رحلة إلى النفس البشرية (3)
الرغبة
الرغبة هى الشعور الداخلى للإنسان بإمتلاك الأشياء
النفيسة عنده على اختلاف أنواعها، ولم يخلو إنسان على وجه الأرض إلا وبداخله صفة
الرغبة، والرغبة جاءت من الراغب، والراغب هو ما يتمنى الإنسان لنفسه، فالرغبة تقال
عند أشياء كثيرة، مثل الرغبة فى النجاح، الرغبة فى تحقيق الذات ومراتب عُليا،
الرغبة فى التقدم إلى الأفضل دائما، فالرغبة لدى الانسان هى من محاسن الصفات التى
تجعل الإنسان يتجه إلى التطلع دائما إلى عالم أفضل فى الوصول لذاته، حتى اشباع
نفسه مما يشتهيه، فالإنسان الذى يقبل على التعليم مثلا تحقيق لرغبته فى الحصول على
أعلى مراتب العلم، فرغبته فى حصوله على مؤهل عال، ورغبته فى حصوله على الماجستير
ومن بعدها رغبته على الدكتوراه وهكذا.
والإنسان لديه رغبة كائنة فى ذاته، عندما يجد مايسره
تخرج الرغبة المكبوته بداخله إلى التفكير فى كيف يصل إليها، لتحقيقها مشبعا نفسه
الداخلية فيتولد عنده إشباع ذاتى مواتى لرغبته التى يرغب أن تحقق
فالإنسان بذاته يتطلع إلى ما هو أفضل فى حياته وإلى
الأمل، وهنا تتحقق الرغبة فى الوصول إليها، فمن يشتهى الزوجة الصالحة، والفتاة
الجميلة ذو الحسب والنسب، فيرغب أن تتحقق رغبه لها، وهكذ فى تطلع الإنسان إلى
الأشياء الأخرى.
والمضاد لها،المعاكس له فى الاتجاة، هو عدم الرغبة فى
تحقيق التفاهات، أى أن عدم الرغبة عند إنسان تختلف عن إنسان أخر، وبشكل مختلف
بمعنى أن الإنسان السوى لديه رغبة فى فعل الفواحش، وهذا ما نجده فى إنسان يتميز
بغلاظة القلب، فلديه المحرمات كالحلال لا فرق بينهما، لأنه لم يتعود على النهى عن
المنكر واتجاهه هو ارتكاب المعاصى، أما الإنسان الذى يفرق بين الحق والباطل لديه
عدم رغبة فى غضب الله عز وجل أولا، وهو يضع هذا نصب عيناه كل ثانية تمر عليه، فلا
يقبل المال الحرام، ولم قبل على الزنى، لأن هاتين الخصلاتين هما أشد شهوة عن
الإنسان، فإذا توافرت عنده هذا الإنسان أصبح إنسانا سوى، فسرعان ما يقبل عليهما
دون التنبه بأن الله تعالى يراه.
وإذا توافرت الرغبة فى العلم والعمل مثلا، فلا يتردد
الإنسان فى الرغبة فى تحقيقهمت، وهنا الرغبة تبدو حميدة وحسنة لا شبهة فيها،
والسعى إليهما من المبوحات.
فالله تعالى يقول ك أسعى يا عبد وأنا أسعى معاك.
ويقول : رب زدنى علما، وهذه الآية الكريمة موجهه للإنسان
الذى يرغب ويشتهى إزدياد تعليمة، لأن العلم لا حدود له ولا قيود، فهو متاح ومباح
للجميع حتى ولو فى الصين، كما قال صلى الله عليه وسلم : أطلبوا العلم ولو فى
الصين.. وجاءت كلمة الصين مجازية لأن الصين أبعد بلاد الدنيا.
الرغبة فى الرزق، الرغبة فى الأولاد، الرغبة فى العلم،
كل هذا وأكثر هى من محاسن الرغبة عند الإنسان، والرغبة فى إزاء الناس، أو قذف
المحصنات بغير علم ليس من شيم المسلم.
فالحرام بين والحرام بين، وبينهما أمور متشابهات،
والإنسان الذى يفرق بين الحق والباطل هو الذى يعرف كيف يرغب الأشياء الثمينة
متمنيا من الله تحقيقها، لأن الرغبة مرتبطة بصلة وثيقة بالتمنى، والتمنى ما يتمناه
الإنسان من ربه، فإذا تمنى العبد شيئا صعب المنال، لا يتردد لحظة واحده فى اللجوء
إلى الله لأن الله وحده هو المطلع على سر القلوب، لأن النية محلها القلب، والنية
ما نوى الفرد أن ينوعى فعله، فمنها نيه صافية ومنها نية خبيثة، وكل ذلك يعلمها
الله لأن الله يعلم السر وأخفى.
فالإنسان أولا واخيرا عليه أن يفكر والله عليه التدبير،
والله الذى يبعث للإنسان عمله، إن كان خيرا فسيرى خيرا، وإن كان شرا فسيرى شرا، فو
كان هذا الإنسان ضرب بمعاوله أينما كان فلا ينال إلا ما يسره له ربه..
والله المستعان على ما تصفون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق