دورة
الارز فينش
والفلاح
المغلوب على أمره
هذا
العام عام غير جيد، يعود على الفلاح بالضرر، بعدما أقرت وزارة الزراعة عدم زراعة
الأرز نهائيا، ومن يخالف القرار يكن جذائه السجن، حتى أنصاع الفلاح لذلك، وجميع
أراضى الفلاحين ستزرع هذا العام بمحصول الذرة، لا تنفع ولا تشفع من شئ عند الفلاح،
ففدان واحد يكفى لعمل الدشيشة، والدشيشة ليست لها منفعه عند الفلاح، إلا فى أكل
المواشى والطيور فقط.
وقد
قررت الوزارة منع زراعة الأرز لسبب واحد، وهو عدم استعمال مياه النيل فى رى الأرز،
علما بأن قرى كثيرة لم تصلها مياه النيل من أصله مثل قريتنا ميت غزال، فريها من
بركة السبع وهذا من النكبة الكبرى، ورى بركة السبع لم تصل إليها منذ سنوات، وكلما
أرسلوا شكاوى للرى فلا يسألوا عنها.
ألهم
آذان يسمعون بها، ألهم أعين يبصرون بها، أين مياه النيل التى تصل إلى القرى،
ومحاضر الأرز التى لا تكف على المطالبة من الفلاح طول العام، مياه الرى منعدمة من
الأساس فى القرية، وجميع ريها من طلمبات ارتوازى من تحت الأرض، وهذا عبء أكبر على
الفلاح.
لكن
القضية هنا تكمن فى الغرامات التى تقع على عاتق الفلاح إذا سولت له نفسه وزرع
الأرز، سيرتفع إلى أعلى سعر له، خصوصا بعد شحه من السوق، وقد كان الكيلو الآن وصل
تسعة جنيهات، حتى مصر من الممكن أن تستورد الأرز الفلبينى والأرز كذا وكذا بدلا من
أن كانت تصدره.
وخوف
الوزارة الموقرة بأن مياه النيل لم تكفى هذه المساحات المنزرعة من الأرز، فلو كانت
الوزارة تفكر للحظات لخرجت بدراسة وافيه من هذا الموضوع، لا تضر الفلاح لفعلت،
وإنما قرارها التعسفى جاء جذافا وبخيبة أمل على الفلاح، فلماذا لا تضع الوزارة حدا
لهذه المشكلة قبل وقوعها، وتنزل على أرض الواقع لترى بنفسها كيف تفعل فى أحواض
القرى، وتقوم بتقسم الاحواض إلى نوبات زراعية، فمثلا حوض هذا يضم عددا من الفدادين
يزرع أرز هذا العام، وحوض هذا يزرع ذرة هذا العام، وبهذا يخضع الفلاح للتقسم
الإجبارى، وتتوازن العملية، إنما القرار جاء ليشمل جميع القرى، وزراعة الأرز إذا
ظلت هكذا تهدد بالمحاضر التى تقسم وسط الفلاح ستندثر حسب طلب الوزارة.
يحسبون
بذلك أنهم خدموا الدولة لتوفير مياه النيل، ويحسبون أنه أرغموا الفلاح بعدم زراعة
الأرز وقد نجحوا، لكن ما جنته الوزارة ومن خلفهم الجمعيات الزراعية التى لا تهم
بالصالح ولا الطالح، ما هو إلا فشل ذريع يضر بالفلاح أولا وأخيرا، وسيضر مصر ثانيا
بإختفاء الأرز منها وثالثا أرتفاع أسعاره، وتبديله بزراعة الذرة التى ليس لها
منفعه، وهذا أيضا ما يحل على اقتصاد الفلاح بالسلب، مثلما حدث قبل ذلك فى زراعة
القطن، فأين عقولكم يا سادة وزارة الزراعة، وأين تخطيطكم الجهنمى فى إدارة أراضى
الفلاحين، عودوا إلى نصابكم وفكروا مليا فى النهوض بالفلاح المصرى إلى الأفضل،
وليس أن تخسفوا به أرضا، وإرضاءا قرار خاطئ أخذه موظف خاطئ فى مكانه لم يدرى شيئا
عن مآسى الفلاح التى لا تنتهى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق