نحن شعب استهلاكى
الفرق بيننا وبين الغرب فرق شاسع، هم
يغلب عليهم غريزة الإكتشافات والإختراعات، ونحن يغلب علينا راحة البال وعدم
الإجهاد للنفس، حتى فى التفكير، ونحن كمجتمع شرقى يهمنا فقط إستهلاك الآلة، وليس لتصنيعها
ولا فك تلاسم محتوياتها، إنما يسهل علينا الضغط على الأزرار وهو كل ما لدينا، فكل
إنسان شرقى لا يجهد نفسه فى تركيب آلة، ولا إختراع شئ ينفع البشرية، كما يحدث فى
بلاد الغرب، كتيوان والصين وأمريكا والدول الكبرى التى بنت إقتصادها بهذه
الإكتشافات، فدائما يعكفون على إخراج آلة أو مصل ينفع البشرية، ويدخل التاريخ من
أوسع أبوابه، كمثلا مصل إنفلونزا الطيور ومصل وباء كورونا، وغيرها، كلهن صنع فى
بلاد الغرب فى وقت قياسى، وما منا إلا أن نستهلك هذه الصناعات بسهولة ويسر، ونقول
بأعاى أصواتنا، كَماااان، لا يفكر إنسان شرقى أن يعتكف على إكتشاف هذه الآلة أو
هذا الدواء، ولكن حياتنا ستظل تستورد.
وهذا يدل على عدم الإهتمام الجيد
لمفهوم التكنولوجيا، أى كان نوعها، ولكن نجتهد فقط فى إراحة البال بالتسلية
والرفاهية، والإقدام على تفنن المرء فى كيفية العيش فى مارينا وشرم الشيخ والعين
السخنة.
فى أوربا والدول المتقدمة تجد كل إنسان
عمله الذى ينجزه، وعادتا الأعمال التى يكلف بها المواطن الأوربى هى صناعة لأحدث
تكنيات التكنولوجيا، ليتم تقفيلها هناك، وإرسالها بعد ذلك إلى دول الشرق يصطحبها
الكتالوج الخاص بها، حتى يتسنى لمواطن العالم الثالث بأن يقوموا بتشغيلها حسب ما
هو مدرج فى الكتالوج، وهذا أبسط الأمور لدينا، لأننا لا نفكر فى كيفية صنعه، وحتى
ولو وتم المعجزة وقلدناه وتم صنعه بالفعل فإننا نحتاج أيضا إلى فك عقدة الخواجة،
لأنهم يتركون فيه ثغره لكى تعود إليهم مهما فعلت، وإذا إجتهدت أيها المواطن
الغلبان فى تركيبة فتقوم الدنيا ولم تقعد، فترى التهانى وتسمع مالذا وطاب من وصلات
المدح فى فلان الذى قام بتجميع الآلة، كما يطلقون عليه لقب عالم.
وكأننا فعلنا معجزة العصر، حيث أنهم فى
أوربا والدول المتقدمة تجد الطفل هناك من بدايته يقوم بتقفيل الساعات والآلة
الحاسبة الدقيقة، لكى يكون على دراية كاملة فى مجال التصنيع مستقبليا، أما عندنا فيتميز
الطفل من بدايته فى وصلات الردح والشتائم على كل لون، لأنه يأكل ويشرب ويلعب فقط، لا
يسعى لإكتساب معلومة من كتاب قرأه، أو بحث قام به، وما يسيطر على عقولهم هو
استهلاك الأنترنت فى ألعاب لا تنفع بشئ، إنما تؤدى إلى اللهو مع الشيطان، وأبيه
يفتخر به لأنه رأه ماهر فى التعامل مع الموبايل.
تجد فى الطرق والشوارع خصوصا التى فى
الأماكن الراقية فى مصر من هم من دول أجنبية، يمشون ذهابا إلى أعمالهم وهم يأكلون
فى أطباق الكشرى والتيك واى، وأيضا يحتسون المشروبات الساخنة، لأنه ليس لديهم فرصة
لإحتساء هذه الأشياء وقت العمل، فهم يستثمرون الدقائق المعدودة التى يقضونها فى
الذهاب إلى أعمالهم.
ونحن الموظفين نتفنن فى كيفية الزوغان من
العمل، فنتمارض ونخلق أعذار، وندعى كذا وكذا حتى نجد حيلة للفرار من العمل، وهم
يتقاضون مرتبات من الدولة مقابل الإنجاز فى العمل، وهذا لحساب عملهم الخاص الذى
يخرجون للعمل فى محالهم أو الأسترخاء فى بيوتهم، وبذلك يعتقد البعض الذى يترك عمله
ولا يذهب إليه بأنه فاز، فلا، أنه لا يعلم مراقبة الله له، فالله تعالى يقول : وقل
أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، فأين لك من هذا، وأين لك من الأمانة فى
العمل.
فهل عرفت الفرق بيننا وبين العالم
الأخر.