حادث طوخ.. جمرة من جهنم
هذه ليست الأولى من نوعها، بل هى
الأكبر فى حوادث القطارات التى لا تنتهى، فمنذ زمن بعيد ونحن نفجع بحواث القطارات
التى تطالعنا فاجأة كل مدة، من أسوان إلى الأسكندرية، وكان منذ أسابيع مضت من قبل
حادث طوخ كان هناك حادث أخر لا تنتهى ألامه، وهو حادث سوهاج قبلى، وهو تكرار لحادث
طوخ وحادث الاسكندرية أيضا، ونحن لا نتعظ ولكن نولول عند وقوع هذه الكوارث التى
يتخلف من ورائها اصابات ووفيات، وبنفس الطريقة التى يتم بها الحادث لينقلب القطار،
وهو خروج عربات القطار عن القضبان.
فحادث طوخ هو الأكبر فى الفاجعة التى
بدت لكل المصريين مصيبة مدوية فى قطاع النقل، وكما نادت الدولة بإصلاح منظومة
النقل ككل، أولها السكك الحديدية، وجاءت جررات روسية للعمل مكان المتهالكة، وبدت
فعلا المنظومة ترتدى ثوب الإصلاح وتحقق الأمانى، ولكن الإصلاح بدأ فى القطارات
فقط، ولم يبدأ فى القضبان التى تبدوا متهالكة، وظهر معدنها فى حادث طوخ، وكأن
عمرها الإفتراضى أنتهى، فتبعثرت بهذا الشكل.
فالذين يروا فاجعة الحادث لا يظن بأن
القطار كان يسير على قضبان حديدية، بل يظن على الفور بأن القطار يسير على الأرض
شأنها شأن المواصلات العادية.. لماذا..؟
لأن القضبان الحديدية تبعثرت فى هذا
الحادث، وتفككت وتناثرت هنا وهناك، كما لو كانت مفككه بالفعل، وهذا ما جعل القطار
يهوى على الأرض فى لمح البصر، وأظن أن وزارة النقل لم يدخل فى مخيلاتها بأن
القضبان تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة، ففجعت عندما رأت هذه النظرية تحدث على
الطبيعة، وذاب الحديد فى لحظة، وأصبح المشهد مزريا بهذه الصورة السيئة.
كان المشهد فظيعا عندما ترى أشلاء
الضحايا فى كل مكان، حتى الإسعاف التى من المفترض أن تصل إلى مكان الحادث تأخرت، والطريق
السريع الملاصق للسكك الحديدية من المفترض أن لا يخلوا من نقط سيارات الإسعاف عند
كل مركز مثل بنها وطوخ وبركة السبع وهكذا،
لكى تلحق بكوارث الطريق، سواء الطريق الزراعى أو السكك الحديدية، مما أصبح تقصيرا
من هيئة الإساف المنوطة بإسعاف الطريق.
السكك الحديدية من أهم مقدرات الدولة
على الإطلاق، لأنها تنقل عددا كبيرا من ركاب الوجهين البحرى والقبلى، وتمتاز
بإرتفاع كبير فى عدد الركاب عن المواصلات العادية التى ترتفع فيها الأجرة، وقطارات
الدرجة الثالثة يستقلها الغلابة ومحدودى الدخل، فهى المواصلة الوحيدة التى تبدو
متنفسا من غلاء المعيشة التى يعانى منها المواطن، وكان لا بد من الإهتمام من
الدولة بأن تنهض بهذا القطاع أولا وأخيرا، وما يحدث عن خروج العربات عن القضبان شئ
لا يستهان به، وما هو إلا تخلف كبير فى ضبط عجلات القطار، وتخلف أيضا فى ربط
القضبان وزوايا التحويلات.
لقد أودى الحادث الأليم بوفات وأصابة
عدد كبير من ركاب القطار المنكوب، فكانت أخر أحصائية لهذا الحادث 103 مصاب، هل هذا
يصح، ياليت المسئولون فى هذه الهيئة قد أعترفوا بالذنب، ولعلهم ينتبهون لما هو
قادم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق