السبت، 20 يونيو 2020

قصة أطفال



أحفاد جدو علام 
تأليف
أحمد فوزى اسماعيل   
بلغ جدو علام من العمر الثمانين عاما  ، وكان فى هذا لعمر الكبير له معامله خاصه ، معامله أحترام وتوقير ، لان جدو علام يعرف الكثير عن الاشياء المحيطة به ، ونحن الصغار لا نعرف قدر معرفته ببواطن الامور .. كالخير والشر .. والافضل والسىء .. والابيض والاسود . رزقه الله بثلاثه أحفاد ذكور وبنت واحده من ولدة الوحيد ( وحيد ) سماه وحيد لانه لم ينجب غيرة ، فقد رزقه الله به بعد عشرون عاما من الزواج .. وقد حمد الله عليه ، يرعاه ويقوم على تربيته تربيه صحيحه على أكمل وجه من التعليم والتوجيه السليم.. أراد أن يزوجه بعد ما بلغ العشرين من عمرة لكى يفرح بأحفادة ..
وبالفعل اختار له زوجه ذو حسب وجمال .. كانت هذة الزوجه تتقى الله فيه لانها تعلم حسن معاشرة الازواج ، حتى أنها قامت بخدمته على أفضل ما يكون ..
فى السنه الاولى من زواجها ، رزقهم الله بولد سماه " محمد " وولد أخر سماه " عبد الله " وولد ثالث سماه " محمود " وبنت وحيد سماها " زينب "
كان جدو علام يختار الاسماء بعنايه لانه يعرف أن أفضل الاسماء هو ما حمد وما عبد .. كان سعيد جدا بهم ، وكأن الدنيا أعطته ما حرم منه فى شبابه ، وابقى حياته الباقيه فى تربيتهم ، وكانت أحب الاوقات عنده تلك التى يقضيها معهم يلعب معهم ويداعبهم ، وقد كان الزوج يعمل مدرسا بمدرسة ابتدائى تبعد عن سكنهم بقليل ، وكذلك الزوجه تعمل ايضا مثله فى نفس المدرسة ، وكان من الطبيعى أن يتركوهم فى كنف جدهم حتى يعودوا من عملهم ..
وبمرور الأيام وجدو الجد علام أحفادة يكبرون أمامه حتى صار أكبرهم الى سن الخامسة عشرة ، فعلمهم على حسن المعامله مع الاخرين كما كان يعلم ابنه الوحيد منذ كان صغيراً ..
بث فيهم روح الحب والتقوى يعاملهم بشفقه وأخلاص ، وجدوا فيه مالاقوه فى ابيهم وامهم لانهم كانوا منشغلين عنهم فى تربيه أطفال اخرين ، هم أطفال المدرسة التى يدرسون فيها ، يعلمون جيل وراء جيل ، فمنهم من يتخرج مهندسا ليبنى ومنهم يتخرج طبيبا يعالج المرضى ، ومنهم من يتخرج محاميا ليدافع عن المظلومين ..
فكانوا يؤدون رساله عظيمه فى الحياة ..
قم للمعلم وفه التبجيلا   كاد المعلم أن يكون رسولا
وكان محمد وعبد الله هما الذان قد التحقوا فى المدرسة ، لانهم هم أكبر أخواتهم وفى أجازة نصف العام ، كان عبد الله غاضبا من أخوه محمد ومحمود ، ولم يعلم الجد بهذا الخصام حتى أسرعت زينب الية لتحكى له ما حدث بين أخواتها ..
عرف منها جدو علام بحايتهم وسكت ولم يتكلم ، لكنه أجتمع بهم ذات لياه ليرى ما يحدث منهم تلقائيا ، ويصالحوا أنفسهم بأنفسهم دون تدخل منه .
جلسوا من حوله يستمعون له وهو يتحدث عن خدمه الاخرين وقت الشدة والضيق ، وتعمد أن يطرح عليهم سؤلا سريعا ، ومن يسرع فى تنفيذه سيكون له السبق ويكون له جائزه " عشرة حسنات "
قال جدو علام :
-         من يبادر بتصافح أخيه قبل الاخر سيحصل على عشرة حسنات ، والحسنه بعشرة أمثالها
-         ما أعظم هذة الجائزة ..
عندئذ أدرك عبد الله أن جدو علام يريد مصالحتهم ، وتذكر ما حدث من محمد ومحمود حتى صار غاضبا منهم بهذة الطريقه المؤثرة فيه ..
ففى ليله وهم يقبلون على النوم ، فى غرفتهم التى ينامون فيها ، جاءة محمود يطلب منه أن يعطيه الغطاء قليلا ليقيه من قرص البرد ، وكان عبد الله يحس بالبرد مثله ومثل أخيه ، لان الليله كانت شتويه شديدة البرودة ، أما زينب فكانت صغيرة تذهب للنوم مكع أمها فى غرفتها ..
رفض عبد الله طلب محمود ، وبعد أن صبح الصباح وأستيقظوا ، ووجدوا عبد الله الغطاء مكشوفا من عليه ، فتذكر أنهم قد أخذوا الغطاء وهو نائم ، لكن محمد ومحمود أكدوا له أنهم لم يفعلوا ذلك ، لانهم يخافون عليه كما يخاف عليهم ، وهم كانوا يضحكون معه .
ولم يصدق عبد الله كلامهم مهما قالوا له من أعذار ، وثبت فى عقله أنهم لا يحبون له الخير، فخاصمهم ولا يريد التحدث معهم .. ولا يلعب معهم فى أى لعبه يلعبونها .. ثم أخذ جانبا عنهم ..
تذكر هذا كله وجدهم يتحدث عن الصفح والتسامح بين بنى البشر ، وبين المسلمين بعضهم البعض ، وبدأ الجد فى رسم خطته التى قالها أول مرة ، لكى يتصالحوا دون تدخل منه ، فأراد أن يعمل بينهم مسابقه ، وشرح لهم المسابقه بالتفصيل التى تتمثل فى السرعه حتى يحصل الفائز على عشرة حسنات ، والعشرة بعشرة أمثالها .. ثم حد وقتا زمنيا فى بدايه المسابقه ونهايتها .
حتى أنه قال لهم :
-         سأعد عليكم ثلاثه .. ومن يبادر بمد يده لأخية قبل الاخر ... يحصل على مائة حسنه وعندما بدأ جدو علام فى العد ، وبينما كان فى رقم واحد .. إذا بعبد الله يحس بألم فى بطنه وكانت تلك من صنيعته حتى يتفادى المبادرة فى التصافح ، ولمح الجد ذلك على عبد الله بما عرف ما يريد ..
ولما كان عبد اله يتألم ويتأوه إذا بأخوته من حوله خائفين علية ، وهم لا يفهمون لعبته ..
كان هذا الوقت قد خرج أبيهم من المدرسة .. فأسرعت زينب تقابله لتخبرة عما حدث لعبد الله ، ولم يتهمل لحظه فذهب الى الطبيب وقد أتى به الى عبد الله ليقوم بالكشف عليه حتى يعلمهم ما حدث له .
ثم كانت المفاجأه فقد قال لهم الطبيب أنه لم يشكوا بأى أعراض فى بطنه ، ولا أى مكان فى جسدة ، وعاد الطبيب الى عيادته .
أسرعت أمه اليه لتعمل له مشروبا ساخناً ، وتقوم على خدمته حتى تطمئن عليه ولكنهم لا يفهمون ما فعلاه عبد الله ، لكن لجد هو الوحيد الذى يعرف ويفهم أن عبد الله من صناعته اتقان التمثيل فى بعض الامور .
أكل الذعر قلبهم ، وجدو جد علام هو المطمئن الوحيد مخن أفعال عبد الله ، لكنه لا يستطيع أن يبوح بأى كلمه لهم خوفا على احساسة أمامهم ..
وفى اليوم التالى كان الجد علام جالسا يتناول الغداء ، لكنه اراد ان يأكل معه أحفاده ، وكانت زينب وعبد الله يجلسان معه على نفس المائدة ..
وكان محمد ومحمود يلعبان خارج المنزل ، فأراد جدو علام أن يرسل اليهم عبد الله ليناديهم وبذلك يكون هو أول من أبدأ بالمبادرة فى التصالح ..
فهم عبد الله ما يقصدة جدة ، حتى خرج اليهم مترددا فى ابلاعهم طلب جدهم فقال لهم :
-         يقول لكم جدكم أحضروا للغذاء ..
سمع جدهم علام ما قاله عبد الله فتضاحك ، وكانت منه كدعابه ابتسم ليها الجد كلما ذكرها .. لأن عبد الله انسب طلب الجد له بقوله .. يقول لكم جدكم .. ولا يقول .. تعالوا للغذاء ..
لم يهدأ الجد فى محاوله تلاشى الغصب الذى صار بينهم وبالخصوص عبد الله فلم يتدخل لمعرفه السبب وأجبارهم للمصالحه لبعضهم البعض .
وعند المساء جاءت على ذهنه فكرة ، أراد أن ينفذها ، وانتهز عدم وجود عبد الله بالمنزل واتفق مع محمد ومحمود على الاختباء فى مكان ما يعرفه جدهم ولا هم يعرفونه ..
وذهب جدو علام بمحمد ومحمود الى هذا المكان الذى كان فى اسفل المنزل ، وهى غرفه لم يكن لهم أن دخلوها قبل هذا .. ووضع لهم ماءا وزادا يقضيهم لفترة طويله .. و يخرجون منه الا أن أخرجهم الجد بنفسه ..
ورجع جدو علام مرة  اخرى الى غرفته وكأن شيئا لم يحدث .. ثم أستراح على مخدعه ، ودخل علية عبد الله وزينب لكى يطمئنون عليه مثل كل يوم ... وقد جلسوا مدة طويله وبدأ القلق والتساؤل يظهر على عبد الله وقال لجدو علام :
-         أين محمود ومحمد ياجدى ؟!
فرح الجد عندما سمع ذلك من عبد الله وقال :
-         أنا لا أعرف ..
وتسألت زينب عنهم :
-         أين محمد ومحمود ياجدى ؟!
قال :
-         أنا لا أعرف ..
ثم أتى أبيهم وأمهم يسألون عنهم ، وجدو علام متظاهرا بعدم معرفتهم ولكنه بدأ يحس بنجاح خطته .. يراقب افعال عبد اله وما يبادر منه ..
زاد القلق على وجوه الكثرين منهم ، لآن الوقت كاد يمر عليهم ، ومحمد ومحمود لا يظهران حتى بدأ الجد بالتظاهر فى سرعه البحث عنهم ، وقد بدأ الاب والأم كذلك ..
لكن عبد الله وجد نفسه وحيدا ، ليس متهودا بعدم وجود اخوته بجانبه ،
فجلس يبكى ..
أقترب منه جده علام يسأله عن بكائه ..
فأبدى له عبد الله بخوفه على أخوته الذين لم يظهروا حتى الان .. حينئذ عرف أن عبد الله قد أخطأ فى حق اخوته ..
وفى زروه بكائه وجد الباب يفتح ليدخل منه محمود ومحمد ، فارتمى عبدج الله فى أحضانهم بعدما رأهم واشتد فى البكاء .. ثم اعترف عبد الله بخطأه فسامحوه ، ورجعوا أخوه وأصدقاء كما كانوا يسمعون نصائح جدهم علاهم ...

ليست هناك تعليقات:

مقال بقلم/ فوزى اسماعيل

                                                      تحية لرجال كفر الشيخ مفتاح لسعيهم فى عمل الخير اقر وأعترف بأن رجال كفر الشيخ مفتاح...