السبت، 17 أغسطس 2019

مقال / علاقتنا بالدولار

علاقتنا بالدولار

علاقتنا بالدولار تبدأ من عملية الإستراد من الخارج، حيث إن الدولار هو المتحكم فى سعر السلعة، والمتحكم أيضا فى عملية الشراء والبيع، إجباريا وليس إختياريا، بالثمن الذى يحدده العميل فى الخارج، فله أن يقبل المشترى أو لا يقبل، وإذا أختار المستورد هنا بالأثمان التى تفرض عليه، فعليه بالدفع بالدولار، وليس بعملته المحلية التى يتعامل بها، فإن كان مصريا فيدفع بالدولار، وإن كان خليجيا أيضا فعليه أن يدفع بالدولار، فالدولار فى كلتا الحالتان هو  العملة المسيطرة على السوق، وكان المورد هذا قد دفع مبلغا كبيرا على عاتقه، فلا بد وأن يتحصل عليه من المواطن الغلبان، لأنه لا يريد لنفسه الخسارة، وهذا ما يزيد فى ثمن البضاعة وترتفع الأسعار.
فالمتحكم فى أرتفاع الأسعار هو ما ينصه عملية الإستيراد التى تبدأ من بدايتها بالسعر العالى، فإذا كان مثلا ثمن البضاعة المستوردة على سبيل المثال ألفان دولار، فلا بد وأن يزيد من ثمنها على الأقل من نصفها التى تؤهله لكسب حقه المشروع فى بيع البضاعة.
وهناك ألاف المستوردين ما يسعون إلى دفع مبالغ بالعملة الصعبة، حتى يشونون كميات كبيرة من سلعته، ليحتكر هذه السلعة، بتخزينها فى مخازنه لكى يظهروها عند ما تشح فى الأسواق، ويثمنوها بعد ذلك بمعرفتهم، وقد كان لا جديد فى ذلك، فالأسواق الأن تسير على هذا المنهج.
فإن كان كيلو الجوافة فى أوانها بثلاثة جنيهات، يتم تخزينها فى ثلاجات، وبعد شهور فى غير أوانها يظهروها ويكون سعر الكيلوا فيها بخمسة عشر جنيها أو أكثر، ولا ليسهذا اختراعا فهذا ما حدث بالفعل، فالنصف كيلو قد وجد فى السوق بخمسة وعشرون جنيها، فهل وجدت افترى مثل ذلك.
إن أسواقنا الآن مليئة بالمستورد، خصوصا السلع الصينية والتايوانية، ولا يخلوا سوق ولا متجر إلا وهو مكتظ بهذه السلع التى يعتبرونها أفضل من السلع المصرية، رغم إن مصر مليئة بهذه السلع المحلية، والتى هى أفضل من الهشة والمشة، والمصانع عندنا تنتج الكثير والكثير، ولكن لا مشجع للصناعة المحلية.
نحن لا نضحك على أنفسنا، لا بد وأن نقف مليا أمام الحقيقة، مصر بها مصانع كبيرة تنتج وأراضى وفيره تزرع، فبدلا من استراد هذه السلع علينا أولا أن نطور صناعتا وزراعتنا، ولا يهمنا مسألة الإستراد هذه، ولا يشغلنا أرتفاع الدولار ولا هبوطه، حتى لا يحكمنا الدولار، وهذا لا يؤثر على معنويتنا، الدولار الذى يرى فى نفسه سيد القوم فيرتفع تاره وينخفض تاره، فيأخذ معه قلوبنا ونظل نحسبها حسبة برما.
وعلاقتنا بالدولار هذه لا بد وألا تؤثر على مقدراتنا، بالمزيد من الإحباطات فى عدم السعى وراء إنتاج متميز من عمل أيدينا، إنتاج يجعلنا نسترد قيمتنا وهيبتنا المصرية المعهودة.
نحن نملك عقولا فذه فى شبابنا الواعد وعلمائنا الأجلاء، كما نملك عزيمة قوية فى إجتياز الصعاب والمحن التى تحيطنا من جميع النواحى، ولا بد وأن نعظم الجنية الذى يكاد أن يندثر وسط صراع الأموال الأجنبية وعلى رأسهم الموقر الدولار، فكاد الجنية يفقد بريقه وقيمته، ولا بد وأن يكون له كيان عالى يواجه الدولار المستعظم وكأن لم يكن غيره.
لا بد وأن ينشأ غرفة لمواجهة هذا الهجوم الشرس على الجنية المصرى الذى هو أمن قومى، الجنية عملة بلدنا المحلية، وعلى القائمين فى هذه الغرفة أن تبث فى نفوس شبابنا وبراعمنا التفاؤل والإقدام عى نصرة الجنية المصر، بالعمل والإنتاج المحلى والإستغناء الكامل على السلع الأوربية التى تنتشر فى أسواقنا المحلية بداعى ودون داعى، فعلبة الحبوب المحلية فى الصيدلايات بخمسون جنيها والمستوردة تزيد عن المائة، فلماذا هذا الجحود الذى ولى بالصناعة المصرية إلى أسفل سافلين.
لا بد أولا وأخيرا أن ندافع عن الجنية المصرى الذى أعتبر بأنه أقل العملات المحلية والأجنبية على الإطلاق، ندافع عنه بزيادة الإنتاج أولا، والإقدام على تشجيع الصناعة المصرية ثانيا، والإنتماء الكامل لصناعتنا ثالثا.
رحمّ الله اِمرُءً عرف قدر نفسه، وقدر مصر عند كل مواطن حق يحب بلده كبير كبير.. والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
*                   *

ليست هناك تعليقات:

مقال بقلم/ فوزى اسماعيل

                                                      تحية لرجال كفر الشيخ مفتاح لسعيهم فى عمل الخير اقر وأعترف بأن رجال كفر الشيخ مفتاح...