التسامح والحوار
إن الحوار في معناه الصحيح لا يقوم ولا يؤدي إلى الهدف
المنشود إلا إذا كان هناك احترام متبادل بين أطراف الحوار، واحترام كلِ جانب لوجهة
نظر الجانب الآخر. وبهذا المعنى فإن الحوار يعني التسامح واحترام حرية الآخرين،
واحترامُ الرأي الآخر لا يعني بالضرورة القبول به. وليس الهدف من الحوار مجرد فكّ
الاشتباك بين الآراء المختلفة أو تحييد كل طرف إزاء الطرف الآخـــر، وإنما هدفُه
الأكبر هو إثراء الفكر وترسيخ قيمة التسامح بين الناس، وتمهــيد الطريق للتعاون
المثمر فيما
يعود على جميع
الأطراف بالخير، وذلك بالبحث عن القواسم المشتركة التي تشكل الأســاس المتين
للتعاون البنّاء بين الأمم والشعوب. والحوار بهذا المعنى يُعــد قيمة حضارية ينبغي
الحرص عليــها والتمسك بها وإشاعتها على جميع المستويات
. والوعي بذلك كله أمر ضروري يجب أن نعلمه للأجيال
الجديدة، وبصفة خاصة عن طريق القدوة وليس عن طريق التلقين، ولا جدال في أن الحوار
قـــد أصبح في عصرنا الحاضر أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، بل أصبح ضرورة من ضرورات
العـــصر، ليــس فقـــط على مســتوى الأفـــراد والجماعات، وإنما على مستوى
العلاقات بين الأمم والشعوب المختلفة.
وإذا كانت بعض الدول في القرن الجديد لا تزال تفضل شريعة
الغاب بدلاً من اللجوء إلى الحــوار، فإن على المجتمع الدولي أن يصحّح الأوضاع،
ويعيد مثل هذه الدول الخارجة على القيم الإنسانيــة والحضارية إلى صوابها حتى
تنصاع إلى الأسلوب الحضاري في التعامل وهـــو الحــوار.
فليـــس هناك من سبيل إلى حل المشكلات وتجنب النـزاعات
إلا من خلال الحوار.
ومن منطلق الأهمية البالغة للتعارف بين الأمم والشعوب
والحضارات والأديان .. على الرغــم من الاختلافات فيما بينها- كانت دعوة الإسلام
إلى الحـوار بين الأديان.
وذلك
لمــــا للأديان من تأثـــير عميق في النفوس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق