التبريزى وتابعه قفة
على نهج مسرحية على جناح التبريزى وتابعه قفة، المسرحية العظيمة من تأليف
الفريد فرج، ما زال فى مجتمعنا نمط لهؤلاء الذين يصفقون لفئة يلسنون على مقدرات
الحياة، وكأنهم حديثهم صادق حتى ولو مغلوط مئة فى المئة، ورأينا الكثير من هذه
الأنماط المشككة فى مجتمعنا، ولقد كانت هذه المسرحية تناقش مثل ما يدور فى حياتنا
المجتمعية الآن، يفتنون لمن قال ويصفقون لهم وهم عميا صما لا يفقهون حديثا، ما
عليهم إلا ليقولون آمين آمين.
وكما كان فى فيلم الزوجة الثانية، والذى أطلق عليه شيخ تابع للعمدة قام
بهذا الدور باقتدار حسن البارودى، يقول قوله، أطيعوا الله وأطوعوا الرسول وأولوا
الأمر منكم، فهو يقول ذلك على غير دراية حتى يرضى العمدة فقط، لطمعه فى عدة
قراريط، التى سينالها منه بعد أن يرزق بولد.
هؤلاء القوم هم الدرجة الثانية فى المجتمع التى تمهد لهؤلاء الأسياد
أعمالهم وحياتهم، قال قوله الحق، قال فقوله السيف على رقاب الآخرين على رقاب من
عارضه، ومن عارض فكره، هؤلاء أولوا الأمر لا يدعون الكذب، ولكن فمن مصلحتكم أن
تقولوا آمين نضمن لكم عيشا هنيئا.
ويندرج أيضا تحت هذه الفئة المشككه فى أصول نواميس الحياة، فكأنما هم لا
يعجبهم العجب ولا الصيام فى رجب، عاملين بالمثل القائل خالف تعرف، إن هؤلاء
المخطئون الذين يشككون حتى فى جوانب شتى من الدين، كما يحدث الآن فى الهجمة الشرسة
حول الأزهر الشريف، ذلك الصرح الأعظم فى مصر، الأزهر الذى وضع التشريعات الإسلامية
فى نصابها الصحيح، ووضع قواعد العقيدة الإسلامية ودافع عنها بكل جدية، الأزهر الذى
علم علماء كبار منهم الدكتور طه حسين وبار علماء الدين، الأزهر الذى سيظل شامخا
مهما وضعوا أمامه العراقيل.
هذه المنظومة الفكرية لا يستهان بها، فعلمائنا الأزهريون ليسوا كعلماء أخرون
فى جهة من الجهات، لكنهم علماء يدافعون عن الإسلام أولا وأخيرا، والمشككون ليسوا
واحدا ولا عشرا، بل هم مجموعات شتى متفرقة كل بفكره وجهله الأسود، ليس أمامهم إلا
أن ينالوا من هذه الصروح الشامخة التى تمثل مصر والدول الأسلامية أمام العالم فى
الوقت الذى نريد فيه أن نقف وقفة موحدة أمام فكر الغرب.
هؤلاء لا يرحمون ولا يدعون رحمة الله أن تهبط، فهم يقفون بالمرصاد بمعاولهم
حتى ينقضوا على كل ما هو جديد حتى يقضوا عليه فى المهد، لا تتعجب أخى فأنك ترى
بعين جاحظة معجزات عبر وسائل الإعلام، تجد المتشدق والمشداق، والفتان والمفتون،
واللحاد واللحود، وهؤلاء منهم كثيرون.
إننا فى عالم كثير منهم من يبغض الأخ أخيه، وقليل منهم من ينهج نهج أقسم
بالله أن أقول الحق، وعندما تجد أوناسا فى حياتك الدنيوية وجوههم مسودة، يضحكون من
خلف ستار مزيف ضحكات خبيثة وراءها ألف معنى، لا تعلم إن كانت استهزاءا لك على
بلاهتك، أم استقواضا عليك، فتابعهم قفة هو الذى يسير فى ذيل التبرزى تابعين له
يحركهم كعرائس على المسرح يمين يمين، شمال شمال، يزلون أنفسهم لحفنة من مال ترمى
لهم على لمؤاخذة (............).
إننا فى الحقيقة كغثاء الطير، لكن بلا منفعة، فما علينا فقط أن نجرى جرى
الوحوش، نخطف ما أمامنا من فم الآخر، اللقمة والمال والزوجة والأرض والعرض حتى
أنفسهم كل ذلك باؤا بمطامع لا حصر لها، وأن نخدع الزبون بحيل مقنعة، من بره هالله
هالله ومن جوه يعلم الله، السلعة من الخارج محلاة لتثير لعاب المشترين، ومن داخلها
جهنم والعياذ بالله، فقد استحل التاجر المال الحرام، الذى حصل عليه بعد خداعة ظنا
منه أنه فاز، وذهب به إلى أسرته ليطعمهم سُحت، ومن نبت جسدة من سُحت فجزاءه جهنم،
العيب فى السلعة يعالجونه حتى بالخداع ليبيعها مغشوشة للزبون، ولكن فى النهاية
الخداع موصول.
حكاية ظريفة :
أراد بائع مواشى يوما أن يبيع بقرته فى السوق، لكنها لم يكن لها قرن ولا
ذيل، فظل من يومه أن يصنع لها قرنا ولصقه فيها، وركب لها ذيلا وقام من صباحه
ليبعها فى السوق، فاشتراها رجل ثم جرت منه البقرة، وقامت الناس بالتحليق عليها حتى
مسكها رجل من قرنها فنخلع فى يده، ومسكها من ذيلها فنحلع فى يدة فجرى من خلفها
صاحبها صائحا مرددا : (حلق حوش ولا
تمسكشى).
هذا من أتباع التبريزى.
* *
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق