الخميس، 22 أغسطس 2019

قصة قصيرة / الكنز الدفين / بقلم / فوزى إسماعيل

الكنز الدفين

" حسن" صبى فى قهوة لعله فى الخامسة عشرة صغير هو على هذ العمل الشاق، منذ الصباح وهو يلبى طلبات الزبائن القهوة تقع فى حى الحسين بالقاهرة ، روادها كثيرون من كل الفئات العمرية مساحتها تزيد عن قيراطان ، يحيطها مبانى وورش ومشاريع بسيطة لبعض تجار الخردوات والاقمشة ..
بها مقاعد كثيرة تزيد عن المئه ..
وتعلو الباب لافته عريضة كتب عليها : قهوة السعادة لصاحبها امين ابو حمام ..
معروف فى المنطقه ، قسماتة غليظة ومتنافرة يميل الى السمرة ،وشعرة كثيف وحاجباة غليظة وكأنها تصبو الى الغضب بسبب او غير سبب.
لايترك الفرجيلة من يدة ،فدائما كلما جلس مكانة على البينج جاءة صبيه حسن بها ،وكل فترة من الزمن يسرع الية لتغير حجرها.
على جدران القهوة صور الكثيرين من الادباء ،وشخصيات بارزة فى الادب الانجليزى ،مثل تشارلز ديكنز
الاديب الانجليزى المعروف لدى الكثيرون ممن يهمهم الادب الانجليزى وكأن الاسطى امين يطلع على الروايات الانجليزية ويعرف ادباء مصر بحزافيرها ..
تستقبل الداخل الى القهوة حكمة كتبها خطاط على الحائط :غذاء الروح القراءة.
فى ركن بعيد من القهوة يوجد مكتبة تبدوا مليئة بالكتب المختلفة ،وكل يوم بعد انتهاء موعد القهوة يظل حسن ينظفها بقطعة قماش بيضاء لازالة الغبار الصاعد من الفرجيلة اليها ، حتى تلمع .
تقاليد العمل عند المعلم امين هذا ماقد يلقبوة مرة بالمعلم  ومرة بالاسطى لأنه يعتقد انه المثقف الوحيد فى المنطقة ،وكان بعض الوقت لايرون الناس المترددين على القهوة بمطابقة المعلم والاسطى على المثقف لكنة كان يجب هذا اللقبين منذ عدة سنوات مضت ولكن الان يجب ان ينادى بالمعلم فقط.
منذ سنوات قليلة وهو محب للاداب عندما زارة الكاتب العالمى نجيب محفوظ فى قهوته واقام فيها ندوة كبيرة ضمت محبى الثقافة فى المنطقة ..ومنطقة الحسين معروفة بالقهاوى الثقافية لذلك صنع له مكتبة ضمت اعمال كبار الكتاب ممن يعرفهم ومن لايعرفهم ، ثم وجه الدعوة لكل رواد القهوة بإستعارة هذة الكتب حتى يساعد على نشر الثقافة .. فكانت بادرة منة ،وشجعت الكثيرون من القهاوى لتحويلها الى قهاوى ثقافية.
كان حسن من اختصاصاتة ان يكنس القهوة ونزول الطلبات للرواد ويحضر الشاى المظبوط والشيشة للمعلم الكبير قبل ان ينشغل بالزبائن ،وحسن يشتهى ان يتعلم لكى يريح نفسة من عناء القهوة فكلما استراح قليلا من طلبات الزبائن وقف امام صورة احد الكتاب والادباء المعلقه على الجدران يتأملها بصمت دفين فى صورة كانت تساورة نفسه ان يتمنى ان يكون واحدا منهم ويتمنى ان يكون اديبا يعرفة العالم مثل نجيب محفوظ الذى حصل على ارفع الاوسمة وجائزةنويل العالمية رغم صغر سنة ولم يحظى بالتعليم المناسب كمثل اقرانة الذين هم فى عمرة وقف قليلا ليحلم حلمة الذى من المستحيل ان يتحقق كما زعم حتى افاق على صوت جهورى استيقظة فجأة طالبا شيشة وشاى فى الخمسينة.
لم يتركة التفكير فى بعض الادباء حتى وهو يشتغل فى تجهيز الطلبات للزبائن وكأنماصور الادباء تعرض امام عيناة واحدة تلو الاخرى كما لوكانت تذكرة كما لوكانت تذكرة بفعل شىء ولم يقطع تطلعاتة المستمرة الى المكتبة والكتب التى تم تحويلها فعندما يهم بتنظيفها يمسك الكتاب فيجد فية سطورا تغرية على القراءة وبعد انتهاء العمل فى القهوة يستعير كتابا منها اعجبته ليتصفح اوراقة فى منزلة استمر الى ذلك عدة اشهر لايستطيع ان يقفل باب المعرفة الذى انفتح على مصرعية من كثرة الاطلاع المستمرة فى بعض الروايات كان هذا سرا لايعرف به المعلم امين حتى لايلقنة درسا لاينساة لانة يريد منة الايشغلة شاغل عن عمله بالقهوة وكأنة سخرة لنفسة فكانت احتياج حسن لهذا العمل الا من ضيق العيش فقط لا مصدر رزق له غيرها عرف حسن مقومات القصة وبدأ يكتب فى بعض الاوراق عنده حتى استطاع ان يسرد قصته مع المعلم امين منذ ان عمل عنده صبيا فى القهوة ومالاقاة من مأساة وظروف قاسية جعلتة يترك الدراسة ليساعد اشقائة البنات فى التعليم هند وعبير هم اشقائة يدرسون فى التعليم ويحتاجون المزيد من المال حتى يستكملوا دراستهم وكان حسن من يومة عيناه كعين الصقر ، لايكمل ولايمل حتى يحصل على المزيد من البقشيش فى القهوة من الزبائن المريشة وكانت حصيلتة فى نهاية اليوم من ذلك تجمع له مبلغا لابأس به غير مرتبة الاساس من القهوة.
يضج صدرة بالغيظ من المعلم امين كلما نهرة امام الزبائن ولكن لايستطيع ان يعبر عن حالة حتى لايكون مصيرة الطرد فعيناة دائما جاحظتان من ناحية معلمة ،بلغ به الظروف ان يتحمل مأسى المعلم التى لاترحم فكان المعلم على امل كبير ان تقام فى القهوة ندوة كبيرة كالذى اقامها نجيب محفوظ اويزورها رواد لهم ثقلهم تجعل من القهوة مشهورة بين المناطق الاخرى فيعلوا صوتها ولكن منذ سنوات لم يأتيها احد من المعروفين لذلك كانت حالة المعلم بأسة وغير مطاقة.
استطاع حسن بعد جهد كبير ان يكتب رواياته الاولى فى وقت فراغة وكأنما صاغها كاتب كبير جاءت معه بالصدفة وعندما كان فى عمله يوما وقرأتها هند الصغيرة واعجبت بها اشد اعجاب وتناولتها عبير هى ايضا وقرأتها واعجبت هى الاخرى بها ماعاد عرف رأيهم الذى كان له مفاجأة سارة.
على بعد قليل من شارعة توجد مطبعه لأحد الرجال الاتقياء ذهبت الية هند وعبير وحدثوة عن امر هذة الرواية التى الفها شقيقهم حسن واخذها صاحب واخدها صاحب المطبعة وقرأ بعض منها لم يتركهم الاوقد انتهى من قراءتها ،انفجرت اساريرة واحتضن الرواية عازما على نشرها .
بعد ايام قلائل خرجت الرواية من المطبعة بعد ما طبعت عشرة الاف نسخة .
وكأن صاحب المطبعه قد وجد ضالته فيها فمجرد ان وزعها نفذت فى غضون شهر واحد .
دوت سيرت الروايه فى كل مكان ،وحتى استطاع صاحب المطبعة ان يعيد طبعها بعد ان اخذ موافقة حسن الذى وافق دون مقدمات.
وكانت حصيلة رابحة من هذة الرواية مبلغا كبيرا لايصدقة حسن كل ذلك ولم يعلم المعلم امين شيئا عنها حتى وجد اسمة على احداها مع احد الزبائن المترددين على القهوة .
عرف بالحكاية وجاء بحسن بين يدية حتى ينهرة ولكن حسن كان يعرف مصيرة فجاءة وهو مستعد للطرد،ويدرك الان انه معرض لمثل هذا المصير ، وخلع مريلتة وسلم عهدتة وخرج من القهوة ووجهة يعلوة صمت رهيب ولكن فى قرارة نفسة يطير من الفرح والسرور تغطا بة نشوة النجاح كان يكرة المعلم امين من قلبة .
يعمل عندة منذ اربعة اعوام ، مات ابوة وامه وهو طفل فى كتفة شقيقان يحتاجان كما تحتاج اى بنت من ملبس ومأكل وتعليم ، وفضل ان يتعلموا على تعليمة لذلك خرج من المدرسة مبكرا .
نسى نفسه وانخرط فى العمل بالقهوة دون التفكير فى نفسه لكنه كان متطلعا الى شىء كبير يعوضه مافاته حتى التحق بقهوة المعلم امين ، وامين كان يبادله النفور حتى اقصاه فى الليل البارد واقفا طوال ساعات النهار والليل لكى يلبى طلبات زبائنة وهو مستحملا ثقلها حتى لايتشرد ويتشرد معه اخواته البنات ،وراى ان التعب سيزول بعد ذلك ،وبعد ان يدرك العمل جيدا ويشرب الصنعه ،ولايخيفه فوات الرزق ،لانه مؤمنا ان الرزق من عند الله وحده متذكرا بالايه الكريمة :وفى السماء رزقكم وماتوعدون .
انتشرت سيرة الروايه على كثير من الالسنه ، حتى فوجىء المعلم امين بمجموعه من المثقفين واخرى من قنوات مختلفه تدخل القهوة وتسال عن حسن ، ولم يكن المعلم امين ان يستحمل الصدمه ولكنه تماسك ،واستقبلهم ليستعلم الامر ، فقالوا له انه قد حصل على جائزة كبيرة وجئنا لتهنئته ، ففوجىء امين بهتاف يصعد اليه من الجالسين فى القهوة ، هتاف يحتفل بإنتصار حسن ، وقد تجمعت حول الحاضرين للاستماع الى مدحهم فيه .
لم يجد المعلم امين بد من ان يعاظم فى حسن ، الصبى الذى كان عنده منذ ايام ، وقال لهم حكايته .
وجد المعلم انه الوحيد فى الحاضرين متنافرا منه، وغيرهم الذين علت وجوههم السرور احتفالا بواحد من المنطقه الذى ذاع صيته فى ايام قليله .
فوجىء المعلم امين يندفع نحو حسن يعانقه فى لهفه ، وبدمعه تنحدر على وجهه الصخرى وهو يقول بفضل الله نلت ماتريد .
اضاف بلهجه : سأجعل القهوة مزارا ثقافيا .. واقوم بتغير اسمها باسمك ..الاديب حسن .. واعلق صورتك بجانب هؤلاء الادباء .
اندهش حسن من المعلم امين وهو لايجد فيه الكراهية القديمه ، وكأنه كان فى حاجه الى زلزال يخرج الكنز الدفين فى ارادة الناس.



ليست هناك تعليقات:

مقال بقلم/ فوزى اسماعيل

                                                      تحية لرجال كفر الشيخ مفتاح لسعيهم فى عمل الخير اقر وأعترف بأن رجال كفر الشيخ مفتاح...