الأرض بالخيرات ولا يعمرها فسادا، فغريزة الطمع لا تجدى للإنسان بشئ، حتى أنه يكون من المنبوذين من أصدقائه وجيرانه وعشيرته. لذلك فإن غريزة الطمع هى نقمة على الإنسان بالدرجة الأولى، فلما لا نقنع بما قدره الله لنا، وأن نكتسب من حلال. القناعة : القناعة كنز لا يفنى. نعم هذه المقولة فى محلها، ونادرا ما نراها فى زمننا الحالى، فزمننا الحالى انعدم فيه صفة القناعة، لشتياه الإنسان للثروة والسيارة والعروسة، الثلاثية الملتصقة بالإنسان منذ ولادته. والقناعة تنبع من إشباع الإنسان بما قدر الله فى رزقه، فالقناعة والطمع لا يجتمعان فى إنسان واحد، بل إن القناعة تطرد الطمع إذا وجدت، ونرى القناعة فى مظهره، وفى نظرته للواقع والمحيطين به، لأنه إذا كان الإنسان ينظر لأعلى منه فإننا نقول بلا تردد هو طماع، وإذا قُنعّ بما قدر الله له فى رزقه نقول عنه قنوع. وغريزة القناعة تبدو عند الإنسان ضعيفة، لأن الإنسان تطغوا غريزة الطمع على غريزة القناعة بمقدار أعلى، فالقناعة كنز لا يفنى كما تقول الحكمة، وهى أيضا إشباع رغباته بعدم التطلع إلى من هو أعلى منه فى الغنى، ولقد كان الإنسان قنوعا عندما يرضى بحياته الوقعية حتى ولو كان فقرا، لأن القناعة هى من سمة الإنسان الطيب الذى يعلم بأن الرزق من الله عز وجل، ولأن الإنسان مهما ضرب الأرض ضربا وفجر الينابيع أو وصل إلى عنان السماء فلا ينال إلا ما قد كتبه الله له، فإن كان يتميز بالقناعة أعطاه الله من حيث لا يدرى، وإن كانت خصلة الطمع فيه فتطمث أعينه حتى لا ينال رضا الله. وعندما نبحث ونغول فى قلب الإنسان، نجده بعيدا بعيدا عن القناعة إلا فى فيئة قليلة ممن ترضى بقضاء الله وقدره، وفى عالمنا هذا كثيرا ما نجد الصراع على امتلاك المال بأى طريقة، أو أى حيلة كانت، حتى ولو راح من أجلها ضحايا بالآلاف، لأنهم يملكون السلاح، وهنا السلاح آلة من الشيطان، مسخرة لسطو الإنسان على ما لا حق له فيه بالقوة، وقد نهى عن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، ونهى عن مجرد التوجيه بالآلة أو السلاح فى وجه المسلم أو غير المسلم. وطمث العين لا تجعل للإنسان مجالا فى التحلى بالقناعة، إلا الذين عرفوا وعلموا أن الله وحده هو المتحكم فى مصير الإنسان، فيترك رزقه لله ولقدره. والغرب معدومى منهم هذه الصفة، لأن هناك صراعات خطيرة تواجه الإنسان، وحب السيطرة تطغوا على الجماعات هناك. لذلك كانت هناك آراء فى مسألة القناعة، مما أكد كثيرا من الناس بأن هذه الصفة تجدها فى الشعب المصرى بنسبة 40% وفى دول الوطن العربى 30% وفى الغرب شرقة وغربه من 10 – 20% ، وهذه نسبة تقديرية غير وافية الدراسة، ولكن الشكل العام يدل على ذلك، وما نجده حولنا الآن، النتيجة صفرا، لأن قلب الإنسان تطبع على حب الطمع، أو بالأحرى ميوله دائما للطمع، وحب البقاء، فالصراع الدائم إلى يوم القيامة هو الصراع من أجل البقاء، أنا وولدى والطوفان. والناظر للقناعة يجد منبعها الأول من القلب الصافى الذى يتحلى بروح الفضيلة، والقنوع هو الإنسان الخلوق الذى لا ينظر لما عند غيره، فالإنسان الذى ينظر بعين الرضا، يقول الحمد لله، هو إنسان غير انتهازى، آبى ورافض الحرام بكل أنواعة، يتنصل إلى الحلال آتى أو لم يأتى، لم يطمع بذرة من حرام على الإنفاق على أولاده، لا يطعمهم من سُحت حتى لا يكون جزائه النار. نعم ففى عالمنا هذا نجد أوناس تنبت أحسادهم من سُحت، كفرض الأتاوات على الطرق مثلا، وهم ليس لهم حق فى ذلك. فالمسلم الحق عليه أن يتحلى بصفة القناعة، لأن القناعة فعلا كنز لا يفنى، فهى باقية عند الله، باقية فى ميزانه إلى يوم الدين. الرغبة : الرغبة هى الشعور الداخلى للإنسان بإمتلاك الأشياء النفيسة عنده على اختلاف أنواعها، ولم يخلو لإنسان على وجه الأرض إلا وبداخله صفة الرغبة، والرغبة جاءت من الراغب، والراغب هو ما يتمنى الإنسان لنفسه، فالرغبة تقال عند أشياء كثيرة، مثل الرغبة فى النجاح، الرغبة فى تحقيق الذات ومراتب عُليا، الرغبة فى التقدم إلى الأفضل دائما، فالرغبة لدى الانسان هى من محاسن الصفات التى تجعل الإنسان يتجه إلى التطلع دائما إلى عالم أفضل فى الوصول لذاته، حتى اشباع نفسه مما يشتهيه، فالإنسان الذى يقبل على التعليم مثلا تحقيق لرغبته فى الحصول على أعلى مراتب العلم، فرغبته فى حصوله على مؤهل عال، ورغبته فى حصوله على الماجستير ومن بعدها رغبته على الدكتوراه وهكذا. والإنسان لديه رغبة كائنة فى ذاته، عندما يجد مايسره تخرج الرغبة المكبوته بداخله إلى التفكير فى كيف يصل إليها، لتحقيقها مشبعا نفسه الداخلية فيتولد عنده إشباع ذاتى مواتى لرغبته التى يرغب أن تحقق فالإنسان بذاته يتطلع إلى ما هو أفضل فى حياته وإلى الأمل، وهنا تتحقق الرغبة فى الوصول إليها، فمن يشتهى الزوجة الصالحة، والفتاة الجميلة ذو الحسب والنسب، فيرغب أن تتحقق رغبه لها، وهكذا فى تطلع الإنسان إلى الأشياء الأخرى. والمضاد لها، المعاكس له فى الاتجاة، هو عدم الرغبة فى تحقيق التفاهات، أى أن عدم الرغبة عند إنسان تختلف عن إنسان لأخر، وبشكل مختلف بمعنى أن الإنسان السوى لديه رغبة فى فعل الفواحش، وهذا ما نجده فى إنسان يتميز بغلاظة القلب، فلديه المحرمات كالحلال لا فرق بينهما، لأنه لم يتعود على النهى عن المنكر واتجاهه هو ارتكاب المعاصى، أما الإنسان الذى يفرق بين الحق والباطل لديه عدم رغبة فى غضب الله عز وجل أولا، وهو يضع هذا نصب عينيه كل ثانية تمر عليه، فلا يقبل المال الحرام، ولم يقبل على الزنى، لأن هاتين الخصلاتين هما أشد شهوة عند الإنسان، فإذا توافرت عنده هذا أصبح إنسانا سوى، فسرعان ما يقبل عليهما دون التنبه بأن الله تعالى يراه. وإذا توافرت الرغبة فى العلم والعمل مثلا، فلا يتردد الإنسان فى الرغبة فى تحقيقها، وهنا الرغبة تبدو حميدة وحسنة لا شبهة فيها، والسعى إليهما من المبوحات. فالله تعالى يقول لعبده أسعى يا عبد وأنا أسعى معاك.. وهذا صحيح. ويقول : رب زدنى علما، وهذه الآية الكريمة موجهه للإنسان الذى يرغب ويشتهى إزدياد تعليمة، لأن العلم لا حدود له ولا قيود، فهو متاح ومباح للجميع حتى ولو فى الصين، كما قال صلى الله عليه وسلم : أطلبوا العلم ولو فى الصين.. وجاءت كلمة الصين مجازية لأن الصين أبعد بلاد الدنيا. الرغبة فى الرزق، الرغبة فى الأولاد، الرغبة فى العلم، كل هذا وأكثر هى من محاسن الرغبة عند الإنسان، والرغبة فى إزاء الناس، أو قذف المحصنات بغير علم ليس من شيم المسلم. فالحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور متشابهات، والإنسان الذى يفرق بين الحق والباطل هو الذى يعرف كيف يرغب الأشياء الثمينة متمنيا من الله تحقيقها، لأن الرغبة مرتبطة بصلة وثيقة بالتمنى، والتمنى ما يتمناه الإنسان من ربه، فإذا تمنى العبد شيئا صعب المنال، لا يتردد لحظة واحده فى اللجوء إلى الله لأن الله وحده هو المطلع على سر القلوب، لأن النية محلها القلب، والنية ما نوى المرء أن ينوى فعله، فمنها نيه صافية ومنها نية خبيثة، وكل ذلك يعلمها الله لأن الله يعلم السر وأخفى. فالإنسان أولا وأخيرا عليه أن يفكر والله عليه التدبير، والله الذى يبعث للإنسان عمله، إن كان خيرا فسيرى خيرا، وإن كان شرا فسيرى شرا، فلو كان هذا الإنسان ضرب بمعاوله أينما كان فلا ينال إلا ما يسره له ربه.. الغرور : الغرور فجور. هذه مقولة حقيقية قيلت فى محلها، لأنها آفة من آفات الزمن قد أصابت أوناس كثيرون، وهى أيضا من آفات الخبث والرذيلة للإنسان، والإنسان المغرور قد يؤدى به إلى عالم التفاخر والتباهى بنفسه، فإذا أصابته هذه الآفة المنبوذة من المجتمع جعلته إنسانا سوى مُضار لأهله وبيئته. والغرور كلمة جاءت من غر غرا بالإنسان، فالغر هو المكيدة، فالغرور هو الذى يبدى بزينته لمن حوله، ويبدى بمحاسن نفسه متعاظما بها، سواء بماله أو بعمله أو بعلمة، أو جماله، ففى المال إذا أغتر الإنسان بماله هلكه الله، وجعل ماله حسرة عليه، وأبدله الله فقرا بعد غنى وذلا بعد عزا، فمن افتخر بنفسه فهو إنسان يتطلع بأن يفرض نفسه على الآخرين بالقيل والقال، ومن الممكن أن يساعده أخرون ممن يأكلون منه مالا أو يطعموا من طعامة، يريد بذلك أن يمدحه الآخرين بما صنع. فكما يقولون أطعم الفم تستحى العين، وبذا يكون بذلك قد سخر له أشخاصا يحركهم على هواه، فيقولون ما يقول. وعندما نفتش فى النفس البشرية، نجد آفة الغرور هذه تسيطر على كيانه، إذ أن الإنسان المغرور هو من يعتلى بنفسه على أخوانه كأنما يعتلى عرش حكم، ويقول أنا كذا وكذا وفعلت كذا وكذا، وإن كان قد صنع حقا، فيريد أن يجمع من حوله رفاقه الذين يسيرون على دربه. والغرور آفة سيئة لا تنبغى أن تكون فى إنسان ذو قيمة يعرف حق المجتمع عليه، إنسان له ثقله فى المجتمع، لأنه فاجأة يرتد إلى الحضيض، فالله عز وجل يعز من يشاء ويذل من يشاء، كما أغتر موسى عليه السلام بعلمه، رغم أنه عليه السلام نبى، لكن الله تعالى دله على من هو أعلم منه، ومن عنده علم أكثر منه، وهو سيدنا الخضر عليه السلام، رغم أن موسى نبى والخضر ولى فالولى يعلم النبى، وهذه حكمة من الله عز وجل، فالله أعطى للولى علما أكثر من النبى، وهذا ما جاءت به الآيات الكريمات فى سورة الكهف، فى قصة سيدنا موسى عليه السلام مع الخضر. وأيضا كما قلنا فى خصلة الطمع عن قارون عندما أغتر بنفسه فلبس أحسن ما عنده من ثياب وتزين وخرج على الناس من أهله متفاخرا بثروته، فالذين تمنوا مكانته قد رجعوا إلى صوابهم عندما خسف الله به وبداره الأرض، والذين يعرفون أن الأخرة حق وجدوا أن الدنيا فانية. فالعز والذل بيد الله، والله يقول فى كتابه العزيز: لا تمش فى الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا. هذه الآية الكريمة قد قالت خلاصة الغرور بالنفس، ومهما كان الإنسان بقدرته وجبروته سيعود إلى ما كان إن شاء الله أن يذله ويبدله فقرا بعد عزا، فالغرور كائن شيطانى فى قلب الإنسان الذى تسيطر عليه هذه الغريزة الشيطانية، فمن يغتر بنفسه مهما كان، فى ماله، فى ملبسه، فى عمله، فى أى شئ عليه أن يتذكر قدرة الله عليه. وكلما كان الإنسان مغترا بنفسه، فهو منبوذا من الطبيعة التى تحاطه، أيضا من المحيطين به أهله وعشيرته، لأن الغرور تؤدى به إلى الفجور، والفجور يؤدى إلى الجبروت، وإن كانت خصلة الجبروت فى الإنسان، كان غضب الله عليه أشد، وغضب الله لا يستهان به فكم من مغرور حطت به الدنيا على قاع المجتمع، كما كان فرعون وهامان اللذان أغتروا بأنفسهم، وقال فرعون لمن حوله أنا ربكم الأعلى، فأغرقه الله فى اليم هو وجنوده، ولم يستطع فرعون أن ينجوا بنفسه، حتى كاد أن يغرق، لكن الله نجاة ببدنه لكى يكون لمن حوله آية، فغرور فرعون ليس غرورا عاديا، لكن كان غرورا وجحودا شرسا عندما ادعى الآلوهية، فقتل واغتصب وقتل الأطفال وسرق ونهب وكذب موسى عليه السلام، فأعطاه الله تسع آيات قبل أن يغرقه فى اليم، وهم الضفادع والقُمل والبرص وما إلى ذلك حتى التسع آيات. أيضا النمرود الذى أغتر بنفسه هو أيضا، حتى أصيب بذبابة قد سكنت رأسه ولا تهدأ إلا بضرب القبقاب على رأسه. وكان النمرود هو من قال للأرض يا أرض أتهدى ما عليك أدى. هذا الصعلوك الذى لا يعلم عظمة الله تعالى، أن الله قادر على هلاكه فى لحظة، وأن الله له بالمرصاد، له ولمن كذب على الله. فكان جزاء المغتر جهنم، يصلاها مزموما مدحورا، فآفة الغرور هى آفة تبخس بالإنسان إلى الذل والهوان، فعلينا جميعا بنى البشر أن ندرك هذه الخطورة الجمة، وأن نسرع لنتجنبها لأن الغرور من الشيطان، والشيطان يريد أن ننغمس فيها لأن هذه الآفة من الكبائر، فالله يريد لنا أن نتجنبها ويريد لنا خيرا، منتهى عن الغرور، تنعم بما أنعم الله عليك بفرح وسرور. صنع الله : كل البشر على وجه الأرض، هو من صنع الله سبحانه وتعالى، باختلاف ألسنتهم وألوانهم، من جماد وحيوان ونبات مسخر للإنسان، وقد خلقه الله ليعمر الأرض بالذرية الصالحة حتى كادت الدنيا تمتلئ بالبشر، ولكن أرض الله واسعة، وفيها أمره الله تعالى بأن يهاجر فيها إذا ضاقت عليه أرضة، فرحمة الله واسعة وكافية لأن تحوى هذا البشر الكثير، وبعد ما عمرت الأرض كثر التعاملات بين الناس وبين مختلف الأجناس، ليس التعامل مع الأبيض فقط ولكن التعامل مع الأبيض والأسود على السواء، إن شريعة الإسلام السمحة قد يسرت للبشر فى شرق الأرض ومغاربها التعامل مع الذمى، والتعامل مع أهل الكتاب بالحسنى والعمل الصالح، رغم اختلاف ثقافتهم ورغم اختلاف حضارتهم. ومنذ أن أوجد الله تعالى هذه الحياة، وهى صراع بين الحق والباطل، ونزاع موصول بين الخير والشر، وعراك متواصل بين الأخيار والأشرار، وخلاف لا يكاد ينقطع بين الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، وبين الذين إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا، وإن يروا سبيل الغى يتخذوه سبيلا.. وصدق الله تعالى إذ يقول : (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) سورة البقرة : الآية 25 أى ولولا أن الله تعالى يدفع أهل الباطل بأهل الحق، لفسدت الأرض، ولعمها الخراب، لأن أهل الفساد إذا تركوا من غير أن يقاوموا، اشتد شرهم، وتغلبوا على أهل الصلاح والاستقامة، وتعطلت مصالح الناس، وانتشر الفساد فى الأرض. فالآية الكريمة تأمر الأخيار فى كل زمان ومكان، وأن يقفوا فى وجوه الباغين المغرورين، وأن يقاوموهم بكل وسيلة من شانها أن تحول بينهم وبين الفساد والطغيان. والأمم التى تريد أن تحيا الحياة الحرة الكريمة، لا بد أن يكثر فى أبنائها عدد الذين يضحون من أجل عزتها وكرامتها بأموالهم وأنفسهم، والذين يعيشون من أجل إعلاء كلمة الله، ومن أجل الدفاع عن عقيدتهم وعن حقهم الذى أمرهم خالقهم بالتمسك به، وبعدم التفريط فيه، لأن تفريطهم فيما كلفهم الله الحفاظ عليه، سيؤدى على هوانهم وذلتهم. غيرة الإنسان : فالإنسان بطبيعته غيور، يغار على وطنه وعلى عرضة وعلى أرضه، فإذا أغار عليه معتدى قام من فوره يعد له العدة للدفاع عنه، وكذلك عن عرضه وأرضه وشرفه، ولم يستسلم لهواءات الآخرين، بل يقدم روحه فداءً لهم حتى ولو أدى ذلك إلى موته. وتقبلنا للأخر ليس لقوته العسكرية، فنحن قد خُلقنا على الفطرة، لنا ما لنا وعلينا ما علينا، ودليل على ذلك دولة من دول الجوار، لا نتقبل ثقافاتهم لأنهم أغاروا على شعب عربى لا ذنب له بانتهاكات يرفضها الشرع، يتصارعون من أجل الاستحواذ على الأرض فأرهبوهم وقتلوهم وسلبوهم، هذا الآخر فلا يحظى بأى تقبل منا حتى ولو أوتوا من العلم مبلغه. وخلاصة القول : إن من صفات الأخيار من الناس، أنهم يتأثرون برؤية المحتاجين، ويعملون على سد حاجتهم، وعلى إعطائهم ما يصون لهم كرامتهم ولقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم أروع الأمثال فى التأثر لمناظر البائسين، وفى الحض على عونهم ومساعدتهم. وإذا كان السخاء من شأنه أن يولد بين الناس المحبة والمودة والألفة والتكافل والتراحم، فإن البخل يولد الشحناء والبغضاء والأحقاد، ويؤدى إلى ضعف الأمن وإلى اضمحلال الروابط الإنسانية بين أفرادها. وقال صلى الله عليه وسلم : اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجرى بمقادير. وقال صلى الله عليه وسلم : من جلس على غنى فتضعضع له لدنيا تصيبه ذهب ثلثا دينه. والعزة ليست تكبرا أو تفاخرا أو تطاولا على الناس، فالله تعالى يبغض المتكبرين المغرورين، وفى الحديث الشريف : لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر.. وإنما العزة بأن يتمسك الإنسان بكرامته، وأن يصونها عن كل ما لا يليق، وأن ينأى عن كل قول فيه نفاق أو رياء، وأن يبتعد عن كل فعل يزرى بشرفه أو مروءته، ومن أقوال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضى الله عنه : يعجبنى فى الرجل إذا سيم خطة خسف أن يقول بملئ فيه : لا . يخفى الكون أسرارا كثيرة مازال العلماء عاجزون على فك طلاسمها حتى الآن، وهذا من صنع الرحمن فى خلقه، فقال فى كتابه العزيز: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ . هذه الآية الكريمة دليل على قدرة الله التى لا تنتهى فكل لجظة والآخرى نجد ما يدهشنا من اكتشافات عظيمة تهز كيان البشر مجلجا بعظمة الله .. الله أكبر.. فنعم المولى ونعما النصير. * * * صدر للمؤلــــف .. 1- قصتان فى كتـــــاب.. بسمه.. والعصفور الأخضر والعائلة.. وعطلة الصيف.. 2010 2- شعر للأطفـــــــال.. حـــــــوارات.. 2011 3- رواية .. الحياة فى ضوء خافت. 2012 4- سلسلة فوائد للقلب والروح.. نور الكهف (1).. 2013 5- مسرحية.. محفوظ .. ملكا. 2014 6- مجموعة قصصية.. صنعة عزرائيل .. وقصص أخرى. 2015 7- روايـــــة.. بطاقة شخصية.. 2016 8- مسرحيات مونودراما.. فوق الضوء.. الست نظيرة.. شباب أون لاين.. 2017 9-فوائد للقلب والروح (2) . أمور مبهمات فى علم الغيبيات.. 2018 10- دراما إذاعية.. 11- سيناريوهات تليفزيونية وسينمائية.. * * * للتواصل مع المؤلف .. ميت غزال- السنطة- غربية موبايل : 01009482481 Fawzy.yosef16@yahoo.com(f) Fawzy.yosefismail1000@gmail.com (g) Fawzy.Ismail1612@twitter.com (T) قناة السيناريست فوزى إسماعيل.. يوتيوب

ليست هناك تعليقات:

مقال بقلم/ فوزى اسماعيل

                                                      تحية لرجال كفر الشيخ مفتاح لسعيهم فى عمل الخير اقر وأعترف بأن رجال كفر الشيخ مفتاح...